علي عمر الصيعري -
هناك حقيقة موضوعية تقول بأن «ميكانيزم» العلاقة بين الحرية والديمقراطية هي علاقة «جدلية» والجدلية عرفها مناطقة المسلمين قبل انجلز وماركس وفلاديمير إليتش «لينين» بأنها «قياس مؤلف من مشهورات أو مسلمات» وتقول هذه العلاقة بأن الحرية هي مسئولية،وإن المسئولية تتجسد في الديمقراطية فكراً وسلوكاً ،والمسئولية تعني الالتزام وبدوره يفضي إلى الوعي الجمعي الذي ينبغي أن تكون عليه حرية الأحزاب والتزاماتها تجاه المصلحة الوطنية وجعلها فوق أي اعتبار آخر..
قياساً على ماتقدم فإن أصحاب مايسمى بـ«رؤية الإنقاذ» استغلوا الحرية التي هيأتها لهم تجربتنا الديمقراطية فعمدوا إلى إعلان «رؤيتهم» من دون الاستشعار بالمسئولية الوطنية التي تعني الالتزام بالدستور وأسس ومحددات العمل السياسي والحزبي وكذلك الجماهيري ، والذي لايقبل ـ أي الالتزام ـ بإعلان رؤية مثل هذه تتعلق بمصير النظام السياسي وسيادة ومستقبل الوطن إلا تحت قبة البرلمان المؤسسة الدستورية التشريعية التي سلم بها الوعي المجتمعي وانتخبها ديمقراطياً عن طريق صناديق الاقتراع.
إن رؤية إنقاذ وطني ،على قدر من الأهمية والمسئولية لاتعني نزهة في بستان أو تجمعاً حول مأدبة في فندق يقوم بهما لفيف من بعض القوى التي تبحث لها عن استثمارات سياسية في الساحة اليمنية ،وأحزاب معارضة تذكرت قياداتها فجأة أن رصيدها الشعبي على وشك الإفلاس وبعض الوجاهات التي تطمع في «حمّص» من المولد ، وعليه فإن من تبنى دعوة هذا اللفيف ومن شارك في ذلك الجمع ارتكبوا خطأ دستورياً يحاسب عليه قانونياً سواء من قبل البرلمان أو لجنة شئون الأحزاب فما أشبههم بأصحاب السقيفة في فجر الإسلام!
وأستغرب تماماً كيف شارك وصدق على هذه المهزلة «الانقاذية» بعض قادة أحزاب اللقاء المشترك الأشاوس وهم الذين يفاخرون بأنهم يناضلون دفاعاً عن الحرية والديمقراطية والمسئولية الوطنية؟!! ولكن شتان مابين الشعارات البراقة والتنظير الأجوف وبين الممارسة الواقعية!! فالتطاول على الدستور والشرعية البرلمانية يضع هؤلاء في مربع المجازفة بالوصول إلى سدة الحكم عن طريق مغاير لصندوق الاقتراع الذي يعني بدوره التجسيد العملي للممارسة الديمقراطية فكراً وسلوكاً.
كما أنه لايحق لهذا «اللفيف» أن يقدم هكذا رؤية إنقاذ والنظام السياسي والوطن بخير ولم يصلا بعد إلى «حافة الانهيار» كما ادعى بذلك أصحاب الرؤية.
إذ إن كل مافي الأمر مشكلات وقضايا وطنية لايستثنى من حدوثها جميع الأنظمة السياسية الحاكمة وكل الشعوب والأوطان ، وإذا كان مبرر هذا الادعاء من قبلهم هو تقديم هذه الرؤية فعليهم أن يسموا الأزمة الخانقة بمسمياتها ومستويات خطورتها ونسب نجاح السلطة في احتوائها،وبعدها فليتفضلوا إلى مجلس النواب ليقدموا رؤيتهم تحت قبة البرلمان.
أما التعميم والإشارات العابرة والأفكار والتصورات التي عفى عليها الزمن فلا تجيز لهؤلاء أن يجعلوا من أنفسهم أوصياء على الوطن ،بل تنم عن خبث نوايا وخطط مبيتة تستهدف الوطن ومؤسساته الدستورية وأمنه وسيادته الوطنية ،وهم بحاجة إلى من ينقذهم من أنفسهم .. ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه.