الجمعة, 17-نوفمبر-2006
د. علوي عبدالله طاهر -
ليس هناك ملكية أخص وألصق بالإنسان من ملكيته لانتاجه الذهني أو الفكري، وعلى أساس ذلك فإن للكتَّاب والفنانين الحق في ملكية مؤلفاتهم، وهو ما يخولهم حق التمتع بالحماية ضد استخدام مؤلفاتهم بغير ترخيص، وحق تقاضي حصتهم من أي أرباح تنتج عن انتفاع الناس بها، وهو ما‮ ‬يوفره‮ ‬لهم‮ ‬قانون‮ ‬حقوق‮ ‬المؤلف‮.‬
فقوانين حقوق المؤلف في كثير من دول العالم المعاصر لاشك أنها تكفل للمؤلفين حقوقهم في الحصول على المكافآت المجزية مقابل المؤلفات العلمية أو الأدبية أو الفنية التي قاموا بها، وهذه المكافآت ان أعطيت لمستحقيها في أوقاتها بدون مطل أو اجحاف إنما هي تشكل حافزاً لهم‮ ‬على‮ ‬الابداع،‮ ‬بما‮ ‬يفيد‮ ‬المجتمع‮ ‬بمختلف‮ ‬صنوف‮ ‬العلم‮ ‬والمعرفة‮.‬
ولضمان حق المؤلف أصدر الاتحاد الدولي لجمعيات المؤلفين والملحنين عام ٦٥٩١م، ميثاقاً لحقوق المؤلف، يؤكد على أن أي مصنف فكري بالقدر الذي يعبر عن شخصية صاحبه هو في الوقت ذاته يعتبر مورداً اقتصادياً لصاحبه، وهو ما يجب الحفاظ عليه، باعتباره حقاً من حقوقه، ولذلك صار لزاماً على الدول أن تعترف بحق المؤلف في المطالبة بأن ينسب عمله إليه، وحقه في المطالبة باحترام السمات الأساسية لمؤلفه، وحقه في الحصول على المكافآت المجزية مقابل المؤلف الذي قام به لفائدة المجتمع.
ولما كان المؤلفون والمبدعون في مختلف المجالات يضطلعون بمهام روحية تعود بالخير على الانسانية، فإنه يجب على الدول أن تكفل لهم أكبر قدر من الحماية، ليس مراعاة لجهودهم فحسب، بل لفائدة المجتمع أيضاً.. ولذلك صدرت في كثير من دول العالم عدداً من القوانين المتعلقة بحقوق‮ ‬المؤلف‮ ‬وهي‮ ‬تختلف‮ ‬من‮ ‬بلد‮ ‬الى‮ ‬آخر،‮ ‬بحسب‮ ‬اختلاف‮ ‬الأهداف‮ ‬الوطنية‮ ‬لكل‮ ‬منها،‮ ‬ولكنها‮ ‬تلتقي‮ ‬في‮ ‬مبدأ‮ ‬واحد‮ ‬هو‮ ‬حماية‮ ‬المصنفات‮ ‬الفكرية‮ ‬من‮ ‬أن‮ ‬تتعرض‮ ‬للسطو‮ ‬والانتقاص‮ ‬من‮ ‬حقوقها‮.‬
وتعتبر حقوق المؤلف المحور الذي تدور حوله جميع القوانين الخاصة بحقوق المؤلف، وتنطوي هذه القوانين على تفرقة واضحة بين صاحب حقوق المؤلف، وبين الشخص الذي يملك شيئاً مادياً مثل الكتاب أو الاسطوانة أو اللوحة، فالصورة شيء.
وحق المؤلف على تلك الصورة شيء آخر، فإذا باع أحد الفنانين صورة رسمها فإن هذا لا يعني أنه قد نقل ماله من حقوق المؤلف عليها، إلاّ اذا كان قد وقِّع على ذلك نصاً، وكذلك اذا ما تم انتاج إحدى »الكاسيتات« أو »السي دي« بطريقة مشروعة، فإن مالكها يستطيع التصرف بها كما‮ ‬يحلو‮ ‬له،‮ ‬ولكنه‮ ‬لا‮ ‬يستطيع‮ ‬أن‮ ‬يصنع‮ ‬نسخة‮ ‬أخرى‮ ‬منها‮ ‬دون‮ ‬إذن‮ ‬من‮ ‬صاحب‮ ‬حقوق‮ ‬المؤلف‮.‬
والشيء‮ ‬نفسه‮ ‬ينطبق‮ ‬على‮ ‬المؤلفات‮ ‬الفكرية‮ ‬من‮ ‬كتب‮ ‬ونحوها‮ ‬فإن‮ ‬القوانين‮ ‬تؤكد‮ ‬على‮ ‬حق‮ ‬المؤلفين‮ ‬في‮ ‬عائد‮ ‬معقول‮ ‬مقابل‮ ‬استخدام‮ ‬مصنفاتهم،‮ ‬وحقهم‮ ‬في‮ ‬الحصول‮ ‬على‮ ‬ريع‮ ‬أو‮ ‬دخل‮ ‬مقابل‮ ‬جهدهم‮ ‬العقلي‮ ‬أو‮ ‬الفكري‮.‬
فحيثما توجد قوانين خاصة بحقوق المؤلف تخصص للمؤلف نسبة مئوية من ثمن بيع الكتاب وعادة ما يتم تحديد ذلك في عقود ُتبرم بين المؤلف والمنتفع.. وتحديد الشروط التي على أساسها يوافق المؤلف على نشر المؤلف من عدمه، وبمقتضى ذلك يتمكن المؤلفون من أن يعيشوا من حصيلة الانتفاع‮ ‬بمصنفاتهم‮.‬
غير أن واقع المؤلفين في بلادنا يحرمهم من بعض حقوقهم التي ينبغي الحصول عليها مقابل انتاجهم الفكري، فبعض المؤلفات تتعرض للسطو من قبل بعض الباحثين، وبعضهم ينتقص فيها حق المؤلف من قبل دور النشر التي تستغل ظروفه، فتنشر مؤلفه مقابل تسليمه نسخاً محدودة من النسخ التي لا تزيد قيمتها عن واحد في المائة من مجموع قيمة النسخ المطبوعة، والأسوأ من ذلك أن بعض دور النشر تعيد نشر كُتب بعض المؤلفين دون الحصول على إذن منهم، مع عدم إعطاء المؤلف أي مقابل، وفي ذلك خرق واضح لحقوق المؤلف.
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 22-نوفمبر-2024 الساعة: 06:29 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1485.htm