الأربعاء, 04-أكتوبر-2006
الميثاق نت - أمين الوائلي أمين الوائلي -
.. وهما اليوم يشكلان الارث الجماعي وقد تدافعت بهما الايام والتقلبات الى ان التقيا جميعاً في مزيج مصلحي اضطرتهما اليه الحاجة وحسابات المرحلة الآنية ولدى هؤلاء واولئك جميعاً تخريجات خاصة وتكتيكات محسوبة جعلت الالتقاء الطارئ بين النقائض ممكناً مع تبييت كل نقيض منها نية الاتيان على صاحبه والظفر بثأره - سياسياً ان امكن طالما وقد استحال عكس‮ ‬ذلك‮ ‬في‮ ‬مراحل‮ ‬المواجهة‮ ‬المحتدمة‮.‬ وهكذا صار نقائض كثر الى امتزاج شكلاني ظاهره الشراكة او الالتقاء.. وباطنه التجاور الاضطراري تحت ضغط الغاية النهائية التي ينشدها الاضداد جميعاً وان بقي كل واحد وجماعة منهم محافظاً على اساليبه ووسائله وخصوصياته المتوارثة والمطبوعة بها سيرته وذاته التاريخية.. فهم انما جعلوا الأكف والسواعد متجاورة لا أكثر على طاولة حسابات مرحلة طارئة والحال ان الاكف لم تتحد او تتوحد في تشابك عملي يمكن الركون الى نسيان الثأرات الضدية والسلوكيات الخاصة بكل صاحب يد وكف، وهي سلوكيات افرطت كثيراً في التطرف يميناً ويساراً حتى غدى منهجها الجامع واحداً وهو التطرف بغض النظر عن تبريرات كل طرف او ايديولوجيته التي حفزت لديه الافراط الحركي والعنف المؤدلج.. وشهدنا معاً مظاهر تلكم الايديولوجيات وظواهر ذلكم العنف خلال العقود المتأخرة من القرن الماضي سواء أكان الشعار يتكئ على ايديولوجية دينية »الاخوان‮« ‬او‮ ‬نظرية‮ ‬وسياسة‮ ‬بحتة‮ »‬الاشتراكيون‮ ‬والقوميون‮.. ‬الخ‮«.‬ وبالعودة مجدداً الى ملاحظة تجاور وعدم تشابك الاكف اتحاداً، بقي الحال شاهداً على شكلانية الشراكة او الالتقاء، وعلى الجانب الدعائي الصاخب والمتكلف من العملية برمتها وبقيت الاكف المتجاورة دون تشابك حقيقي متأهبة قلقة على حالتها الاولى.. وان حاولت تصنع هدوءاً تمثيلياً لم يكن كافياً البتة لكتمان او طمر حالة القلق والتوتر.. وظل الهاجس دائماً يحفز الاكف على الاستعداد للاشتباك وليس التشابك فكان ان بحث الاضداد المتجمعون عن منافذ جانبية لتفريغ مشاعر العداء المتوارث تجاه بعضهم. الخطاب‮ ‬السياسي‮ ‬والاعلامي‮.. ‬البحث‮ ‬عن‮ ‬مظاهر‮ ‬التطرف التطرف في نماذجه المختلفة حضر على الدوام حتى في حالات اللقاء التلفيقي او »اللقاء المشترك« واكثر من ذلك راح الفرقاء يوزعون مظاهر القلق والتوتر والصخب المتوارث في خطاب اعلامي وسياسي مستفز باتجاه الآخر او الجهة التي جمعهم العداء لها ومحاولة اقصائها من الحكم والحكومة.. كان واضحاً - ولايزال كذلك- ان استعداء المؤتمر الشعبي العام وحكوماته المتعاقبة يمثل القاسم المشترك لاحزاب اللقاء. وان الفرقاء وجدوا لهم طريقة للتنفيس عن مكنونات أنفسهم من العداءات والمشاعر السلبية المتوارثة تجاه بعضهم البعض، عبر تفريغ شحنات داكنة وسوداء من الاستفزاز وانفلات الاعصاب وتطرف المشاعر في خطاب سياسي مأزوم استهدف - ليس فقط الحكومة- والتنظيم ومؤسسات الدولة والمجتمع الحكومي، بل تطاول بقرونه ليحاول النيل من شخص ومقام ووظيفة رئيس الجمهورية. حينذاك لم تكن الهجمة المشتركة والشرسة تدل على توحد خطاب الفرقاء الاضداد وان بدت متناغمة ومتوافقة في استهدافها الطرف الآخر بطريقة متكالبة وغير مسبوقة تقريباً، بقدر ماكانت اكثر من دالة على هروب الفرقاء وتهربهم المستمر عن مواجهة استحقاقات الذات والتعافي من ارث‮ ‬الماضي‮.. ‬الى‮ ‬ممارسة‮ ‬تطرفهم‮ ‬ذاته‮ ‬والغلواء‮ ‬ذاتها‮ ‬انما‮ ‬باتجاه‮ ‬الرئاسة‮ ‬والرئيس‮ ‬والحكومة‮ ‬والتنظيم‮.‬ واكب الخطاب السياسي المأزوم خطاب اعلامي ملغوم بالأزمة والتطرف في النقد والنقمة سوياً.. قدم الخطاب الاعلامي للخمسة الشركاء الألداء صورة عبث مكتمل اخذ محل المشروع البرامجي الذي كان منتظراً من تكتل احزاب سياسي تدعي انها تنتهج النضال السلمي وتؤمن بالمجتمع المدني وتنشد الاصلاح والتغيير وظهر طوال اشهر متعاقبة ان الثراء الطافح في النقمة والتأزيم الشامل لدى الخطاب الاعلامي المعارض، يقابله جدب فاحش وجفاف فاضح لدى الخطاب والاداء السياسي لتحالف الفرقاء الخمسة.. وعكس ماهو متوقع لم يكن الاعلان الجنائزي الذي حظي به مشروع المشترك للاصلاح السياسي مؤشراً جيداً وحسناً، وانما اظهر جانباً مظلماً من تخبط التحالف وعدم قدرة احزابه اختراق الشكليات والظفر برؤية وطنية حقيقية محل اجماع، وجاء المشروع بصيغته تلك طافحاً بالندوب والتشوهات الخلقية القاتلة ولم تفلح كتابات ودعايات وتجميلات عريضة من الكتاب والمحللين والحزبيين في اعطاء المشروع اكثر من حجمه، او الهاء الانظار عن المعايب الكبيرة والمفاسد الاصلية الكثيرة التي اعتورت الوليد الهجين.. حيث بقي المشروع يعلن عن نفسه وعن كميات وافرة من الاعتسافات التوفيقية بين وجهات نظر خماسية متناقضة في الاصل‮ ‬والفرع‮ ‬والتصورات‮.. ‬حتى‮ ‬بدا‮ ‬تلفيقياً‮ ‬بامتياز‮ ‬اكثر‮ ‬منه‮ ‬شيئاً‮ ‬آخر‮..‬ باستمرار كان الفشل خلاصة ازمة وجودية يعيشها تحالف المشترك وكان التأزيم المهرب الوحيد واللغة الاوحد أمام الفرقاء وفي كل مناسبة استدعت عقلاً وتعقلاً وحواراً جماعياً وسياسياً ووطنياً.. لجأ الفرقاء الى تصعيد لغة التطرف وعنف الخطاب والاستهداف الشامل.. حتى امكنهم تعطيل حوارات عدة وابتداع اشتراطات عجائبية معجونة بالنرجسية المريضة كاشتراط استبعاد الكيانات والاحزاب السياسية الاخرى في الساحة خلا احزاب المشترك وحدها للدخول في حوار مع المؤتمر الشعبي العام.. حتي هنا الحوار لم يعد حواراً ووسيلة للالتقاء بقدر ما امسى اداة‮ ‬للاقصاء‮ ‬والتنصل‮ ‬من‮ ‬اساسيات‮ ‬العملية‮ ‬الحوارية‮ ‬ومنطقها‮ ‬الواسع‮.‬ توج التطرف انتكاساته بحملة انتخابية صاخبة احضرت كل اساليب التأزم السابق ولغة الاستهداف الشخصي وتعميم التأزيم الشامل وقبلها تواكلت الاحزاب وحكم عليها موروثها العدائي الفاحش بأن تناقض أدبيات التنافس السياسي والحزبي وتبتدع طريقة اكثر تطرفاً في التعبير عن ازمة الذات باستقدام مرشح لها من خارجها.. وكان ذلك بمثابة التتويج الموضوعي لانتكاسات التحالف وتطرف فرقائه في التمسك بالذاتية المحضة وافشال الاندماج او الشراكة العملية.. وهاهنا ظهر يقيناً ان الاكف المتجاورة لم تتشابك ولن تتشابك ابداً.. ودل على الاشتباك القريب استعارة‮ ‬كف‮ ‬اخرى‮ ‬لتمثيل‮ ‬آلاف‮ ‬الأكف‮ ‬التي‮ ‬اجادت‮ ‬التمثيل‮.. ‬ولم‮ ‬تجد‮ ‬بداً‮ ‬من‮ ‬الاستمرارية‮ ‬فيه‮ ‬الى‮ ‬حين‮ ‬قريب‮ ‬جداً‮..‬ التتويج‮ ‬الانتخابي‮.. ‬هل‮ ‬كانت‮ ‬النتيجة‮ ‬متطرفة‮ ‬ايضاً جاءت النتيجة العامة والنهائية للانتخابات الرئاسية والمحلية بليغة وحاسمة في تجسيد أزمة لقاء مشترك في التطرف السياسي والاعلامي لم يعاقب الناخبون اشخاصاً بعينهم او مسميات حزبية بذاتها مفرغة من خلفيات ومضامين الذات والموضوع.. وعاقب الناخبون كل مفردات الازمة والتلغيم واليأس والتطرف الاستعدائي والاستهدافي في خطاب واداء وممارسة احزاب الفرقاء الخمسة.. عاقبوا آلة الجلد الاعلامية التي لم تدع جميلاً إلاّ واغتالته ولا أزمة إلاّ ونفخت فيها الدعاية والاشاعة والتأجيج.. وبالمثل عاتبوا خطاباً سياسياً مهزوماً مأزوماً متطرفاً‮ ‬في‮ ‬استهداف‮ ‬النقمة‮ ‬والكيد‮ ‬والانحلال‮ ‬عن‮ ‬كل‮ ‬روابط‮ ‬الشراكة‮ ‬الوطنية‮ ‬على‮ ‬ظهر‮ ‬سفينة‮ ‬الوطن‮ ‬الواحد‮.‬ جاء الحصاد من جنس الزرع والعمل، ومثلما تطرف الفرقاء في المقدمات حصدوا نتائج تبدو لهم وللمراقبين انها متطرفة في العقاب والتأديب ورد الصاع من جنس الكيل.. لكنها نتيجة طبيعية في السياق الذي اختطته احزاب المشترك وربما الأهم من النتيجة الآن هو ان تتمالك الاحزاب نفسها وان يتجاوز الفرقاء صدمة الحصاد المر وان يذهبوا جميعاً ومعاً الى قراءة موضوعية متأنية في تفاصيل ماحدث ويستعيدوا التجربة من اولها.. لأن آخرها جاء من هناك وشرط النهاية دائماً تصحيح البدايات. التطرف‮ ‬المادي‮ ‬المباشر‮.. ‬موعد‮ ‬آخر تقصدت‮ ‬الحديث‮ ‬عن‮ ‬التطرف‮ ‬كما‮ ‬تقصدت‮ ‬هنا‮ ‬الاقتصار‮ ‬على‮ ‬جانب‮ ‬منه‮ ‬لا‮ ‬أكثر‮ ‬وهو‮ ‬التطرف‮ ‬السياسي‮ ‬والاعلامي‮ ‬والتطرف‮ ‬في‮ ‬التلفيق‮ ‬والتأزيم،‮ ‬وصولاً‮ ‬الى‮ ‬التطرف‮ ‬الذي‮ ‬حصده‮ ‬الفرقاء‮ ‬وان‮ ‬بدا‮ ‬عادلاً‮ ‬ولائقاً‮ ‬تماماً‮.‬ لكنني‮ ‬ادرك‮ ‬ان‮ ‬التطرف‮ ‬الآخر‮ »‬العنف‮ ‬المادي‮ ‬المباشر‮« ‬ليس‮ ‬بعيداً‮ ‬في‮ ‬مؤشراته‮ ‬وحالاته‮ ‬عما‮ ‬عرضت‮ ‬له‮ ‬في‮ ‬الاسطر‮ ‬السابقة‮ ‬فبين‮ ‬هذا‮ ‬وذاك‮ ‬نسب‮ ‬ومصاهرة‮.‬ وقد يكفي ان اسرد هنا حادثتي الارهاب والتفجيرين الارهابيين على بعد ساعات معدودة قبيل يوم الاقتراع، واللذين استهدفا منشآت نفطية وغازية حيوية ومهمة للاقتصاد الوطني في الضبة بحضرموت وصافر بمأرب.. اقول قد يكفي سرد الحادثتين للدلالة على ارتباط التطرف المادي بأخيه وابن عمه السياسي والاعلامي.. وقد يجوز للباحث او القارئ ان يستدعي حادثة الحرس الشخصي لمرشح المشترك وقصته المحفوظة.. بل وقصة اعضاء خلية القاعدة الذين امسكت بهم يد العدالة والامن في صنعاء قبل يوم الاقتراع.. وكلها حوادث لها ماقبلها ومابعدها.. وينبغي اعادة الأمور‮ ‬الى‮ ‬نصاب‮ ‬القراءة‮ ‬البحثية‮ ‬والمنهجية‮ ‬الاستدلالية‮ ‬لتشريح‮ ‬فواحش‮ ‬الخطاب‮ ‬المتطرف‮- ‬السياسي‮ ‬والاعلامي‮ ‬وكيف‮ ‬ينتج‮ ‬تطرفاً‮ ‬مادياً‮ ‬مباشراً‮.‬ مرة‮ ‬اخرى‮.. ‬قد‮ ‬أعود‮ ‬الى‮ ‬قراءة‮ ‬هذا‮ ‬الملح‮ ‬وملامسته‮ ‬ولو‮ ‬من‮ ‬بعيد،‮ ‬ولا‮ ‬اقصد‮ ‬بالتأكيد‮ ‬ان‮ ‬ادين‮ ‬او‮ ‬ابحث‮ ‬عن‮ ‬متهمين‮ ‬وكل‮ ‬قصدي‮ ‬ان‮ ‬نقرأ‮ ‬لنستفيد‮ ‬معاً‮ ‬ونتفق‮ ‬جميعاً‮.. ‬وصومكم‮ ‬مقبول‮..‬
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 05:16 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1192.htm