الثلاثاء, 02-فبراير-2010
كتب‮/ ‬جمال‮ ‬مجاهد -
أكّد الخبير الاقتصادي ورئيس جامعة «تونتك» الماليزية الدولية للتكنولوجيا بصنعاء الدكتور محمد عبد الواحد الميتمي أن بلادنا حقّقت مكاسب هامة جداً في مؤتمر لندن تتمثّل في استجابة المجتمع الدولي لمواجهة التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها، وإحباط دعوات التمرّد‮ ‬والانفصال‮ ‬التي‮ ‬سعى‮ ‬أصحابها‮ ‬للحصول‮ ‬على‮ ‬دعم‮ ‬المؤتمر‮ ‬لهم‮.‬

وقال الميتمي لـ "الميثاق" إن موقف مؤتمر لندن كان متوقّعاً وكان ينبغي أن يكون كذلك، فلا يمكن أن تلقى دعوات التمرّد والانفصال دعماً لأنها في حد ذاتها غير شرعية ودعوات لا توفّر الأمن والاستقرار لليمن والمنطقة والعالم لأنها تخلّ به أصلاً.

وأوضح الميتمي "أمام هذه التحديات انعقد مؤتمر لندن وبالتالي الهواجس الأمنية كانت أحد الدوافع الرئيسة لعقده، لكن في الواقع أنا أرى أن المؤتمر حقّق مكسب سياسي كبير للحكومة اليمنية التي استطاعت أن تشرح وجهة نظرها وتستعرض التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية‮ ‬التي‮ ‬تواجهها‮ ‬والتي‮ ‬تمثّل‮ ‬أهم‮ ‬أسباب‮ ‬نشوء‮ ‬التطرّف‮ ‬والتشدّد،‮ ‬حيث‮ ‬خلص‮ ‬المؤتمر‮ ‬إلى‮ ‬أنه‮ ‬لا‮ ‬يمكن‮ ‬اجتثاث‮ ‬الإرهاب‮ ‬والتطرّف‮ ‬إلا‮ ‬بخلق‮ ‬بيئة‮ ‬مواتية‮ ‬ومناصرة‮ ‬للسلام‮ ‬والاستقرار‮".‬


ونوّه‮ ‬الميتمي‮ ‬إلى‮ ‬أن‮ ‬الفقر‮ ‬والبطالة‮ ‬يمثّلان‮ ‬مشكلة‮ ‬كبيرة‮ ‬لليمن،‮ ‬إلا‮ ‬أن‮ ‬التحديات‮ ‬تتجاوز‮ ‬الفقر‮ ‬والبطالة‮ ‬فهناك‮ ‬شح‮ ‬المياه‮ ‬وهبوط‮ ‬مستويات‮ ‬إنتاج‮ ‬النفط‮ ‬وانخفاض‮ ‬الاستثمارات‮.‬

وقال "نحن الدولة الأفقر في العالم بالموارد المائية، واليمن استطاعت أن توصل رسالتها وتقول إن مواردنا محدودة، وهناك تمرّد في الشمال بصعدة، ودعوات انفصالية في الجنوب، وتزايد نشاط تنظيم القاعدة. أعتقد أن المؤتمر من الناحية السياسية والأمنية قد حقّق آمال وطموحات‮ ‬الحكومة‮ ‬اليمنية‮".‬

ونبّه الخبير الاقتصادي الميتمي إلى أنه على الرغم من إدراك وحماس المؤتمرين سواء المانحين أو المؤسسات الدولية أو دول الخليج لحاجة اليمن لمزيد من المساعدات إلا أن نقطة الضعف والثغرة في الجانب الاقتصادي أن تعهّدات مؤتمر لندن 2006 لم يتم الاستفادة منها إلا بالقدر‮ ‬اليسير‮.‬

وقال "المانحون لن يستطيعوا أن يقدّموا تعهّدات جديدة إلا إذا تم استيعاب تعهّدات مؤتمر لندن. ومؤتمر الرياض سيعالج كيفية استيعاب الحكومة للمنح والمساعدات وما يمكن تقديمه وهذا يتّصل برفع القدرة الاستيعابية والكفاءة الإدارية".

واعتبر الميتمي أن المؤتمر تفهّم حاجة اليمن إلى اجتثاث الإرهاب من خلال مشروع اقتصادي واجتماعي وليس من خلال الجانب الأمني فقط، كما أن اليمن تنظر نظرة شاملة إلى ظاهرة الإرهاب أكثر من توجيه ضربات عسكرية كما جرى في بعض البلدان.

موضحاً أن مؤتمر لندن يختلف في توجّهه عن مؤتمر لندن عام 2006 لأنه جاء كردّ فعل لما قام به تنظيم القاعدة في بلادنا، مما أثار مخاوف المجتمع الدولي والإقليمي من أن يحصل هذا التنظيم على موطئ قدم في بلد مهم جداً وكبير مثل اليمن، فاليمن ليست الصومال، نظراً لموقعها الإستراتيجي المطل على البحر الأحمر وتحديداً مضيق باب المندب الذي تمر عبره أكثر من ثلث التجارة العالمية، حيث أن وجود القاعدة إذا صح لها ذلك من شأنه أن يهدّد التجارة العالمية. وفي نفس الوقت فإن اليمن أكبر دولة من حيث عدد السكان في منطقة الخليج، وبلد جوار مع‮ ‬أهم‮ ‬البلدان‮ ‬المصدّرة‮ ‬للنفط‮ ‬وهي‮ ‬دول‮ ‬الخليج‮ ‬التي‮ ‬تستحوذ‮ ‬على‮ ‬أكثر‮ ‬من‮ ‬60٪‮ ‬من‮ ‬احتياطيات‮ ‬النفط‮ ‬العالمي‮.‬

وأشار الدكتور الميتمي إلى أن المؤتمر حمل صبغة خاصة عن مختلف المؤتمرات وبالأخص مؤتمر لندن 2006 الذي كان مؤتمراً اقتصادياً اجتمع فيه المانحون والشركاء الدوليون لمعرفة احتياجات بلادنا التنموية وتمخّض عنه تقديم تعهّدات تمويلية على شكل قروض وهبات بمبلغ 5.7 مليار‮ ‬دولار‮.‬

وأشار إلى أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون ركّزت في المؤتمر على مواصلة اليمن لإصلاحات سياسية واقتصادية شاملة. ولفت الميتمي في هذا الصدد إلى أن اليمن أطلقت منذ عام 1995 برنامج الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري، وبلورت الإصلاحات منذ عام 2002 في الأجندة‮ ‬الوطنية‮ ‬للإصلاحات‮ ‬التي‮ ‬تشكّل‮ ‬خارطة‮ ‬طريق‮ ‬لخروج‮ ‬اليمن‮ ‬من‮ ‬مأزقها‮ ‬السياسي‮ ‬والاجتماعي‮ ‬والاقتصادي‮ ‬بالدرجة‮ ‬الأولى‮.‬

وقال‮ ‬الميتمي‮ "‬هذه‮ ‬الخارطة‮ ‬تحتاج‮ ‬إلى‮ ‬كفاءات‮ ‬عالية‮ ‬القدرات‮ ‬وولاءات‮ ‬لليمن‮ ‬قبل‮ ‬أي‮ ‬ولاء‮ ‬آخر‮ ‬لإنجازها،‮ ‬حتى‮ ‬تستطيع‮ ‬معالجة‮ ‬التحديات‮ ‬المختلفة‮ ‬وتحقق‮ ‬طموحات‮ ‬شعبها‮".‬

رسالة‮ ‬دولية

من جانبه اعتبر الخبير الاقتصادي ومستشار وزارة الصناعة والتجارة الدكتور طه الفسيّل أن مؤتمر لندن وجّه رسالة دعم دولية قوية لليمن من خلال تأكيده على مساعدة اليمن اقتصادياً وسياسياً في مواجهة التحديات التي تواجهها، كما أن اليمن كانت بحاجة إلى هذا الدعم في هذه‮ ‬الظروف‮ ‬المحلية‮ ‬والإقليمية‮ ‬والدولية‮.‬

وقال‮ ‬الفسيل‮ ‬لـ‮ "‬الميثاق‮" ‬إن‮ ‬المؤتمر‮ ‬ألقى‮ ‬بالمسئولية‮ ‬على‮ ‬الدولة‮ ‬والحكومة‮ ‬في‮ ‬تنفيذ‮ ‬إصلاحات‮ ‬جادة‮ ‬وشاملة‮ ‬من‮ ‬خلال‮ ‬الأجندة‮ ‬الوطنية‮ ‬للإصلاحات‮.‬

مؤكداً‮ ‬أن‮ ‬الجهد‮ ‬خلال‮ ‬المرحلة‮ ‬القادمة‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يتواصل‮ ‬على‮ ‬ثلاثة‮ ‬مسارات‮ ‬أساسية،‮ ‬المسار‮ ‬الأول‮ ‬هو‮ ‬تنفيذ‮ ‬أجندة‮ ‬الإصلاحات‮ ‬وبالذات‮ ‬فيما‮ ‬يتعلق‮ ‬بالإصلاحات‮ ‬الإدارية‮ ‬والتنظيمية‮ ‬وخاصة‮ ‬الحكم‮ ‬الجيّد‮.‬

وأوضح‮ ‬أن‮ ‬تنفيذ‮ ‬أجندة‮ ‬الإصلاحات‮ ‬حقق‮ ‬نجاحاً‮ ‬باهراً‮ ‬في‮ ‬عامي‮ ‬2006‮ ‬و2007‮ ‬إلا‮ ‬أن‮ ‬تدهور‮ ‬الأوضاع‮ ‬الاقتصادية‮ ‬والمعيشية‮ ‬أدّى‮ ‬إلى‮ ‬تراخي‮ ‬في‮ ‬تنفيذها‮ ‬وتراجعت‮ ‬وتيرة‮ ‬الإنجاز‮ ‬في‮ ‬عامي‮ ‬2008‮ ‬و2009‮.‬

أما المسار الثاني فيتمثّل في إصلاح الأوضاع الاقتصادية من خلال إصلاحات هيكلية، وبما لا يضر بمستوى معيشة المواطنين بمعنى التركيز على الجوانب التي لا تؤدي إلى خلق أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة على المواطنين من شأنها أن تسبّب حالة من الاحتقان لديهم، وفي الوقت نفسه تزيد من أعداد المنتمين إلى تنظيم القاعدة أو ما يسمى الحراك الانفصالي أو تمرّد الحوثي، حيث أن تعثّر عملية التنمية وعدم توفّر فرص عمل ونقص الخدمات هو الذي أدّى إلى تصاعد تهديدات القاعدة والحراك وتمرّد الحوثي.

ولفت الفسيّل إلى أن المسار الثالث يشمل "الانفتاح السياسي الكامل على المعارضة، وعدم تمترس الأحزاب والتنظيمات السياسية خلف مواقف متشنّجة، وأرى أن فخامة الأخ علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية بحنكته وخبرته الطويلة وباعتباره الحكم والمرجع الأساسي لكل اليمنيين قادر‮ ‬على‮ ‬إحداث‮ ‬زخم‮ ‬سياسي‮ ‬كبير‮ ‬وحلحلة‮ ‬مثل‮ ‬هذه‮ ‬الأوضاع‮.‬

وشدّد‮ ‬الفسيّل‮ ‬على‮ ‬أن‮ ‬أي‮ ‬برنامج‮ ‬إصلاح‮ ‬قادم‮ ‬بالتعاون‮ ‬مع‮ ‬صندوق‮ ‬النقد‮ ‬الدولي‮ ‬يجب‮ ‬أن‮ ‬يراعي‮ ‬المستوى‮ ‬الاقتصادي‮ ‬والمعيشي‮ ‬للمواطنين‮ ‬ولا‮ ‬يزيد‮ ‬من‮ ‬الأعباء‮ ‬عليهم‮ ‬وبشكل‮ ‬خاص‮ ‬محدودي‮ ‬الدخل‮ ‬والشرائح‮ ‬الفقيرة‮.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 11:08 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-13786.htm