كلمة الميثاق -
وكأنهم لم يعثروا في كل مايعتمل على الأرض وتنوء به أيام اليمن من وقائع وأحداث متتابعة تتكشف ساعة بساعة ويوماً بيوم عن تفاصيل مؤامرة حاكتها يد الشيطان.. وتتناوب أو تتوزع أدوارها أبالسة الإرهاب الدموي، من حوثيين وقاعديين وانفصاليين، فكأنهم لم يروا ولم يسمعوا ما يستوجب غيرة منهم أو موقفاً يُحق الحق ويقصم ظهر الباطل وأهله.
وعوضاً عن أوجب الواجبات وأعظم الأمانات في التصدي للفتن الملعونة والتحذير من شرور الإرهابيين القتلة ورؤوس التخريب وسراق الدم والحياة، افتعل جماعة من العلماء والوعاظ معركة جانبية لا أصل لها ولا يحمدها عاقل.. فضلاً عن عالم ورجل دين.
من كان يحسب أن يحتشد جماعة من العلماء في محضر صاخب- كالذي حُشدوا له بالأمس- لتأبين إرهابيي القاعدة والتباكي على قتلة مارقين استحلوا الدماء والأعراض واستباحوا حرمات المسلمين وقتل النفس التي حرم الله؟!
كُنَّا والله نظن بالناس- العلماء المعنيين- خيراً، وما كان ليخطر لنا ولو على سبيل الاحتمال النادر والشاق أن يقع هؤلاء في مصيدة كبيرة ساقهم إليها سوء التقدير وبئس التدبير.
فأي مصيبة حلَّت بالقوم؟ ومتى كان العلماء معنيين أو مكلفين بالترافع عن عناصر القاعدة ومنحهم صكوك البراءة والغفران؟
فهل زل العلماء.. أم استُزلوا.. أم التبس عليهم الأمر فجاءوا بما لم تقترفه الأوائل؟!
التباكي الجماعي- بتلك الصورة الممسرحة والمتكلفة- على صرعى القاعدة والعناصر الإرهابية المكرسة على أعمال العنف والقتل والتفجيرات المميتة، قدم مثالاً سيئاً وخلَّف عاصفة من الاستياء والدهشة لم تدع أحداً من اليمنيين وإلا نالت منه، بل ووصلت بأثرها إلى ماوراء الحدود فلفحت الأشقاء وساءتهم بقدرنا.
انتظرنا ان يخرج العلماء للتنديد بأعمال الحرابة والقتل والتقطعات والاختطافات التي تقوم بها عصابات إجرامية تجاهر بالردة عن الوحدة وترفع مشروع الانفصال وتدعو له.
وانتظرنا أن يخرج العلماء لإدانة إرهاب القاعدة ودموية عناصر التنظيم الإرهابي الذي يجتهد في زعزعة الأمن والاستقرار في اليمن ويمنح القوى الدولية حجة كافية للتدخل وفرض الوصاية كما فعلوا في أفغانستان وغيرها.
وانتظرنا أن يخرج العلماء من صمتهم للتبرؤ من المتمردين الحوثة.. الذين خرجوا عن الطاعة وفارقوا الجماعة وأعلنوا الحرب على اليمن وأهله.. وارتهنوا أنفسهم لقوى خارجية تتربص بنا الدوائر وتضمر لنا ولبلادنا ولجيراننا السوء والعداوة والبغضاء.
انتظرنا.. وانتظرنا.. ولكن جماعة العلماء الموقعين على بيان الوقيعة تخلوا عن واجباتهم ومسئولياتهم وأراحوا أنفسهم من عناء كلمة الحق.. وما أسهل افتعال معركة »جهادية« مع أمريكا وغيرها.. وبينهم وبينها قارات ومحيطات!
فما أسهل حروب الكلام عند علماء الكلام..
وكان الله في عون اليمن.