عبدالله عمر باوزير* -
عندما كتبت مقالي ((نريدها مصارحة..لا نريدها مناطحة ؟!)) كنت أوجه خطابي إلى مثقفينا في محافظة حضرموت بشكل خاص وإلى مثقفينا على طول الوطن اليمني داخل الوطن أو خارجه في المهاجر اليمنية بشكل عام وإلى أ.د:عبدالرحمن با لخير على وجه الخصوص ,فهو صاحب الفضل والمبادرة في فتح باب الحوار المثار على صفحات الجرائد الالكترونية وان بداء الحوار من زاوية الانتصار للشريحة التي ينتمي إليها.وهاجمني أو حاول النيل مني على المستوى الشخصي أو من خلالي, لمؤسسة تمثل سلطة المجتمع هي ((المجلس المحلي لمحافظة حضرموت)) فهذا رأيه وقراءته ,وما حملته ردودي التي ضمنتها مقالين,الأول:يخافون التغيير ,والثاني:نريدها مصارحة, تمثل وجهة نظري ورؤيتي من موقعي فقط!!.
ليس من الضروري ان يوافقني الدكتور بالخير كما انه لم يطلب موافقته الرأي والرؤية بصرف النظر عن ما بداء على مقالاتنا المنشورة على ((المكلا اليوم)) وبعض المواقع ومنها ((الخيل نت)) الذي أنشر عليه مقالاتي في الوقت الذي ينشرها ((المكلا اليوم)) لا بحكم الانتماء السياسي-الحزبي فحسب وإنما لتجسيد الالتزام به, ومخاطبة أعضاء وكوادر المؤتمر الشعبي العام التزاماً بمبدأ لا أحد يمتلك الحقيقة النهاية في أي موضوع..فهي نسبية كما هي في القول المأثور للإمام الشافعي:رأينا صواب يحتمل الخطأ ورأي غيرنا خطأ قد يحتمل الصواب.
ربما وجد البعض فيما كتبنا الكثير من التحيز والقليل من الموضوعية..لطغيان الذاتية والفئوية النخبوية فضلاً عن التعريف بالذات وهذا وارد ولكنه لا ينفي ان الحوار وعلى هذا النحو قد حرك المياه الراكدة, والفضل يعود إلى الذي بادر وألقاء فيها بحجر حتى لا يتحول ركودها إلى مياه -غير صالحة للشرب أو الطبخ أو حتى الوضوء والطهارة وهو الدكتور عبدالرحمن بالخير.
تابعت مجمل التعقيبات على ما تضمنته مقالاتنا –أي بالخير وكاتب هذه السطور فضلاً عن ما أثاره مقال الأستاذ صالح الفردي,وبصرف النظر عن ما تضمنته من موضوعية أو إساءة شخصية لأي منا فهذه ضريبة العمل العام فضلاً عن الأسباب والدوافع السياسية أو الاجتماعية التي ما زالت أسيرة ثقافة سياسية غير قادرة على استيعاب حجم المتغيرات الوطنية والعالمية..لأسباب أيديولوجية قومية وعقائدية تسيدت عقود ما بعد الثورات الكبرى والحرب العالمية الأولى,فضلاً الثورات العسكرية-العربية بعد نجاح الثورة المصرية بقيادة الرئيس جمال عبد الناصر والتي تزامنت مع النظام الدولي الثنائي القطبية على إثر نتائج الحرب العالمية الثانية.
تلك الثقافة السياسية فضلاً عن الهوية الثقافية القومية والإسلامية..بحاجة إلى المراجعة النقدية فنحن في عصر ما بعد الثورات الشعبية في أوروبا الشرقية التي عصفت بالأنظمة الإيديولوجية –الشمولية وتهاوت على إثرها الأنظمة الحزبية التي ما كان لها ان تلعب أدوارها وتفرض وجودها لولا عقلية التنافر والتنافس-الحزبي المؤدلج لمثقفي م-حضرموت ونخبها الاقتصادية و الفكرية في الوقت الذي تغيب حضرموت بكل مقوماتها عن مراكز القرار في تلك الأحزاب مشتركها ووطنيها..وتبقى هي فرس رهاناتها-لا جسر الوطن والمجتمع اليمني إلى المستقبل.
أظن أنني قد أجبت الدكتور أحمد بن إسحاق..لماذا نريدها مصارحة ,أما متى نكون المصارحة مناطحة فلا أظنني قد فهمتها من مقالة المعنون بها والمنشور على ((المكلا اليوم )) في 6/2/2010 حيث جاء المقال موعظة حسنة ودعوة إلى التصالح والتسامح..في الوقت الذي يتطلب الحوار خصومة في الرأي لا عداوة بين أهله تنزل بهم من صراع العقول إلى صراع العجول!؟
àà على أي حال :أقول لأخي د.بن إسحاق شكراً على نصحك وشكراً على جهودك وبحثك عن الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي طرزت بها جميع فقرات مقالك وأول المصارحة أقولها لك هي انك لم تجب عن عنوان مقالك ((متى تكون المصارحة مناطحة؟)) إلا إذا وجدت في ما قلنا أنا و د.بالخير ما يجعلنا من أكثر الناس بعداً عن مقعد المصطفى r ثم أنا أتساءل هل سؤالك الموجه للقاري الكريم ,متى سيكف حزبنا عن هذا التعصب الأعمى ومحاولة الانتصار للذات ولو على ذبح الحقيقة؟ موجه إلى القاري أم لقيادات هذا الحزب الذي هو ((المؤتمر الشعبي العام )) والذي لم تذكر اسمه وإنما أشيرت إليه عندما قلت: متى سيعترف حزبنا الحاكم بحالة الفساد في البلاد التي تعد أساساً لكل المشاكل؟ ويسعى لمواجهتها؟ ومتى سيحارب مستغلي السلطة لتدمير ونهب البلاد والعباد إلى أخر!! متى ومتى ومنها متى ستكف أحزابنا وتياراتها المعارضة عن هذا اللجيج الذي لا يخدم تبيان الحقيقة ولا يقود إلى الحوار والمصارحة بل إلى المزيد من الجدل والمناطح؟!
كل تلك التساؤلات حلت بديلاً عن ((متى يكون الحوار مناطحة..لذلك هي قضايا تدعونا إلى الحوار والوقوف أمامها ((لا للانتصار للنفس ولو على ذبح الحقيقة وذبح الوطن كاملاً)) كما قلت قبل ان تورد الآية الكريمة لقولة تعالى(( وجادلهم بالتي هي أحسن)) النحل ((125)) ولا أعرف عن صحة موقعها في ذبح الحقيقة وكم ذبحنا من حقائق واستشهدنا بالقران ولكن أقولها وبوضوح المطالبة بمواجه الفساد والاعتراف به ومحاسبة المفسدين طالب به فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في معظم المناسبات ومن موقعه السيادي ممثلاً لسلطة الشعب, والتي تتقدم على موقعه في رئاسة المؤتمر الشعبي العام.
والقضية ليس مجرد الوقوف ضد الفساد وهذه مهمة مؤسسات دولة -حكومية وتشريعية وأيضا محلية وحتى تقوم هذه المؤسسات بعملها لابد من إصلاح إداري وتنمية إدارية مؤسسية مبنية على الأداء الوظيفي-الخدمي لمؤسسات الدولة-على المستوى الوطني والمحلي , يساندها مجتمع يدرك حقوقه ومسئولياته ومنها التمسك بالحقوق ورفض الحصول على الخدمات مقابل ثمن..وهذه ثقافة أصبحت تسير حياتنا أو ليس كذلك؟؟ يا دكتور!!
كل ذلك في مقال يقول فيه ((إذا كان علاج أزماتنا كما يراها العالم تكمن في الحوار الصادق والحر الذي لا تقف أمامه حدود إلا حدود الشرع والقانون بحيث يسوده الاحترام الشخصي المتبادل (...) إلى أخره ,فماذا يريد د.بن إسحاق ان يقول لنا في هذا المقال الذي أنهاه بفقرة: عليه فان سؤالي الموجه إلى القارئ الكريم متى سيكف حزبنا الحاكم عن هذا التعصب الأعمى ومحاولات الانتصار للذات ولو على ذبح الحقيقة؟ متى سيعترف حزبنا الحاكم بحالة الفساد المتفشي في البلاد التي تعد أساساً لكل المشاكل الخ.
هذا الخلط الغريب والاستدلال بالآيات والأحاديث النبوية والشعر وتناول لجج قناة عدن لا أجد له تفسير غير ان الدكتور احمد لم يقرأ مقالي الذي تناول منه العنوان كما قال في استهلاله –ولا أظن أطلع على مقال :بالخير ولا أسباب تلك المقالات من هنا أود قول التالي في إطار دعوتي للحوار:-
à ما هي العلاقة بين الحوار المطالب به د.بن إسحاق حتى لا تكون ((المصارحة مناطحة؟)) ثم لماذا لم يقل لنا الحدود الشرعية والقانونية التي يجب ان يتوقف عندها الحوار ؟! ثم ما هي العلاقة بصيغ مختلفة بين ((الحوار الوطني؟)) والحوارات التي جرت بين د.با لخير وصالح الفردي وكاتب هذه السطور ومطالبة حزبنا الحاكم –بحسب تعبيره- الكف عن ذبح الحقيقة.
في التداول لهذه الأسئلة إجابات حاسمة ربما لأسئلة بصيغ مختلفة ومتنوعة تتناطح مع تفكيرنا المعاصر المقيد بقيود تحد من أطلاقته في عصر الفضائيات والصحافة الالكترونية مثل الشريعة والقانون وجميعها متجددة بحسب متغيرات الحياة ومستجدات مصالح الناس المرسلة.ما لم يحددها حكم بنص القران والسنة النبوية..وإذا كنا سنقف أمام مقولات فان الحوار لن يبدأ من أقوال تعتمد هذه الطروحات بكل ما تحمله من انحيازات ورغبات سياسية لا تفهم جيداً إلا من خلال تزكية المسلمات المجتمعية والسياسية ومنها الفساد المستشري –الذي لا ينكره الحزب الحاكم وأصبح ثقافة..تغبيرها يحتاج إلى ثقافة معاصرة لنخب سياسية وثقافية وعلمية –لا تتهيب كسر جدار الموروثات الثقافية الدينية والثقافية والفكرية التي أصبحت أيديولوجيا ترفض تحرر الفكر وتعمل على إعاقة تقدمنا السياسي والاقتصادي والاجتماعي..والسبيل إلى ذلك الحوار؟!حتى نستكشف من خلاله قدراتنا وإمكانياتنا وحجم التحديات التي تواجهنا في عالم التغير فيه-هو الثابت إلى التقدم والمعاصرة.
à àعديدة هي المشاكل والقضايا التي نعاني منها ونمارس دور سيئاً في نظام علاقتنا الوطنية والمجتمعية ومنها ضعف وتدهور الحدود الدنيا من الثقة وحسن الظن, ولعل في أمراضنا الفئوية والمناطقية والمذهبية ما هو أخطر من التحديات الخارجية؟!
àإذاً المطلوب حوار حقيقي يفضي إلى علاقات بين أطرافه تكسر حواجز الآثار ونوازع الأنا الضيقة,حوار لا تمارس أطرافه الشطب والإلغاء والنفي والتكفير من منظور حزبي أو فئوي نخبوي ,حوار مصارحة لا حوار ..لا يستهدف الحقيقة ولا يدعم قيم المواطنة والحقوق والحرية السياسية والفكرية.
àحوار يهدف إلى ترسيخ ثقافة المسئولية وواجبات العمل العام ومهام الوظيفية العامة حوار يعتمد مبدأ احترام أراء الخصم ومناقشتها باحترام الرأي والرؤية من خلال أرضية فكرية وثقافية لا تحول خصومة الرأي إلى عداوة,وإنما إلى اغتضان العقول وتفاعلها لإنتاج أراء وتطوير أفكار –تحفز القاعدة الاجتماعية على الاضطلاع بدورها, وتمارسه من خلال قياداتها السياسية والفكرية الحرة في إطار النظام السياسي الديمقراطي تلك الخيارات التي لا تحد منها إلا القوانين المنظمة لحياة ومنشط المجتمع والتي لا تخول أي فئة أو قوة استخدام وسائل الإكراه لغير الدولة-ودستورها الذي يعد قانون الدولة ونظامها المنظم لمختلف علاقاتها المجتمعية والمؤسسية.
ذلك ما دعوت إليه وهو ما بادر إليه د.عبدالرحمن بالخير ,والاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية .لأنه مظهر صحي لأي مجتمع متجدد فكرياً وثقافياً وهو الوجه الأخر والنتيجة الحتمية للواقع السياسي-التعددي ,وحتى تصبح هذه الظاهرة عامة-المطلوب حوار يؤسس لثقافة معاصرة,
* رئيس لجنة الخدمات بالمجلس المحلي