لقاء/ بليغ الحطابي -
قال الأخ عبدالحميد الحدي عضو مجلس الشورى.. ان على الحكومة ان تبدأ بتشذيب نفسها وإصلاح مؤسساتها وإزالة مقولة «الدولة الفاشلة».. خاصة وان هناك شكوى من المانحين..
ودعا في حواره مع «الميثاق» العقلاء من مختلف الأطراف المتحاورة إلى تغليب المصالح الوطنية وأن يلعبوا دوراً أساسياً ومهماً في دفع كل الأطراف إلى الالتزام بالحوار من أجل تجاوز مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ورأى عضو الشورى أن هناك فرقاً كبيراً بين الحوار الوطني في ثمانينيات القرن الماضي وما يتم الإعداد له اليوم.. ووصف المرحلة الراهنة بأنها وصلت إلى مرحلة التشنج الذي تجاوز الحدود والخلافات حول تسيير أمور الدولة.
{ باعتبارك احدى الشخصيات المهمة التي كان لها اسهامات في لجنة الحوار الوطني بالثمانينيات.. ما الفرق بين الحوار السابق والحوار الوطني الذي يتم الاعداد له اليوم؟
- رغم أني لست عضواً في اللجنة التحضيرية للحوار الوطني الذي يجري الاعداد له إلاّ ان هناك في تقديري فرقاً بين الماضي والحاضر.
اولاً من الناحية القيمية، اذ كان الكل يطمح لخدمة الوطن بغض النظر عن المصالح الشخصية وعما يمكن ان يحصل عليه من فوائد سواء على مستوى وظيفي او قيادي او معنوي.. اساساً اليوم الظروف تغيرت والناس ايضاً وصلوا الى مرحلة من التشنج الذي تجاوز الحدود والخلافات حول تسيير امور الدولة والعمل المؤسسي الحكومي والقانوني الى امور فيها نوع من اللامبالاة حتى فيما هو مقدس.
نصيحة للمعارضة
{ كيف تقرأ موقف المعارضة اليوم؟
- اعتقد- وهذه نصيحة للمعارضة وبالذات في احزاب اللقاء المشترك- لو انهم لم يمسوا موضوع الحراك او الحوثيين فلن يمسوا بسيادة الوطن ومقدسات الوحدة ولربما تعاطف الناس معهم في حالة اذا كان لديهم تركيز على الاصلاح المؤسسي وايضاً القضاء على مظاهر الفساد ان كان هناك فساد لان الفساد له ادواته يجب ان تتأكد ان هناك ادلة واثباتات مايؤكد ان هذا الشخص فاسد وفق معايير قانونية وتشريعية وقضائية ومؤسسية كاملة.
{ برأيك ما الدور الذي يجب ان يضطلع به المؤتمر لانجاح الحوار والخروج بما يخدم اليمن؟
- في تقديري ان على العقلاء بمن فيهم اعضاء المؤتمر الشعبي العام وكل القوى الخيرة المستقلة وايضاً الشخصيات الاجتماعية المؤثرة ان يلعبوا دوراً اساسياً ومهماً في دفع كل الاطراف بما فيها احزاب المشترك والحراك بأن يلتزموا بلغة الحوار من أجل حل كل مشاكلنا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية.
ولاشك ان البناء المؤسسي بحاجة الى متابعة وانا دائماً اكرر ان احزاب المشترك الممثلة في مجلس النواب من الفصل التشريعي الاول من عام1993م الى اليوم لم يتقدموا بمشروع قانون واحد.. اذاً اين انتم..؟ فالمعارضة يفترض بها حينما ينتهي الموسم الانتخابي او الفصل التشريعي ان تبدأ بالتنافس على اساس البرامج وتضع برنامجاً موازياً لبرنامج الحكومة تستطيع من خلاله ان تنافس السلطة التشريعية على حق التشريع وحق المساءلة وفي المناقشات العامة وفي طرح الاسئلة وفي الاستجواب للحكومة وكذلك مراقبة الحساب الختامي للدولة وأهم من هذا وذاك مراقبة الموازنة العامة للدولة للتأكد من حسن اداء المؤسسات الحكومية.. هذه هي الاطر الطبيعية لأية حركة او معارضة تريد ان تحقق اهدافها وتصل الى الحكم من خلال برامجها البديلة، وهذا مايسمى بحكومة الظل.. وذلك ما نفتقده للاسف.
فرق شاسع
ولهذا أقول ان الفرق بين الثمانينيات واليوم شاسع.. فاليمنيون يتطلعون الى ماهو كبير ولهذا كان أهم مابعد تشكيل لجنة الحوار الوطني في الثمانينيات هو تحقيق هدفين اساسيين، الاول ازالة حالة الانقباض النفسي بين ابناء الوطن شماله وجنوبه رغم وجود نظامين قائمين في ذلك الوقت مما أدى الى تسارع خطوات مشروع انجاز دولة الوحدة بما فيها اللقاءات المتكررة بين قيادتي الشطرين الى ان تحققت في مايو.
الهدف الآخر الذي تحقق في تلك المرحلة هو الطموح لتطوير التنمية وكان هناك حالة من السباق، فبدلاً من ان يفكر النظامان في عدن وصنعاء في تعزيز قدراتهما العسكرية بدأوا يفكرون في عملية التنمية فشقت الطرقات وبنيت المدارس وتحرك الاقتصاد الوطني بشكل افضل مما هو عليه الآن، ومع الاسف اننا اليوم قضينا على مؤسسات القطاع العام من خلال الخصخصة ما أثر بشكل كبير على المستوى المعيشي للمواطنين.
{ كيف تشخصون الأزمات التي تحدث الآن؟
- هناك حالة ازمة ثقافية ربما ان كثيراً من الناس لم يدركوها وتتمثل في انه كان هناك قبل الوحدة في الجنوب نظام اشتراكي وبالتالي كان معظم المواطنين يشتغلون في مؤسسات الدولة وليس لهم مصدر دخل إلا المرتب، وحين جاءت الوحدة في ظل اقتصاد مفتوح حدث ارتفاع في الاسعار مع ثبات الاجور والمرتبات فأوجد حالة من الاحساس بالظلم والغبن في الوقت الذي كان لدى المواطنين في الشمال نشاطات اخرى، هذا لديه سيارة لنقل الركاب وآخر لديه ارض وعقارات.
لذا اعتقد ان دور المثقفين والاعلاميين تحديداً التركيز على دراسة وتفسير هذه الظواهر للناس، كيف ندعو الى ايجاد مؤسسات بنكية ومصرفية تقدم التسهيلات الائتمانية لذوي الدخول المحدودة لبعض المحافظات وبالتحديد محافظة عدن ومحافظات اخرى.
فنتيجة للتفاوت بين الدخول نتجت تلك المشكلة ثم جاء بعد ذلك الاحالة الى التقاعد وهو امر طبيعي ايضاً، ولكن هذا سبب أزمة لان المرتب التقاعدي لايفي بمتطلبات المواطن في ظل ارتفاع الاسعار الجنوني وعدم التحكم بها، هذا ايضاً سبب من الاسباب التي اوجدت تلك المشاكل.
ولهذا ادعو الله سبحانه وتعالى ان يلهم الجميع الحكمة وان يفكروا في مصلحة البلد، وأنه لايجوز بل محرم تحريماً قاطعاً أن ينقلبوا على الوحدة.. فالوحدة هي ملك الشعب وليس لها علاقة بسلوك الانسان سواء أكان رئيساً او مرؤوساً، وبدلاً من اتهام الوحدة بأنها السبب يجب ان نفكر في بناء الدولة وادارة مؤسساتها لتحقيق المصلحة والتنمية، وان نتنافس على اساس برامجي لرفع المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي للمواطنين، وهذا هو المبدأ الاساسي الذي يجب ان نركز عليه، فضلاً عن التركيز على مبدأ المساواة القانونية واتاحة الفرص لكل الناس من خلال القدرات والطاقات والمؤهلات وفي هذه الحالة اؤكد انه يمكن ان تستقيم الأمور.. وأقول ايضاً ان الحوار يجب ان يستمر دائماً سواء على المستوى الكبير او على المستوى الأدنى بما في ذلك في المؤسسات والمنشآت الصغيرة الصناعية او الادارية او التربوية.
عدد كبير
{ ما أهمية وجود هذا العدد الكبير من المشاركين في مؤتمر الحوار الوطني؟ وما تأثيره؟
- اذا لم تكن قوى المعارضة موجودة في الحوار فلن يكون لذلك تأثير كبير فليس المهم العدد إنما وجود المعارضة وبالذات احزاب المشترك المعارضة للحكم وللنظام ولسياسة المؤتمر الشعبي، فإذا دخلوا في الحوار يبقى هذا العدد الهائل هو عبارة عن مباركة، لكن اذا لم يدخلوا فأعتقد ان المشاكل ستظل قائمة.. وأهم شيء يجب ان نعرفه جميعاً- وهذا ما كنا نطرحه في الماضي- ان اليمن بخير وليس هناك ما يؤثر عليها او يمسها بسوء من الخارج ،ويجب ألاَّ تتسابق المعارضة او السلطة على استرضاء الخارج.. يجب ان نسترضي الوطن والمواطن.
وهذه خلاصة من انسان مخلص لبلده ولقيادته السياسية، وأرجو أن يحتكم الجميع إلى مصلحة اليمن بالدرجة الاولى.
نتائج لندن
{ نتائج مؤتمر لندن.. ما تأثيرها على الوضع الداخلي؟
- اعتقد ان نتائج مؤتمر لندن وما سيلحقه من مؤتمرات هي دعم لوحدة اليمن واستقراره وسلامته والمهم كيف نعالج مشاكلنا..
{ هل ترى ان قرارات مؤتمر الحوار ستكون ملزمة للحكومة؟
- الحكومة يجب ان تكون ملتزمة بها..
{ هل هذا مطروح في الحوار؟
- يفترض هكذا.. لكن المهم ان تبدأ الحكومة بتشذيب نفسها لان هناك شكوى خاصة من المانحين، ولابد أن نزيل مقولة الدولة الفاشلة، فأنا أتألم عندما اسمع من مسؤولين حكوميين يقولون انه لو لم يتم دعمنا ومساعدتنا ستصبح اليمن دولة فاشلة وهذا لايليق بنا ولابالدولة ولا بالمواطنين ولا بالسياسيين..
{ هل هذا الحوار يعني فشل المؤسسات الدستورية؟
- لا، لا ابداً.. الحوار هو منطلقات عامة أشبه بمضامين الميثاق الوطني -اذا جاز لنا التعبير- رغم ان الاخوان الآن بدأوا يتنكرون له، وهو الاساس الذي يجب ان يستمر.