فيصل الصوفي -
لنفترض أن أحزاب اللقاء المشترك سوف تبقى على موقفها الرافض للحوار مع المؤتمر، وأنها ستذهب في مشروعها الخاص الى النهاية، فهل يكفي أن يقول المؤتمر إن أحزاب المشترك عطلت الحوار وعرقلت تنفيذ اتفاق 23 فبراير 2009م.. وإنها تقدم شروطاً تعجيزية.. وإنها.. وإنها.. ثم يجلس؟ إن هذا لايبرئ الذمة، فالمؤتمر الشعبي العام حزب حاكم وعليه التزامات تجاه الشعب ويتحمل مسؤولية إدارة السلطة.. وهذا يعني أن عليه ان يمضي إلى الأمام دون أن ينتظر القاعدين الذين لا يريدون ان يسيروا معه، ومن حقهم أن لا يسيروا معه وأن يكون لهم مشروعهم الخاص الديمقراطي والسلمي طبعاً.
برامج المؤتمر الشعبي تحمل 70٪ من مطالب المعارضة، وبرامج المعارضة أيضاً كذلك، فالهوة بين الطرفين ليست عميقة بسبب اختلاف البرامج والمطالب، بل عمَّقها العناد والمكابرة وعدم الوئام الى جانب قليل من السياسيين الذين لديهم قدرة كبيرة على خلق أزمة جديدة كل عشرين دقيقة، وهؤلاء لديهم مشكلة مع السلطة لا علاقة لها بالمطالب والاحتياجات والمصالح العامة.
اتفاق فبراير سيبلغ نهاية عامه الأول، والقضايا الخلافية الأخرى قائمة منذ عامين، والانتخابات التشريعية لم يفصلنا عن موعدها سوى عام واحد وشهرين، فالوقت يذهب سدى، فإلى متى سيظل المؤتمر الشعبي العام ينتظر الآخرين، وهل تدرك قياداته ان الناس لا يلومون المعارضة إذا هي قصرت أو قعدت أو عرقلت، بل يلومون من بيده القدرة على الفعل، ومن بيده الحكومة ومن له أغلبية في كل الهيئات والمجالس المعينة والمنتخبة، وكل هذه الأدوات التي بيد المؤتمر الشعبي العام تكفل له أن يجري الاصلاحات الدستورية والقانونية المطلوبة من قبله ومن قبل الآخرين وبدون الآخرين.. بيده أن ينفذ اتفاق فبراير وما ورد في مبادرات رئيس الجمهورية وبرامج المؤتمر السياسية والانتخابية.
إن أحزاباً حاكمة في دول عربية وأفريقية ولاتينية واجهت وتواجه المشكلة التي يواجهها المؤتمر مع المعارضة، وعندما لم تصل مع الشركاء الى اتفاق أو عندما يعتزلها الشركاء تسير إلى الأمام مبقيةً باب الحوار مفتوحاً، وإذا كانت أحزاب المعارضة تقدم أفكاراً جيدة فهذا أيضاً مفيد للأحزاب الحاكمة التي عادةً ما تأخذ بأي ميزة لدى المعارضة، وهذا ما يفسر سبب تفوُّق بعض الاحزاب الحاكمة على أحزاب المعارضة.
إننا هنا لا نبسط الأمور.. لكن أيضاً هي ليست معقدة.. والخطأ أن لا تعمل شيئاً وتتركها تتعقد