الخميس, 17-ديسمبر-2009
الميثاق نت -    علي عمر الصيعري -
كنت قد نشرت مقالاً معنوناً بـ»كذب المنجمون ولو صدقوا« تناولت فيه بعض »تخريجات« من يعتقدون أنفسهم بالمحللين السياسيين أو هكذا تسميهم بعض الصحف ومواقع الـ»نت«، كما أشرت إلى مغبة تجاوز الحدود لدى أولئك في حال إيغالهم في التوقعات والتكهنات والتنجيم حول مآل حسم‮ ‬فتنة‮ »‬صعدة‮«‬،‮ ‬ليس‮ ‬بنية‮ ‬المساعدة‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬الحسم،‮ ‬وإنما‮ ‬بنية‮ »‬عصدها‮« ‬وإطالة‮ ‬أمدها‮.‬
وها قد بدأ أولئك المحللون، إن لم نقل »المحوقلون« بالاقتراب من المحذور عندما طلع البعض منهم علينا في صحيفة »أهلية« وموقع »نيوزي« بغرائبية فريدة في التحليل »المبرمج« الهادف إلى التشويش على قيادتنا السياسية لإثنائها عن مواصلة حسم المواجهات، ومحاولة الوقيعة بينها‮ ‬وبين‮ ‬القيادة‮ ‬السياسية‮ ‬للجارة‮ ‬الكبرى‮ ‬المملكة‮ ‬العربية‮ ‬السعودية‮ ‬في‮ ‬ميدان‮ ‬المواجهة‮ ‬مع‮ ‬تلك‮ ‬الحفنة‮ ‬المتمردة‮.‬
لقد جازف أحد أولئك المحللين بمصداقيته عندما ذهب إلى القول: بأنه لايستبعد أن تبرم إيران اتفاقاً مع السعودية تسمح فيه للسعودية بأن تقصف بطيرانها الحوثيين في العمق اليمني، مقابل إقناعها أمريكا بالسماح لإيران بقصف العمق الباكستاني في »بلوشستان« حيث يتمركز »جند الله« المتمردون على إيران..ألا ترون معي سماجة وشذاجة هذا التأويل الذي جعل من إيران، بين ليلة وضحاها، وصية على اليمن ومسيطرة على أجوائها السيادية، بحيث تقايض جارة عزيزة علينا تواجه مثلنا قوة اقليمية متربصة بها وعصابة متمردة خلقتها ومولتها ذات القوة.. وأي تخريج‮ ‬هذا؟‮!‬
ويسترسل جهبذنا في »التحاليل« ليختزل كل هذا التخريب والإرهاب والتمرد الحوثي الذي زرعته ورعته تلك القوة الاقليمية، في هدف واحد هو تمكين الحوثيين من السيطرة على ميناء »ميدي« لإنشاء قوة بحرية لمهاجمة القطع البحرية الاسرائىلية من اليمن لقدح شرارة الاحتكاك الإيراني- الإسرائىلي، لتحقق بواسطته إيران »أهم الروافع لحمل الرداء الامبراطوري الإيراني لكل بقاع العالم«، وكأني به يحاول أن يصور اليمن والمملكة العربية السعودية الشقيقة مجرد »بيادق« في رقعة شطرنج الصراع في منطقة البحر الأحمر، تحركها تلك القوة الاقليمية لتحقيق ما‮ ‬سماه‮ ‬بـ‮»‬الروافع‮«!!‬
وهذا جهبذ آخر كتب في أسبوعية »الصحوة« متكهناً بما سيؤول إليه موقف السعودية، في قادمات الأيام، من أنه »ربما تضطر- أي السعودية- إلى التعامل مع الحوثيين، والتفاوض سرياً مع قادتهم ليكونوا وكلاء حماية لحدودها الجنوبية«، وكأني بلسان حاله يقول للحوثيين: »اصمدوا فالفرج‮ ‬قريب،‮ ‬وبعدها‮ ‬ستكون‮ ‬لكم‮« »‬يحمي‮ ‬حدود‮ ‬المملكة‮ ‬الجنوبية‮« ‬يالسذاجة‮ ‬هذا‮ ‬التحليل‮!!‬
لقد فات على جهبذنا هذا ان من المستحيل ان تقبل السعودية بوكيل حدود عانت منه ثلاثة شرور تهدد أمنها السياسي والاجتماعي ولاتزال، وهي أولاً تهريبهم للمخدرات القادمة إليهم من أفغانستان فإيران، فصعدة، فجازان، وثانياً تهريبهم للسلاح القادم إليهم من البحر عبر ميناء‮ »‬عصب‮«‬،‮ ‬و‮»‬ميدي‮«‬،‮ ‬وثالثاً‮ ‬تهريبهم‮ ‬للأطفال‮ ‬والصومال‮ ‬وكل‮ ‬ذي‮ ‬عاهة‮ ‬اجتماعية‮ ‬فاسدة‮.‬
أما ثالث الجهابذة فيذهب في تحليله لما سماه بــ»الصراع بين بلادنا والحوثيين« إلى القول »بأنه سينتهي عما قريب عن طريق اتفاق كما جرت بروفاته في الحروب الست السابقة« مع تنبيهٍ منا بأن »السابعة« لن تكون إلاّ في أحلامه، وان هذه الحرب هي السادسة.. ويخلص كعادته وزملائه المحللين إلى القول المكرور بأن اليمن سيكون هو الرابح الوحيد من وراء استمرار تلك الحروب، وفي الحقيقة انه يعني في قرارة نفسه أن الرابح الوحيد من وراء إطالة أمدها هو قوى المعارضة في الداخل والخارج المتربصة بالوطن وأمنه ووحدته ونظامه السياسي، وانها قلقة الآن من حسم قيادتنا السياسية لتلك المواجهات ودحر المتمردين نهائىاً، وبواسطته- أي الحسم- ستقتلع اليمن بؤر مَنْ كانوا يراهنون عليها لتمكينهم من الالتفاف على السلطة بأقصر الطرق التي لايعرفها أحد غيرهم.
‮> ‬قال‮ ‬الشاعر‮:‬
صلَّى‮ ‬فأعجبني‮ ‬وصام‮ ‬فرابني
نحِ‮ ‬القلوص‮ ‬عن‮ ‬المصلى‮ ‬الصائم‮ {‬
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:12 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-12962.htm