عباس غالب - عند زيارة مسئول إيراني كبير إلى صنعاء منذ عدة أشهر كان يحمل بين طيات ملفاته قصاصة صغيرة كتبت عليها عبارات محددة تشير إلى أن طهران على استعداد لتوسيع وتنشيط أحد الموانئ الصغيرة، وأن على السلطات اليمنية تسهيل هذه المهمة من أجل تعزيز وتطوير علاقات البلدين الثنائية.
وخلال اللقاء مع المسئول الإيراني جرى حديث طويل تركز على أن ثمة أولويات يمكن لطهران المساهمة فيها، ومن ضمنها موانئ أخرى ذات بعد استراتيجي وتنموي لتعزيز هذه العلاقات!.
وعندما أصرَّ المسؤول الإيراني على طلبه وهو يعيد قراءة ما كتب على تلك القصاصة، فُهم أن «طهران» ترمي من تنشيط ذلك الميناء النائي والصغير إلى الحصول على فرصة لإيصال عتاد وأسلحة إلى عناصر التمرد «الحوثي» خاصة أن هذا الميناء البحري يقع جغرافياً بالقرب من المناطق التي يتحصن فيها «الحوثيون».
المراقبون يستذكرون هذه الواقعة بعد أن مرت ـ وقتها ـ مرور الكرام، ويستذكرونها اليوم أكثر بعد المواجهات القائمة، والحديث عن دعم لوجيستي وعسكري خارجي تتلقاه جماعة التمرد في إطار مخطط يرمي إلى إقامة كانتون طائفي يفصل بين اليمن والسعودية.
هذه الحيثيات والوقائع تدحض تلك الأقاويل التي درج على ترويجها مع كل دورة اقتتال من أن مصدر تسليح «الحوثيين» مخازن الجيش اليمني خاصة أن المنطق يقول بأنه يمكن الحصول على بضع قطع يمكن شراؤها من السوق؛ غير أن الحصول على كميات كبيرة من الأسلحة المتطورة التي جعلت من جماعة الحوثي يصمدون طيلة خمس دورات اقتتال متتالية هي مقولة مغلوطة، بل تؤكد أن ثمة دعماً لوجيستياً تتلقاه الجماعة الحوثية من الخارج!.
ومما يدعم هذا القول قيام الحوثيين منذ أسابيع بإجراء مناورات بأسلحة حديثة ومتطورة؛ مما يعني أيضاً أن بعضاً من الحوثيين قد تلقوا تدريبات عسكرية في دورات متطورة في الخارج.
وحسب مصادر عسكرية فإن الأسلحة التي تستخدمها هذه الجماعة خلال الاقتتال الدائر حالياً تعود صناعتها إلى إيران واسرائيل، وهي أسلحة لم يستوردها الجيش اليمني، الأمر الذي ينفي تلك الأقاويل التي يرددها الحوثيون وبعض الإعلاميين المتعاطفين والمنظرين لحركة التمرد الحوثي من أن مصدر تسليحهم مخازن الجيش اليمني، وهو الأمر الذي يدعو إلى الضحك والسخرية من هذه الترهات والأباطيل!!.
وحتى لا يبدو الأمر تحاملاً على «طهران» فإن ثمة مؤشرات تدلل على تدخلها في شئون اليمن الداخلية، حيث اعترف - إثر تأزم علاقات البلدين قبل عامين - مسئولون إيرانيون أن الدعم لجماعة «الحوثي» جاء من المرجعيات الدينية والجمعيات الخيرية الإيرانية!!.
ومن المعروف أن جميع هذه المرجعيات لا يمكنها التدخل في شأن ذي صلة بالعلاقات مع الدول الأخرى ما لم يكن هناك ضوء أخضر من القيادات العليا وأجهزة الاستخبارات!!.
ومنذ أيام أطلقت إذاعة «طهران» إشارة تتهم فيها «السعودية» بمشاركة القوات اليمنية قتالها ضد «الحوثيين» فضلاً عن تخصيص برامج الفضائية الإيرانية «العالم» حصة كبيرة من برامجها وتعليقاتها لدعم التمرد الحوثي والترويج لأفكاره ومنطلقاته المتناقضة مع شرعية الدستور والقانون في اليمن، وهو ما يعكس حقيقة التدخل الإيراني في شؤون اليمن الداخلية.
هذه الوقائع تكشف عن موقف إيراني داعم لهذه الجماعات وأفكارها الهادفة إلى تقويض الأمن والاستقرار في تلك المحافظة، ومحاولة الانقلاب على كل المعطيات الدستورية والوطنية، الأمر الذي يستدعي مراجعة شاملة لهذه المواقف المعادية ومحاولاتها الدؤوبة التدخل في شئون اليمن الداخلية من خلال الدعم والتحريض لمجموعات التمرد التي تواصل اعتداءاتها وخروقاتها ومغامراتها لإدخال الوطن في أتون صراعات مقابل ثمن بخس!!.
فهل حان الوقت لقطع الأيادي الخبيثة التي تتدخل في شئون اليمن الداخلية؟!.
المصدر : صحيفة الجمهورية
|