كلمة الميـثاق - يكاد المسيئ يقول خذوني.. هكذا بدأ موقف حزب الإصلاح وهو يدافع عبر المحرر السياسي لصحيفة "الصحوة" .نعم لقد بدأ ذلك الموقف دليلاً جديداً على صحة الأوصاف التي أطلقت على تلك الوثيقة الانقلابية، المسماة بمشروع "الانقاذ" فهي لم تكن سوى محاولة للملمة حالة التشظي التي وصلت إليها تلك الأحزاب في المشترك، ومسعى يائساً للهروب من الاستحقاقات الوطنية التي فرضتها على تلك الأحزاب الوثائق الموقعة معها وآخرها اتفاق فبراير، والتي تم بموجبها تاجيل الانتخابات النيابية لمدة عامين ،وتأكيداً لا يقبل الجدل على إن ما تطرحه تلك الأحزاب ليس سوى مشاريع انقلابية وان قياداتها تعجز حتى الآن عن مغادرة العقلية الانقلابية الماضوية التي سقطت إلى غير رجعة مع إعادة تحقيق الوحدة اليمنية واختيار النهج الديمقراطي كأسلوب للوصول إلى السلطة والحكم .
ولعله من المفيد أيضاً أن نذكر هؤلاء الانقلابيين أن مشروعهم ذلك لم يكن سوى انقلاب على ما كانوا أسموه بمشروع الإصلاح السياسي الذي أطلقوه قبيل الانتخابات الرئاسية والمحلية وقدموه لجماهير الشعب والناخبين كبرنامج انتخابي لمرشحهم إلى الرئاسة –آنذاك- ولما وجدوا أن مشروعهم فشل وأن الناس رفضوه ومنحوا ثقتهم بأغلبية كاسحة للمؤتمر الشعبي العام ومشروعه للإصلاحات المتمثل في البرنامج الانتخابي للرئيس علي عبدالله صالح، مرشح المؤتمر إلى الرئاسة آنذاك، وبرنامج المؤتمر للانتخابات المحلية، ذهبوا بعد ذلك الفشل للبحث عن صيغة جديدة لإعادة أنفسهم إلى الجماهير، وهو ما كان يفرض عليهم البحث الجدي في الانتكاسة الانتخابية التي منيوا بها وأسباب عدم منح الجماهير الثقة لهم عبر صناديق الاقتراع وتصحيح الاخطاء،وتجاوز الخطاب السياسي والإعلامي الذي كان وراء رفض الجماهير لأطروحاتهم، لكن ما حدث كان عكس ذلك تماماً.
ورغم مساوئ ذلك المشروع الكثيرة، ورفض الجماهير له الا انه كان يحوي بعض الأفكار والأطروحات التي تتلاقى مع مضامين مشروع المؤتمر للإصلاحات المتمثل في البرنامج الانتخابي للرئيس، وهو ما كان يمثل نقطة التقاء يمكن من خلالها الوصول إلى توافق سياسي عبر الحوار،الأمر الذي بنى عليه المؤتمر الشعبي العام توجهه وإصراره ودعواته إلى الحواروالتي كتب لها النجاح في اللحظات الأخيرة بفضل الرعاية والدعم والحرص الذي أبداه الرئيس علي عبدالله صالح بهدف إنجاح ذلك الحوار، وبفضل التنازلات التي قدمها المؤتمر الشعبي العام وفي مقدمتها القبول بتأجيل الانتخابات والحرص على إتاحة الفرصة لاستكمال الحوار حول بقية قضايا الإصلاحات..
ولسنا نبالغ قولاً في أن حكمة الرئيس وتنازلات المؤتمر كانت سبباً في التوصل إلى التوافق السياسي وتوقيع اتفاق فبراير حرصاً على المصلحة العليا للوطن، ورغبة في إشراك جميع القوى والأطياف السياسية في حوار جدي على قضايا الإصلاحات وتطوير النظام السياسي، والتحول نحو الحكم المحلي الواسع الصلاحيات، وإعادة بناء النظام الانتخابي، بل وحرصاً من المؤتمر على عدم تشظي وتفكك أحزاب المشترك التي كانت قد وصلت إلى حالة من الأزمات الداخلية بعد فشلها في الانتخابات الرئاسية والمحلية حتى أن كثيراً من المراقبين رأوا أن قبول المؤتمر بذلك التوافق لم يكن إلا إنقاذاً للمشترك وأحزابه من حالة الانقسامات التي بدت واضحة في فشلها،وتباين ورمادية مواقفها والخلافات الكبيرة سواء داخل كل حزب على حدة أو فيما بينها جميعاً تجاه القضايا الوطنية، وأبرزها فتنة التمرد والتخريب والارهاب والخروج عن الدستوروالقانون من قبل تلك العناصر الإرهابية والتخريبية.
ورغم أننا لا نريد هنا أن نكرر موقف المؤتمر الشعبي العام الواضح والمعلن حيال أطروحات المشترك أو غيره من القوى السياسية والتي كررها مراراً وآخرها ما أعلنته اللجنة العامة في 9 سبتمبر 2009م من أن أي رؤية يقدمها أي طرف سياسي في المعارضة أمر لا يخص المؤتمر الشعبي العام، بل يخص تلك الأطراف، وينبغي لكل حزب أن يسعى لنيل ثقة الناخبين عبر صناديق الاقتراع أولاً، ومن ثم يعمل على ترجمة رؤيته من خلال وجوده في المؤسسات الدستورية وعلى ضوء ما يناله من ثقة الشعب عبر صناديق الاقتراع.
لقد اعتقدنا في المؤتمر الشعبي العام أن ذلك الموقف كفيل بإقناع تلك الأحزاب وفي مقدمتهم التجمع اليمني للاصلاح إلى السعي لطرح رؤاها على الشعب وحين ينالون ثقته فمن حقهم ترجمة ذلك إلى الواقع.. لكن ذلك الاعتقاد خاب حين وجدنا أن تلك الرؤى وفي مقدمتها ما طرحه المشترك لم يكن إلا محاولة انقلابية على اتفاق فبراير الذي وضع الجميع أمام التزامات دستورية وقانونية، وأمام واجبات وطنية لا يمكن التنازل عنها أو نقضها لا لشيء إلا لأن مجموعة من المأزومين يسعون للبحث عن أدوار لهم عبر أطروحات تتجاوز الثوابت، وتناقض الدستور، بل تتعارض حتى مع البرامج السياسية لتلك الأحزاب نفسها.
وفي الوقت الذي نجدد فيه موقف المؤتمر حيال تلك الرؤى ،في الوقت نفسه لا نجد إلا ان نكرر أسفنا الشديد لانبراء حزب الإصلاح للدفاع عن وثيقة تحمل في مضامينها بؤراً وأفكاراً انفصالية وتمزيقية تسعى لهدم المنجز التاريخي لليمن والمتمثل في إعادة تحقيق وحدته التاريخية في 22 مايو 1990م، في حين أن الأيدلوجية التي يتستر وراءها هذا الحزب تقر بأن وحدة الأمة مقدس ديني، وأمر رباني، والحفاظ عليه واجب تفرضه العقيدة الإسلامية قبل الدساتير والقوانين...ويتبين لنا ان ثوابتهم مجرد زوابع وفقاعات لا اساس لها بدليل تماهي خطابهم مع خطاب عناصر التخريب الحوثية الحالمة بعودة الامامة إلى الوطن ..
نعم نأسف لهكذا موقف يدافع عن مسميات ما أنزل الله بها من سلطان، وينافح عن رؤى لا تحمل سوى التفكك والتمزق للأمة أجاءت ملبوسة بأثواب الخلافة الإسلامية أو بأقنعة ماركسية أو بجلابيب إمامية، أو بكرفتات خونجية،أو بشعارات قومية.
ولعل ما يجعلنا اليوم اكثر وثوقاً وقناعة بان ما طرحته وتطرحه تلك الأحزاب وقياداتها من رؤى ومشاريع مهما اختلفت تسمياتها او مسمياتها ليست سوى مشاريع انقلابية على النهج الديمقراطي الذي ارتضاه الشعب اليمني واختاره طريقاً لاختيار من يحكمه خصوصاً حين نجد ان انبراء الإصلاح للدفاع عن هذا المشروع الانقلابي "المسمى بمشروع الانقاذ" جاء عقب إعلان المتمرد الحوثي مباركته لهذا المشروع وتأييده له وهي المباركة التي لم يكن المتمرد الحوثي ليعلنها الا بعد ان بات يفر من جحر إلى جحر أخر في كهوف مران هرباً من مطاردة أبطال القوات المسلحة والأمن له –هذا ان لك يكن قد لقي مصرعه حسب بعض المصادر-،أضف إلى ذلك ان حالة الغزل بين المتمرد الحوثي وبقايا فلول الانفصال وعلى رأسهم المدعو الفضلي وتزامنها مع التصريحات المتبادلة بين الطرفين وبين قيادات المشترك،وتزامن ذلك مع النجاحات التي يحققها ابطال القوات المسلحة والامن على عصابة التمرد التي تعيش لحظاتها الاخيرة كلها حقائق تؤكد مصداقية ان ما يطرحونه ليس الا مشروعاً انقلابياً يحاول من خلاله كل طرف منهم تحقيق أحلامه وأوهامه بالوصول إلى السلطة عبر بوابة الانقلاب على الديمقراطية .
وبرغم ادراكنا ان الاصلاح بقواعده يقف موقفاً معادياً لفتنة التمرد ودعوات الانفصال خلافاً لتصريحات بعض قياداته هنا او هناك الا اننا مع ذلك كله، كنا نأمل أن يجهد المحرر السياسي في صحيفة الاصلاح نفسه في إيضاح حقيقة المضامين التي يحويها مشروعهم الانقلابي المسمى بالإنقاذ بدلاً من بذل كل ذلك الجهد لإلقاء التهم للآخرين، و كيل الشتائم للآخرين بالهمز واللمز.
|