أمين الوائلي - أغلب المتحدثين عن الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر - يقعون في الخلط أو عدم التفريق بين «التاريخ» من جهة وبين الفعل الديمومي المستمر في التاريخ الحاضر أو الذي يصنع الآن من جهة ثانية، والفارق بين وكبيربين هذا وذاك!
> الحدث التاريخي لم يعد فعلاً أو عملاً مستمراً، وهو حدث وانتهى.. وصار الآن جزءاً من الرواية المحكية أو المروية شفاهة أو كتابة، وتسمى التاريخ.
> والفعل التاريخي ليس حدثاً عابراً انتهى به المقام ببطن التاريخ والكتب والمرويات، ولكنه شيء آخر.. فهو لا يزال فاعلاً وعاملاً وحاضراً في الآن، وهو يأخذ صفة أو مقام «الفعل المضارع المستمر» في اللغة العربية، مقابل «الفعل الماضي» والذي يدعى أو يقال له «التاريخ».
> الثورة اليمنية لم تصر أو لم تصبح تاريخاً بعد، ليست ماضياً ولا حدثاً في الماضي تؤويه بطون الكتب والروايات والشهادات المسجلة. الثورة ليست «فعلاً ماضياً» وكفى.
> ولكنها فعل مضارع مستمر، بدأ بالأمس ويستمر اليوم وإلى الغد، لأن الثورات وجدت للتغيير.. والتغيير فعل الديمومة والاستمرار والتواصل الحيوي بين الماضي والحاضر والمستقبل.
> إحياء ذكرى ومناسبة الثورة ليس المقصود به أو منه استذكار حدث في الماضي، كان وانتهى، وإلا فإننا لا نفعل شيئاً في هذه الحالة أكثر من الوقوف على الأطلال، كما كان يفعل الشعراء العرب الأوائل، ولم يقل أحد بأن الثورة اليمنية باتت كذلك أو شيئاً من هذا القبيل!
> قد لا يلاحظ البعض، وهذه ليست تهمة على أية حال - من المسؤولين والقيادات المباشرة والمتحدثين السياسيين ومسئولي المحليات أيضا، بل وربما أضيف إليهم وجاراهم في ذلك بعض الدارسين والكتاب والمثقفين والأكاديميين والحزبيين، هؤلاء جميعاً لا يلاحظون، وهم يتحدثون عن الثورة الفارق بين أطلال التاريخ، والحاضر الذي لا يزال بكراً.. مستمراً.. فتياً.. ويصنع تاريخه الآن كما هو الحال مع الثورة، لأنها مشروع حياة وبقاء واستمرارية للمستقبل الذي وجدت لأجله ولأجل تجميله وتطويره.
> الثورة لا تهرم ولا تشيخ مبكراً، وبمقياس التاريخ البشري فإن فترة نصف قرن من الزمان تقريباً ليست شيئاً في عمر المجتمعات والحضارات والأحداث الكبرى في التاريخ البشري والإنساني.
> هذا هو سن البلوغ والفتوة لا غير، وأمام الثورة عمر.. وفترات شباب ونضج واكتمال، كما أن عليها وفي جدول عملها الكثير من المسئوليات والواجبات لتؤديها.. اليوم وغداً، فلا تزال أهدافها صالحة تماماً كبرنامج عمل لمباشرة التغيير وتقديم المسار وتصحيح الأخطاء وإعادة الاعتبار لنفسها ولأجل اليمن المتطور والمزدهر والوحدوي.
> يجب أن لا نتردد أبداً في توجيه الثورة نحو استكمال أهدافها، وهذا يعني بالضرورة إزالة التشوهات والأمراض والأخطاء التي نبتت حول الثورة ودولتها وأهدافها ومشروعها الجسور والطموحات الجسورة التي راودت الثوار وواكبت الثورة.
> لن يغفر لنا التاريخ إذا نحن خنا أنفسنا والثوار وخذلناهم الآن والأخطاء والاختلالات التي تشكو منها الجماهير لا تعالج بخيانات كبرى وردة عن الثورة ومكتسباتها العظيمة، بل بتعزيز التمسك بالأصل الصافي والهدف السامي.
> وبالضرورة فإن هذا سيعني الإلتزام للغايات الكبرى والأهداف الطموحة للثورة وللثوار الآباء، وليس الانقلاب عليها أو الردة عنها.
> لأن البعض يتصور أحقيته المفترضة بإعادة رسم الأولويات، وكتابة الرواية بطريقة أخرى - انقلابية أو ارتدادية ورجعية، وبالتالي يصوغ أهدافاً تخصه ويحاول فرضها قسراً على الواقع وعلى الجغرافيا والتاريخ نفسيهما!
> نريد أن نتفق على أن الأخطاء والقصور والانحرافات والاختلالات تظل واردة ومحتملة في أي فعل تاريخي أو مشروع وطني وثوري وتغييري، والقدرة على التخلص من الأخطاء تظل واردة أيضاً بل وواجبة.
> والتخلص منها لا يكون بتغليب منطق الخطأ والخطيئة، بل بمعالجات جادة ومسؤولة للتخلص من مكامن الداء ومكافحة الفيروسات الضارة والأمراض الناشبة والتشوهات الدخيلة، وفقاً لرؤية عاقلة شاملة وعادلة..
فالجنون لا يثمر إلا الشر والخراب!!
Ameen71@ Gmail.com
|