الميثاق نت - محمد طاهر

الخميس, 14-يناير-2010
محمد طاهر -
المتابع للتناولات الإخبارية لقناة الجزيرة للأحداث والقضايا في اليمن سيدرك أن هذه القناة صارت تستهلك مصداقيتها و رصيد الثقة والموضوعية الذي اكتسبته منذ انطلاقها في العام 1996م كقناة رائدة للإعلام الفضائي العربي .

الجزيرة افتتحت خارطتها البرامجية الجديدة منذ الأول من نوفمبر الماضي برؤى مختلفة مزدوجة المعايير رسمتها عقول سياسية بحتة اعتمدت في معالجاتها وتغطياتها الإخبارية أساليب عنيفة وموجهة نحو بعض الدول ومنها اليمن ومصر وأساليب أخرى ناعمة وعاطفية مثل إيران وحماس.

فالخبر لدى الجزيرة لم يعد مقدساً ويتضح ذلك من تناولاتها مثلاً لما يحدث في اليمن بدرجة تختلف تماماً عن تناولاتها لما يجري في إيران ، فمضامين وطبيعة الطرح فيما يتعلق باليمن تتوغل خلف الحقيقة بشكل تصعيدي عبر التقاط أحداث بسيطة جداً لا تهتم بها صحف ومواقع يمنية وتلوينها ومعالجتها بطريقة ملتوية تقترب إلى حد ما من المعالجات الخبرية لقناة العالم فيما يخص اليمن والسعودية .

فالجزيرة تكرس(10) عناوين في الشريط بشكل شبه يومي تقريباً وذلك يفوق ما تتناوله مواقع وصحف المعارضة والحراك المسلح ، بينما تنقل ما يحدث بطهران من حرائق واعتصامات ومظاهرات بأنه شغب وخروج عن القانون ومحاولات تقويض الاستقرار الإيراني بدعم خارجي، وهذا طرح رسمي إيراني ونادراً ما نسمع وجهة نظر الثورة الخضراء للإصلاحيين المهددين بالإبادة وأحكام الإعدامات ، وإن تطرقت إلى ذلك فإن الجزيرة تتبنى عبارات من قبيل " ما يزعم أو يصف أو يعتبره الاصلاحيون أنه قمع من قبل الحرس الثوري والباسيج الإيراني .

في حين تنتعش نفسية المذيع أو المذيعة عندما يستعرض خبراً عن صعدة والحراك المسلح ، واعتماد تقديم خبر المصدر العسكري اليمني بعبارات مكررة يومياً توحي بضعف قدرة الحسم ومع ذلك سرعان ما يتبعه بيان للحوثيين مركّز يناقضه تماماً .
ورغم فرض الجزيرة واقع عسكرة المحافظات الجنوبية على المشاهد مثلاً (انتصار الجيش الشمالي على أبناء الجنوب عام 94م ) ، وإظهار اليمن بأنها في لعبة مع القاعدة ، وإقحام الرياض في مواجهة الحوثيين ، إلا أنها تذهب أبعد من ذلك بمناقشة ما بعد الفشل في اليمن بتناولات خبرية معجونة بالرأي المجافي للحقيقة .

إننا لا نخشى أن تفرد الجزيرة منابر للطرح الذي يمتد إلى المساس بثوابت اليمنيين " الجمهورية و الوحدة " ، فنحن مؤمنين أن الزبد يذهب جفاءا وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ، لكن ما لا يليق بقناة الجزيرة أن تصبح إعلاماً سلبياً يحمل على كاهله أجندة سياسية متضخمة مقابل التقليل من أية أخبار ايجابية مثل العمليات التي استهدفت القاعدة مؤخراً، حيث تمثلت رسالتها بأن العمليات أمريكة الصنع والتنفيذ ولم يكن فيها نصيب لليمنيين سوى الضحايا ،إضافة إلى الاهتمام بانفجار قنبلة صوتية وإبرازها كانفجار عنيف يهز محافظة الضالع مثلاً ، فيما لم تنقل لنا هذه القناة المفترض أنها محايدة جداً ما جرى يوم عاشوراء بإيران!!! .

وإذا عدنا للخارطة البرامجية سنجد أن برامج "الملف" و"في العمق" و"منبر الجزيرة" و"الاتجاه المعاكس" و"ما وراء الخبر" و"حصاد اليوم " و"من واشنطن" كلها تعمقت في تفاصيل الشأن اليمني بعضها مرتين خلال شهر واحد ، وبطريقة تعتمد مضامينها إشاعة الفوضى والمقارنة بأفغانستان والصومال ، وإبراز ما يجري من مؤامرات مفضوحة على الثورة والوحدة بثوب المطالب الحقوقية البريئة التي لا تقابل بغير القوة !!.

إننا لا ننكر أن الأحداث السيئة متعددة في اليمن لكن الكثير يدرك وخصوصا المتخصصين في الإعلام والسياسة والحرب الإعلامية والنفسية وحاليا المواطن البسيط أن التلوين في هذه التغطيات يمتد إلى التضليل والإساءة إلى سمعة اليمن ومقوماته ومعيشة أبناءه ، وهذه تندرج ضمن حرب متعددة الوجوه أقل شيء يمكننا اعتبارها كمشاهدين أنها لا تخدم الموضوعية ولا تحترم الحقيقة وتنحرف عن شعار القناة المتمثل "بالرأي والرأي الأخر " .

إن الجميع يعتقد أن الجزيرة يمكن أن تلعب دوراً إيجابياً ومحموداً تجاه ما يجري في اليمن أسوة بما سجله الموقف الأخوي والتاريخي لدولة قطر وأميرها وشعبها في وجدان اليمنيين إبان حرب صيف 94م حيث وقفت بكل طاقاتها داعمة ومساندة لوحدة اليمنيين في زمن عصيب سيظل محفوراً في ذاكرة كل يمني .

إن غضب الجزيرة على اليمن بات واضحا وجلياً للعيان، وبتنا أمام معادلة غير مهنية تقول " أن الجزيرة عندما تغضب تسلبك محاسنك وإذا رضيت عنك أعارتك محاسن غيرك ".

وأمام هذه الملاحظات التي بلا شك تترك لدى اليمنيين انطباعاً سلبياً يختلف عما يكنونه من احترام للدور التنويري لهذه القناة ،لا يفوتني أن أعبر عن إعجابي بما يتمتع به مدير مكتبها في صنعاء "الزميل الرائع مراد هاشم" من مهنية عالية ، إلا أن القناة استعاضت عن هذه المهنية بتقارير تروج الشائعات الكاذبة من مقرها بالدوحة مشحونة بالشائعات المضللة والمعلومات المفبركة لإبراز اليمن على درجة كبيرة من السلبية يتضح من خلالها أن الجزيرة جندت نفسها للثأر من اليمن ووحدته المباركة.
[email protected]

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:49 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-13455.htm