اعداد : عبدالفتاح الازهري
شارفت اعداد المعتمرين ضيوف الرحمن في أواخر الشهر الفضيل على ملامسة عدد الحجيج في الموسم الماضي والبالغ عددهم 2.5 مليون مسلم، وذلك بعد زيادة اعداد المعتمرين هذا العام بنسبة تفوق 30٪، مما يعني اضطراد الزيادة مستقبلاً وهو أمر يلقي بظلاله على أكثر من طرف في مقدمتهم المملكة العربية السعودية التي تتولى خدمة الحرمين الشريفين وضيوف الرحمن في بيته العتيق.
ولا غرو في ارتفاع اعداد المعتمرين في شهر رمضان عاماً بعد عام، وقد قال فيها رسولنا الكريم صلى الله عليه وآله وسلم »العمرة في رمضان تعدل حجة« وفي رواية اخرى »حجة معي«، خاصة اذا ما عرفنا ان اكثر من نصف المعتمرين هذا العام لم يكتب لهم التمتع بالعمرة وزيارة البيت العتيق وقبر نبينا الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك بسبب السقف الذي حددته السلطات السعودية لكل دولة من دول العالم الاسلامي.. وهنا في اليمن اعلنت اللجنة الاشرافية لتنظيم اعمال العمرة هذا العام عدم تمكن (30) ألف من طالبي العمرة المسجلين لدى الوكالات المعتمدة لتفويج المعتمرين من الحصول على تأشيرات العمرة لهذا العام، وذلك بسبب نظام »الكوتا« الذي حدد منح (900) تأشيرة في اليوم للمعتمرين اليمنيين.. مصدر في اللجنة اشار في تصريحات صحافية الى ان هذا النظام تسبب في حرمان عدد اكبر من المعلن رسمياً..
توسعة استراتيجية
ذلك الوضع بما يحمله من قضية يرجح تفاقمها في قادم الاعوام حدا بالرئاسة العامة لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي بالمملكة العربية السعودية عن عزمها تنفيذ مشاريع مستقبلية عملاقة تساهم في توسعة الحرم ومحيطه بشكل استراتيجي كامل بعيداً عن التوسعات المحدودة التي تتم كل بضع اعوام.
وان كان كل المعتمرين المسلمين يسعون الى فضل العشر الاواخر من شهر رمضان المبارك الا انهم ومعهم جموع كبيرة يبتغون ايضاً فضلاً عظيماً آخر بقضاء ليلة واحدة فقط تتمثل في ليلة القدر التي جرت العادة على تحريها ليلة السابع والعشرين من رمضان.. ولانها ليلة خير من الف شهر سيبدأ نحو 2.5 بليون مسلم حول العالم في تحريها خلال الايام الثلاثة القادمة يطمح منهم 2.5 مليون مسلم تحريها بجوار الحرم الشريف ولياليه البيضاء.
وفي المدينتين المقدستين مكة المكرمة والمدينة المنورة بدأت الاجواء الاحتفائية بهذا اليوم مبكراً، حيث بلغت الحجوزات على الفنادق ودور السكن نسبة مائة في المائة ليشكل يوماً واحداً في العام موسماً روحياً مستقلاً وهو حدث يندر ان تشهده مناسبة اخرى حول العالم..
وفي يوم تحري ليلة القدر يكتسي لون الرداء الابيض ساحات الحرم المكي من المعتمرين.. فيما الساحة المخصصة للصلاة في روضة المسجد النبوي تمتلئ تماماً، حتى ساعات الصباح الاولى املاً في احيائها.
وتبذل المملكة العربية السعودية جهوداً جبارة ومقدرة لتوفير جو روحي اسلامي للعابدين والمعتمرين والزائرين وذلك بشتى السبل التي توفر لهم الراحة والاطمئنان.. وقد استقبلت المعتمرين هذا العام بتنفيذ مشاريع كبيرة شملت توسعة الحرم المكي الشريف وبناء الجسور التي تربط بين الساحات والحرم الشريف واطراف الساحات الجنوبية اضافة الى مشاريع تكييف المسجد الحرام اضافة الى تلطيف الهواء في الساحات الخارجية، حيث تعيش جموع المصلين والمعتمرين اجواء لطيفة من خلال اجهزة رش منتشرة في ساحات الحرم تعمل على رش المياه لتتساقط رذاذ بارد.
ويشارك عشرات الآلاف من المتطوعين من الهلال الاحمر السعودي وحركة الكشافة وغيرهم من المتطوعين في مساعدة وخدمة المعتمرين والزوار عن طريق ارشادهم او مساعدة المعاقين او اسعاف المرضى فضلاً عن توزيع المياه والتمور والعصائر ومواد التغذية الاخرى على ضيوف الرحمن.
مكة.. العاصمة الروحية
هي مكة المدينة المقدسة وعاصمة المسلمين الروحية التي يولون شطرها في صلاتهم او بزياراتهم المباركة لها.. هي ام القرى، ومحط آمال المؤمنين في شرق الارض ومغاربها.. يهرعون للحج فيها مرة كل عام، ويتجهون بالصلاة نحوها خمس مرات كل يوم وتعيش في افئدتهم وفي نفوسهم في كل لحظة من لحظات حياتهم.. هي مكة التي ولدت مع ولادة التاريخ وكانت منذ بداياتها موضع الاحترام والتقديس.. ومع هذا لم تكن في لحظة من لحظاتها حاضرة سياسية للدولة العربية.. على الأقل منذ مابعد عهد الخلفاء الراشدين.
اسمها مكة : هذا ما اشتهر على السنة الناس، وبهذا الاسم عرفت منذ القدم، إلاّ ان القرآن الكريم سماها بكة، بباء موحدة ثم كاف مضاعفة وآخرها تاء مربوطة.. وقالوا مكة، اي انها تمسك الجبارين اي تكبت عنجهيتهم وتذلهم، او لان العرب في جاهليتهم كانوا اذا حجوا اليها يصفرون فيها ويصفقون بأيديهم عند الطواف حول الكعبة المعظمة كما يفعل الطائر المسمى »المكاء« بتشديد الكاف.. وقالوا بكة لأن الناس يزدحمون فيها اثناء الحج حتى تبك الاقدام بعضها بعضاً، وبعضهم جعل مكة علماً على البلدة وبكة علماً على البيت الحرام فيها.. وذكر لمكة واحد وستون اسماً مختلفاً، وقالوا: كثرة الاسماء تدل على شرف المسمى، ولهذا كثرت اسماء الله تعالى ورسوله الكريم.
زمزم وسجاد وسبحة
ويحرص المعتمرون والزوار القادمون الى مكة المكرمة والمدينة المنورة خلال شهر رمضان على حمل الهدايا المعبرة عن هذه المناسبة العظيمة تسجيلاً لذكراها عند اقربائهم واصدقائهم عند عودتهم الى ديارهم.
وتتقدم الهدايا البارزة التي يقبل عليها المعتمرون مياه زمزم التي يحملونها الى ذويهم لنيل فضل من المياه المباركة.. كما يجدون من الهدايا البارزة عند الباعة في سوقي مكة المكرمة والمدينة المنورة والتي يقبلون على شرائها بشكل محبب ودائم السبح والسجاد باحجامها وأشكالها المختلفة.. اضافة الى أنواع البخور والعطور ويقدم المعتمرون والزوار على شراء السبح بشكل لافت وبكميات كبيرة خصوصاً الأنواع الشعبية الرخيصة الثمن، والتي لم تعد صناعتها مقصورة فقط على الايدي السعودية الماهرة بل تأتي ايضاً من مصر والصين والهند والتشيك وتركيا وايران وتايوان والفلبين والسلوفاك والمانيا والتي تصنع افخمها من الكهرمان والعاج والكوك »خشب حجر اللوز« والشعبية وفي مقدمتها مايعرف بــ»آليسر« وهي مسابح سعودية شعبية ورخيصة الثمن.
|