د/عبدالعزيز المقالح - تبدو إجازة عيد الفطر المبارك لهذا العام أطول منها في أي عيد مضى فقد جاء العيد وسط الأسبوع وهو الأمر الذي اقتضى من مشرعي الاجازات توسيع فترة الاجازة لتكون أكثر من أسبوع، والاجازات مطلوبة لاسيما للإنسان العامل الذي يرهق نفسه وجسده بالأعمال الشاقة، فهو أحوج ما يكون إلى الاسترخاء والتلذذ بالنوم الطويل.. وإلى الخروج إلى المتنزهات أو السير فيما تبقى حول المدينة من حقول خضراء أو محاولة الصعود إلى المرتفعات القريبة التي لم تتعرض بعد لغزو المنازل العشوائية وتلك التي استولت عنوة ودونما اعتبار للتخطيط على ساحات الرؤية من الأماكن المطلة على المدينة المترهلة بشوارعها الضيقة وأحيائها المتزاحمة بلا ميادين ولا حدائق.
قبل سنوات وبالتحديد قبل ثلاثين عاما لم يكن التفكير يأخذ وقتا طويلا في اختيار مكان الاجازة القصيرة لتناول طعام الافطار أو طعام الغداء في الضواحي القريبة من المدينة، كانت المساحات المفتوحة والآهلة بالخضرة تحيط بالمدينة من كل الجهات. وكانت الطبيعة في هذه الضواحي المفتوحة تبدو في أرقى تكويناتها من مدرجات وتلال وحقول واسعة ولم تكن اصابع الانسان وآليات العصر قد وصلت إليها فكان في إمكان أية أسرة ان تتخذ لها مكانا مثاليا على تلة تطل على واد مظلل بالأشجار.. والمزروعات المتنوعة، وأن تجد في الوادي نفسه ما تحتاج إليه من فواكه وخضروات طازجة لم تعبث بها يد البقال.
كان ذلك ممكنا وميسورا قبل سنوات أما الآن فقد تحولت الوديان القريبة إلى منازل ذات أحجام مختلفة وإلى حياة ارتبطت عشوائيا بالمدينة وتحولت التلال إلى قلاع أو اسوار مغلقة ولم يبق من متنفس قريب علما بأن المدينة الكبرى نفسها خالية من المتنزهات، حدائقها القليلة تكاد تكون مكتظة طوال العام فضلا عن المناسبات ، لذلك ليس امام من يريد نزهة قصيرة مريحة سوى الذهاب إلى الارياف القريبة. حيث ما يزال الهواء محتفظاً بشيء من النقاء وما تزال الارض محتفظة بقدر من الاخضرار، ونزهة كهذه لا تتوفر سوى للقادرين والذين يمتلكون وسائل مواصلات تمكنهم من العبور إلى الأرياف والاستمتاع بالهواء النقي والمناظر الخلاَّبة لا سيما في هذه الايام التي تسبق موعد الحصاد.
لقد سئمت الاجازة مع الكتب، رغم أهمية ما تقدمه من زاد وفير للعقل والوجدان ، وبدأت أشتاق إلى إجازات خارج الغرفة وخارج أغلفة الكتب المكدسة حولي طوال العام.
فأين يمكن لإنسان مثلي العثور على أقرب مكان مناسب لإجازة قصيرة ليوم كامل أو حتى لنصف يوم ؟
سؤال يتكرر في كل عيد، وكلما مَرّ الوقت وزاد حصار الضواحي اصبحت الاجازة المطلوبة عسيرة المنال ولم يعد هناك مفر من قضاء الاجازة التقليدية مع الكتب ومع الروايات وكتب الرحلات التي توفر لقارئها عوالم من الاماكن الجديدة والمشاهد غير المألوفة، ويبقى الحنين إلى الأماكن الواقعية والتنقل فيها بالجسد لا بالروح والخيال مطلبا يتزايد مع الايام.
>عبدالرحمن الكبسي في المجموعة الأولى من ( الترباس).
العنوان الفرعي للكتاب هو ( من مفكرة صحافي متجول) وفيه يلتقط الصديق الصحفي القدير /عبدالرحمن الكبسي مجموعة من المشاهد التي سبق له نشرها في صحيفة الثورة، وكانت موضع اهتمام القارئ بما تضمنته من وقائع وطرائف وأحداث .. تتصدر الكتاب مقدمة بديعة وشاملة بقلم الصديق العزيز الاستاذ/يحيى حسين العرشي - وزير الثقافة وزير الاعلام وزير الوحدة سابقاً والشخصية الوطنية المعروفة والمحبوبة من الجميع .. وما ضاعف من اهتمامي وإعجابي بالكتاب إلى جانب موضوعاته المتنوعة طريقة إخراجه وترتيب فصوله ومشاهده . يقع الكتاب في 128 صفحة من القطع الكبير.
تأملات شعرية :
لا تيأس من يوم
تتصافح فيه قلوب الخلق
وتخرج من كابوس الحرب
إلى أفراح العيد الدائمْ.
لا تيأس من أن يتحول
صوت التدمير
إلى موسيقى وهديل حمائم
هذا بلد منذورٌ للحب وللحكمة
توّاقُ لحياة رائعة
لا مظلوم تطوف بساحتها شكواه
ولا ظالمْ.
|