الإثنين, 06-نوفمبر-2006
‮ ‬كتب‮/ ‬نجيب‮ ‬شجاع‮ ‬الدين -
أظهرت دراسة اجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية مؤخراً أن نسبة مشاهدة القنوات الفضائية لدى الأسر العربية تتجاوز الثلاث عشرة ساعة يومياً.. وأكثر الفئات تعرضاً لهذه القنوات هم الشباب.. الدراسة أكدت أيضاً على التأثير الكبير للفضائيات على الشباب العربي.. هذا التأثير لا يقتصر بالطبع على الجوانب الايجابية بل يمتد إلى الجوانب السلبية ومن بينها تعريف المشاهد بأصول الجريمة الكاملة وجميع عناصرها بحيث يصعب على الجهات الأمنية الامساك بالمجرم أو حتى مجرد تعقبه.
- ومن خلال متابعة ما تبثه وسائل الإعلام المختلفة عن الجرائم كشفت الدراسة عن أنه وقعت في الأسابيع القليلة الماضية عدة جرائم قامت خلالها الفضائيات بدور الملهم لهؤلاء المجرمين كي يدبروا الأسلوب الذي ارتكبوا به جرائمهم.. أولها كانت في مصر عندما هاجم طالب جامعي يدعى وفيق محمد- طالب بكلية التجارة- أحد البنوك في وقت الظهيرة ويحمل بين يديه خمسة أصابع (سيجار) وربطها جميعاً بحزام أسود جلدي وربط كل سيجار بخيط رفيع كي يوحي لموظفي البنك بأنها أصابع ديناميت وعندما دخل البنك اشعل الخيط وهدد بأنه سيفجر البنك لو لم ينفذوا طلباته في الحصول على المال الذي يريده، ولكن رجال الأمن بالبنك تدخلوا واستطاعوا ان يقبضوا على الشاب والذي قذف (بالسجائر) في الهواء ليعطي لهم احساساً بأنها ستنفجر ويستطيع الهرب لكنهم كشفوا اللعبة وقبضوا عليه واعترف بجريمته كاملة، واظهر من خلال التحقيقات ان المجرم شاهد هذا الحدث في قناة فضائية كانت تعرض فيلماً تسجيلياً عن زعماء المافيا في ايطاليا وعرضت فقرات تمثيلية (لآل كابوني) عندما قاموا بسرقة أحد البنوك بنفس الطريقة لكن في هذه المرة بأصابع شيكولاته وتمت السرقة واكتشفت الشرطة الحيلة عندما ارسلت المافيا طرداً‮ ‬فيه‮ ‬أصابع‮ ‬الشيكولاته‮ ‬كهدية‮!‬
7‮ ‬محاولات
- والجريمة الثانية قام بها ثلاثة أفراد في محاولة سرقة بنك بمنطقة جسر السويس عندما دخل الثلاثة البنك وهم ملثمون ومسلحون ببنادق آلية واستطاعوا سرقة ثلاثة ملايين جنيه مصري وهربوا إلا أن الثالث لم يستطع ركوب السيارة وحاول الهرب في الشارع وقبض عليه الأهالي واعترف‮ ‬المتهم‮ ‬بأنهم‮ ‬خططوا‮ ‬لسرقة‮ ‬البنك‮ ‬بعدما‮ ‬شاهدوا‮ ‬فيلماً‮ ‬أمريكياً‮ ‬بإحدى‮ ‬القنوات‮ ‬الفضائية‮.‬
والجريمة الثالثة كانت في بور سعيد حيث قام ثلاثة رجال بسرقة محل للصرافة وسرقوا مايعادل 5 ملايين جنيه وبعض العملات الأجنبية حيث حفروا ثقباً في الحائط المجاور لمحل الصرافة ودخلوا المحل وأخذوا الخزينة الموجودة في الطابق الأعلى إلى دورة المياه وكسروها وسرقوا محتوياتها وهربوا.. وبعد التحقيقات تبين أن مثل هذه السرقة تمت من قبل سبع مرات بنفس الطريقة خلال سبع سنوات ولم تضبط واحدة فيها والصدفة هي التي أوقعت هذه العصابة الخطيرة عندما اعترف عليهم شريكهم الثالث.. والقضايا السبع الماضية لم يثبت عليها أية ادانة أو دليل وقيدت ضد مجهول.. واكتشفت الشرطة في التحقيقات ان الجناة قاموا بفعلتهم بعدما شاهدوا احدى القنوات الفضائية وهي تذيع فيلماً تسجيلياً عن أحد المجرمين في هولندا كان يقوم بسرقة المحلات بنفس الطريقة وعرضت القناة اعتراف المتهم الذي احتارت فيه السلطات هناك إلى أن أوقعته‮ ‬زوجته‮ ‬عندما‮ ‬اكتشفت‮ ‬أنه‮ ‬يخونها‮ ‬مع‮ ‬أخرى‮.‬
نوع‮ ‬جديد
‮- ‬والجريمة‮ ‬الأخيرة‮.. ‬كانت‮ ‬منذ‮ ‬أسابيع‮ ‬قليلة‮ ‬لزوج‮ ‬في‮ ‬الاسكندرية‮ ‬قتل‮ ‬زوجته‮ ‬في‮ ‬الطريق‮ ‬العام‮ ‬لأنه‮ ‬اكتشف‮ ‬أنها‮ ‬تخونه‮ ‬مع‮ ‬شاب‮ ‬جامعي‮ ‬يأخذ‮ ‬منها‮ ‬النقود‮ ‬التي‮ ‬يوفرها‮ ‬لها‮ ‬زوجها‮.‬
وكان الزوج قد اكتشف الخيانة منذ ثلاث سنوات لكنه لم يصرح لزوجته بهذا الاكتشاف واتفق مع الشاب الذي تربطه علاقة بزوجته على أن يقتلها مقابل حصوله على نصف مليون وتذكرة سفر إلى الخارج فور انتهائه من الجريمة وحصل الشاب على المقدم بالفعل لكنه لم يقتل الزوجة واخبرها بمؤامرة زوجها والتي واجهت الزوج بهذه الحقيقة فقتلها بنفسه في الشارع وأمام المارة واعترف بأنه شاهد فيلماً أمريكياً لمايكل دوجلاس وهو الجريمة الكاملة عبر إحدى القنوات الفضائية وقرر أن ينفذ نفس الخطة.
وتعقيباً على هذه الجرائم تقول دراسة المركز القومي للبحوث الجنائية ان هناك بالفعل نوعاً جديداً من الجرائم بدأ يظهر وهذه الجريمة تسمى الجريمة الكاملة أي تتوافر فيها جميع عناصر التنفيذ، التخطيط وكيفية الحصول على الإمكانات التي تساعد في تحقيقها، والفضائيات فتحت‮ ‬لهؤلاء‮ ‬الباب‮ ‬على‮ ‬مصراعيه،‮ ‬فالإنسان‮ ‬كائن‮ ‬يتأثر‮ ‬بمعنى‮ ‬أنه‮ ‬عندما‮ ‬يشاهد‮ ‬شيئاً‮ ‬جديداً‮ ‬يبهره‮ ‬ويتأثر‮ ‬به‮ ‬يحاول‮ ‬تقليده‮.‬
وأضافت ان مافعلته الفضائيات يمثل خطراً حقيقياً على الشباب الأكثر تهوراً أو سرعة الاستجابة لديهم عالية جداً.. وهذه الجرائم هي مؤشر لظهور عالم جديد من الجرائم الكاملة التي يصعب الامساك بها لأن القائم بالجريمة بعد ذلك سيكون أكثر وعياً بل وسيبتكر أساليب أكثر مما‮ ‬يشاهده‮ ‬كي‮ ‬يتجنب‮ ‬أخطاء‮ ‬الجرائم‮ ‬الأخرى‮.‬
وتؤكد الدراسة ضرورة تطوير الخطط الأمنية بحيث تتواكب مع تلك النوعية الجديدة من الجرائم وكذلك ضرورة ان تقوم أجهزة الإعلام ببث برامج مضادة تقلل من التأثيرات السلبية للأفلام والمسلسلات التي تتناول موضوعات خاصة بالجريمة.
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 13-نوفمبر-2024 الساعة: 10:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1418.htm