افتتاحية الوطن السعودية - لا شك أن الضربات المتلاحقة التي وجهتها قوات الأمن اليمنية لتنظيم القاعدة في أبين وأرحب وشبوة خلال الأيام القليلة الماضية كانت ناجحة وموجعة، وأنها تعبر عن يقظة السلطات الأمنية في اليمن وإصرارها على مواصلة حربها المفتوحة ضد تنظيم القاعدة. فبالإضافة إلى الخسائر البشرية التي أوقعتها الضربات في صفوف القاعدة، ومن بينهم قياديون في التنظيم، فإنها تربك بلا شك مخططاته وتفشلها على المدى القريب على الأقل.
وتأتي هذه العمليات الأمنية على خلفية تنامي أنشطة التنظيم في مناطق أبين وشبوة وحضرموت خلال الأشهر الماضية، والذي وصل إلى حد قيام بعض قادة وعناصر التنظيم باستعراض علني للقوة في هذه المناطق في تحد مباشر لسلطة الدولة، كما كانت استباقا لعمليات إرهابية كان التنظيم يعد لها تستهدف عددا من المنشآت الحيوية الوطنية والمصالح الأجنبية في اليمن.
لكن هذه الضربات، على أهميتها وفاعليتها، ربما كانت ستكتسب أهمية أكبر لو أنها نفذت في فترة مبكرة. فقد كانت كل التقارير الأمنية تشير إلى تنامي نشاط القاعدة في المناطق الجنوبية واستغلال قياداته لانشغال السلطات اليمنية بقتال الحوثيين من جهة ومواجهة النشاط المتزايد لما يعرف بالحراك الجنوبي الذي يطالب زعماؤه بالانفصال عن دولة الوحدة.
ورغم أن السلطات اليمنية تستطيع بلا شك تقدير أولوياتها والعمل بما يخدم أمن اليمن واستقراره، إلا أن من المهم أيضا عدم التغاضي عن الخطر الذي تواجهه الدول المجاورة، وخاصة السعودية، من تنامي النشاطات الإرهابية لتنظيم القاعدة. فقد عانت السعودية الكثير من اتخاذ القاعدة لمناطق في اليمن ملاذا آمنا للفارين من أعضاء التنظيم بعد تضييق الخناق عليهم في السعودية،أو مقرا ومنطلقا لعملياتها ضد أمن المملكة واستقرارها، والسلطات الأمنية السعودية حريصة بلا شك على تقديم أقصى درجات العون والتنسيق مع السلطات الأمنية اليمنية من أجل مواجهة العدو المشترك للبلدين، وهذا ما يبدو واضحا في نجاح التصدي الصارم من قبل القوات السعودية للمتسللين الحوثيين والتنسيق مع الجيش اليمني من أجل محاصرتهم ومنعهم من تحقيق أهدافهم وتنفيذ مخططات سادتهم خارج الحدود.
إن تنامي جرأة القاعدة في اليمن وباكستان، والظهور العلني لقادتها بطريقة تذكر بالفترة التي سبقت هجمات سبتمبر في أفغانستان، قد تكون له مدلولات عديدة، من بينها أن التنظيم ربما يعد لعمليات كبيرة تعيده إلى الأضواء، أو أنه يحاول إعادة بث الروح المعنوية في أعضائه بعد الخسائر الكبيرة التي مني بها في عدة دول.
وفي جميع الأحوال فإن هناك مخاطر لا يستهان بها تحتم على السلطات اليمنية اليقظة والتنسيق مع دول المنطقة من أجل الحفاظ على استقرار اليمن وجواره. لقد كانت الضربات التي تلقتها القاعدة في اليمن موجعة، لكنها تبقى غير كافية إذا فقدت صفة الاستمرارية والمثابرة. |