كلمة الرياض- يوسف الكويليت -
موضوع التدخل في شؤون الغير مساحة مفتوحة للمساومات والمزايدات وخاصة حينما تختل القوة بين بلدين، إذ كثيراً ما يحدث اختراق القانون الدولي بالادعاء بحماية أقلية ما تستدعي تدخلاً عسكرياً، أو حماية حدود، وغالباً ما يتم هذا الإجراء بين دول متجاورة، أو دول عظمى تريد فرض هيبتها ونفوذها..
إيران دخلت على الخط بالتحذير من الدخول في شؤون اليمن الداخلية وكأنها بلد بسيادة منقوصة، بينما الذي يجري مسألة داخلية بحتة لا يجيز لأحد أن تظهر إيران وكأنها الوصي على اليمن، أو تذهب إلى محاولة اختراق حدود باكستان لمطاردة عناصر من البلوش هاجموا جنوداً وضباطاً إيرانيين، والخطورة في تسويغ مثل هذه التدخلات تعيدنا إلى نقطة الصفر..
مثلاً هل يمكن للعرب الدخول في خصومات وتدخلات لحماية الأقلية العربية في إيران، ومثلهم الأوزبك، والبلوش، ويأتي العالم الإسلامي ذو الأكثرية السنّية بالمطالبة بتأكيد حقوقهم داخل إيران وعدم المساس بمساجدهم وممارستهم مشاعرهم؟
قطعاً لن تقبل بالمساس بسيادتها، وطالما الأمر ينطبق على الآخرين فاليمن بلد مستقل عضو في الأمم المتحدة، والجامعة العربية وكل المنظمات الإسلامية والدولية ولا يقبل أن يعامل بما يخالف هذا الحق..
لا أحد يريد أن تحفر الخنادق بين العالم الإسلامي، أو تستعر حروب الطوائف، أو تدعي أي دولة حق الرعاية والوصاية على هذا العالم الكبير بأممه وقومياته وطبيعة حياته الخاصة، ومن هذا المبدأ غضب العالم على أمريكا بتدخلها في فيتنام، ثم أفغانستان، واحتلالها العراق، رغم وزنها الكبير وركيزتها العسكرية والاقتصادية، وعضويتها في مجلس الأمن، وهو الرفض الذي ينطبق على أي دولة أخرى..
من مصلحة إيران أن تعيش في محيط مستقر ومسالم، لأن العصر تحكمه توازنات دولية غير قابلة للإخلال، وطالما تقول إنها على حق بامتلاك الأسلحة والطاقة النووية، وترفض أن تكون أداة في حرب مفتوحة مع العالم ولا تقبل أن تجعلها إسرائيل هدفاً، فهذه الأمور يمكن أن تدخل جدلية بمخاطر كبيرة، ولا يكفي المناورة في حالات كهذه، وبدلاً من أن تحشد العالم الإسلامي ليكون عنصر مساندة وقوة لها أمام أي قوة دولية، وضعت نفسها في خصومة مع العرب، ثم العالم الإسلامي الآخر، والمهارة السياسية أن لا تفتح أبواب الخلافات بمزاعم مذهبية وتصدير ثورتها، والادعاء بأن التظاهر في مكة المكرمة في موسم الحج أمر فرضه الخميني، في وقت تضيق هذه المساحة على متظاهرين في إيران ويصبح أمراً مرفوضاً حماية للأمن من تدخلات الأشرار الأجانب..
بالتأكيد أن مصالح إيران وأمنها واستقرارها مقترن بغيرها والعبر كثيرة من تواريخ مآسينا في المنطقة والعالم الإسلامي، والمهمة الأساسية أن نتعايش وفق إطار يحكمه منطق العقل لا إفرازات التاريخ وسيئاته.
|