الإثنين, 02-أكتوبر-2006
أثار القرار الاخير للحكومة المصرية باعادة احياء برنامجها النووي والاستفادة منه في توليد الطاقة.. حيث يوفر نحو 30٪ من احتياجاتها المستقبلية من الكهرباء وينقل مصر على حد تصريح الحكومة الى عصر التكنولوجيا النووية ويحقق طفرة نوعية مهمة في ادائها الاقتصادي والصناعي.. اثار جدلاً واسعاً ليس على المحيط المصري وحسبه ولكن تخطاه الى النطاقين الاقليمي والدولي، بعد ان كان « ملف مصر النووي » قد اسدل عليه الستار منذ حادث انفجار المفاعل النووي الروسي مطلع فترة الثمانينات من العقد الماضي.
ويقول مسئولون مصريون ان بلادهم باتت في حاجة ماسة للطاقة النووية في استخداماتها السلمية خاصة مع التوسع في التنمية وزيادة السكان وارتفاع مستوى المعيشة التي زادت بدورها الطلب على الطاقة.. مما استوجب العمل على توسيع مصادرها، خاصة مع الاتجاه على ضرورة عدم الاعتماد‮ ‬الكامل‮ ‬على‮ ‬الغاز‮ ‬فقط‮ ‬لان‮ ‬ذلك‮ ‬يعني‮ ‬حرق‮ ‬هذه‮ ‬الثروة‮ ‬الحيوية‮ ‬وحرمان‮ ‬الاجيال‮ ‬القادمة‮ ‬منها‮ ‬بتعجيل‮ ‬نضوبها‮.‬
ويدافع الدكتور علي الصعيدي وزير الكهرباء والطاقة المصري السابق، وعضو اللجنة الاستشارية الدولية للطاقة النووية عن توجه مصر نحو الاستفادة من الطاقة النووية على اعتبارها من الطاقات التي توفر كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية.. وفوائدها كثيرة منها رفع المستوى التكنولوجي للدولة في هذا الشأن.. الى جانب ان كل الدراسات اثبتت انها مناسبة اقتصادياً وبيئياً وهي طاقة المستقبل.. ثم ان لدينا من التجارب السابقة ما يؤهلنا للدخول وبقوة في مجال الطاقة النووية فسمعتنا طيبة بالنسبة لالتزامنا بالاستخدام السلمي للطاقة النووية في‮ ‬مصر‮ ‬الى‮ ‬جانب‮ ‬الخبرات‮ ‬الكبيرة‮ ‬المتاحة‮.. ‬فضلاً‮ ‬عن‮ ‬ان‮ ‬الوكالة‮ ‬الدولية‮ ‬للطاقة‮ ‬الذرية‮ ‬تساعد‮ ‬الدول‮ ‬التي‮ ‬تقرر‮ ‬استخدام‮ ‬الطاقة‮ ‬النووية‮.‬
يذكر ان البرنامج النووي المصري في المجال السلمي يهدف منذ بداياته عام 1995م الى استغلال الطاقة النووية كمصدر للطاقة وانتاج الكهرباء على أوسع نطاق من أجل مضاعفة خطة التنمية وخلق قاعدة صناعية عريضة في مصر، وكذا انشاء مفاعلات بغرض تحلية مياه البحر في اماكن مختلفة‮ ‬على‮ ‬سواحل‮ ‬مصر‮ ‬حتى‮ ‬يمكن‮ ‬استغلال‮ ‬الصحراء‮ ‬الشاسعة‮ ‬واعادة‮ ‬توزيع‮ ‬القوة‮ ‬البشرية‮ ‬على‮ ‬المساحات‮ ‬الشاسعة‮ ‬غير‮ ‬المأهولة‮ ‬حالياً‮ ‬مما‮ ‬يؤدي‮ ‬الى‮ ‬الاستفادة‮ ‬منها‮ ‬اقتصادياً‮.‬
ويعتبر الكاتب الصحفي مكرم محمد أحمد ان مصر الآن مهيأة اكثر مما مضى للاستفادة من الطاقة النووية وقطع خطوات كبيرة وجادة في هذا الاتجاه، خاصة ان لديها بنية تحتية تساعدها على تحقيق ذلك، الى جانب نخبة كبيرة من العلماء والمختصين في هذا المجال سواء من يعملون في الداخل او خارج مصر، الى جانب وجود قوانين تنظم عمل المؤسسات النووية في مصر ووجود اتفاقيات تعاون مشترك مع عدد من الدول الكبرى في هذا المجال مثل فرنسا وامريكا وروسيا وكندا.. وهي اتفاقيات تتيح لمصر استيراد الوقود النووي من تلك الدول ونقل خبراتها وزيادة المعرفة بالتكنولوجيا‮ ‬النووية‮..‬
الأمر‮ ‬الذي‮ ‬يوصم‮ ‬ان‮ ‬مصر‮ ‬لاتبدأ‮ ‬في‮ ‬هذا‮ ‬المجال‮ ‬من‮ ‬الصفر‮ ‬بل‮ ‬قطعت‮ ‬خطوات‮ ‬متميزة‮ ‬على‮ ‬مدار‮ ‬السنوات‮ ‬الخمسين‮ ‬الماضية‮..‬
من جانبه لايتوقع الدكتور عبدالحميد زهران رئيس هيئة الطاقة الذرية الاسبق اي معارضة لبرنامج مصر النووي فلا يوجد نشاط سري يخشاه الغرب.. ومصر من الدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية..
وتوقف نشاط مصر النووي منذ عقدين ونصف رغم ان البدايات كانت في الستينيات من القرن الماضي، حيث شهد البرنامج النووي المصري تطويراً مستمراً بشكل تصاعدي وطبيعي وفي اوائل الثمانينيات كانت هناك خطة لشراء مفاعلات جديدة، لكن جاءت حادثة تسرب الاشعاع النووي من مفاعلات »تشيرنوبل« في روسيا لتوقف نشاط البرنامج المصري، بل حدث تراجع في العالم كله في مجال انشاء المحطات النووية الجديدة، لأن عوامل الأمان لم تكن دقيقة بشكل يمنع تكرار كارثة »تشيرنوبل«. ويوضح خبراء مصريون ان تكلفة الانتاج الكهربائي من المحطات النووية ستكون اكثر جدوى‮ ‬من‮ ‬الانتاج‮ ‬بواسطة‮ ‬البترول‮ ‬او‮ ‬الغاز‮ ‬الطبيعي‮.. ‬حيث‮ ‬ان‮ ‬انشاء‮ ‬محطة‮ ‬نووية‮ ‬للطاقة‮ ‬1000‮ ‬ميجاوات‮ ‬ستتراوح‮ ‬مابين‮ ‬1‭.‬5‮ ‬مليار‮ ‬وملياري‮ ‬دولار‮ ‬حيث‮ ‬سيتم‮ ‬التفاوض‮ ‬مع‮ ‬مؤسسات‮ ‬دولية‮ ‬لبحث‮ ‬سبل‮ ‬التمويل‮ ‬معها‮.‬
ويتوقع ان يبدأ الانتاج الكهربائي من المحطة النووية خلال عشر سنوات من الموافقة النهائية على المشروع كما سيتم استحداث الدراسات التي انتهت في الثمانينيات حول المشروع الذي كان مقرراً البدء فيه حينها.
ويقول زهران ان مصر لو بدأت اليوم في انشاء مفاعل نووي سيكون لديها امكانية توليد طاقة كهربائية باستخدام الطاقة النووية بعد حوالى اثني عشر عاماً.. فمفاعل بوشهر الايراني بدأ قبل اكثر من عشر سنوات ونجح في تخصيب اليورانيوم بنسب منخفضة.
ومخاوف‮ ‬الغرب‮ ‬ان‮ ‬تزيد‮ ‬نسبة‮ ‬التخصيب‮ ‬مما‮ ‬يجعله‮ ‬صالحاً‮ ‬لاستخدامات‮ ‬عسكرية‮..‬
غير ان الدكتور عصمت زين الدين الشهير بأبو الطاقة النووية في مصر، والمستشار الشخصي السابق للرئيس جمال عبدالناصر للشئون النووية يرى ان ثمة مصاعب تواجه المشروع النووي المصري كونه يحتاج الى ثلاثة اشياء مهمة وضرورية لاتتوافر في مصر الآن وهي الكوادر والخبرات اللازمة وكذا قدرات التصنيع وهي غير متاحة الآن، ثم التحرر من الضغوط الدولية التي تعمل على الحرمان من الاستمرار في الوصول لقدرات تصنيع الوقود، فهي تريد ان تجعلنا خاضعين لها دائماً حتى بعد 40 سنة من استنفاد مصادر الطاقة التقليدية.. اضافة الى ذلك نجد ان الطموح النووي‮ ‬المصري‮ ‬تقف‮ ‬امامه‮ ‬عوامل‮ ‬عدة‮ ‬منها‮ ‬محدودية‮ ‬القدرة‮ ‬الخاصة‮ ‬بهيئة‮ ‬الطاقة‮ ‬الذرية،‮ ‬فضلاً‮ ‬عن‮ ‬ان‮ ‬الخبرات‮ ‬بالهيئة‮ ‬ليست‮ ‬في‮ ‬المستوى‮ ‬الذي‮ ‬يواكب‮ ‬التكنولوجيا‮ ‬النووية‮ ‬الحديثة‮.‬
وتسعى مصر الى اقناع اكثر من (400) عالم مصري بعضهم بالداخل واكثرهم بالخارج للعمل من أجل تحقيق الحلم المصري.. وكثير منهم لديه الرغبة في تلبية نداء الوطن وخدمته فقط مع توافر الامكانات اللازمة والمطلوبة اضافة الى الحماية الامنية من مكائد اجهزة الاستخبارات الصهيونية‮ ‬التي‮ ‬تسببت‮ ‬فيما‮ ‬قبل‮ ‬باغتيال‮ ‬علماء‮ ‬عرب‮ ‬كبار‮ ‬على‮ ‬رأسهم‮ ‬يحيى‮ ‬المشد‮ ‬والعالمة‮ ‬الكبيرة‮ ‬الدكتورة‮ ‬سميرة‮ ‬موسى‮.‬

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 13-نوفمبر-2024 الساعة: 10:35 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1163.htm