فيصل جلول# - الانفصال في سوريا سيء السمعة ونحن نشير بالاصابع حتى اليوم الى الانفصاليين السوريين بوصفهم ذوي سمعة سيئة وهذا رغم فشل الوحدة بين القاهرة ودمشق في العام 1961. واذا كان حال هؤلاء عندنا على هذا النحو فمن الطبيعي ان الشعب السوري يرفض الانفصال في اليمن وفي اية دولة عربية اخرى " هذا الكلام ورد على لسان مرجع سوري رسمي كبير خلال لقاء سياسي حاشد في دمشق الاسبوع الماضي وقد رفض ان ينسب الكلام له في تصريح للتداول ولكنه كان يعرف ان ذلك لن يبقى طي الكتمان اذ يقال بحضور اكثر من خمسمائة شخصية سياسية واعلامية وثقافية ولعله صرح به لكي يصل الى من يعنيهم عبر الحاضرين الذين لا يمكن ان يكتموا "سرا" بهذا الحجم.
وفي السياق ايد المرجع السوري الوحدة اليمنية وقال: ان اخطاء الدولة لا تبرر الانفصال لان الخطأ يعالج بالعودة عنه او بتصحيح اثره وليس بتدمير الوحدة الوطنية. وعبر عن استعداد سوريا للعب دور في هذه القضية وسيكون هذا الدور اذا ما تأكد لاحقا تحت سقف التصريحات المذكورة مضافا اليها الموقف السوري العلني حول حق المملكة العربية السعودية في الدفاع عن حدودها بمواجهة الاختراقات الحوثية الاخيرة.
جاء ذلك على هامش المؤتمر العام الخامس للاحزاب العربية الذي يضم 136 حزبا وتنظيماً سياسياً من كل انحاء العالم العربي وقد شهد المؤتمر موقفين بارزين ازاء اليمن الاول عبر عنه الاستاذ عبد العزيز السيد الامين العام للمؤتمر والذي اكد رفضه للانفصال ودعا اليمنيين الى الحفاظ على وحدتهم باعتبارها ارثا يمنيا وعربيا غير قابل للتفريط والثاني تمثل بالموقف الموحد لاحزاب المعارضة والموالاة اليمنية وقد تم التعبير عنه في فقرة اساسية وردت في البيان الختامي حول اليمن وجاء فيها حرفيا ما يلي:
"...يؤكد المشاركون في المؤتمر بأن الوحدة اليمنية المرتكزة على الديمقراطية ثابت لا يقبل المساس به، ومكسب لأبناء الشعب العربي كافة، ويدعو المؤتمر الأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية للجلوس إلى طاولة الحوار لتعزيز العمل بالدستور والتعددية وحماية المكتسبات اليمنية، ومواجهة الأزمات والمخاطر والتحديات التي تواجه اليمن، وأن تكون الوحدة والديمقراطية هي السقف لأي حقوق مطلبية وعدم قبول رفع السلاح لفرض أي مطالب."
ولم يقف المؤتمر عند الفقرة اليمنية حصرا فقد عاد للتأكيد في فقرة لاحقة على رفض الانفصال في اية دولة عربية معتبرا انه يخدم مصالح الاجانب ويلحق الضرر بمصالح العرب من مواطني الدول المعرضة للحراك الانفصالي وللامانة ننقل الفقرة حرفيا عن البيان الختامي للمؤتمر العام الخامس للاحزاب العربية:
" ....وإذ يؤكد المؤتمر على ضرورة العمل المشترك لتوحيد الوطن العربي، فإنه يرفض أي نزوع نحو الانفصال في أية دولة عربية، ويعتبر الدعوات الانفصالية دعوات هدامة لا تخدم مصلحة الأمة، بل مصلحة المستعمر، وتهدف إلى تفتيت الأمة العربية هويةً وأرضاً وإنساناً. ويؤكد المؤتمر على وجوب اعتماد الحوار حلاً أساساً لكافة المشاكل في أي قطر عربي بما يؤدي إلى قطع الطريق على التدخل الأجنبي الخارجي والاستقواء به"ينطوي ما سبق على الخلاصات التالية:
اولا: (الاجماع على رفض الانفصال) عنوان ثابت لا تحيد عنه احزاب المعارضة والموالاة في العالم العربي وهي للعلم كانت ممثلة باكثريتها الساحقة في دمشق خلال مداولات مؤتمر الاحزاب المذكور الذي تم في الفترة الواقعة بين 11 و14 من الشهر الجاري. واذا اضفنا موقف الدول العربية المناهض للانفصال في اليمن وغير اليمن فان الحصيلة هي اجماع العرب على تأييد الوحدة والوقوف بوجه الانفصال كائنا ما كان دافعه وهدفه. يبقى التذكير بأن لا أحد من الدول الاجنبية يؤيد الانفصال اليمني وعلى الرغم من ذلك ثمة من يحرث في البحر و يسعى لبعث رفات الانفصال وهو رميم.
ثانيا:اجماع المعارضة اليمنية والحكومة على العمل تحت سقف الوحدة وقد تم تثبيت هذا المبدأ في الفقرة اليمنية المشار اليها اعلاه والتي صيغت خلال لقاء مشترك جمع الطرفين في العاصمة السورية.
ثالثا: ان اتفاق الطرفين المعارضة والموالاة على الفقرة المذكورة يبين ان اليمنيين حريصون على عدم نشر خلافاتهم في الاوساط العربية والدولية وان الانتماء اليمني مازال قويا ومنيعا على الاختراق الخارجي وهنا نتحدث عن المعارضة المدنية والموالاة وهي تمثل القسم الاعظم من اليمنيين.
رابعا: ان اتفاق المعارضة والموالاة على مبدأ الحوار تحت سقف الوحدة والديمقراطية والدستور في دمشق قمين بان يفعل في صنعاء عبر حوار تحت السقف نفسه يفضي الى حلول يمنية للمشاكل المطروحة يمكن ادراجها في برنامج مرحلي ووضع خارطة طريق لتنفيذه وهذا لا يلغي دور المعارضة ولا يلغي دور الموالاة بل يمكنه ان يزيد قوة الطرفين وحضوره كل من موقعه بالتالي تهميش كل اللاعبين الذين يغامرون باللعب خارج الوحدة الوطنية وخارج العمل السياسي السلمي والديمقراطي.
خامسا: إن التيار المقاوم في العالم العربي ليس مؤيدا للحوثيين كما تحاول الجماعة ان توحي في بياناتها ولو كان مؤيدا للتمرد لما رضي بالبيان الختامي الذي صدر عن اعمال المؤتمر وانطوى على الفقرات المشار اليها حول اليمن وللعلم فان كل طرف في المؤتمر يتمتع بحق الفيتو وبالتالي يمكنه تعطيل الاجماع اذا ما اصر على موقفه من هذه القضية او تلك.
خلاصة القول : ان صنعاء كانت محاطة في مؤتمر دمشق بلحظة ايجابية للغاية هي في اشد الحاجة اليها في هذه الايام التي تعلو فيها اصوات المنادين بهدم الوحدة الوطنية اليمنية وتشتيت اليمنيين "ايادي سبأ". شكرا لدمشق التي بينت ان خطيئة انفصال مضى في العام 1961 تكفي لردع انفصال عقيم في اليمن عام 2009 .
0عن 26سبتمبر
|