فيصل الصوفي -
أحد المشتغلين بمراسلة الصحف والمواقع الالكترونية لم يجد- كما يبدو- قضية يغطيها خبرياً فلجأ إلى تصور حكاية خيالية وارسل القصة التالية: عدني راتبه عشرون ألف ريال وزوجته مريضة في المستشفى ولديه عشر بنات، راح إلى زوجته في المستشفى يقول لها: تعبت، من أين لي بمصاريف رمضان والعيد والمدرسة، وبعدها اشترى دبة جاز وصبها على بناته العشر النائمات في غرفة واحدة فقتلهن ثم انتحر، وقبل أن يلفظ انفاسه في المستشفى زارته زوجته الراقدة بالغرفة المجاورة فقال لها: فعلت ذلك لأني اخاف »تلطش بهن الدنيا«..!!
هذه الحكاية لم تحدث أصلاً ومن الصعب تصديقها إذا كانت من عدني، كما قال زميلي سمير مقبل، لأنك لو اجريت مسحاً دقيقاً في عدن لن تجد عدنياً له عشرة أولاد أو عشر بنات، فالأسر هناك منظمة ولاتنجب أكثر من خمسة أبناء أو أولاد، ثم انه يستحيل أن تخفى واقعة كهذه على السكان وعلى رجال الشرطة إلا لأنها لم تحدث في الواقع..
ولأن الغرائب والشائعات تستهوي المواطن العربي الذي يقبلها بدون فحص أو تدقيق أو محاكمة عقلية.. فقد قام مراسلون بالسطو على الشائعة من صاحبها الأصلي وطيروها إلى أكثر من ستين موقعاً على شبكة الانترنت وإلى صحيفة الوطن السعودية وصحف أخرى وحتى تلفزيون نابلس... الطريف ان الذين انخدعوا بالقصة الكاذبة أو الشائعة كتبوا اخبارهم وتقاريرهم إلى تلك المواقع والصحف بصيغة تبدو وكأنهم كانوا مداومين في إدارات المباحث وعند أبواب المحققين في النيابة وسهرانين في المستشفى وانهم كانوا يستقون معلومات من الأب والأم وعم البنات العشر.. يعني مراسلين مجتهدين ومهنيين بمقدورهم التنقيب عن رأس عاد في الصحراء، فكتب أحدهم لصحيفة يقول: »وحسب قول الأم في محاضر التحقيق«.. بينما لاتوجد أم ولا محاضر ولا تحقيق لأن القصة غير واقعية أصلاً.. ويقول مراسل آخر: وادعى الأب أنه قام بقتل بناته العشر خوفاً عليهن من الوقوع في الرذيلة! ويقول ثالث: وفي لقاء مع مراسلنا في عدن مع الأم المكلومة التي كانت ترقد في المستشفى وهي في حالة غيبوبة »!« قالت نجيبة.ع. إن.. ويكتب رابع: »وفي اتصال مع الأجهزة الأمنية أفاد مسئول أمني فضل عدم ذكر اسمه أن ملابسات الحادث..« وهذا كله شغل قات..
على أية حال.. هذه هي بضاعة البطالين من المحسوبين على الصحافة.. ومن الطبيعي ألا يكذبوا كذباتهم ولا يعتذروا عنها، لأنهم لايخجلون ولاتعنيهم المصداقية ولايكترثون بإساءاتهم للآخرين، وموبقاتهم أكثر من العشر على أية حال.