الإثنين, 28-ديسمبر-2009
الميثاق نت - فائز‮ ‬سالم‮ ‬بن‮ ‬عمرو فائز‮ ‬سالم‮ ‬بن‮ ‬عمرو -

قيل لنا إن المساجد والمنابر لله وحده لا يجوز أن تكون مكاناً للجدل واللغط فضلاً أن تكون مكاناً للذم والسب وتفريق الناس وتصنيفهم الى فرق وأحزاب وجماعات، كما قيل لنا الخطاب المسجدي والديني خطاب بناء وطاهر يحث على التسامح والمحبة والاخوة والإيثار وحب الآخرين‮.. ‬هذا‮ ‬ما‮ ‬قيل‮ ‬لنا‮.. ‬فهل‮ ‬مساجدنا‮ ‬منابر‮ ‬للسيف‮ ‬والعنف‮ ‬والشتم،‮ ‬أم‮ ‬منابر‮ ‬للعلم‮ ‬والحكمة‮ ‬والمحبة؟‮!‬
إن ما وصلت اليه بعض مساجدنا من انتشار فوضويين بخطاب غريب عن المجتمع والدين لا يرضي عدواً ولا صديقاً - كما يقال- فبعض المساجد صارت ملكية خاصة لجمعيات وجماعات واشخاص اتخذوا المحراب والمنبر قاعدة لنشر ثقافتهم وفكرهم ولترويج أفكار ومذاهب وعقائد وثقافات تنقض عرى المجتمع وتزرع الشقاق والفتنة بين أبنائه ولا تراعي الا مصالحها الضيقة متجاهلة مصلحة الدين وسماحة الاسلام، فلا تكاد تقف من أصحاب هذه المنابر على موقف موحد من قضية فقهية أو معاشية أو دينية، فكل خطاب يناقض الآخر ويخالفه ويهاجمه ويرفضه ويصفه بالبدعة والخروج عن الدين، وهذه المنابر تستعمل الشحن العاطفي والمذهبي الذي ينحو تجاه استعمال العنف في التعامل مع قضايا المجتمع وفي معالجة ما يسمى امراض الناس، هذا الخطاب المشوش والمتناقض والمشحون يخلق جيلاً ومواطناً مهزوزاً في فكره ومتناقضاً في أولوياته، كما يقتل هذا الخطاب الموتور الابداع ويدخل الشباب والنشء في معارك وهمية وصراعات نفسية ومجتمعية تجعل الفرد يهرب من واقعه في أحضان الجماعات الارهابية والمنظمات المشبوهة، فنحن نخلق جيلاً يحارب أمته ويرفضها وربما يكفرها ويحمل السلاح في وجه أبيه وأمه ومجتمعه.

ظاهرة‮ ‬الجماعات‮ ‬والجمعيات‮ ‬والمنظمات‮ ‬التي‮ ‬ترفع‮ ‬الدين‮ ‬شعاراً‮ ‬وتقية‮ ‬وتمارس‮ ‬السياسة‮ ‬واقعاً‮ ‬ومنهجاً‮ ‬هي‮ ‬من‮ ‬انحرفت‮ ‬برسالة‮ ‬المسجد‮ ‬لأهداف‮ ‬سياسية‮ ‬وخارجية‮ ‬وتنفذ‮ ‬أجندة‮ ‬وأهدافاً‮ ‬تخالف‮ ‬ثقافة‮ ‬المجتمع‮ ‬وفكره‮.‬
تشخيص المشكلة بدون مقدمات عن هذه الجماعات والجمعيات والمنظمات الدينية ذات الاهداف السياسية والخارجية يجب أن يفرض عليها أولاً أن تحدد أهدافها فإذا أرادت أن تكون جماعات دينية لا يحق لها أن تخلط بين الدين والسياسة وأن تجر المصلين الى أهداف سياسية وحزبية ومذهبية ضيقة والى مطالب شخصية، وندعو هذه الجماعات الى أن تتحلى بالشجاعة وتعلن عن أهدافها خاصة وأن حرية العمل السياسي والحزبي في بلادنا مكفول ويعترف بها حينما تعلن عن نفسها كأحزاب سياسية، فحينها يحق لها معالجة قضايا السياسة بصراحة ويناقشون ويرفضون ويوجهون الرسائل والنقد للأطراف السياسية، ويصح أيضاً للآخرين انتقاد هذه الجماعات كأحزاب سياسية ونقد أفكارها ومناهجها وسلوكها دون الخوف من وصف من ينكر عليهم بأنه يتعرض للعلماء ويهاجم الدين والاسلام، فحقيقة هذه الجماعات والجمعيات هي أنها تمارس الحزبية بمعناها الضيق والبغيض،‮ ‬فمناصروهم‮ ‬شعارهم‮ »‬من‮ ‬ليس‮ ‬معنا‮ ‬فهو‮ ‬ضدنا‮«‬،‮ ‬فهم‮ ‬يتعصبون‮ ‬لمشائخهم‮ ‬ومناصريهم‮ ‬ويحضرون‮ ‬محاضراتهم‮ ‬ودروسهم‮ ‬ويرفضون‮ ‬ويقاطعون‮ ‬كل‮ ‬من‮ ‬يخالفهم‮ ‬وليس‮ ‬مع‮ ‬فكرهم‮ ‬وجماعتهم‮.‬
لقد شرعت بعض هذه الجماعات والجمعيات في الإضرار بمصلحة المجتمع والتحريف في رسالة المسجد في اتجاه فكري وسياسي محدد، وصار المواطنون يخافون على إرسال أولادهم الى المساجد لأن ما يقدم فيها من دروس وما يشحن عقول الطلاب والنشء يثير الخوف ويدفع الشباب الى التصادم مع أسرهم ومجتمعهم، وانتشرت ظاهرة إرسال الشباب للجهاد في رقعة جغرافية معينة ومن مساجد معروفة، فالأب المتدين بطبعه يحرص على إرسال أولاده الى المسجد وقضاء أوقاتهم فيه للاستفادة، فما يلبث أن تصله رسالة تخبره بأن ابنه ذهب الى العراق أو غيره دون إذن منه أو علمه..‮ ‬ويصبح‮ ‬الأب‮ ‬المسكين‮ ‬بين‮ ‬مصيبتين‮: ‬فقد‮ ‬ابنه‮ ‬والمعين‮ ‬له‮ ‬على‮ ‬نوائب‮ ‬الدهر‮ ‬وبين‮ ‬المطالبات‮ ‬القانونية‮ ‬التي‮ ‬تنتج‮ ‬عن‮ ‬تصرفات‮ ‬ابنه‮ ‬والتي‮ ‬تخلل‮ ‬بالمجتمع‮ ‬وأمنه‮.‬
من المسؤول عن تشويه رسالة المسجد »بعضها« وحوّله من بيت الله الذي يرتاده يكون في رحمة الله وتحفّه الملائكة وتغشاه السكينة الى مكان لنشر أفكار مذهبية وسياسية يعمل لاستقطاب الشباب وتنشئتهم على ثقافة تنقض ثقافة المجتمع وتبتعد عن الاسلام وسماحته..؟!{
تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:13 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-13153.htm