لقاء/عارف الشرجبي -
كشف الشيخ الوطني والبرلماني بمحافظة صعدة فائز العوجري لــ»الميثاق« عن فساد ومخالفات بشعة يمارسها مسئولون وقيادات في السلطة المحلية ونافذون بالمحافظة تجاه النازحين والمتاجرة بمعاناتهم.وقال: ان قيادات في السلطة المحلية يبيعون المساعدات الانسانية في الاسواق للتجار ولمنظمات الاغاثة الدولية، في الوقت الذي يحرم منها النازحون في المخيمات وغيرها من مناطق المحافظة.
وطالب الشيخ العوجري بسرعة توجيه محافظ صعدة اعادة النظر في طريقة توزيع المساعدات على النازحين بعيداً عن لغة »التقاسم والفيد«.
واتهم العوجري قيادات في السلطة المحلية بإفراغ الساحة من الشخصيات والوجاهات الوطنية وتركها للفاشلين والمنتفعين وتجار السلاح والحروب، الأمر الذي أثار نقمة المواطنين بصعدة ودفع بعضهم للالتحاق بالمتمردين، وانكفاء آخرين لشعورهم باليأس جراء التمييز الذي تمارسه تلك القيادات.
< كيف استطاع المتمرد الحوثي أن يصل إلى ما وصل إليه في ظل وجود مسئولين وشخصيات اجتماعية كبيرة ووجاهات؟
- لقد تركت له الساحة فارغة وكان الصلح والهدنة وأوقات المصالحة فرصاً حرص الحوثي على استغلالها لترتيب أوضاعه من جديد، فكلما أوشك الحسم لصالح الدولة طالب الحوثي او اطراف اخرى بوقف الحرب لإعادة ترتيب أوضاعه في تكديس السلاح والمؤن وهكذا.. في الوقت الذي سعت الدولة الى إشاعة روح التسامح والمحبة، وذلك لأن فخامة الرئيس دائماً يسعى للخير وحقن الدماء بين أبناء الوطن ، ولا أنسى أن أشير الى أن هناك شخصيات- بكل أسف- تخاذلت عن القيام بواجبها تجاه القضايا الوطنية وتجاه أبناء صعدة.. اعتقد أن هذا هو الذي جعل عصابة مارقة تتحدى الدولة بكل مقوماتها.
نريدها.. أخيرة
< هل بالإمكان أعطاء تفاصيل أوضح؟
- أمور كثيرة منها أن السلطة المحلية التي انتخبت ابتداءً من قيادة المحافظة والمحافظ شخصياً وانتهاءً بالأمين العام والمجالس المحلية في المحافظة والمديريات، الجميع في تصوري وحسب الواقع لا يقومون بواجبهم كما ينبغي وحسب ثقة القيادة بهم، وهذا قد يؤدي الى عواقب وخيمة واستمرار الحرب الى فترة أطول.. حيث لا يوجد لدينا أي نواة لسلطة مدنية فاعلة تحل قضايا المواطنين أولاً بأول، وهذا الامر جعل بعض المغرر بهم يذهبون مع الحوثي أو يتقاعسون في دفاعهم عن الوطن، وأريد الاشارة الى أنه طوال فترة الحرب وجدت حالة من الترقب، فكلما وقعت هدنة ثم حرب ثم هدنة أوجد هذا نوعاً من الانكفاء لدى المواطن والملل لعدم حسم المعركة منذ البداية لأن جماعة الحوثي في نظر الشعب فئة باغية وضالة ومرض خبيث يجب استئصاله، ولكن هذه المرة نتمنى ألا يتم وقف العمليات العسكرية ضد هذه الفئة الارهابية الا وقد تم الحسم لصالح الوطن والشعب الذي يريد أن ينعم بالحياة الآمنة في ظل قيادة فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي عودنا على الوقوف مع الشعب ومصالحه العليا، كما ان الكثير من الوجاهات والمواطنين الشرفاء في صعدة يقاتلون في الصفوف الأولى ضد التمرد الحوثي ومستعدون لتقديم المزيد من التضحيات.
تباعد
< أشرت الى تقاعس السلطات والمجالس المحلية .. فماذا عن دور الوجاهات وأنت واحد منها؟
- يؤسفني القول ان السلطة المحلية عملت على محاربة بعض الوجاهات وخاصة الوطنية التي تعمل لصالح الوطن وهذا خلق نوعاً من التباعد بين السلطة المحلية وتلك الوجاهات بينما أفسحت المجال لآخرين فشلوا في عمل شيء لمناطقهم لأن السلطة المحلية تتعمد ذلك الفرز، ما جعل المواطن لا يثق بهم، وايضاً هناك شخصيات لا تشعر بحجم الأخطار التي تمر بها المحافظة والوطن بشكل عام وذلك لانجرارهم خلف المماحكات السابقة.
< أي نوع من المماحكات؟
- منها ما هو قبلي ومنها ما هو سياسي ومنها ما هو شخصي بين هذا الطرف أو ذاك، فالبعض يقصر مكرهاً فيما البعض الآخر يتراخى أو يقف متشفياً بما يحدث، وهنا تكون الكارثة في نظري لأن الدمار إذا حل لن يستثني أحداً، فالجميع معني بالأمر والوقوف لحسم المشكلة.
نائب.. »حوثي«
< أين دور أعضاء البرلمان في تلك المناطق؟
- أعضاء البرلمان لا يمكن تحميلهم فوق ما يحتملون ، والبعض -للأسف- مع جماعة الحوثي وهم اثنان .. واحد في ألمانيا والآخر معروف للجميع وقد سافر عدة مرات الى إيران للتنسيق مع الحوثي بينما الأعضاء الآخرون موجودون وهم بجانب الدولة ويقومون بدور جيد، كما أن هناك دوائر شاغرة لعدد منهم بسبب الوفاة، ولذلك لا بد من ملء الفراغ شريطة أن يتم اختيار الناس الأكفاء لخدمة البلد.. والرحمة على النائب الشيخ محمد المنبهي الذي كان من أفضل الشخصيات في صعدة.
< هل أصبح المتمرد الحوثي يمتلك شعبية وتأييداً يفوق مكانة تلك الوجاهات وكذا السلطة المحلية؟
- استطاع المتمرد الحوثي خلال الفترة السابقة أن يغرر بكثير من الشباب باسم الدين ولكن عندما انكشف أمره في الفترة الاخيرة وأنه يشكل خطراً على الدين والوطن اضافة الى تشويه المذهب الزيدي ومحاولة إبعاده عن الوسطية والاعتدال الذي يقوم عليه إنفض الناس من حوله ونبذوه، كما أن غالبية الذين مع الحوثي مكرهون بقوة السلاح أو خوفاً من قتل أسرهم.
أحزاب.. متمردة
< دور القوى السياسية والأحزاب في المحافظة.. كيف تقيمه؟
- هناك خلط بين الانتماء الحزبي والانتماء للوطن، فالكثير من قيادات احزاب المشترك إما مع الحوثي في مساندته بالرأي والدعاية والتشهير بالدولة أو متفرجون ومتقاعسون وكأن البلد لا يعنيهم، أما الحزبيون خارج المشترك فالبعض منهم جيد والآخر يقف متفرجاً إما لضعف فيهم أو خوف على حاله وماله، ولذا لابد على هذه الاحزاب والقيادات الحزبية أن تغلب مصلحة الوطن على ما سواها، لأننا على سفينة واحدة اسمها اليمن وإذا غرقت غرقنا جميعاً.
< ما نوع الدعم الحزبي الذي أشرت إليه؟
- هناك أحزاب وخاصة المشترك تعمل كل ما بوسعها لدعم الحوثي سواء بجمع التبرعات الداخلية أو الخارجية ، ناهيك عن الدعم السياسي الذي نراه من قيادات احزاب اللقاء المشترك ولا استثني منهم أحداً في ذلك ناهيك الجانب الاعلامي والسياسي.. وما حصل مؤخراً من دعوات المشترك لوقف عملية الحسم ضد التمرد إلاّ دليل على هذا الدعم والحرص على بقاء الحوثي شوكة في خاصرة الوطن.
وأريد أن أشير الى أن هناك قيادات كبيرة في المشترك لها وزن قبلي كبير نشاهدها اليوم تريد أن تلمع نفسها لغرض الانتخابات القادمة على حساب الوطن، تلك الشخصيات معروفة بنشاطها فيما يسمى بالتشاور الوطني وكثيراً ما نشاهدها على قناة »الجزيرة« وهي الآن تتصرف بكل عنجهية فتضر بالمواطن والوطن، من حيث تدري ولا تدري وعليها اعادة حساباتها.
تجار التمرد
< في تصورك من أين يمتلك الحوثي كل هذه الإمكانات المالية والعتاد الحربي؟
- البَرَكة في تجار الأسلحة الذين تم إنزال أسمائهم مؤخراً في القائمة السوداء ثم تجار المخدرات وهم معروفون لدى السلطات المحلية في المحافظة وايضاً وهو الاهم الدعم الايراني الذي يصل للحوثي بكميات كبيرة سواءً الرسمي أو عن طريق الحوزات والمرجعيات الرئيسية ذات الاصول الجارودية والاثنا عشرية. اضافة إلى أن الحوثي تمكن من إرهاب المواطنين وأخذ منهم الزكاة بالإكراه سواء في عاصمة المحافظة ومديرياتها أو غيرها من المحافظات إضافة إلى دعم تجار من خارج صعدة، فهناك مرضى النفوس الحاقدون على النظام الجمهوري والوحدة، ناهيك عما تقدمه بعض الاحزاب من دعم لوجستي ومادي نكاية بالسلطة والحزب الحاكم.
< من تقصد بالتجار خارج إطار صعدة؟
- هناك اشخاص لديهم تجارة وأموال وعلاقات مع المدعو الحوثي وهم ممن يستقبلون الدعم من الخارج بصورة سلع متنوعة باسمهم يقومون بتحويل ثمنها للحوثي في صعدة والبعض من هؤلاء يحلمون بعودة العهد البائد أو الحكم الاسري وكأنه حق إلهي خاص بهم حسب قناعاتهم المريضة التي عفا عليها الزمن وأصبحت من الماضي.
ومن قرح يقرح!
< معلومات تداولت ان المتمرد الحوثي تمكن من سرقة مخازن أحد تجار السلاح في صعدة.. ما حقيقة ذلك؟
- هذا الأمر لايمكن حدوثه إلاّ إذا كان هناك اتفاق بين التاجر وعناصر التمرد، وفعلاً حصل هذا فقد تم ابلاغ التاجر ان جماعة الحوثي تخطط او تنوي الاستيلاء على مخازن السلاح التابعة له قبل الحادثة بأسبوع ولكن التاجر لم يفعل شيئاً وهذا يدل على ان التاجر الذي استورد السلاح لأغراض اخرى قد اتفق مع الحوثي على سرقة السلاح أي باع له السلاح وقبض الثمن ومن قرح يقرح.
ليست مذهبية
< يدعي البعض في المشترك والحوثي أن المواجهة مذهبية، كيف ترون هذه الادعاءات؟
- المذهب الزيدي ليس بحاجة لمن يدافع عنه وهو مذهب معتدل منذ أن وجد، ولو كان هناك أي خطر على هذا المذهب، وهو غير حاصل الآن، فهناك من هم أقدر على الدفاع عنه من العلماء الأجلاء، أما الحوثي فليس لديه حق ادعاء الدفاع عنه، واستغرب هذا الطرح خاصة وأن الكثير من القيادات العسكرية والامنية التي تقاتل هذا التمرد هم من أبناء المذهب الزيدي وهذا دليل على افتراء ادعاء الحوثي.
كما أن علماء الزيدية هم اول من حذر من خطر الحوثي على المذهب الزيدي وعلى الاسلام والمجتمع وأولهم العلامة مجدالدين المؤيدي- رحمه الله- والعلامة محمد عبدالعظيم الحوثي أحد أقارب المتمرد وهذا العلامة هو اليوم يقاتل الارهابي عبدالملك الحوثي في المنطقة التي هو فيها، ناهيك عن بقية علماء الزيدية الذين أصدروا البيانات والفتاوى ضد المتمرد الحوثي ودانوه فيها ودعوه للعودة الى جادة الصواب والرشد وإعلان التوبة.. وفي تصوري أن الحوثي يريد شق عصا المذهب الزيدي ويستبدله بالمذهب الاثنا عشري والجارودي الإيراني.
أجندة خارجية
< لماذا تعمد الحوثي المغامرة داخل أراضي الأشقاء في السعودية؟
- عندما اشتد القتال من قبل الجيش والأمن وقرب الحسم ضد الارهاب الحوثي حاول الحوثي حسب أجندة خارجية التسلل الى أراضي المملكة، وهي أجندة جديدة اتبعها الحوثي حسب إملاءات إيران الداعمة له إما لزعزعة الأمن الاقليمي أو لإيجاد أوراق جديدة يتوهم أنها لصالحه.
تجار حروب
< هناك من يشكك بقدرة الجيش على حسم المعركة.. مستدلاً بتأخر ذلك؟
- لولا تحصن الحوثيين بالمواطنين والمناطق الآهلة بالسكان الى جانب طبيعة المحافظة القاسية الجبلية لتم الحسم منذ وقت مبكر، كما أننا لا ننسى أن الاخ الرئيس من دعاة السلام وهو لا يحب أن تزهق الارواح والدماء سواء من الجيش والأمن والمواطنين أو حتى المغرر بهم الذين يحاربون الدولة، ففخامته حريص على الجميع لأنه ينظر للناس من زاوية واحدة بأنهم أبناء وطن واحد.
وكما قلت لك هناك أطراف وتجار حروب تعمل على التكسب من الحرب سواءً في الاحزاب أو غيرها، وهؤلاء يريدون إطالة فترة الحرب ويأتي في المقدمة تجار السلاح الذين لا همّ لهم الا الكسب ولو على حساب أبناء الوطن والمتاجرة بدمائهم.
يبيعون
مساعدات النازحين
< كيف تنظرون إلى معاناة النازحين جراء الفتنة وهل أنتم راضون عن المساعدات المقدمة لهم؟
- كثير من أبناء صعدة لم يتوجهوا الى المخيمات.. ويمكن القول: ان اكثر من 60٪ من النازحين والمتضررين من الحرب الحوثية مازالوا داخل المدينة والمديريات الاخرى، ولم يتمكنوا من النزوح بسبب منع الحوثي لهم واستخدامهم كدروع بشرية والبعض من هؤلاء انتقلوا للعيش إما عند أهاليهم أو في المدارس أو الكهوف.
وقد قامت الدولة بتوفير الكثير من مواد الإغاثة وإرسالها الى صعدة وهناك منظمات محلية وعربية ودولية تقوم بنفس المهمة الى جانب الدعم المقدم من الدول العربية والصديقة التي قامت بإرسال كميات لا بأس بها ولكن لم تصل الى المستحقين الفعليين، وكان لابد على السلطة المحلية التنسيق مع تلك المنظمات ومقدمي الدعم من أجل إيصال المساعدات لمستحقيها وتوزيعها التوزيع العادل حسب الكثافة الاسرية في كل منطقة، ولذلك أقول: إنه لابد على الحكومة أن توجه المحافظ بضرورة إعادة النظر في توزيع هذه المساعدات بعيداً عن لغة التقاسم والفيد، أو »أنا وبعدي الطوفان«، ومن أهم المناطق التي فيها نازحون كثيرون لم يستلموا شيئاً من المساعدات هي وادي نشور وولد مسعود، وكتاف وأملح، ودماج وغيرها من المناطق رغم أن المساعدات التي وصلت كبيرة وكافية ولكن- للأسف- لم يتم توزيعها بالشكل السليم، فهناك من يعمل على صرف البعض منها وبيع البعض الآخر.
< كيف يحدث ذلك؟
- عندما تصل المساعدات يقوم المسئولون في المحافظة باستلامها بنظر بعض المقربين منهم لتوزيعها للمتضررين، لكنهم يوزعون جزءاً بسيطاً منها ويبيعون الباقي على التجار وعندما تريد بعض المنظمات شراء مساعدات للنازحين يقوم هؤلاء بإيهامها بوجود تجار لديهم مواد اغاثة فيتم شراؤها منهم بعد تسريبها من المخازن بطريقة او بأخرى وهذا العمل في تصوري خارج الشرع والضمير الانساني.