احمد غيلان -
الغرور.. واحدة من المفردات التي دخلت قاموس اللغة العربية ربما في وقت متأخر عن بداياتها الأولى، لكنها أخذت مكانها كمرادفة لكلمة »العُجْب«..
التي كان يطلقها العرب على صفة إنسانية تتجسد في الاعتداد الزائد والزائف وغير المبرر بالنفس، والذي يوصل صاحبه حد الاستعلاء على الآخرين..
> ويصنف علماء النفس والإجتماع »الغرور« بأنه أحد الأمراض النفسية التي يمكن أن يصاب بها أي إنسان أحاطت به أسباب هذا المرض والتي يصنفها العلماء أيضاً إلى ثلاثة أسباب: »أولها قابلية النفس البشرية- وهي قابلية نسبية تتفاوت من شخص إلى آخر- وثانيها جهل المرء بحقيقته ومكانته وقدراته وواقعه، أما ثالثها فهو عدم مصداقية من يحيطون بالمرء حينما يفرطون في مدحه والتغني بصفاته الجميلة ومحامده دون تنبيهه أو مكاشفته بمثالبه وأخطائه ومساوئه..
> أما آثار ومخاطر وأضرار الغرور فهي متفاوتة ويتحكم في نسبة تفاوتها كثير من العوامل أهمها »مستوى حدة المرض، وموقع المريض »المغرور« من مصالح المجتمع ومستوى تأثيره في حياته وحياة غيره، فسلوكيات وتصرفات المغرور لها أثر على حياته وحياة من يرتبط به بأية علاقة أو رابط يفرض مشاركته في الحياة أو العمل أو الدراسة أو غير ذلك ويزداد خطر الغرور على المجتمع كلما كان المغرور صاحب إرادة أو نفوذ أو قرار متصل بحياة وعلاقات ومصالح أكبر قدر وعدد من أفراد المجتمع المحيط به، بدءاً بأسرته ومروراً بأصدقائه وانتهاءً بالمجتمع الذي تتأثر حياته بما يقول أو يفعل أو يقرر أو يتصرف أي مصاب بمرض الغرور.. على أنه مهما تفاوت مستوى الضرر الذي يلحقه المغرور بغيره فإن الضرر الأكبر الذي يلحقه بنفسه متحقق وشبه ثابت، بصرف النظر عن مدى ومستوى تأثيره السلبي على غيره، فالمغرور مصنف ضمن تعداد »المرضى« بمجرد أن يصل مرحلة الغرور، وهو كذلك ضمن قائمة »غير الأسوياء« وهذا التوصيف بحد ذاته ضرر وعلَّة أخطر مخاطرها عدم قدرة حاملها على دفعها عن نفسه بمفرده، في حين يكون أكثر عجزاً عن الاستعانة بغيره.
> هذا هو المرض النفسي الخطير والمدمر الذي يسمى »الغرور«.. وتلك أهم أسبابه وعوامل انتشاره.. وليس فيما سبق كل آثار وأضرار ومخاطر وانعكاسات هذا المرض بشكل تفصيلي، لكن ما يجب تأكيده هو ان الغرور ليس مجرد عاهة يمكن أن يكون أقصى أثر لها قتل صاحبها وحسب، بل هو كارثة قد يمتد خطرها من دمار نفسية صاحبها إلى تدمير مجتمع بكامل قوامه وتفاصيله..
وقانا شر الغرور وشرانق المغرورين.. اللهم آمين..