علي عمر الصيعري - في 26 سبتمبر من العام 1990م، تحديداً، في المؤتمر الصحفي بالقصر الجمهوري، في أعقاب نجاح الانتخابات الرئاسية الأولى بعد الوحدة، قال فخامة الأخ الرئىس علي عبدالله صالح- حفظه الله- للزملاء ممثلي الصحف ووسائل الإعلام المحلية والعربية والدولية، معلقاً على نسبة مشاركة الناخبين، ونسبة الفوز: »كنت أتمنى أن تكون نسبة المشاركة فوق الـ51٪ لنقول للعالم إن انتخاباتنا ليست بنسبة 99.9٪ لأن هذه النسبة، في نظر العالم الخارجي، هي السائدة في انتخابات بعض دول العالم الثالث«.
وقد تحقق ما كان يصبوا إليه الرئىس القائد حينئذ، في الانتخابات الرئاسية الثانية يوم 20 سبتمبر الجاري، حيث جاءت نسبة المشاركة 65.15٪، وحصل الأخ الرئيس على نسبة 77.17٪، وما تبقى حصل عليه مرشح المشترك والمجلس الوطني للمعارضة، والمستقلون..
والسؤال يقول: ماهي الأحداثيات التي كان يتطلع إليها الأخ الرئىس القائد اثناء وقبل الانتخابات الرئاسية الأخيرة؟
لايخفى على الراصدين والمحللين السياسيين للشأن الديمقراطي في اليمن، إن الأخ الرئيس هو المؤسس الأول للديمقراطية اليمنية، منذ نوفمبر من العام 1978م حيث شكل أول لجنة لوضع مسودة لمصفوفة »الميثاق الوطني« مروراً بالقرار الجمهوري رقم (5) لعام 1980م الناص على تشكيل »لجنة الحوار الوطني« التي أجرت أول استفتاء شعبي على مسودة »الميثاق« وأول انتخابات مباشرة لممثلي الشعب في هذا الصدد، خلال الفترة من 16 ديسمبر 1980م إلى 4 يناير 1981م، وصولاً إلى عقد المؤتمر الشعبي العام الأول خلال الفترة مابين 24-29 أغسطس 82م الذي مثل فيه 700 مندوب منتخب عن مختلف فئات وشرائح الشعب اليمني، مضافاً إليهم 300 مندوب معينين يمثلون الأحزاب السياسية غير المعلنة آنذاك لحظر الحزبية في الدستور، والشرائح المجتمعية الأخرى، ناهيكم عن اشتراط فخامته، إبان إعلان الوحدة اليمنية، قرن الوحدة بالتعددية الحزبية والسياسية وحري الرأي والصحافة لتعزيز التجربة الديمقراطية التي غرس جذورها كما أشرنا إلى ذلك، مما أدى إلى إنجاح خمسة انتخابات ديمقراطية تكللت بسادسها مؤخراً.
وفي كل مراحل تطور التجربة الديمقرطاية في اليمن منذ العام 1978م إلى 20 سبتمبر العام الجاري، كان فخامته يؤكد مراراً على تعزيز الممارسة الديمقراطية وإثرائها، وترسيخ مبدأ التداول السلمي للسلطة وترشيح الأحزاب المعارضة لأبرز قادتها لخوض هذا المضمار، وفي هذا الصدد يقول الأخ الرئىس المؤسس: »إن البعض لم يتمكن من استيعاب مسألة الانتخابات الرئاسية بصورة جادة.. وقد دعوت في وقت سابق، كافة قادة الأحزاب السياسية في الساحة ليكون رئىس أو أمين عام الحزب هو المرشح للانتخابات الرئاسية، ولكنهم لم يقدموا على ذلك لعدم تصديقهم بإجرائها بهذه الصورة في اليمن.. ونحن على ثقة بأن الانتخابات القادمة ستشهد دخول قيادات بارزة بعد ان تابعوا العملية الانتخابية الرئاسية 1999/9/26م.
ويستطيع أولئك المحللون السياسيون أو يستشفوا من تلك الاحداثيات التي أشرنا إليها آنفاً صدقية التوجه الديمقراطي للأخ الرئىس المؤسس، ونورد بعضاً منها على النحو التالي:
- أن تتعدى نسبة مشاركة الناخبين الرئاسية الـ51٪، وهذا ما تحقق في الانتخابات الرئاسية الأخيرة.
- ألا تبلغ نسبة الأصوات التي يحصل عليها الفائز الـ99.9٪ لبراغميتها وعدم صدقيتها في نظر دول العالم الديمقراطية، وقد تحقق هذا مؤخراً، حيث حصل الأخ الرئىس الفائز على نسبة 77.7٪.
٠ أن يتجاوز عدد المتنافسين على الرئاسة الرقم الـ2 وهذا ما حصل في الرئاسية الأخيرة حيث بلغ عدد المرشحين 5 مرشحين.
- أن تخوض كافة الأحزاب السياسية المعترك الانتخابي في مواجهة مرشح الحزب الحاكم وفي مابينها البين.
وهذا ماتم في الرئاسية الأخيرة.. حيث خاض حزب الإصلاح- أكبر الأحزاب المعارضة- تلك الانتخابات ضد مرشح المؤتمر الشعبي العام بينما كان في الرئاسية الأولى مع مرشح المؤتمر، وهذا ما أعطى المشهد الانتخابي الرئاسي الأخير مكانته الحيوية من التنافس الديمقراطي، وأعطى له التقويم الحقيقي لقدرات وشعبية جميع الأحزاب في الساحة السياسية اليمنية وإن اختلفت بعض الموازين حيث واجه المؤتمر الشعبي العام ومرشحه خمسة أحزاب كبيرة مؤتلفة في إطار المشترك، وعليه جاءت النتيجة مشرفة لصالح هذا الحزب الريادي ورئىسه الفذ المؤسس الأول للديمقراطية في اليمن.
- أما الاحداثية التي لم تحقق تطلعات فخامته، فهي تنصل أحزاب المشترك من مسئوليتها في تقديم مرشح من بين أبرز قياداتها، ولجوءها إلى الاستعانة بمرشح من خارجها.
ويتبين لنا من الاحداثية الأخيرة، أن هذه الأحزاب المعارضة تحصل لأول مرة على تلك النسبة التي حصل عليها مرشحها المستعان به منذ أول انتخابات جرت بعد الوحدة إلى يومنا هذا.. وفوق هذا وذاك نراها تلجأ إلى الأساليب غير المسئولية في رفض تلك النتيجة وعدم احترام إرادة الناخب، وعدم الاعتراف بنتائج الصندوق وأولئك المراقبين الدوليين والمحليين..
أما المؤتمر الشعبي العام فقد اثبت للملأ ان الديمقراطية سلوك وأخلاقيات قبل أن تكون شعارات ونظرية.
|