الإثنين, 17-أغسطس-2009
الميثاق نت -  ناصر محمد العطار -
منذ الأزل وعلى مر الأزمنة وحتى عصرنا الحاضر عصر النهضة الشاملة وبأرقام قياسية، لوحظ وبشكل ملموس التباينات في وجهات النظر ومواقف الأفراد بمختلف مستوياتهم وفئاتهم وشرائحهم ومراكزهم على مستوى الأسرة والعشيرة وكافة التجمعات حتى مواقع صُنع القرار على مستوى الدولة، وإزاء مختلف المواضيع والقضايا المتصلة بشئون الحياة وعلى أثر ذلك ظهرت المذاهب والمدارس الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.. الخ والتي أدت أغلبها إلى إحداث التطور والرقي بحياة الإنسان كماً ونوعاً لتحقيق أحلام في مرتبة الخيال.. وتلك هي فطرة الله التي فطر الناس عليها وسنته في خلقه حيث وقد كرم الله الإنسان على سائر المخلوقات لقوله تعالى: »ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر وفضَّلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً« وقوله عز وجل في محكم آياته »لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه‮ ‬أسفل‮ ‬سافلين‮ ‬إلاّ‮ ‬الذين‮ ‬آمنوا‮ ‬وعملوا‮ ‬الصالحات‮ ‬فلهم‮ ‬أجر‮ ‬غير‮ ‬ممنون‮« ‬صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم‮.‬
وكان من أولى مقتضيات التفضيل اعطاء الله للإنسان عقلاً وحواساً وإدراكاً تفوق بقية المخلوقات.. وأرسل الله الرسل والأنبياء وأيدهم بالكتب السماوية والمعجزات ليوضحوا ويبينوا للناس أمور دينهم ودنياهم وعلاقاتهم مع خالقهم وفيما بينهم من جهة وبمن حولهم من جهة أخرى.. ومع ان جميع الرسالات قد فصّلت وحددت كافة الأحكام وأرتكز جُلّها على مخاطبة الله للإنسان ليستخدم عقله للتدبر والتفكر في القرآن الكريم وفي مخلوقات الله ابتداءً من خلق الإنسان نفسه، حتى يرقى إلى مراتب السمو.. وحتى لايقع فريسة للجهل ولقمة سائغة للوقوع في الشر بشتى أنواعه وصوره التي يسعى الشيطان الرجيم وجنده من الجن والإنس ليوسوسوا فكر الإنسان حتى يقع فيها.. ورغم الحقائق والبراهين التي كشفت وتكشف أسباب ودوافع ا لفتن والجرائم ابتداءً من فتنة أبينا آدم وأمنا حواء حتى أُخرجا من الجنة ثم اقتتال ابنيهما هابيل وقابيل‮.. ‬ومروراً‮ ‬بالعديد‮ ‬من‮ ‬الفتن‮ ‬والجرائم‮ ‬التي‮ ‬توالت‮ ‬عبر‮ ‬الأزمنة‮.‬
وما يهمنا في موضوعنا التالي هو التطرق لخفايا وأبعاد ومخاطر الأفكار أو المواقف التي ينهجها البعض في تعاملاته إزاء أعمال التمرد والفتن والافساد التي تنفذ من وقت لآخر في بعض مناطق صعدة والهادفة إلى تبرير تلك الجرائم والأعمال ووصفها بأنها تنضوي مع إطار النشاط السياسي‮ ‬أو‮ ‬الديني‮ ‬أو‮ ‬مَنْ‮ ‬قد‮ ‬أبدى‮ ‬ندمه‮ ‬وقلقه‮ ‬على‮ ‬الدماء‮ ‬التي‮ ‬تسفك‮ ‬مردداً‮ ‬أن‮ ‬الحل‮ ‬يكون‮ ‬بالحوار‮.. ‬الخ‮.‬
وحتى‮ ‬تتضح‮ ‬الخفايا‮ ‬والحقائق‮ ‬التي‮ ‬تكشف‮ ‬مدى‮ ‬زيف‮ ‬وأكاذيب‮ ‬المجرمين‮ ‬وأعوانهم‮ ‬نورد‮ ‬الآتي‮:‬
- ألا تعد وتعتبر الجرائم التي ترتكب بحق الشعب وأبنائه ومصالحه مجرمة ومعاقباً عليها في جميع الشرائع والأعراف والقوانين وان السكوت أو التهاون مع المجرمين يعد مخالفة لشرع الله وإهداراً لحقوق المواطنين اطفالاً ونساءً وشيوخاً فأولئك المخربون قد قتلوا واختطفوا المدرس‮ ‬والطبيب‮.. ‬وأجبروا‮ ‬الأب‮ ‬والطفل‮ ‬والأم‮ ‬على‮ ‬النزوح‮ ‬والعيش‮ ‬وفقاً‮ ‬لأهواء‮ ‬ورغبات‮ ‬المفسدين‮ ‬إضافة‮ ‬إلى‮ ‬اختطاف‮ ‬النساء‮ ‬والعاملين‮ ‬في‮ ‬المجالات‮ ‬الإنسانية‮.‬
‮- ‬ألا‮ ‬تعتبر‮ ‬المواقف‮ ‬السابقة‮ ‬للدولة‮ ‬إزاء‮ ‬المجرمين‮ ‬والمفسدين‮ ‬مواقف‮ ‬متسامحة،‮ ‬والتي‮ ‬تمت‮ ‬تلبية‮ ‬للمساعي‮ ‬والمطالب‮ ‬التي‮ ‬ساهم‮ ‬فيها‮ ‬كافة‮ ‬الشخصيات‮ ‬الاجتماعية‮ ‬والسياسية‮ ‬والدينية‮.‬
وأخيراً فهل بعد كل هذا من تصديق أو حتى الشك في امكانية القضاء على الفتن وجرائم الفساد والمفسدين تحت مسميات ومزاعم الحلول السياسية عن طريق الحوارات.. بعد ان رفع بعضهم ريات الانفصال والتشرذم والانقسامات وحمل البندقية والمتفجرات من قبل المفسدين ضعفاء النفوس بقتل الأبرياء الآمنين والنيل من حياتهم وكرامتهم واهلاكاً للحرث والنسل.. خاصة وان الحوارات قد أفرغت من أهدافها ومضمونها المتمثل في الجلوس على مائدة المفاوضات والمناقشات في المواضيع المتصلة بالأنشطة والأعمال الانتخابية وتطوير النظام السياسي لتضع بدلاً منها شروطاً‮ ‬وبنوداً‮ ‬جديدة‮ ‬من‮ ‬قبل‮ ‬المشترك‮ ‬يفضي‮ ‬جميعها‮ ‬إلى‮ ‬إجبار‮ ‬واخضاع‮ ‬المجتمع‮ ‬لرغبات‮ ‬الأنفصاليين‮ ‬والمفسدين‮.‬
إن أي إنسان مطلع لا شك ان ضميره الإنساني وثقافته مهما اختلفت مشاربها يلقي باللائمة جراء تلك الجرائم على الدولة في المقام الأول لمواقفها المتساهلة إزاء المجرمين ويلي ذلك إلقاء اللوم والعتاب على بعض الأحزاب ورجال الدين للمواقف المتبعة من قبلهم.. فالجميع ملزم دينياً وعرفاً وإنسانياً للتصدي للمجرمين وتخليص المجتمع من شرورهم.. الم يكن العلاج الناجع هو قمع المفسدين والمتمردين وذلك ما يطبق في جميع أنحاء الدنيا..؟ وإلاّ لماذا تقوم الشعوب بإنشاء مرافق القوات المسلحة والأمن ورفدها بالإمكانات البشرية ومعدات ولوازم تنفيذ المهام المناطة بها..وللمزيد من الحقائق لمن مايزال تحت تأثير وأوهام العناصر المأزومة والشاذة عن السلوكيات والأعراف الإنسانية والدينية والسياسية.. ان يرجع إلى أحكام ومواقف الشريعة الإسلامية وسيجد أن مواقف المسلمين في السلم والحرب لم تتعرض للآمنين والنساء‮ ‬والأطفال‮ ‬حتى‮ ‬لو‮ ‬كانوا‮ ‬على‮ ‬غير‮ ‬دين‮ ‬الإسلام‮..‬
وبالمثل‮ ‬عدم‮ ‬الجواز‮ ‬لأي‮ ‬حزب‮ ‬أو‮ ‬كيان‮ ‬أو‮ ‬قوى‮ ‬وفي‮ ‬أي‮ ‬مجتمع‮ ‬أن‮ ‬تخرج‮ ‬عن‮ ‬مصالح‮ ‬الأمة‮ ‬وتجعل‮ ‬البندقية‮ ‬بديلاً‮ ‬عن‮ ‬صناديق‮ ‬الاقتراع‮.‬
نثق أن كافة أبناء الشعب يقفون صفاً واحداً لأداء واجب التصدي والقضاء على هذا السرطان... فالطبيب بعد فشل العلاج بالعقاقير يلجأ إلى العملية الجراحية مهما كان ألمها لأنها الكفيلة بالقضاء على الداء وضمان استمرار الحياة. وفي الأمثال الشعبية: »آخر العلاج الكي«.. ‮»‬الأمان‮ ‬قبل‮ ‬الإيمان‮«
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 08:09 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-11291.htm