الإثنين, 18-يناير-2010
الميثاق نت -   ناصر محمد العطار* -
بقدر ما ميز الله الإنسان عن سائر المخلوقات من حيث وظيفته ودوره في الكون وقد تحدث القرآن الكريم في العديد من الآيات التي دللت على تميز الإنسان بحسن شكله وصورته ورجاحة عقله وإلهام الله له للقراءة والكتابة هداه للتدبر في الكون وبناء الأسرة والمجتمع وفق روابط اجتماعية ترتكز على التآلف والمحبة والاحترام المتبادل، كما أرسل الله الأنبياء والمرسلين من بني جنسه ليبلغوا رسالاته ويبصروهم بأمور دينهم ودنياهم ومن ذلك قوله تعالى: «وما خلقت الجن والإنسان إلاّ ليعبدون».. وقوله تعالى: «وصوركم فأحسن صوركم»، وقوله تعالى: «ولقد كرَّمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر..» وقوله تعالى: «لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه اسفل سافلين إلاّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون..»، وقوله تعالى: «اقرأ وربك الأكرم الذي علَّم بالقلم علم الإنسان مالم يعلم».. وقوله تعالى‮: «‬وما‮ ‬نرسل‮ ‬المرسلين‮ ‬إلاّ‮ ‬مبشرين‮ ‬ومنذرين‮»‬،‮ ‬وقوله‮ ‬تعالى‮: «‬يا‮ ‬أيها‮ ‬الناس‮ ‬إنا‮ ‬خلقناكم‮ ‬من‮ ‬ذكر‮ ‬وأنثى‮ ‬وجعلناكم‮ ‬شعوباً‮ ‬وقبائل‮ ‬لتعارفوا‮ ‬إن‮ ‬أكرمكم‮ ‬عند‮ ‬الله‮ ‬أتقاكم‮..» ‬صدق‮ ‬الله‮ ‬العظيم‮..‬

إلاّ أن تصرفات بعض البشر كانت متناقضة ومتنافية مع المواهب والملكات الحاضرة في وجدانهم وفي جميع حواسهم وآلت تلك المواقف إلى ظلم الإنسان لنفسه أولاً ثم ظلم الآخرين.. قال تعالى: «وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون» صدق الله العظيم.. وشواهد ذلك كثيرة وملموسة منذ الأمد البعيد بهلاك أقوام كثيرة بسبب سوء تصرفاتهم ومنها «أقوام نوح، وعاد ولوط وثمود وفرعون والأحقاف..» وبالأمس القريب نشبت صراعات وحروب طاحنة خلفت مآسي وويلات كبيرة لم يُشهد لها مثيل وكان أبرزها الحربان العالمية الأولى والثانية وقد تسبب النازيون ومن على شاكلتهم في اشعالها.. وبهذا نستطيع القول إن النملة رغم ضعفها وصغر حجمها إلاّ أنها أذكى من الإنسان.. لأنها تستغل عقلها وحواسها لدرء أي خطر يحدق بها ويهدد أمنها أو حياة بعضها أو جميعها.. ومن مواقفها التي تحدث عنها القرآن الكريم قال تعالى: «قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم ليحطمنكم سليمان وجنوده وهم لايشعرون» صدق الله العظيم، والعديد من الشواهد التي اثبتت قدرة النمل على التغلب على الصعاب التي تواجهها من خلال استغلال قدراتها لجمع الغذاء وتخزينه خلال الرخاء لتقتاته في أيام القحط كما أنها تعمل على تجاوز المواقف‮ ‬الصعبة‮ ‬التي‮ ‬تواجهها‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬تقوية‮ ‬التلاحم‮ ‬والترابط‮ ‬فيما‮ ‬بينها‮ ‬وتتحلى‮ ‬بالصبر‮ ‬وتكرار‮ ‬المحاولة‮ ‬حتى‮ ‬تحقق‮ ‬مقاصد‮ ‬عيشها‮..‬

وما يهمنا فيما ذكرناه هو البحث عن وسائل نستطيع من خلالها «ويشاركنا في هذا كافة أبناء الوطن» مخاطبة من لايزالون منجرين وراء أحقادهم وأحلامهم وأهوائهم المعادية للوطن ومصالحه ومكاسبه في الثورة والوحدة والديمقراطية النافذة المشرقة والتي جعلت اليمن يطل على العالم بنفس المكانة والسمعة التي عُرف بها بين الأمم على مر العصور بأنه شعب عريق ومؤسس وباني حضارات وأمجاد استفادت منها أغلب الشعوب، وذلك بأن يحكّموا عقولهم وضمائرهم، وإذا ما فعلوا ذلك فإنهم سيهجرون معاول الهدم ويضعون أوزار فتنهم وجرائمهم التي يرتكبونها بحق الوطن،‮ ‬وسيسارعون‮ ‬للوقوف‮ ‬والاصطفاف‮ ‬مع‮ ‬بقية‮ ‬أبناء‮ ‬الوطن‮..‬

وأخيراً نقول لأصحاب الأيادي والأفواه المشئومة أن يتصفحوا التاريخ جيداً وان يعتبروا بما حصل لأسلافهم ممن ارتكبوا جرائم الاستبداد والاستعمار ومن حاولوا إجهاض الثورة والوحدة.. فجميع تلك الجرائم قد تصدى لها الشعب وقضى على مرتكبيها رغم الظروف التي كان يعانيها الوطن‮ ‬حينها‮ ‬من‮ ‬فقر‮ ‬وجهل‮ ‬إضافة‮ ‬إلى‮ ‬شحة‮ ‬الإمكانات‮ ‬مقارنة‮ ‬مع‮ ‬ما‮ ‬كان‮ ‬بحوزة‮ ‬أعداء‮ ‬الوطن،‮ ‬إلاّ‮ ‬أن‮ ‬إرادة‮ ‬الشعب‮ ‬قد‮ ‬اجهضت‮ ‬كل‮ ‬المحاولات‮ ‬وحكم‮ ‬عليها‮ ‬بالموت‮ ‬تحت‮ ‬أقدام‮ ‬أبناء‮ ‬الوطن‮ ‬المخلصين‮..‬

أما اليوم فإننا نستطيع الحكم مسبقاً بموت ووأد فتن وجرائم الانفصاليين والرجعيين والمتطرفين لأن الشعب أصبح يقظاً ومحصناً بالعلم والنور ولن تتغير مواقف أبنائه أو تؤثر فيهم دعوات المناطقية والفئوية والسلالية لأن ولاءهم لله ثم للوطن خاصة وأنه لايمكن ان يصبح يمن الإيمان والحكمة أقل بصيرة وإدراكاً ووفاءً واخلاصاً للوطن من بقية الشعوب وعلى وجه الخصوص شعوب أحفاد من أشعلوا الحروب الدامية ومن فككوا نسيج أوطانهم وخلفوا مآسي كبيرة فقد استفاد الأحفاد من تجارب آبائهم لصنع مجتمع جديد من خلال آليات انتهجوها اعتمدت على الابتعاد وبشكل قطعي عن أي أعمال تؤدي إلى التفرقة والتناحر واستنزاف الطاقات والموارد لأعمالٍ لاتخدم مجتمعاتهم.. وبهذا استطاعوا التغلب على الموروث السيئ الذي خلفته مدافع هتلر ومن على شاكلته كما انتهجوا الديمقراطية في تقرير مصير شعوبهم وبالديمقراطية حققوا نتائج مذهلة «مقارنة بمن سواهم من شعوب حاضرها سيئ ونسيجها مفكك جغرافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً، في حين كان نسيج ماضيها موحد الديانة والهوية والمصير المشترك، ومن كان ماضي أجدادهم حافلاً بالإبداعات والمعجزات في مختلف العلوم الإنسانية والسياسية والطب والفلك بالإضافة إلى الحضارات التي شيدوها في مختلف أرجاء المعمورة»، فعلى أيديهم حطموا سور برلين وتوحدا ليضمهم كيان واحد جغرافياً وسياسياً واقتصادياً ولم تتوقف عجلة التقدم عند هذا المستوى بل أصبحوا يقظين للخطر البعيد الذي قد يهدد مصالحهم، ومهما كانت النوايا والمقاصد للمواقف المعلنة لتلك الشعوب بشأن قضايا اليمن وما لحق به من اضرار كنتاج لانعكاسات الآثار الاقتصادية والصراعات الدولية والاقليمية لأنهم «ويُعتبرون أفضل من بعض أبناء الوطن وهم الذين مازالوا في عمى وتعامٍ عن المستقبل القاتم الذي سيلحق بهم إذا استمروا في مواقفهم المعادية» قد أحسوا بخطورة تفكك نسيج اليمن والذي سيؤثر على مصالحهم، نظراً للموقع الاستراتيجي الذي يتمتع به اليمن في الخارطة العالمية كونه مطلاً على أهم الممرات العالمية كما يشكل عمق مناطق منابع النفط.

إن بوادر الأمل تلوح في الأفق، وإن شاء الله ستتحقق نبوءة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.. فبالجنوح للحوار تتحقق الحكمة والحلم، ومن خلال مشاركة ممثلي كافة شرائح المجتمع وفئاته وتداولهم لقضايا الوطن سيتم إن شاء الله إعلان اجهاض كل المؤامرات والدسائس التي تحاك بالوطن‮ ‬وإعلان‮ ‬تجدد‮ ‬ميلاد‮ ‬اليمن‮ ‬المشرق‮ ‬يمن‮ ‬22‮ ‬مايو،‮ ‬يمن‮ ‬الحرية‮ ‬والشورى‮ ‬والديمقراطية‮.‬

والله نسأل أن يكلل أعمال الحوار بالنجاح كما نسأله ان يقتص ممن اجرموا بحق الوطن فخانوه وساندوا أعداءه للنيل منه، أو من سفكوا دماء الأبرياء ونفذوا أعمال الحرابة والافساد في الأرض وتسببوا في مضاعفة المعاناة الاقتصادية للشعب بإغلاق أبواب الاستثمار السياحي وتدني‮ ‬مستوى‮ ‬بقية‮ ‬الاستثمارات‮ ‬كما‮ ‬تسببوا‮ ‬في‮ ‬استنزاف‮ ‬مدخرات‮ ‬الشعب‮ ‬لإخماد‮ ‬فتنهم‮ ‬والقضاء‮ ‬على‮ ‬جرائمهم‮.. ‬فالله‮ ‬وحده‮ ‬قادر‮ ‬على‮ ‬كل‮ ‬شيء‮ ‬وأنه‮ ‬من‮ ‬أهلك‮ ‬ويهلك‮ ‬المجرمين‮.

‮* رئيس‮ ‬دائرة‮ ‬الشؤون‮ ‬القانونية بالمؤتمر الشعبي العام


تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 04-ديسمبر-2024 الساعة: 07:42 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-13533.htm