الميثاق نت - فيصل جلول- الميثاق نت

الخميس, 24-ديسمبر-2009
فيصل جلول -
مرة اخرى تشاء الظروف ان يكون الاستاذ عبدالعزيزعبد الغني رئيس مجلس الشورى مرشحا مهما للعب دور وطني في مرحلة سياسية يمنية معقدة.فالذين يعرفون الرجل يدركون انه ما كان يوما طرفا في تيار فئوي او انشقاقي او انعزالي وليس معروفا عنه الانخراط في حملات تحريضية ضد هذا او ذاك في الداخل والخارج معا. واذ ترى صوته يرتفع احيانا ففي مناسبات وطنية حصرا دفاعا عن الثورة او الوحدة او لرفض التدخل الخارجي في الشؤون اليمنية. وتفيد سيرة الرجل انه كان على الدوام يصطف الى جانب الدولة في كل العهود وبالتالي يقف حيث تقف مصالح الدولة لذا كانت بعض الرؤوس الحامية تستبعده من اصطفاف «اقلوي» هنا او استتباع هناك.
ولانه كان يصطف دائما الى جانب الوطن وكان يقف دائما في الموقع الوطني الجامع، فقد احتفظ بعلاقات ودية مع كل الاطراف الوطنية، لذا من الصعب ان نجد تيارا سياسيا واحدا في اليمن يكن الحقد والبغضاء له ومن الصعب ان نجد في تصريحاته تحاملا على اي تيار فان اعترض على احد فبطريقة غاية في اللباقة والتهذيب، ناهيك عن انه ان اختلف مع تيار في السياسة فهو يجد باباً ثقافيا او اجتماعيا للتواصل معه.
ولانه شخصية جامعة ومحببة من الجميع فقد اختير رئيسا لمجلس الشورى الذي يضم الجميع وقد نجح في تحقيق الوئام في هذا المجلس فاذا اختلف المختلفون في الساحة السياسية اليمنية وقاطعوا بعضهم البعض او تنابذوا فإنهم في مجلس الشورى يلتقون ويتحاورون في فضاء هاديء على هيئة راعي المجلس.
و لايخفى على احد ان الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني كان احايين كثيرة عرضة للانتقاد اللاذع من ذوي الرؤوس الحامية حيث وصف بانه لا يحسم موقفا - اي لا يقف الى جانب هذا ضد ذاك في هذه القضية الداخلية او تلك وهو اتهام صحيح بمعنى من المعاني فالرجل لا يحب الحسم في القضايا غير الوطنية - اي لا يصطف فئويا ولماذا يصطف وهو يعرف ان الاصطفاف الفئوي في بلد معقد هو اقصر الطرق الى الحاق الضرر بالوطن اما اذا وجد ان آراءه ومواقفه لاتتناسب مع هذا الموقع او ذاك فانه ينسحب بلا ضجيج وبغير انفعال ولا دعاية ولا تحريض، لادراكه ان باب العمل الوطني يبقى مفتوحا على الدوام بخلاف الابواب الاخرى التي تفتح وتقفل بحسب صعود وهبوط حملة مفاتيحها.
حسنا اختار فخامة الرئيس علي عبدالله صالح مجلس الشورى للحوار الوطني وبرعاية رئيس المجلس فهذه المهمة تتطلب مشرفا هاديء الطبع ويحوز على ثقة الجميع ويتمتع بروح الدعابة وان اخفق في جمع الاطراف على وجهة واحدة فهو لايساهم في تفريقهم ويسعى دائما للاحتفاظ بشعرة معاوية، بل بخصلة من الشعر بينهم تمهيدا للقاء جامع آخر سيقع آجلا أم عاجلا.
واذا افترضنا ان شخصية رئيس مجلس الشورى متناسبة تماما مع رعاية الحوار الوطني فاننا نفترض أيضا ان اطراف المعارضة المدنية الدستورية في اليمن يجب ان تنتهز هذه الفرصة للانخراط في الحوار المقترح الذي ينطوي على فرص ايجابية عديدة من بينها:
اولا: ستكون قادرة على طرح مشروعها على كل مكونات المجتمع اليمني بعد ان صاغت هذا المشروع في اطار احزابها والمتعاطفين معها وعليه يمكن لهذه الاطراف ان تقول ما تعتقده في هذا المشروع وعندها ستكتشف المعارضة مدى تقبل المشروع او بعض عناصره من كافة ممثلي اليمن.
ثانيا: يمكن للمعارضة في حال تعثر الحوار ان تقول انها جربت ولم تفلح في تجربتها, وبالتالي سترفع عن نفسها الحرج امام الرأي العام .
ثالثا: يمكن للمعارضة ان تكسر الحلقة التي احاطت نفسها بها عندما جزمت بان الحوار ليس مفيدا مع السلطة لانه يرمي الى توظيف المعارضة في الحرب ذلك ان المطروح في حوار مجلس الشورى ليس منصبا على مسألة الحرب وانما على كل المسائل التي تهم اليمنيين وعلى كل صعيد.
رابعا: يمكن للمعارضة المدنية ان تتخلص من عقدة التنفيذ التي تتحدث عنها ففي حال الاتفاق على رؤية موحدة وعلى صيغة للعمل المشترك سيكون بوسعها اقتراح خارطة طريق تنفيذية تقيد السلطة والمعارضة معا وتتيح الاحتكام من بعد للراي العام.
خامسا : يمكن للمعارضة التي اشترطت للمشاركة في الحوار ان يكون شاملا للمتطرفين ان تتنازل عن هذا الشرط دون ان تتخلى عن قناعاتها, فالحوار يشترط شرعية ودستورية المشاركين ولا يشترط نوعية اقتناعهم بهذه المسألة او تلك.
سادسا: يمكن للمعارضة ان تستفيد من هامش المناورة الواسع في الحوار الوطني المرتقب خصوصا ان الحوار سيكون شاملا وبالتالي يضم ما تشكو منه المعارضة وجمهورها.
سابعا: يمكن للمعارضة الدستورية ان تشترك في الحوار هذه المرة بعد ان رفضت الحوار من قبل وذلك لاقتناعها بان الشهور الماضية بينت بوضوح ان التجارب القاسية لم تغير طبيعة السلطة ولم تحقق اهداف المعارضة وعليه لابد من استخلاص الدرس المناسب, و بالتالي تجريب الحوار الذي ينطوي على التحكيم بين مختلف وجهات النظر والخيارات.
بالمقابل ياتي الحوار بمكاسب عديدة للسلطة لانه يشكل حدا فاصلا بين خيارات الانعزال والفئوية من جهة والخيارات الوطنية الدستورية من جهة اخرى ويوفر فرصة للاجماع الوطني ليس على مشروع جزئي وانما على ميثاق يمني يعبر موقعوه عن مصالح ورؤى الغالبية العظمى من اليمنيين في التصدي للقضايا الوطنية المطروحة.
واخيرا ينطوي الحوار على فرصة ثمينة لمخاطبة اليمنيين كل اليمنيين بلغة موحدة مفادها ان البلاد هي للجميع وليست للسلطة وحدها او للمعارضة وحدها, كما اشار الشيخ صادق بن عبدالله حسين الاحمرفي كلمة مقتضبة اثناء الاجتماع الاخير لمجلس الشورى وبما انها للجميع فهي تستدعي حوار الجميع تحت سقف الدستور والشرعية الدستورية.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-13101.htm