فيصل الصوفي -
المؤتمر العام الخامس للمجالس المحلية صار مثل الجني نسمع عنه ولا نراه.. تعاقب على الوزارة ثلاثة وزراء كلهم صرحوا بموعد عقد المؤتمر، ففي منتصف عام 2007م بدأ الوزير هلال يحدد ويجدد وقال سيعقد أواخر نوفمبر 2007م في عدن بحضور ستة آلاف مندوب، وبعدين قالوا نهاية ديسمبر 2007م وانقضى عام 2008م والمواعيد تضرب، وقبل شهرين قالوا: خلاص المؤتمر سيعقد في بداية نوفمبر 2009م، وآخر كلام قالوا سيعقد يوم 5 ديسمبر القادم بحضور 3000 مندوب، وبايقع فيه خبر وعلم.. والعلم عند الله!
ومثل هذا الاضطراب حصل مع المؤتمرات السابقة، فمنذ مطلع عام 2005م كانوا يضربون المواعيد تلو المواعيد ثم تضاربوا في 17 يونيو 2006م.. وهذا الاضطراب وعدم القدرة على حسم موعد محدد لعقد مؤتمرات المجالس المحلية هو مجرد مظهر من مظاهر اضطراب رؤيتنا حول الحكم المحلي وعدم القدرة على تحديد خياراتنا.. لدرجة أن بعضهم يسميه حكماً محلياً.. ويقول الآخرون بل حكم محلي واسع الصلاحيات، ويقول ثالث: لا، هو حكم محلي كامل الصلاحيات، رغم أن الحكم المحلي هو الحكم المحلي وبس.. وإذا كنا لانعرف كيف هو أو كنا نخشى منه أو نخاف أن يؤدي إلى فشل أو كارثة فلماذا لانجرب تطبيقه في محافظتين أو ثلاث تتوافر فيها إمكانات لذلك، ونتحرك للتجربة فرصة كافية فإذا نجحت توسع إلى محافظتين أخريين، مع استمرار التقييم لمعرفة جوانب النجاح لأخذها معنا ومعرفة جوانب الفشل ورميها خلفنا..
أقدم تجربة للحكم المحلي في اليمن بدأت مع صدور قانون الحكم المحلي في عدن عام 1977م والذي تلاه انتخاب مجالس الشعب المحلية، وبعد الوحدة مباشرة بدأ الجدل الحاد حول الحكم المحلي والفيدرالية والسلطة المحلية، وبعد فترة صدر قانون السلطة المحلية عام 2000م ثم أجريت انتخابات محلية عام 2001 و2006م، وعقدت أربعة مؤتمرات عامة للمجالس المحلية حتى الآن..
ومن يرجع إلى وثائق هذه التجربة منذ 1977م وإلى اليوم، سيجد أن المشكلة هي نفسها، وإلى اليوم الشكوى هي نفسها.. عدم وضوح الرؤية.. التشريعات منقوصة وتتصادم مع تشريعات أخرى، تداخل في الاختصاصات المركزية والمحلية، عدم توافر بنى تحتية، حيث تجد مجلساً محلياً في مديرية وليس فيها مكتب للتعليم أو الصحة أو الاشغال، أو انتخاب مجلس محلي لمديرية في حين أن المديرية نفسها خاضعة لإدارة في مديرية أخرى، ومنذ 1977م وإلى اليوم وكل المنتخبين لتلك المجالس يرددون الشكوى نفسها.. القانون لايمنحنا صلاحيات والأجهزة الحكومية لاتتعاون معنا، ولا تطيع القصير!!{