الميثاق نت - يحيى نوري

الأربعاء, 11-نوفمبر-2009
يحيى نوري -
مهما يذهب المحللين السياسيين بعيداً في كتاباتهم عن متطلبات وأجندة أمن واستقرار شعوب ودول منطقة الخليج والجزيرة ومهما وقعت هذه التحليلات والكتابات في أتون الرؤى الضيقة المعبرة عن اتجاهات حزبية وأيدلوجية لهؤلاء الكتاب وما يبدونه من حصر وإصرار كاملين على جعل نتاجاتهم التحليلية تصب في بوتقة رؤى ومواقف أحزابهم وهي رؤى تفتقر إلى المصداقية والموضوعية وتخلو من أي قراءة قائمة على الرؤية الجيوسياسية لأمن المنطقة.

إن دول وشعوب المنطقة يمثلون منظومة واحدة ومتكاملة على الصعيد الأمني وهي منظومة تتطلب من دول المنطقة على حد سواء الانتقال بإرادة سياسية موحدة من مرحلة الشعارات الجوفاء حول الأمن والاستقرار والتنمية إلى مرحلة التطبيق العملي ولمزيد من الاندماج لتحقيق الأمن والتنمية والتعاون والتكامل على مستوى مختلف الجوانب بإعتبار الجميع وفقاً لتحديات الراهنة يمثلون وجهين لعملة واحدة.

إن بيانات الدعم لليمن والسعودية من قبل دول منطقة الخليج والجزيرة ورغم أهميتها إلا أنها يجب أن تتجاوز كافة المفردات والكلمات الدبلوماسية إلى مفردات أكثر فهماً واستيعاباً لمتطلبات شعوبنا وبصورة أكثر فاعلية قادرة على التعاطي مع مختلف التحديات والمؤامرات التي تواجه دول المنطقة.
وباعتبار ما تواجه اليمن والسعودية اليوم من تحدي كبير يتركز في التمرد الحوثي أمراً يمثل التحدي الأكبر الذي لا يمكن لدول وشعوب المنطقة تجاوزه من خلال بيانات ومواقف تقليدية لا يمكن لها أن تتناسب مع ما يمثله هذا التحدي على الحاضر والمستقبل.
كما إن على جميع دول المنطقة ومختلف فعالياتها السياسية والإبداعية والجماهيرية أن لا تصغي اليوم إلى كل التعبيرات التقليدية باعتبارها واحدة من الأسباب التي جلبت لأمتنا العربية المزيد من الاحتقان والصراع والتطاحن.
وأن نحرص جميعاً شعوباً ودولاً على ضرورة المضي قدماً وبخطوات واثقة نحو التأسيس العملي والفعلي لكل متطلبات الأمن والاستقرار والسلام للمنطقة وأن نوجه الجميع وبكل طاقاتهم جهودهم حتى يصبوا جميعاً في خدمة المنطقة والإيفاء بمتطلبات أجيالها القادمة.
ونقصد هنا هذه البيانات غير الرسمية التي تصدر اليوم من هنا وهناك ومن أكثر من مكان في العالم العربي كردة فعل للتسلل الحوثي إلى المملكة العربية السعودية وما عبرت عنه البيانات من أراء ومواقف متباينة كلاً منها يخدم طرف ماء أو يعزز من توجه ما يهدف في خلاصة الأمر إلى تأجيج بؤرة الصراع الحالي للحوثيين في المزيد من الأحداث الشروخ في التباينات والمواقف الحزبية والطائفية والمذهبية وجميعها تمثل أجندة تدميريه للمنطقة وتخدم بلا حدود أعدائها.
بالرغم مما تبديه هذه البيانات في ظاهرها من خير المنطقة وتخفي كل ما بين صدورها كل ما هو شر ويجلب للمنطقة كل عوامل الدمار والاستقرار.
إذاً ليس أمام دول المنطقة وشعوبها وعلى ضوء حجم التحديات الراهنة سوى المزيد من التنسيق والتعاون والتكامل وبلا حدود حتى يتمكن الجميع من تأكيد قدرتهم كمنظومة واحدة متكاملة في مواجهة كافة المخاطر وإذا لم يحدث ذلك فإن أصحاب المشاريع المذهبية والطائفية سيجدون اليوم الفرصة مواتية لهم للمزيد من الاصطياد في المياه العكرة بل والسير بشعوب ودول المنطقة بعيداً عن ما لا يحمد عقباه.
نقول ذلك ونحن ندرك تماماً إن قيادات دول المنطقة تفهم اليوم وأكثر من أي وقت مضى طبيعة ومخاطر التحديات الراهنة التي تواجه شعوبها وما سوف تؤول إليها هذه التحديات من نتائج كارثية إذا ما وجد أعداء المنطقة الفرصة سانحة أمامهم للمزيد من النيل من المنطقة والعبث بآمال ومتطلعات شعوبها وهم أعداء يدرك الجميع بأنهم لا يسعدون بمشاهدة صور التكامل والتعاون والتنسيق بين دول منطقتهم بل ويجدون في أي نشاط مشرق تقوم به هذه الدول بمثابة العدو اللدود الذي من شأنه أن يضع حد لسيناريوهات ومأربهم ومطامعهم.

وعموماً فإن شعوب المنطقة ومعهم كافة المحللين السياسيين والخبراء والمختصين في شئون أمن واستقرار منطقة الخليج والجزيرة يعتبرون إن التحديات الراهنة التي تواجهها هذه الشعوب تمثل ترمومتراً تقيس من خلاله مدى قدرة واستيعاب قيادات وفعاليات المنطقة لهذه المخاطر وهو ترمومتر سيمكن الجميع دون استثناء من تشكيل الصورة الكاملة لطبيعة الحراك القادم الذي ستشهده دولهم وفقاً لهذه التحديات وكذا كشف مدى قدرتها على تخطي وتجاوز هذه التحديات باتجاه المزيد من الانتصار للمتطلبات الحقيقة لأمنها واستقرارها على المستويين القريب والبعيد.
نأمل أن يتعاطي الجميع مع ظاهرة الحوثية بمسئولية كبيرة وأن يصنع جميعاً محطة مهمة في مسار تاريخ المنطقة المعاصر يصححون من خلالها كافة بؤر الخلافات والاختلالات التي تعاني منها شعوبهم ودولهم وأن يجعلوا من منظومة التعاون التكامل وبلا حدود قاعدتهم الرئيسية والقوية والصلبة التي تتمكن دول المنطقة من خلالها التحليق في فضاءات اكبر وأرحب لصالح شعوب المنطقة بل والأمة العربية والإسلامية جمعا أملاً ننتظر حدوثه خلال الأيام القادمة لنطمئن لحاضرنا ومستقبلنا ومستقبل أفضل للجميع.
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 04:55 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-12543.htm