محمد الحاج سالم - لاشك أن الأوضاع التي كان يعيشها الوطن قبل مجيئ فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية الى سدة الحكم قبل 17 يوليو ٨٧٩١م كانت أشبه بالفوضى في كل مجالات الحياة، ولا يختلف اثنان على أنها كانت صعبة جداً، على الصعد السياسية والجماهيرية والتنموية والخدمية والأمنية والثقافية والدبلوماسية، وحتى السيادية، أوضاع كانت تسير الى المجهول.. في ظل تدني الوعي الوطني وازدياد التدخلات الخارجية والأطماع الأجنبية، ناهيك عن الحجم الهائل للضغوطات المفروضة على الوطن.
وعندما توارى البعض من مرشحي الرئاسة عن المسرح السياسي الذي كان ينتظر الرئيس القادم لمعرفتهم بخطورة تلك الأوضاع، لم يكن أمام الأخ علي عبدالله صالح إلاّ خيار واحد، أن يتحدى كل تلك المخاطر التي تحدق بالوطن والشعب، وقَبِل تلك المهمة الوطنية المحفوفة بالمخاطر واشترط الأخ علي عبدالله صالح ألاَّ يتم قبوله بقيادة دفة الحكم للبلاد إلاّ عبر عملية انتخابية حرة من قاعة مجلس الشعب كتقليد جديد أدخل الى الحياة السياسية البرلمانية في ذلك الوقت، وهو وضع كان غير مألوف في ذلك الوقت، وسجل الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أول محطة ديمقراطية في حياة المجتمع المليئ بالمتناقضات والتجاذبات الداخلية والخارجية، ولعل القسم الذي تلاه الأخ الرئيس عقب انتخابه خير دليل على ذلك.
وقد نجح فخامة الأخ الرئيس في اخراج الوطن من أزماته، وتحسنت أوضاع الناس المعيشية والاقتصادية، وعمل جاهداً على تأسيس أداة سياسية جامعة لكل فئات الشعب، وأخرج الأحزاب والتنظيمات السياسية من العمل السري وشكل لجنة وطنية لتأسيس تنظيم سياسي يضم كافة الأحزاب والتنظيمات السياسية، وأعلن عن ميلاد المؤتمر الشعبي العام، خلال فترة قياسية جداً من توليه الحكم، وظهر الى العلن الهامش الديمقراطي، ولعل صحيفة "الأمل" الناطقة باسم المعارضة -والتي رأس تحريرها الاستاذ سعيد الجناحي- دليل حيّ على الممارسة الديمقراطية.
ولأول مرة في تاريخ الأحزاب والتنظيمات السياسية والحركات السياسية في الوطن العربي أو العالم الغربي بشقيه الاشتراكي والرأسمالي، يشترط فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح أن يضع الميثاق الوطني للمؤتمر الشعبي العام على الشعب كله للتصويت عليه، وهذا ما تم بالفعل، وتلك حالة نادرة جداً في العمل السياسي الجماهيري، لكنها تحققت في اليمن في عهد فخامة الأخ الرئيس.. إنها الديمقراطية الوطنية الأهم.. ولأول مرة في تاريخ الوطن يتخذ قرار بمنع استيراد الفاكهة من الخارج، وتدني التسهيلات للمواطن بأن يزرع الفاكهة في الوطن، حيث أصبحت اليمن تزرع وتستهلك وتصدر الفاكهة الى الخارج، وبذلك أصبح في الوطن فائض من العملات الصعبة عزز من الاحتياطي النقدي للوطن في الخارج، كما سجل فخامة الأخ الرئيس أول تجربة نوعية في اليمن والعالم العربي على حدٍ سواء، بأن اتخذ قراراً شجاعاً قضى بعودة رؤساء اليمن السابقين -الذين كانوا يعيشون لاجئين سياسيين في الخارج- جميعاً الى الوطن.
وعاد المشير عبدالله السلال والقاضي عبدالرحمن الإرياني -رحمة الله عليهما- وغيرهما كثيرون عادوا جميعاً معززين مكرمين محتفظين بكافة امتيازاتهما كرئيسين سابقين، جمعهما فخامة الأخ الرئيس على مائدة واحدة ونزع ما في قلوبهما من عداء وخلافات قديمة.
في حين كان النظام في الجنوب في ذلك الوقت، يقتل رؤساءه وينفيهم الى الخارج.. أليس ذلك انجازاً عظيماً تاريخياً يحدث لأول مرة؟
ولم تمضِ إلاّ شهور على ذلك الانجاز حتى تم استخراج النفط في بلادنا معززاً استقرار الأوضاع الاقتصادية، ولنا عبرة في الممارسة الانسانية الوطنية، عندما حلت الكارثة الدموية التاريخية في عدن عام 1986م وهروب علي ناصر محمد وجزء مهم جداً من الشعب اليمني توجهوا الى المحافظات الشمالية طلباً للأمان، اتخذ فخامة الأخ الرئيس قراره التاريخي الى كافة المحافظات على الاطراف باحتضان أخوته، ومنحوا كل شيء وحرية العيش الكريم، بل ومنع فخامة الأخ الرئيس العودة مرة اخرى الى الحروب الاهلية انطلاقاً من المحافظات الشمالية، وعوضاً عن ذلك كثف جهوده الوطنية مع نظام عدن، حتى تم إعلان الوحدة المباركة في 22 مايو 1990م.
وعلى الصعيد الخارجي لعب فخامة الأخ علي عبدالله صالح دوراً بارزاً وريادياً كبيراً، وبفضل هذا الدور عادت جمهورية مصر العربية الى الحضيرة العربية في مؤتمر الرباط بالمغرب، كما أعلن عن ذلك الرئيس المصري حسني مبارك في كلمته في المؤتمر بالمغرب، بأن قدم الشكر لليمن وللرئيس علي عبدالله صالح على الدور العربي الأصيل الذي بذله فخامة الأخ الرئيس.. من يستطيع أن ينكر تلك المحطة التاريخية التي كانت الأساس الوطني والديمقراطي لكل تلك المنجزات والمكاسب العظيمة التي تحققت.. إن مناسبة 17 يوليو الخالد ستظل في وجدان الشعب والتاريخ.
سلام عليك يا 17 يوليو.. وسلام لك أيها الزعيم الخالد في جوارح الأمة.. يحفظك الخالق من كيد الحاقدين والحساد والمتآمرين وسفهاء هذا الزمان الناكر للجميل والمعروف.
|