د.علي مطهر العثربي - على الرغم من أن الشعب بكل فئاته وقواه الحية قد شكل التفافاً شعبياً متميزاً حول القيادة السياسية والقوات المسلحة والأمن، وبذل الغالي والنفيس في سبيل تجفيف منابع التمرد والقضاء على عناصر الفتنة في بعض مديريات محافظة صعدة وحرف سفيان، إلا أن القيادات المحنطة في أحزاب اللقاء المشترك ما زالت تعيش في واقع وهمي مغاير لواقع الشعب، وتحلم بتمزيق بلادنا وتعزف على أوتار الفتنة دون أن تدرك أن سلوكها الهمجي بات مستهجناً من الشعب الذي أدرك الحقيقة، وأنه لايمكن أن يغفر لمن قام بالفتنة أو ساندها أو روَّج لها أو أعانها من الباطن، أو تخاذل في أداء واجبه الدستوري والقانوني أو قام بتبرير التمرد والتخريب والقتل والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، وأقلق السكينة العامة وآثار العنصرية، وأن الشعب صاحب المصلحة الحقيقية في فرض هيبة الدولة بات متابعاً ومدركاً لخطورة مواقف قيادات أحزاب اللقاء المشترك التي ظهرت على حقيقة تكتلها القائم على قاسم مشترك وحيد وهو تمزيق الوطن وإسقاط النظام .
إن المحللين السياسيين وأصحاب الفكر القويم يرون في أحزاب اللقاء المشترك واقعاً مزرياً يعبر عن العجز والضعف، وأنها منذ دخولها في تكتل اللقاء المشترك حملت بذور فئاتها من خلال دراستهم للأهداف والمبادئ والحقيقية التي جمعت هذا الخليط المتناقض والمتنافر والمتشاحن.
وأبانت نتائج تلك الدراسات الموضوعية أن كل حزب من مكونات أحزاب اللقاء المشترك يكن لغيره من هذه المكونات العداوات الشديدة، وأن كل حزب يؤمن بأهداف لا يمكن أن تتفق أو تلتقي مع مكونات أحزاب تكتل اللقاء المشترك، وأن كل حزب من هذه الأحزاب لا يمتلك القناعة الكلية لمكوناتها القيادية والقاعدية على المستوى الفردي لكل حزب، بمعنى أن هذه الأحزاب تعاني من مرض عضال في تكويناتها القيادية والقاعدية، ولا تؤمن بالديمقراطية ولا تعتبر الحزبية وسيلة بل تعدها غاية وهدفاً داخل أطرها وتكويناتها ولا تسمح بالممارسة العملية لإبداء الرأي داخلها.. ولا تؤمن إلا بالإملاء المباشر من القيادة العليا ولا تعير رأي القيادات الدنيا أي اهتمام على الإطلاق، بل أن هناك إجراءات صارمة لمن يعارض توجهات القيادة الحزبية العليا، الأمر الذي خلق من النفور المتواصل والاستقالات الجماعية من داخل تلك الأحزاب وإعلان إنضمامها إلى أحزاب وتنظيمات سياسية أخرى لديها هامش ديمقراطي لا بأس به يمكن أن يحافظ على بعض التماسك، أو أنها أي – أحزاب اللقاء المشترك- تتشظى فتنسلخ عنها أحزاب سياسية أخرى تحاول أن تبحث عن ذاتها السياسية، وتؤسس لنهج ديمقراطي يفسح المجال للممارسة العملية للمشاركة السياسية ، بل أن نتائج بعض هذه الدراسات والتحليلات أبانت أن مكونات أحزاب اللقاء المشترك لا تنطلق من داخل الشعب ولم تجعل من الشعب مرجعيتها وسندها الحقيقي أو تعطي أي قدر للهيئة الناخبة، وأن لهذه الأحزاب مرجعيات خارجية تعدها السند الأقوى وهو الأكثر إيلاماً للشعب، الأمر الذي جعل تلك الأحزاب المكونة لأحزاب اللقاء المشترك في حالة شلل كامل لأنها لا تستطيع أن تتخذ قراراً سياسياً دون الرجوع إلى مرجعياتها الخارجية التي هي ذاتها تعاني من التناقضات المريبة والصراعات المريرة، الأمر الذي أنعكس سلباً على أداء تلك الأحزاب وشل فاعليتها رغم أن بعض قياداتها تحاول أن تتخذ مواقف فردية مساندة للثوابت الوطنية ومقاومة لكل خارج على الإرادة الشعبية، إلا أن ذلك الفعل الفردي لم ولن يشفع لتلك الأحزاب أمام الهيئة الناخبة صاحبة الحق الفعلي والدستوري لمنح الثقة أو حجبها عنها .. وهنا تأتي إفرازات هذا المشهد السياسي المعقد داخل أحزاب اللقاء المشترك ويظهر الشلل التام والتيه السياسي المشترك لتسفر النتيجة عن أن تلك الأحزاب تغرد منفردة خارج السرب، تتماهى فيه أفعالها وأقوالها مع أفعال وأقوال التمرد والفتنة دون أن تعي أنها ترتكب جرماً سياسياً لا يغتفر في حق الشعب .
إن المشهد السياسي المعقد لأحزاب اللقاء المشترك يظهر بهذه الصورة القاتمة كدليل واقعي وموضوعي يعبر عن مكوناتها وانفراط عقدها من اللحظة الأولى لتكونها .. وهنا استشهد بنتائج تلك الدراسات والتحليلات التي وضعت فرضية لدراستها وهي أن أحزاب اللقاء المشترك لا يجمعها إلا قاسم مشترك وحيد وهو محاولة إسقاط النظام ومعاقبة الشعب على حجبه للثقة عنها في الإستحقاقات الإنتخابية الماضية وبالرغم من ظهور الصورة لتلك الأحزاب على هذا الشكل الفاضح الذي أدركه الشارع اليمني والقارئ والمتابع العادي قبل الجهود البحثية للمفكرين السياسيين، إلا أن تلك الأحزاب ما زالت مصرة على المكابرة والتحدي السافر للإرادة الشعبية التي صنعت الملاحم الوطنية في سبيل حماية وصيانة الوحدة الوطنية، ومنع التمرد والإرهاب والفتن، وما زالت هذه الأحزاب تمارس الزيف والترويج لكل فعل إجرامي في تحدٍ صارخ لكل الثوابت الوطنية، وقد عبر هذا المشهد السياسي المقزز عن غرور وعنجهية تلك الأحزاب والتصاقها بالمرجعيات الخارجية، وأحدث طلاقاً بين قيادات تلك الأحزاب والإرادة الجماهيرية رغم أنني أرى أن هذا الطلاق لم يصل بعد درجة الطلاق البائن، وأن المجال ما زال متاحاً أمامها لمراجعة نفسها وإعلان تصالحها مع الشعب وضرورة إعلان الطلاق البائن مع المرجعيات الخارجية والعودة إلى حضن الوطن والانطلاق منه وإليه والوقوف إلى جانب قضاياه المصيرية، والخروج من حالة التيه السياسي والضياع الفكري، وأن يرتشف الجميع من ينبوعه الصافي .. وهو الأمل الذي مازلت أؤمن به لنسهم جميعاً في صون الوطن وبنائه وفرض هيبة الدولة وإرساء تقاليد الالتزام بالثوابت وجعل اليمن فوق كل المصالح .
|