عبدالعزيز الهياجم -
مع تزايد التحليلات والتكهنات بشأن تحول المواجهات مع المتمردين الحوثيين إلى مسألة إقليمية خصوصاً بعد أن وسع المتمردون ساحة المواجهة لتشمل الجانب السعودي من الحدود بين البلدين واضطرار الأشقاء إلى التصدي لهم انطلاقاً من حتمية الدفاع عن سيادة أراضي المملكة وسلامة مواطنيها من اعتداءات زمرة من العناصر التخريبية والإرهابية المتمردة التي باعت نفسها للشيطان وخانت وطنها أولاً، فإنه ينبغي الوقوف أمام جملة من الحيثيات التي توجب على كل بلدان منطقة الجزيرة والخليج أن تعمل على ما من شأنه دعم وإسناد جهود اليمن في إخماد نيران الفتن والمؤامرات ومخططات التخريب والتفتيت وبما يمكن اليمن من البقاء قوياً وموحداً ويجسد حقيقة انه عامل أمن واستقرار للمنطقة لا عامل قلق وتوترات كما يريد له البعض أن يكون.
وإذا كنا قد تابعنا في الفترة الأخيرة رد الفعل الإيراني الرسمي على لسان وزير خارجيته من تحذير لجيران اليمن من التدخل في شؤونه الداخلية، ثم ما جاء على لسان رئيس مجلس الشورى الإيراني من اتهامات للجيران وللولايات المتحدة بالوقوف وراء ما يجري في اليمن، وادعاء الوصاية وهو ما كان لليمن رد وتعليق وتفنيد واضح له .. فإن على الأشقاء أن يدركوا حقيقة الخطر وأن يستشعروا أننا جميعاً في خندق واحد وأن اليمن هو الخاصرة الجنوبية لمنظومة شبه الجزيرة والخليج وأي شيء يؤثر على هذا البلد ويجعله يعيش في أزمة , حتماً لن تكون اليمن وحدها من سيدفع الفاتورة وإنما الجميع.
وإضافة إلى المواقف السياسية والدعم المطلوب للقدرات العسكرية اليمنية حتى تستطيع أن تطهر ساحتها من المتمردين والمخربين والإرهابيين , فإن الجانب الآخر يتعلق بالاقتصاد والوضع المعيشي اليمني الصعب الذي أفرز حالة فقر وبطالة تتزايد بصورة مخيفة.
وإذا كان المستشار السياسي لرئيس الجمهورية النائب الثاني لرئيس المؤتمر الشعبي العام الدكتور عبدالكريم الإرياني قد شخص الأمور في وقت سابق بالقول انه إذا تعافى الوضع الاقتصادي وانتعشت الظروف المعيشية للناس فلن يكون هناك حراك أو حوثي , فإن هذه الرسالة واضحة وجلية وموجزة ولا تحتاج سوى تفهم لمسألة أن الظروف اليوم قد تغيرت كثيراً عن ظروف الأمس , وأن اللعبة السياسية التي كانت تقتضي في مرحلة معينة التوقف عند محطات معينة كان لليمن فيها مواقف لم ترق للبعض وكان لزاماً على اليمن أن يدفع ثمن مواقفه عبر سلسلة إجراءات مست الوضع الاقتصادي اليمني بطرق متعددة .. فإن المرحلة الراهنة تتطلب الشروع وبصورة عاجلة في تمكين اليمن من التعافي سواء عبر مشاريع تنموية واستثمارية وتحفيز الاستثمارات للقطاع الخاص ورجال الاعمال من الأشقاء وتشجيع السياحة إلى اليمن أو عبر إعادة فتح الابواب للعمالة اليمنية المؤهلة والمطلوبة واستيعابها كونها أولى من غيرها وأفضل لبلدان المنطقة اجتماعياً وثقافياً وسلوكياً.
فتلك هي متطلبات تمكين اليمن من أن يمثل عمقاً استراتيجياً وأمنياً لجيرانه وأشقائه، ودون هذه الخطوات سيسهل على المتربصين بدول الإقليم استغلال ظروف اليمن الصعبة وجعله عامل قلق وخوف لجيرانه وأشقائه.