نجيب غلاب -
لفهم حقيقية الديمقراطية في نسق الرئيس السياسي علينا معرفة أهمية الديمقراطية لديه وان ندرس إستراتيجية الرئيس في تعامله مع الانفتاح السياسي ورؤيته لآليات الديمقراطية والقيم المرتبطة بها ومعرفة رأيه فيما يخص إنزال القيم الديمقراطية على الواقع اليمني؟ وكيف يمكن تجاوز المخاطر الناتجة عن الانفتاح السياسي؟ وغيرها من القضايا المتعلقة بمسألة التحولات الديمقراطية. وهذه المحاولة تأتي في سياق فهم التحولات الديمقراطية في اليمن من خلال تحليل رؤية النخبة السياسية الحاكمة ويمثل الرئيس صالح خير ممثل للنخبة الحاكمة بحكم القوة التي يمتلكها وقدرته على التأثير في تلك النخبة التي عادة خصوصا في وضعنا اليمني ما تستجيب للقائد السياسي أما حفاظا على مصالحها أو نتيجة توافقها مع أطروحات القائد السياسي الذي هو من جهة أخرى يتأثر بدوره أيضا بطرح النخبة الداعمة ويعيد صياغة أطروحاتها بطريقته الخاصة بحيث تكون فاعلة وقادرة على العمل في البيئة اليمنية وتلعب خبرته السياسية وشخصيته الكاريزمية دورا كبيرا بهذا الخصوص.
ابتدءا يمكن القول ان لدى الرئيس صالح اعتقاد ثابت فحواه أنه لا يمكن لأي حكم أن يعيش بدون الديمقراطية حيث أصبح من الصعب "بمكان القبول بأي شكل من أشكال التسلط والديكتاتورية والهيمنة وسلب الحقوق ومصادرة الرأي وحرية التعبير وتكميم الأفواه في أي مجتمع". وهذا الاعتقاد مسنود بان الديمقراطية وسيلة الشعب "الحضارية المثلى لصنع التقدم في الوطن"،ووسيلة مثلى للانتماء الحقيقي للعصر الذي هو عصر العلم والحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان لأخيه الإنسان وهي نقيض الاستبداد وفي خدمة الإنسان وبها يتجاوز كل أشكال الإلغاء للآخرين والإغراق في المصالح الأنانية والاستهانة بحقوق الآخرين وبمقدراتهم وفوق كل ذلك اعتقد الرئيس أنها حق كفلته الثورة ونظامها الجمهوري.
كل ذلك جعل منها في نسقه السياسي ضرورة تاريخية، واستجابة لحاجات الواقع، وقيمة عليا تعبر عن حيوية الشعب وروحه النضالية في العطاء والخيرية، وفيها تتجسد معاني "الولاء العميق لله والوطن والثورة".
فالديمقراطية في نسق الرئيس صالح السياسي أمر محسوم ولا جدال حول حتمية وجودها كحق مفروض على الحكام، وعلى القيادات السياسية أن تجعلها من أهدافها الجوهرية وأن تسهم بدور جوهري في ترسيخ العمل الديمقراطي و"تعزيز الممارسة الديمقراطية وتحصينها وتنقيتها من الشوائب التي تحيط بها" وحشد كل القوى والطاقات والإمكانيات والقدرات الوطنية" لتحقيق النجاح بتفعيل قيمها وآلياتها بشكل صحيح وبما يتوافق مع البيئة التي تعمل فيها.
والديمقراطية التي يتحدث عنها الرئيس هي الديمقراطية "الشاملة والكاملة التي يملك الشعب كل الحق في ممارستها بشكل إيجابي والتعبير عن رأيه من خلالها بكل الحرية" وليس لأحد أيّاً كان الحق في ان يفرض وصايته على الجماهير ويحد من اكتمال الديمقراطي بمفهومها الكامل كما طورها العقل الإنساني بحيث يتحقق وجودها الفعلي بممارسة الشعب حقه في حكم نفسه بنفسه عبر تنافس سلمي شريف يتجاوز الصراع السلبي المعيق للبناء الحضاري.
إستراتيجية الحوار وتجاوز الماضي
وقد تبنى الرئيس صالح إستراتيجية منفتحة داعمة للتحولات تقوم على تسييس الجماهير وتوسيع المشاركة السياسية ويمكن إجمال أسس الإستراتيجية بالنقاط التالية:
• اعتماد مبدأ الحوار السلمي والديمقراطي والإقلاع عن العنف فالإستراتيجية السلمية هي الأكثر جدوى في حل كافة الخلافات والتباينات والمشاكل بين الإطراف السياسية باعتماد الحوار الديمقراطي الهادئ وبالعقل والحكمة وذلك أن الحكمة والخير تتجسد في لجوء المجتمع "للحوار السلمي والتفاهم لحل كافة القضايا وأن تكون الديمقراطية هي المظلة الآمنة التي تتيح للجميع التعبير عن أرائهم والقبول بالرأي الأخر وضمان مصالحه دون عنف أو صراع دموي فهذه هي الطريقة المثلى التي يمكن من خلالها تجنب الصراعات والفتن وضمان سلامة المجتمع" ، ويمثل الحوار في النسق السياسي للرئيس صالح الوسيلة المثلى للبناء والتفاهم وحل المشاكل "سنعمل على الالتزام بمبدأ الحوار في حل كل المعضلات التي تواجه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية".
• تناسي الماضي وسلبياته وإزالة كل التباينات والعمل بروح الفريق الواحد على أساس القواسم المشتركة والقبول بالآخر أينا كان على أن يتنافس الجميع وأن يكون الاختلاف والاتفاق من أجل مصلحة اليمن ووضعها "فوق كل اعتبار وأن يكون منطلقنا في كل أعمالنا وموقفنا هو الولاء العميق ولانتماء الصادق للوطن". وفي هذا الإطار يقول الرئيس صالح: "نحن نرى أنه طالما هناك قناعة بالديمقراطية واحترام لإرادة الشعب عبر صناديق الاقتراع فأنه من الواجب أن يكون هناك احترام للآخر والقبول به مهما كانت درجة الاختلاف أو التباين معه حول بعض القضايا" ،ويقول بهذا الخصوص "أننا لن نتخلى عن مبدأ التسامح مهما بلغ حجم المتاعب التي نتحملها في القيادة والحكومة لأننا نشعر أننا مطالبون بالتضحية والصبر حتى نرسخ قيم الديمقراطية لنا وللأجيال من بعدنا"، ومهما كانت الأخطاء الناتجة عن الممارسة الديمقراطية فقد أكد "على أننا سنمضي في نفس الطريق لا نصادر رأيا ولا نقصف قلما ولا نعتدي على حرية حزب أو فرد أو جماعة بل سيظل السبيل الأمثل لمواجهة الشطط في الرأي والمعلومات المظللة والشائعات وغيرها هو تفنيدها بالحقائق ومقارعة الحجة بالحجة والرأي بالرأي".
وهذه الإستراتيجية مؤسسة على أساس أن "بناء الوطن مسئولية جميع الذين ينتمون إليه على اختلاف توجهاتهم الفكرية وعقائدهم السياسية ومواقعهم في البنية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وليس لأحد أن يحتكر أو يدعي احتكار لمفاتيح الحلول" في ظل النهج الديمقراطي الذي "يتيح للقوى السياسة الأخرى خارج السلطة حق المعارضة وممارسة النقد البناء والمسئول من أجل الإصلاح وتقويم الاعوجاج وأن كان ذلك لا يعفيها من واجب المشاركة في البناء وتوظيف برنامجها وطاقاتها وإمكانياتها في معركة التنمية بعيدا عن المزايدات والمكايدات السياسية التي تلحق الضرر بالوطن ومصالحه العليا" ، "إن جميع الأحزاب سواء في السلطة أو المعارضة تتحمل مسئولية كاملة ومشتركة في إيجاد وتنفيذ الحلول اللازمة للمعضلات الوطنية".
لا ديمقراطية بلا تعددية وتنافس سلمي
من جانب آخر تبنى الرئيس صالح إستراتيجية انفتاحية سلمية داعمة للأولى لتسيير العمل السياسي تقوم على الديمقراطية بمعناها الذي يقترب كثيرا من المفهوم الليبرالي، فقد أعتقد الرئيس صالح أن النظام السياسي لابد أن يؤسس على مشروعية دستورية تضمن الحقوق الأساسية للأفراد وفي إطار برلمان منتخب وضرورة أن يمثل الشعب بكل فئاته الاجتماعية والسياسية في السلطة على أن يرتكز النظام على آلية التداول السلمي للسلطة في أطار أن يمتلك الشعب حقه في أن يحكم نفسه بنفسه بدون تسلط أو هيمنة وأيضا أن تكون التعددية في النظام منهج وحيد للبناء والتغيير والمشاركة في تحمل المسئولية.
فالقوى السياسية تملك الحق في تنظيم نفسها لان الديمقراطية الحقيقية هي التي تقوم على التعددية السياسية، باعتبارها مرتكزا أساسيا للعمل الديمقراطي "ولا مخاوف من أي حزب أياً كان اتجاهه السياسي والفكري أن يتولى السلطة سلمياً طالما نال ثقة الشعب عبر صناديق الاقتراع". والتعددية لا تعني الفوضى والصراع والتنازع ولكنها تعددية "في الأفكار الخيرة وفي الأنشطة لبناء الوطن أرضاً وإنساناً وعلى أسس من المحبة والإخاء ونبذ الفرقة والتمزق"، وتحمل "في مضمونها امتلاك الحق في التعبير عن الرأي بكل حرية دون خوف أو قمع وممارسة الحق في المشاركة في صنع القرار، واختيار الحكام عبر صناديق الاقتراع بنزاهة وقناعة والحق أيضاً في أن يتنافس الجميع أفراداً وأحزاباً بشرف ومسؤولية من أجل الإسهام في مسيرة البناء في الوطن والتداول السلمي للسلطة".
وتمثل الانتخابات التنافسية في فكر الرئيس آلية لها أولوية لأنها تمثل نقطة انطلاقة متقدمة لترسيخ النهج الديمقراطي والتي لن تتحقق إلا بتنسيق الجهود والعمل على حشد كل الطاقات والإمكانيات من أجل المشاركة الإيجابية وإثراء واقع الممارسة الديمقراطية وقد أكد هذا الاعتقاد بشكل واضح وفي انتخابات 1997م بقوله: "من الواجب أن تتضافر الجهود وتتلاحم الصفوف من أجل إنجاحها باعتبارها مسؤولية وطنية وقضية تهم كل أبناء شعبنا وبالتالي فإننا ندعو الجميع في الوطن إلى التنافس السلمي والمشروع مع تجنب الأذى والتجريح أو الإضرار بالوحدة الوطنية وبحيث يسود التسامح والود والوئام وأن يعمل الجميع بإيثار ونكران للذات من أجل الوطن ورفعته وتقدمه".ومن خلال الانتخابات تنتصر الديمقراطية و"تتعزز وتتطور بالاتجاه الذي يرسخ وجودها وينمي نجاحاتها كأساس لا بديل عنه لمبدأ التداول السلمي للسلطة وبناء المجتمع المدني الحديث"، والانتخابات حسب اعتقاده هي تجسيد لمصداقية الالتزام بالخيار الديمقراطي لذا فقد أكد بشكل دائم على ضروري توفير كافة الضمانات لنجاحها. فبالانتخابات يتحقق التداول السلمي للسلطة ويترسيخ النهج الديمقراطي فالانتخابات تحدد من يحصل على الأغلبية ويحصل على الحق الشرعي في الحكم"ومن الطبيعي أن حزب الأغلبية يشكل الحكومة في ظل النظام الديمقراطي التعددي"."نظام الحكم قائم على مشروعية دستورية في إطار برلمان منتخب أو في إطار الدستور".
الديمقراطية تتطلب معارضة قوية
يعتقد الرئيس صالح أن وجود ديمقراطية حقيقية لا يمكن وجودها إلا بمعارضة "قوية بناءة تقوم الاعوجاج وتنبه إلى الأخطاء"، "معارضة وطنية تمارس وجباتها في تصيد أخطاء السلطة وتسليط الأضواء عليها بهدف الإصلاح لا الهدم" لان "الديمقراطية منظومة متكاملة بشقيها الحاكم والمعارض حيث يكمل كل منهما الآخر، فالمعارضة هي الوجه الآخر للحاكم والرديف الآخر له كما أن المعارضة تستمد مشروعيتها من مشروعية الحكم نفسه" "فلا معارضة في ظل نظام ديكتاتوري أو استبدادي قمعي ولا ديمقراطية صحيحة دون معارضة قوية مسئولة تستند إلى القيم الرئيسية والمبادئ الوطنية والمثل الرفيعة التي تحكم مسار العلاقات بين الجميع".
وفي هذا السياق يمكن الحديث عن اعتقاد الرئيس فيما يخص قناعته أن الديمقراطية تتطلب مجتمع مدني قوي مستقل يمثل الوجه الآخر للسلطة لذلك فقد طالب بضرورات تدعيم وتطوير المؤسسات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني لأنها الوجه الحقيقي الذي يبرز فيه العمل الديمقراطي والقوى الحقيقة صاحبة المصلحة في الديمقراطية والقوى القادرة على مواجهة ما يناقض مصالح الناس وحقهم في حكم أنفسهم.
الصحافة الحرة العمود الفقري للديمقراطية
"واعتقد الرئيس صالح أن "لا وجود لديمقراطية حقيقية دون صحافة حرة"."والصحف منابر مهمة للديمقراطية وللرأي الآخر وللمشاركة الشعبية وتحمل المسؤولية الوطنية" ومن الضروري منحها حرية كاملة حتى تكون "وسيلة لامتلاك الحقيقة ونشرها والانتصار للحق ورفع الظلم وتصحيح الأخطاء وتعميق المنهاج السليم" والتعددية السياسية مقرونة دائماً بتعددية إعلامية". وقد اعتقد الرئيس صالح أن على القيادة السياسية أن تكون ملتزمة بحرية التعبير وحرية الصحافة باعتبار أنها "تمثل العمود الفقري في جسم الديمقراطية والحرية السياسية وهي جزء من كل" وعلى الجميع احترامها والالتزام "وحمايتها ووضع الضمانات الكفيلة لممارستها على أوسع نطاق".
استقلال القضاء وسيادة القانون
وإن كانت الحرية مكفولة للجميع في النظام الديمقراطي فإنه في حالة التجاوزات فإن "القضاء هو الفيصل بين الجميع" والديمقراطية لابد أن تكون محمية بالقانون فلا ديمقراطية بدون حماية ولا حماية بدون تطبيق سيادة النظام والقانون".وعلى الجميع في السلطة وخارجها حتى تتحقق الديمقراطية بشكلها الصحيح الالتزام الدقيق بمبادئ الشرعية الدستورية وبكل القوانين والأنظمة".
وفي عرضنا لآليات الديمقراطية لا بد أن نذكر أن الرئيس تجاوز الطرح الليبرالي الجاف وأكد أن الديمقراطية ليست حرية سياسية فقط بل لابد " أن تكون الديمقراطية هي الخيار لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان المشاركة المتكافئة في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية".
الديمقراطية مخاطرة محسوبة
وكان الرئيس صالح يدرك ان الديمقراطية مخاطرة ضرورية ربما ينتج عنها إشكاليات كثيرة ولكنها حسب اعتقاد الرئيس صالح: "الخيار الوحيد لنا مهما دفعنا من ثمن وهي دفعتنا بالفعل ثمنا باهظا وثمنا كبيرا ولازلنا ندفعه ونتوقع أن ندفع المزيد". فقد اعتقد الرئيس صالح أن التحول الديمقراطي عملية معقدة نسبيا "إذ الناس خرجوا من سجن مغلق إلى فضاء واسع من الحرية وأمر طبيعي أن يحدث تزاحم واضطراب وفوضى في مثل هذه الحالة".
وهذا يولد تحديات ومصاعب وسلبيات يمكن أن تنتج عن تطبيقها في بداية الأمر كاستغلالها للإساءة للآخرين وخلق الفرقة والشتات، أو الإساءة للوطن يقول الرئيس صالح: "أن البعض يستغل مناخ الديمقراطية لتشويه سمعة الديمقراطية والإساءة للوحدة الوطنية" ، "ربما سببت الديمقراطية لنا الكثير من المتاعب وأغضبتنا وأغضبت المسئولين"، كما أن البعض فهم التعددية بشكل خاطئ واعتبر "أنها تعني إهدار المال العام وعدم الوفاء بأمانة المسئولية وجعل المصالح الذاتية فوق مصلحة الوطن"، وبعض الأحزاب تمارس العمل السياسي من خلال إثارة القبائل وإثارة النعرات القبلية والمناطقية أو المذهبية أو الطائفية وغيرها.
من جانب آخر اعتقد الرئيس وبعد عشر سنوات من الديمقراطية القائمة على التعددية أن المخاطر قد تنتج من قلة الوعي بالديمقراطية فعندما سئل عن القضية الكبيرة في مجال الممارسة الديمقراطية في اليمن أجاب: "الوعي...نحن نحتاج إلى مزيد من الوعي لأن كثير من الناس يفهمون الديمقراطية بطريقة خاطئة أو أنها تعني عدم المسئولية والفوضى أو تجاوز القانون"، كما أن البعض "قد فهم الديمقراطية بصورة خاطئة وتعامل معها بنوايا غير حسنة وعمل جاهدا على الانحراف بها نحو مسارات الانفلات والأهواء الذاتية في محاولة لإفراغها من محتواها".
والديمقراطية مخاطرة محسوبة حسب اعتقاد الرئيس صالح لأنها قادرة على تصحيح وتجاوز أخطائها ومساوئها وترشيد نفسها، "ومن خلال الواقع الذي يتشكل في ظلها"، " والديمقراطية مهما بدت صعبة أو صاحبها في البداية بعض الأخطاء والتجاوزات فأنها بالممارسة تصبح سلوكا راسخا يتقبله الجميع"، ومع التجربة يتعلم الناس الديمقراطية وتنتهي الفوضى وتخف، ويؤدي "استمرار المسيرة وتراكم الخبرة" إلى تصحيح "أي تجاوزات أو تعسف في استعمال حق الرأي وسوف ترشد الديمقراطية نفسها".
ولعل هذا الاعتقاد جعل الرئيس يقاوم بعض الأصوات التي اعترضت على الديمقراطية كمنهج للحكم في وضعية اليمن حيث يقول بهذا الخصوص: "لقد كانت هناك أصوات تردد المخاوف من خطر الديمقراطية على الاستقرار بسبب الظروف الاجتماعية الصعبة الموروثة من عهود التخلف الأمامي والاستعماري".
ومع الممارسة الديمقراطية لم تتجاوز الديمقراطية السلبيات التي أفرزها الواقع نتيجة تفاعله مع التحول الديمقراطي ولكن الرئيس ظل ثابت في اعتقاده أن الديمقراطية قادرة على تصحيح المسارات الخاطئة ويؤكد ذلك بقوله: "كانت هناك أصوات وتصرفات تتجاوز حدود العقل وتتعرض لثوابت الوطن وتقدم مبررات تدعم منطق الخائفين من مخاطر الديمقراطية. غير أن شعبنا أيقن بأنه لا بديل عن خيار الديمقراطية لتحدي الظروف الصعبة ولتصويب التجاوزات غير المعقولة".
أعظم المخاطر غياب الديمقراطية
اعتقد الرئيس صالح أن انعدام الديمقراطية يمثل أعظم المخاطر لأن البديل يتمثل في انتشار الأساليب الدكتاتورية والتطلعات القمعية التي تدخل الشعوب في نفق مظلم وتجعلها مستعبدة ورازحة تحت نير الأنظمة الاستبدادية والوصاية الخارجية في وضعية تاريخية أصبح النضال من أجل الديمقراطية خيار أساسي للشعوب من أجل تقدمها.
كما أعتقد الرئيس أن التطرف ليس إلا نتاج للكبت والقهر ومنع الحريات. وبالتالي فقد أعتقد الرئيس صالح "أنه ليس أسوأ من مصاعب التحول الديمقراطي سوى غياب الديمقراطية" و "بأن أخطاء الديمقراطية مهما كانت أقل ضررا من قيام الديمقراطية نفسها" ،وبعبارة أخرى ظل تصور الرئيس ثابت أن "ما هو أسوأ من الديمقراطية هو عدم وجودها وربما يرى البعض أن الديمقراطية سيئة لأنهم لم يتعودوا عليها لكنها ليست أسوأ من الديكتاتورية" ، ويقول أيضا تأكيدا للفكرة السابقة "ونحن نعتقد دوما بأن أخطاء الديمقراطية مهما كانت أقل ضررا من قيام الديمقراطية نفسها".
وقد وضع الرئيس صالح شروط لتجاوز المخاطر التي يمكن أن تنتج عن الممارسة الديمقراطية يمكن أجمال بعضها في التالي:
ـ أن يتم تصحيح أخطاء الديمقراطية بمزيد من الممارسة الديمقراطية، والتمسك بالنهج الديمقراطي مهما كانت الصعاب والتحديات في بداية الأمر، فأخطاء الديمقراطية حسب اعتقاد الرئيس لا تعالج بالتوقف أو التراجع بل بمزيد من الديمقراطية، و"الديمقراطية مدرسة يتعلم منها الجميع وأخطاؤها مهما كانت لا يمكن تصحيحها إلا بالمزيد من الديمقراطية".
ـ أن نمارس الديمقراطية بشكل صحيح بحيث لا نسمح لاختلاف الرأي أو التنافس على السلطة أن يتحول إلى عداء وقطيعة، وأن تكون الديمقراطية "وسيلة للبناء وتجنب الانشداد نحو متاهات التعصبات الضيقة بكل إشكالها وصورها" وأن يتم الاستفادة من تجارب الآخرين.
ـ التعامل "مع الديمقراطية بروح مسئولة ووطنية بما يحافظ على الوحدة الوطنية ومنجزات الثورة اليمنية ويحقق مزيدا من الوئام والالتحام ونبذ الفرقة والشتات ومحاربة الظواهر السلبية وعلى مختلف الاتجاهات السياسية والاقتصادية" وأن تفهم الديمقراطية على حقيقتها فهي منهج لبناء الوطن "لا لتمزيقه ولا لإثارة الشغب والعنف والكلام غير المسئول عبر بعض الصحف".
ـ أن تستند التعددية السياسية على أسس وطنية و"أن تنطلق من مبدأ الولاء لله وللوطن والثورة وأن تجسد أصالة شعبنا وتاريخه النضالي" وأن يكون هدفها بناء الوطن وتقدمه وتعزيز وترسيخ الوحدة الوطنية والالتزام بمقتضيات المصلحة الوطنية وأن يكون التنافس سلميا وشريفا من خلال البرامج واحترام صناديق الاقتراع وإرادة الناخبين ومبني على الخير والمحبة والإخاء ونبذ الفرقة والتمزق، وأن تتفق الأحزاب وتختلف وتتنافس من منظور وطني.
ـ أن تكون "خيار بناء ونهضة لا وسيلة هدم وتخريب" وأن "لا تكون مجالا للإساءة إلى الآخرين أو إلحاق الضرر بالوطن".
ـ أن تكون المعارضة قوية ومسئولة "تستند إلى القيم الدينية والمبادئ الوطنية والمثل الرفيعة التي تحكم مسار العلاقات بين الجميع"،وتقول رأيها "في إطار ثوابت وطنية لا تمس بالوحدة الوطنية أو تؤثر على الثوابت التي أكد عليها الدستور".
ـ أن تترفع الأحزاب السياسية والصحف "عن كل الصغائر والخلافات الهامشية والعمل على كل ما من شأنه ترسيخ الوحدة الوطنية وإثراء الواقع الديمقراطي والتعددية الحزبية بالممارسات الوطنية المسئولة البعيدة عن الولاء الخارجي والمزايدات والمكايدات التي تضر بمصلحة الوطن".
ـ الالتزام بالأسس والثوابت الوطنية والضوابط الأخلاقية التي تحمي الشرعية الدستورية والممارسة الديمقراطية الصحيحة وأيضا الالتزام بمبادئ الشرعية الدستورية وبالقواعد العامة والأنظمة والقوانين من قبل الجميع حاكم ومحكوم، وأيضا ضرورة تطبيق القانون على الجميع فتطبيق القانون لازمة ضرورية للديمقراطية التي تحتاج إلى حماية ولا حماية بدون تطبيق سيادة النظام والقانون.
وهذه الشروط قد يتصور البعض أن بعضها يتناقض مع الديمقراطية وهذا الطرح غير واقعي فالديمقراطية لدى الرئيس صالح ليست ثورة على القيم والمبادئ وعقيدة الشعب كما قد يفهم البعض بل هي مؤسسة على تلك المبادئ وهي مرفضة ان تم تجاوز ثوابت الشعب بل أن الديمقراطية تمثل خطرا كبيرا في حالة تناقضها مع تلك القيم وهذه النظرة تمثل أعلى مراحل الفهم الإيجابي والواقعي والعلمي للتحولات الديمقراطية.
إستراتيجية التدرج لبناء التجربة الديمقراطية
وعلى الرغم من طرح الرئيس لرؤية مثالية للديمقراطية إلا أنه لم يتعامل معها كرؤية منجزة أو فكرة نموذجية ومفهوما ناجزا يمكن قسر الواقع عليه وإجباره على لبسه وهذا يعود إلى ان التكوين الفكري للرئيس لم يتأثر بالإيديولوجيات الغربية كبناء كلي متماسك وتعامل مع تلك النظريات بعقلية عملية براغماتية بمعنى ما هو مفيد ونافع للواقع اليمني يتم التعامل معه كبناء أجرائي يتم هضمه ودمجه في تجربة النظام السياسي وحياة المجتمع.
لذلك فقد أعتقد الرئيس أن التجربة والتدرج هي المنهج الأكثر قدرة على تحقيق الديمقراطية فاليمن بدأ تجربته الديمقراطية التعددية مع تحقق الوحدة، وكانت التجربة مزعجة فالصحافة وحرية التعبير وممارسة النقد لم تكن مقننة، ولكن التجربة ترشد نفسها مع الزمن وبالممارسة العملية نكون أكثر قدرة على تجاوز السلبيات فانتخابات 97م كانت أفضل من انتخابات93،"فالديمقراطية يتعلمها الناس وبدأت الفوضى تنتهي وتخف"، "نحن كلنا نتعلم ونستفيد من الديمقراطية في إطار خصوصيات كل قطر" والديمقراطية هي آلية الحكم العصرية ومواكبة العصر ضرورية ولكن بالتدرج.
ويؤكد هذا الاعتقاد أيضا بقوله "كلنا في البداية انزعجنا من الديمقراطية لكننا تأقلمنا وتعاملنا معها وبدأت الديمقراطية مع الوقت ترشد نفسها ربما الشيء المفاجئ كل الناس ينزعجون منه في البداية لكنهم يألفونه فيما بعد" ،"والديمقراطية مهما برزت صعبة أو صاحبتها في البداية بعض الأخطاء والتجاوزات فإنها بالممارسة تصبح سلوكاً راسخاً يتقبله الجميع".
فالتجربة في اعتقاد الرئيس هي الكفيلة بتعليم الناس الديمقراطية وأيضاً من خلالها يتم تجاوز السلبيات والوصول بالهدف إلى الغاية المنشودة "إننا ما نزال في بداية الطريق وأن البعض يستغل مناخ الديمقراطية لتشويه الديمقراطية والإساءة للوحدة الوطنية لكننا حريصون على أن لا نعالج الخطأ بالخطأ أو نواجه مظاهر العمالة والخيانة بالقمع منطلقين من قناعاتنا الدائمة بأن تصحيح الديمقراطية مرهون بالمزيد من الديمقراطية".
كما أنه من المهم أن "نتعامل مع الظاهرة بوعي فالدولة لا تواجه الفوضى بالقمع ولكنها ضرورة الالتزام بالقواعد العامة والأنظمة والقوانين حتى لا تقع حوادث صدام بسبب الزحف المتسارع في الطريق من السجن الكبير إلى الحرية الواسعة".
"واثقين أن استمرار المسيرة وتراكم الخبرة سيصحح أي تجاوزات أو تعسف في استعمال حق الرأي والتعبير وسوف ترشد الديمقراطية نفسها". فالبرلمان مثلاً "يمثل مدرسة للتدريب والتعليم ربما كانت البداية صعبة لكنها بدأت تترشد وبدأ يتعلم فيها الناس أصول الديمقراطية". وسيظل الشعب "يتعلم في كل يوم في مدرسة الديمقراطية ويكتسب منها المزيد من الخبرات"."ونحن ندرك بأن الديمقراطية لا تأتي فجأة ولكنها تنمو وتعزز كل يوم".
ان هكذا تعامل يسهم في البناء الديمقراطي وتتحول الديمقراطية إلى أداة بنائية تخلق ظروف تطورها التدريجي مع التجربة ويصبح عملها في ظروف ثقافية واجتماعية واقتصادية قد تكون معاكسة للديمقراطية إلا ان التفاعل المتبادل مع الواقع يجعل الواقع يسير في اتجاهين احدها يأتي من البيئة المحيطة يقاوم الديمقراطية أثناء تفاعلها والآخر يقاوم المقاومة المضادة بشكلين متوازيين يقوم الواقع ببعث القيم والقوى المتوائمة مع الديمقراطية كما ان الديمقراطية تطور من نفسها لتتوافق مع السياق التاريخي الذي تعمل فيه.
وهذا يجعل من الديمقراطية في حالة من التطور الدائم لتصل الى هدفها وغايتها من الحفاظ على كرامة الإنسان وحريته ويحفظ له قيمه ومبادئه وعقائده بما يعني ان الديمقراطية لا تتناقض مع القيم الايجابية التي تعمل لصالح الإنسان داخل أي ثقافة إنسانية.
والتجربة هي الحل الوحيد لخلق ديمقراطية متوافقة مع طبيعة البيئة اليمنية لان التجربة تحدث تراكم معرفي يسهم في تغيير الواقع ويعدل أخطاء الممارسة بتعميق الممارسة متساوقة مع نقد ومراجعة التموضع الديمقراطي في الواقع.
الديمقراطية صراع من اجل السلم
الديمقراطية وإن كانت ضرورة لإدارة الصراع السياسي بشكل سلمي إلا أنها قد تفرز حالة من الصراع عندما يتم التعامل معها بشكل سلبي لذلك ينبغي أن "نتعامل مع الديمقراطية بروح مسئولة ووطنية بما يحافظ على الوحدة الوطنية أو منجزات الثورة اليمنية ويحقق مزيداً من الوئام والالتزام ونبذ الفرقة والشتات ومحاربة الظواهر السلبية. وعلى مختلف الاتجاهات السياسية والاقتصادية". "علينا أن نفهم الديمقراطية الفهم الحقيقي لبناء الوطن لا تمزيقه ولا لإثارة الشغب والعنف والكلام غير المسئول".
وحسم الصراع السياسي والاجتماعي حسب اعتقاده لا يمكن أن يكون باللجوء إلى العنف والإرهاب لأن ذلك يلحق الضرر بالاستقرار والتنمية والسلام الاجتماعي بل بإتاحة "منافذ المشاركة أمام الجميع واللجوء للحوار لحل التباينات والاختلافات والاجتهادات المختلفة بالرؤى هو الوسيلة المثلى لتجنب المجتمع أي صراعات أو توترات أو أي احتقان سياسي" ويصبح من الحكمة والخير للجميع "أن يلجئوا للحوار السلمي والتفاهم لحل كافة القضايا وأن تكون الديمقراطية هي المظلة الآمنة التي تتيح للجميع التعبير عن آرائهم والقبول ببعضهم البعض وضمان مصالحهم دون عنف أو صراع دموي فهذه هي الطريقة المثلى التي يمكن من خلالها تجنب الصراعات والفتن وضمان السلامة لأي مجتمع" .من خلال التنافس السلمي والمشروع المؤسس على حماية الوحدة الوطنية "والتسامح والود والوئام". بحيث يصبح التداول السلمي للسلطة طريق لحل مشكلة الصراع على السلطة من خلال التعددية وأن يكون وصول أو سقوط أي تنظيم سياسي "على أساس الديمقراطية وليس على أساس العنف".
والديمقراطية تؤسس للسلم الاجتماعي بمفهومه الحديث والمرتبط بالدولة الوطنية لان الديمقراطية حسب اعتقاده تحل محل القبلية والعشيرة والمناطقية والأسرية والطائفية فهي تحل وتنهي التعصب القبلي الذي يذوب في إطار التوجه نحو الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية على أساس أن الحزبية تضم انتماءات أوسع وتشمل العديد من الفئات والمناطق والاتجاهات فالتعددية الحزبية تمثل خريطة أوسع للانتماء مما يجعلها بديل عملي ومثالي لكل أنواع التعصب.
ويمثل التسامح في تصوره مهم للسلم الاجتماعي لانه طريق ضروري في مرحلة التأسيس للديمقراطية "أننا لن نتخلى عن مبدأ التسامح مهما بلغ حجم المتاعب التي نتحملها في القيادة والحكومة لأننا نشعر أننا مطالبون بالتضحية والصبر حتى ترسخ قيم الديمقراطية لنا وللأجيال من بعدنا" ، وترسيخ الديمقراطية والحرية في ظل الوحدة يجعل اليمن قادراً على التغلب على الأفعال اللامسئولة والأعمال العدوانية الغادرة وقادرة على التأسيس لمستقبل أكثر وضوحاً وتجلياً.
والكبت وتكميم الأفواه عدو للسلم لانه يؤدي إلى الانفجار لأن الإنسان عنده طاقة يجب أن يفرغها والديمقراطية تفتح للإنسان الحوار والتفاهم والتعبير عن حقوقه وحاجاته ويمارس النقد وكل ذلك يساعد الحاكم على تلافي الأخطاء وتجنبها "لأن إذا كان كله تمام سيتمادى الفاسدون ويتمادى المتمادون إلى السخرية من الشعب والى التمادي على المال العام ولكن عندما يظل النقد والديمقراطية لا أحد يتجرأ أن يفسد في الأرض أو يتلاعب بأموال الدولة".
فالديمقراطية تشكل في فكر الرئيس صالح أهم وأبرز الأدوات القادرة على حل الصراعات السياسية والاجتماعية وبها يتم تجاوز الثقافة والسلوكيات المؤسسة للصراع السلبي لصالح قيم السلم الاجتماعي والتوافق والتعاون وإدارة الصراع بطريقة سلمية فيما يخدم المصالح الوطنية ويحقق مصالح الناس وحاجتهم للأمن والأمان والعيش بسلام حتى يكونوا قادرين على بناء وتعمير حياتهم وتحقيق نهوضهم الحضاري.
الديمقراطية خيار لا رجعة عنه
وتعاظم الخيار الديمقراطي لدى الرئيس صالح ليصبح هو القيمة الأكثر تكرارا في نسقه السياسي له مبررات عملية وواقعية أخرى غير التي ذكرناها سابقا إجمالا فالخيار الديمقراطية رديف للوحدة والوحدة هي أقوى القيم وأهمها في نسقه السياسي وبالتالي فأن الديمقراطية تأخذ نفس أهميتها وقوتها يقول صالح و"الطريق إلى الوحدة مرتبط بالديمقراطية والحرية والمساواة" والنهج الديمقراطي "اقترن تدشينه وتزامن مع إعلان ميلاد دولة الوحدة، وارتبط معها ارتباطاً عضوياً" "ومع الوحدة جاءت الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية" وبالتالي فهي "حصانة حضارية للدولة اليمنية".، "وهي الضمانة الصحيحة لترسيخ الوحدة والوصول إلى تحقيق الغايات الوطنية المنشودة" والعلاقة بين الوحدة والديمقراطية علاقة عضوية وموضوعية عميقة يصعب اختراقها ويتعذر فصمها على مر الزمن" ،"فالديمقراطية هي ضمان الصمود وثبات دولة الوحدة في وجه كل المؤامرات التي قد تستهدف تقويضها وتحقيق الوحدة يؤمن للممارسة الديمقراطية كل فرص النجاح والاستمرار".
إضافة إلى ذلك مثلت الديمقراطية الأداة التي أوصلت الثورة إلى غاياتها المثلى ولان الثورة ومبادئها تشكل الأهداف الرئيسية للرئيس صالح فهذا يجعل من الديمقراطية أكثر قوة ورسوخا وثباتا في نسقه السياسي يقول صالح بهذا الخصوص الديمقراطية هي "أداة الشعب التي ترجم من خلالها حقه في حكم نفسه بنفسه في الوصول بالشرعية الثورية إلى غاية الاكتمال لتعميق الشرعية الدستورية أساس بناء الدولة المركزية الحديثة.. دولة المؤسسات والنظام والقانون".
كما أن الديمقراطية هي منهج للبناء والتقدم كغايات جوهرية للثورة يقول بهذا الخصوص: "أن تقدماً جديداً للعمل الوطني الجبار والحاسم في دروب البناء والتنمية والذي لا يمكن أن تنطلق مسيرته المعطاءة والخيرة إلا على قاعدة راسخة وصادقة من الالتزام بترجمة المبادئ والقيم والمثل المعلنة والملتزم بها بصدد الحرية والديمقراطية وصيانة الوحدة اليمنية والانتصار لاختيار الشعب في انتخابه ممثليه في السلطة التشريعية والمجالس المحلية وتجسيد مبدأ التداول السلمي للسلطة" ولانه في ظل الديمقراطية القائمة على التعددية الحزبية وحرية الرأي والصحافة واحترام حقوق الإنسان والتبادل السلمي للسلطة "تنفجر طاقات الشعب وإبداعاته في شتى ميادين البناء وتتهيأ المناخات السلمية للتنمية وصنع التقدم في الوطن". وأخيرا إذا كانت الديمقراطية لدى الرئيس صالح "هي أساس الحفاظ على الوحدة وهي أساس التقدم في وطننا" فهي أيضاً "أساس تنمية وتطوير علاقات بلادنا مع العالم الخارجي".
مما سبق يتضح أن الديمقراطية في نسق الرئيس السياسي قيمة إيجابية وعملية خادمة للواقع وقادرة على حماية مصالح الناس والاستجابة لحاجاتهم وتقود نحو السلم والاستقرار والحفاظ على الوطن ومصالحه لذلك كله اعتقد الرئيس صالح بشكل جازم "أن التراجع عن هذا الخيار هو المستحيل عينه" وأن الشعب اليمني "تمسك بالديمقراطية كخيار لا رجعة عنه"، وفي احد المقابلات الصحفية قال الرئيس صالح "أكتب على لساني تقطع يدي ولا أوقع على قرار بالتراجع عن الديمقراطية والتعددية السياسية". فالديمقراطية هي الخيار الوحيد "الذي لن نحيد عنه ولن نفرط فيه أبداً" و"لا حياد عنه لبناء اليمن الجديد وتحقيق نهضته وعزته وتقدمه".