طه العامري - منذ سنوات بل منذ بداية التحولات الوطنية وهناك تحالف مثير في كل دوافعه وتبعاته ووممكناته ومن خلال هذا (التحالف) تكونت ترويكا (المعارضة) تحت مسمى (أحزاب اللقاء المشترك) والذي جمع كلاً من (الحزب الاشتراكي اليمني) يفترض أن منهجه السياسي - الماركسية والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (يفترض أن عقيدته) (قومية) والتجمع اليمني للإصلاح (يفترض أن عقيدته) (إسلامية) وحزب الحق (يفترض أن منهجه الفكري (إسلامي مذهبي يدعو للملكية ولولاية) (البطنين) .. واتحاد القوى الشعبية جناج آل الوزير - ويأخذ بفكرة الدولة الإسلامية على الطريقة - الملكية الدستورية - وهو لا يختلف كثيراً عن توجه وقناعات (حزب الحق).. هؤلاء شكلوا معا ترويكا (المعارضة) وخاضوا معا معترك الحياة السياسية على مدى السنوات الماضية وكانوا ولا يزالون في خضم هذا المعترك محل شك وريبة حتى من قبل أعضائهم الذين يدركون بل ويؤمنون في قناعتهم الذاتية وفي تفكيرهم أعجوبة هذه (الترويكا) التي ينشطون في ظلها وتحت رعايتها يتحركون دون أن يكونوا على ثقة كاملة من سلامة مسارهم وهو ما يعكس في تصرفاتهم حالة من التخبط والارتباك على خلفية هذه المعادلة المثيرة للجدل في أوساطهم، ناهيكم عن الرأي العام الذي يستغرب بقاء هذه الترويكا رغم الفشل الذي منيت به وحال دون قدرة هذه المسميات على الابداع وتقديم ما يمكن الأخذ به من الرؤى والتصورات ولما يخدم المصلحة الوطنية.. لقد قدمت هذه الفعاليات أسوأ نموذج للعمل - المعارض - وخلال كل المراحل السابقة حدث ما يشبه الإجداب والتصحر في عقول رموز هذه الترويكا بحيث لم يتمكن أي من هم من مغادرة شرنقة الرغبات الذاتية والإدارة السياسية على قاعدة الثأر والانتقام من النظام السياسي وحسب، فيما القضايا الوطنية سقطت من أجندت هذه الترويكا التي ساهمت بشكل مباشر وفعال في تصعيد الأزمات ونموها واتساعها بصورة ملفتة لا تحتاج لكثير من الأدلة إذا ما أدركنا عقامة هذه الترويكا ودورها وتخلفها وعلى مختلف الجوانب السياسية والوطنية والثقافية.
بيد أن هذا الإجداب والتصحر ولدا ما يشبه (الفوضى الخلاقة) في أوساط هذه الترويكا المثيرة بكل تصرفاتها خاصة حين وقفت أمام الكثير من الأزمات والمحطات الوطنية المصيرية موقف المتفرج فيما إدانتها للنظام السياسي لم تتوقف لحظة منذ ولجنا طريق التحولات بل ظلت مهمة هذه الترويكا محصورة في التفرج السلبي والإدانة الجاهزة لكل الظواهر وتحميل النظام السياسي مسئولية كل هذه السلبيات التي تطفح على خارطة الوطن بدءاً من واقعة حرب صيف 4991م وقبلها الأزمة السياسية وبعدها سلسلة الأزمات التي رافقت مسارنا منذ أن وضعت الحزب أوزارها ولم يحدث أن وقفت هذه الفعاليات موقفا جادا ومسئولا بقدر ما كانت جزءاً من المشاكل والأزمات ولم تكن جزءا من الحلول بل من الإثارة والتأجيج ولم يحدث أن سجلت موقفا واضحا بما في ذلك تجاه فتنة صعدة التي فجرها الخارجون على القانون والنظام العام والدولة ورغم أن هناك لجان وساطة شكلت بناءً على طلب من هذه الفعاليات وتلبية لخطابها الإعلامي ولمواقفها السياسية وكان من أعضائها قيادات سياسية وحزبية من المعارضة ومع ذلك لم يسجل أي من هؤلاء موقفا أو يقولون بغير قولهم المعتاد وهو تحميل النظام السياسي كل المسئولية دون حيثيات بل راحت المعارضة ترى في كل الفتن والأزمات ظواهر ايجابية مثمرة آملة من خلال هذا الموقف أن يتسنى لها اسقاط النظام السياسي فبدا الموقف الانتهازي والعقيم في تصرفات المعارضة عنوانا لمرحلة من الكيد والحقد بلغت ذروتها في تخلي هذه الفعاليات عن كل دور وطني إيجابي ومثمر، فكان أن بلغنا هذه المرحلة الخطرة من الفعل والأفعال والتصرفات ومع ذلك لم تقم هذه الفعاليات بما يجب أن تقوم به تجاه الوطن والشعب والتحولات بمعزل عن علاقتها بالنظام أو موقفها منه ..!!.
بيد أن تفجر الصراع في محافظة الجوف بين جماعة محسوبة على (حزب التجمع اليمني للإصلاح) وجماعة (الحوثي) وهم محسوبون على حزبي (الحق والشورى) أي أننا أمام أحداث كفيلة بتفجير (اللقاء المشترك) من الداخل ناهيكم عن (الحراك) في بعض المحافظات الجنوبية وهذا بدوره يلقي بظلاله على العلاقة فيما بين مكونات (المعارضة) إذا ما أدركنا أن هناك رعاية كاملة لما يسمى (الحراك) من قيادات سياسية وحزبية محسوبة على (اللقاء المشترك) وهذا الوضع وإن حاولت المعارضة والمشترك تحديدا تسويفه وفبركة دوافعه إلا أن هناك مدى لكل هذا وإن قادم الأيام كفيلة بوضع كل هؤلاء أمام تحديات يصعب تجاوزها أو الالتفاف عليها وتسويفها وتحميلها مفاهيم ومعطيات ودوافع هي أبعد ما تكون عن الحقيقة وعن المصلحة الوطنية والقيم الديمقراطية والدستورية والقانونية..!!.
ما حدث قبل أيام في محافظة الجوف من المؤشرات الدالة على قرب نهاية هذه الترويكا وانفراط عقدها القائم على الانتهازية والخصومة الكيدية للوطن والشعب والتحولات بل إن المتأمل المدرك سوف يجد أن هذه المسميات تكيد لنفسها وتورط نفسها في مواقفه هي أبعد ما تكون عن هدفها المفترض أنها تناضل لأجله وفي سبيله .. فحادثة (الجوف) قابلة للتطور وهي كافية لأن تضع (اللقاء المشترك) أمام المشترك أمام استحقاقات يصعب تجاوزها وتجاهلها، فالمواجهة هي الأولى التي تنذر بتمزيق بل وبتفجير (المشترك) من داخله على خلفية علاقة أطرافه الأساسية باطراف المواجهة الميدانية وهي المواجهة التي لا تقبل الاختزال بقدر ما تبشر بالتوسع والاتساع والتمدد وربما إلى ما لا يحمد عقباه لكن في المحصلة ليس بالإمكان على المعارضة البقاء في موقف المتفرج إن لم ينعكس الأمر على واقعها وعلاقتها وخطابها ومواقفها بصورة مباشررة وهو ما نترقب رد فعل المشترك على هذه المواجهة التي يفترض أن تقف في وجهها المعارضة بحكم العلاقة والارتباط وبحكم الكثير من القواسم إن فكرت هذه المعارضة ولو لبرهة بدورها وأهمية هذا الدور في العمل للصالح الوطني ومن أجل الأمن والاستقرار .. واعتقد جازما أن حادثة (الجوف) تضع اللقاء المشترك أمام موقف لا يحسد عليه.. السؤال هو هل بمقدور اللقاء المشترك تجنيب نفسه تبعات هذه المواجهة..؟ وكيف..؟!.
ameritaha @ gmail.com
|