محمد حسين العيدروس - لا نصر بغير إرادة وطنية وإيمان بعدالة القضية وقيادة سياسية محنكة تتعاطى مع الاحداث بحكمتهاواستحقاقاتها وأبعادها المختلفة، لذلك فإن قراءتنا لمستقبل الأحداث الدائرة في صعدة لا يمكن أن تخرج عن مفاهيمنا لمعايير النصر أو الهزيمة في الحروب والتي يتجلى أول مؤشر لها من خلال حجم الالتفاف الجماهيري حول القيادة السياسية، إذ ان هذا الالتفاف هو الذي يمثل الإرادة الوطنية والقرار الشعبي في ردع أي تمرد على الدستور والقانون والأمن والاستقرار اليمني.
في صعدة لم تعد القوات المسلحة والأمن وحدها الذي يتصدى لفلول التخريب والإرهاب بل أن قوى شعبية من مختلف أرجاء الجمهورية التحمت بالقوات المسلحة وصارت ظهيرها الذي يؤازرها، بل أن قوافل جرارة من الأغذية ومواد الإغاثة تتقاطر على امتداد ساعات الليل والنهار على الطريق إلى صعدة لدعم صمود المقاتلين الأبطال الذين يذودون عن الوطن، ويحمون أبناء شعبنا في صعدة بعد أن طالهم ما طالهم من الخطف والتنكيل والاعتداء على ايدي العصابات الحوثية المتمردة.
اما القيادة السياسية فإن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح - حفظه الله- ضرب المثل الأعلى في التفاني من أجل الوطن ورأيناه في ساحة المعركة جنبا إلى جنب مع ابنائنا الجنود ليؤكد للجميع ان اليمن اغلى من حياته وأنه لا يهمه كرسي الحكم أو السلطة بقدر ما يهمه ان يبقى الوطن سالما ومستقرا وأن لا تعود تلك القوى الظلامية الكهنوتية من قبورها للنيل من الثورة والجمهورية والديمقراطية والمكاسب التي حققها شعبنا بعد تضحيات جسيمة بالأرواح والدماء.
ولا شك ان القوى السياسية من مختلف الأحزاب والتنظيمات لم تكن بمنأى عن مشهد التلاحم الوطني رغم أولئك الذين شذوا عن الخط الوطني وحاولوا تشويه هذا التلاحم الجماهيري بانزلاقهم في منعطف العصبية المذهبية أو تغليب المصالح الشخصية والمكايدات الحزبية لدى البعض الذين كشفوا عن سوأة نفوسهم رغم ما تجلى لهم من الحق ورغم سعة صدر القيادة السياسية التي جددت عرض مبادرتها لوقف القتال وفق ستة شروط عادلة رفضها المخربون لإدراكهم أنهم لا حياة لهم بدون سفك الدماء وتدمير الوطن والاعتداء على المواطنين الآمنين فهم أناس يفتقرون لأبسط المفاهيم السياسية ولا يحملون أي مشروع يفاوضون عليه ولا أي مطالب سوى مواصلة الحرب وافتعال الأعذار لذلك.
إننا اليوم عندما نتأمل بالموقف الجماهيري وقوة تلاحمه بالموقف الرسمي تزداد ثقتنا بوعي أبناء شعبنا وقدراتهم الخلاقة في موازنة العمل الديمقراطي مع الثوابت الوطنية والمصالح العليا لليمن.. فالجميع اليوم يقف في خندق مواجهة هذا السرطان التآمري إدراكا منهم بخطورة الأجندات الخارجية التي يحملها ليس لليمن وحسب وإنما للمنطقة كاملة، في محاولة لتغيير خرائطها السياسية وزراعة كيانات ذات صبغة مذهبية تعصبية، يراد منها تفتيت الوحدة الفكرية والثقافية لشعوب دول المنطقة، وقطع الامتدادات التاريخية والجغرافية التي ارتبطت بها، وطمس ملامح التراث الإنساني الذي تبلور عبر آلاف السنين..!
ربما ظن البعض أن المناخ الديمقراطي الساخن الذي تجاذبت أحداثه القوى السياسية المختلفة خلال الفترة الماضية قد يكون هو البيئة المثالية لتمرير المخططات التآمرية، وتنفيذ الأجندات الخارجية غير أن شعبنا أثبت مجدداً أنه شعب الحكمة والإيمان القادر على موازنة حياته السياسية، دون السماح لممارساته بتعدي الخطوط الوطنية الحمراء التي لا ترتبط بمصلحة حزب حاكم أو حزب معارض بقدر ارتباطها المصيري بمصالح الوطن العليا.. وهو ما يؤكد أن فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح عندما اختار لليمن التحول على المسار الديمقراطي كان واثقاً كل الثقة من أن شعبه يفهم جيداً حدود الحريات والممارسات الديمقراطية وسينتصر للوطن متى ما تعرض اليمن لخطر يمس سيادته ووحدته الوطنية.. وهي الثقة التي ظل شعبنا جديراً بها، وترجمها عملياً سواء في حرب الانفصال عام 1994م أو في هذه الحرب بمواجهة الفئة الكهنوتية الباغية.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن الأحداث التي تشهدها اليمن لا تنفصل عن التحدي الكبير الذي تواجهه المنطقة بالكامل إن المنطقة بالكامل مع قوى الإرهاب والتطرف، والتي رأيناها قبل أيام وهي تنفذ عملا انتحاريا جبانا في المملكة العربية السعودية، في محاولة يائسة للنيل من أحد قياداتها الأمنية، بعد أن فتك الأشقاء في السعودية بالتنظيمات الإرهابية وبهذا فإن الأسرة العربية كاملة مطالبة بأن تكون في خندق واحد في مواجهة الإرهاب والعنف وتجفيف منابعه لتعيش شعوبها بأمن وسلام.. وبإذن الله تعالى سيتحقق ذلك طالما وشعوبنا تعي خطورة المؤامرة، وتسعى بكل ما أوتيت من إرادة وعزيمة لصناعة الحياة الإنسانية الحرة الكريمة والآمنة..!.
عن صحيفة الثورة |