علي عمر الصيعري -
يحرص قادة حزب الإصلاح »المتأسلمون«، كلما حل الثامن من مارس اليوم العالمي للمرأة، على الدفع بخطابهم الإعلامي لتصنع الوقوف إلى جانب المرأة اليمنية لنيل حقوقها السياسية، في محاولة تحسين صورة حزبهم العقائدي في الساحة السياسية وأمام منظمات المرأة المجتمعية، كما حدث مؤخراً في ندوة اقيمت بصنعاء حول »التمكين السياسي للمرأة« بهذه المناسبة، غير أنهم يضمرون خلاف ما يتشدقون به وهم يدركون جيداً أن حزبهم أول من رفض »الكوتا« السياسية لتمكين المرأة من ممارسة حقها كاملاً في الترشح للانتخابات، وهي الآلية التي بادر إلى طرحها على الأحزاب مؤتمرنا الشعبي العام.
وفي حقيقة الأمر، وبحسب العديد من المفكرين والسياسيين التقدميين، فإن هؤلاء المتأسلمين عندما يناقشون حقوق المرأة، ينظرون إلى مسألة نيلها لحقوقها السياسية وكأنه عمل مضاد للشريعة الإسلامية، وهو البعد الأخطر في نقاش من هذا النوع.. فمثل هذه النقاشات لاتنصب على موضوعات سياسية أو اجتماعية، ولكنها تضع الفكر الإسلامي في مأزق حين تصوره وكأنه مضاد للحقوق والحريات الإنسانية، وهي مقارنة غير موضوعية على أقل تقدير، لأنها تنبع من محاولة احتكار تفسير تعاليم الإسلام العظيم.. وليست هناك مشروعية لاحتكار طرف من الأطراف تمثيل الإسلام والمسلمين حصراً.
ويرى هؤلاء المفكرون أن المتأسلمين يخلطون بين الشأن الديني المقدس والشأن السياسي الوضعي، فيدخلون في تعطيل المصالح المرسلة للناس وتضييق أفق الحياة التي يسعون في رحابها.. بل والأعجب ان هذا البعض يقبل بمؤسسات جديدة يمارس من خلالها عملاً مثل الأحزاب والجمعيات المختلفة، وهي أحد اشكال المجتمع المدني، ولكن إذا حاول المجتمع أن يستكمل أركانه ويضع دعائمه بمشاركة المرأة النصف »العاطل« منه اعتبر البعض ذلك خروجاً على الشريعة الإسلامية ،أي أنه يقحم الشريعة في إطار مؤسسات ليست الشريعة طرفاً فيها، وهو تضييق متعسف ووضع للشريعة في غير إطارها.
والطريف في الأمر أن يتمادى هؤلاء الدراويش في استغفال المرأة لتبرئة حزبهم وأنفسهم من هذا التعسف والجمود، فيلقون باللائمة على نظامنا السياسي التقدمي الديمقراطي ويتهمونه باستبعاد المرأة من ممارسة حقوقها السياسية بحجة ما يصفونه بالمستبد، وهم من غلاة المستبدين بعقلياتهم المتحجرة.
أما الغريب في الأمر، فإن هؤلاء المتأسلمين الجدد يربطون، كيداً وابتزازاً، بين مشروع »القائمة النسبية« الذي يخص الأحزاب السياسية، وبين مسألة تمكين المرأة في الانتخابات والتي تختصها »الكوتا«، وهذا ربط أقل ما يوصف بأنه سذاجة وغباء سياسي يستمرئه أمثال هؤلاء الدراويش لخدمة مصالحهم الحزبية الذاتية الضيقة.
قال الشاعر:
سلي، إن جهلتِ، الناسَ عنّا وعنهم
فليس سواء عالم وجهول
(السمؤل بن عاديا)