يحيى علي نوري -
الانتخابات التجديدية لقيادات المجالس المحلية بالمحافظات والمديريات المزمع اجراؤها في الـ5 من مايو القادم والتي سيتم على ضوئها انتخاب أمناء العموم ورؤساء اللجان المتخصصة بالمحليات، تمثل بكل تأكيد محطة تقييمية مهمة ذات مسؤولية جسيمة يتحملها أعضاء المجالس المحلية باعتبارهم الهيئة الناخبة، وتتطلب منهم جميعاً التفاعل مع هذا الاستحقاق الانتخابي والاستجابة الموضوعية والمنطقية لمتطلبات إدارة المحليات خاصة منها تلك التي مرت منذ انتخابات الدورة الاولى وحتى اليوم في حالة تعثر وعدم قدرة على تنفيذ البرامج والمناشط الموكلة إليها ودخلت قياداتها في إطار من المعمعة والخلافات التي أثرت كثيراً على نشاطها وعكست بالتالي صورة من عدم الفهم والاستيعاب لأسس وقواعد قانون السلطة المحلية والتعامل مع مختلف الاشكالات بشكل ارتجالي جعلت العديد من مجالس المحليات للأسف الشديد تظهر أمام المواطنين كحالة عبثية.. وباعتبار الانتخابات القادمة على هذه الدرجة العالية من الأهمية فإننا نتطلع من الهيئة الناخبة ان تقوم بعملية مراجعة دقيقة ومتأنية ومتفحصة لمستوى أداء القيادات المحلية وأن تحدد بدقة ما ينبغي لها أن تقوم به لصالح المجالس المحلية والانتصار لأهدافها ومهامها ومسؤولياتها، كما أن المتابعين لهذا الحدث الديمقراطي يأملون أن يحقق المراجعة والتقييم بموضوعية وشفافية عالية وأن تخرج الانتخابات بنتائج نوعية تجسد حرص أعضاء المحليات على القيام باستغلال أمثل لهذه المحطة الانتخابية وأن تبعث من خلال نتائجها هذه رسالة مهمة الى الرأي العام مفادها أن العمل المحلي ومهما شابه من منغصات ومشكلات، قادر من خلال ما يتمتع به من أسس وقواعد قانونية انتخابية وإجرائية فاعلة هادفة على تقويم مساره ونشاطاته ومهامه وعلى ان يطور نفسه وان يزيل عنه من يوم لآخر غبار المحبطين والمتقاعسين والغارقين في مستنقع المناكفات والبحث المضني عن منغصات تشبع حاجاتهم في المزيد من الاحباط والتواري للعمل المحلي.
وتلك نتيجة ينتظرها الجميع لكونها ستمثل المعالجة الحقيقية والناجعة لكافة الاشكالات التي تعتور العمل المحلي خاصة وانها بالرغم من تعددها وتنوعها هي نتاج لسوء الأداء للعديد من القيادات التي مازالت حبيسة التقوقع والبحث عن مشاجب ومبررات تحاول تعليق أخطائها عليها.
كما أن هذه الانتخابات التجديدية إذا ما أحسن استغلالها فإن تأثيراتها الايجابية ستكون كبيرة وسوف تنعكس على المستوى القريب على نشاط المحليات وكذلك على المستوى البعيد على الانتخابات الاعتيادية لانتخاب مجالس محلية جديدة.
وخلاصة.. ان العمل المحلي وفي إطار واقعه الراهن في بلادنا وقصر وتواضع تجربته لايزال في أمس الحاجة لقيادات فاعلة تمتلك مهارات ومعارف قادرة على تسيير نشاطه تخطيطاً وتنظيماً واشرافاً ومتابعة وتتقييماً وقادراً على المزيد من الالتحام بالقاعدة الشعبية العريضة والاستفادة الكاملة مما تمتلكه من تنوع في الامكانات والقدرات والمعارف والتخصصات التي يمكن للعمل المحلي وعلى مستوى مختلف تكويناته المؤسسية ان يستفيد من كل ذلك في إطار ادارة ثاقبة لقيادة فاعلة تضمن تحقيق تلك الاستفادة بدرجة من الحرفية المؤهلة لتجسيد عظمة المشاركة الشعبية الواسعة في العمل المحلي وجعلها عملية مستمرة لا تقتصر على انتخاب أعضاء المحليات فحسب وإنما تشارك الجماهير مع كل من منحته ثقتها في بلورة البرامج والمناشط الهادفة الى خدمة الوطن والمواطن.
وتلك رسالة العمل المحلي أولاً وقضية رئيسية تعد من أبرز مهام ومسؤوليات المحليات نص عليها قانون السلطة المحلية ولائحته واللذان يحددان بدقة متناهية مهام مختلف التكوينات المحلية.. وهي أسس وقواعد سيظل أغلب العمل المحلي بانتظار قيادات متميزة يأمل الجميع من انتخابات 5 مايو القادم أن تدفع بها الى دائرة العمل المحلي وان تعطيها الفرصة لتؤكد قدرتها على العطاء والخلق والإبداع.{