الميثاق نت -

الإثنين, 26-أبريل-2010
‮ “‬الميثاق‮”- ‬متابعات‮:‬ -
"خبطوني بحجر كبير بالظهر ودقوني بالآلي بالرأس، وما عاد دروكش بحاجة".. كان أحمد حمود (37) عاماً يستذكر بصعوبة بالغة تفاصيل جريمة الثلاثاء الماضي البشعة التي نفذها مسلحون في مدينة الحبيلين بمحافظة لحج ، بعد أن نجا من الموت بأعجوبة لكن بعد أن فقد أذنه اليمنى وجزءاً من اليسرى وعضوه التناسلي.حتى مساء الثلاثاء المشئوم كان أحمد قد أمضى يومين وهو يفترش رصيف الشارع العام في الحبيلين بيأس وقلة حيلة، بانتظار شخص معروف يستلف منه أجرة المواصلات إلى قريته في منطقة الجعاشن محافظة إب بعد أن تقطعت به السبل ونفدت ما لديه من‮ ‬نقود‮.. ‬يقول‮ ‬أحمد‮: “‬كنت‮ ‬مسافراً‮ ‬من‮ ‬عدن،‮ ‬وأوصلني‮ ‬واحد‮ ‬إلى‮ ‬الحبيلين،‮ ‬كنت‮ ‬تعبان‮ ‬ومنتظر‮ ‬سيارة‮ ‬أو‮ ‬معروف‮ ‬يوصلني‮ ‬للقرية‮”.‬
ويواصل بصوت منهكك وحزين:" مع الساعة 8 مساءً رحت أدور ماء أشرب. جاء 3 شباب مسلحين وقالوا لي تعال معانا، مشيت معاهم مسافة إلى مكان مهجور بجانب مصنع البلك القريب من المدينة، وهناك سألوني: أيش معك هنا؟ أنت تشتغل مع الأمن أو الاستخبارات؟".
بدأ المسلحون باستجواب أحمد فيما اكتفى هو بالصمت.. كان تاعباً جداً كما قال، ومتأكداً من أن مصيراً مأساوياً ينتظره.. لكن عندما لم يجد المسلحون ما يؤكد شكوكهم بعد تفتيشه بدقة واصلوا التنكيل به يقول: (( خبطوني بحجر كبير بالظهر ودقوني بالآلي بالرأس حتى سقطت على الأرض)) ويضيف أحمد : (( كان واحد معه خنجر ويسحبني من شعري، وبعدها ماعاد درتش بحاجة إلا هنا)) .. بعد أن مثَّل به المجرمون تركوه في مكانه ينزف ولعلهم تأكدوا بأنه يلفظ أنفاسه الأخيرة.. قبل أن يجده مواطنون فاقداً للوعي.. فما كان منهم الا ان قاموا بنقله إلى مستشفى‮ ‬ردفان‮ ‬العام‮.‬
منذ أفاق الرجل “الخميس قبل الماضي” في مستشفى الجمهورية بعدن الذي يرقد فيه، بعد أن نقل إليه من مستشفى ابن خلدون بلحج، وهو يلزم الصمت بحسب إحدى الممرضات، وعندما التقته صحيفة “اليمن” الاحد قبل الماضي بدا الرجل بحالة نفسية سيئة.. كان شارد الذهن ويتحدث بصعوبة شديدة‮.‬
بالإضافة إلى معاناته من آثار الاعتداء وبتر أذنه اليمنى وأجزاء من اليسرى وعضوه التناسلي، حيث خلف الاعتداء رضوضاً وكدمات كبيرة في ظهره.. وعدة ضربات في رأسه بواسطة آلة حادة- حسب تقرير الطبيب الشرعي بحسب الصحيفة.
المؤكد أن الرجل لم يكن يعلم حين ساقته الأقدار إلى منطقة الحبيلين بلحج أن مصيراً بشعاً ينتظره على يد المسلحين بسبب هويته " شمالي" - حسب الجناة - التي أصبحت قاتلة في ردفان وحبيلي لحج.. وإلا لما غادر قريته ، التي يقيم فيها بصورة دائمة ،إلى المدينة، وبحسب ضابط‮ ‬البحث‮ ‬في‮ ‬المستشفى‮ ‬فإن‮ ‬أحمد‮ ‬يتلقى‮ ‬العلاج‮ ‬بناءً‮ ‬على‮ ‬توجيهات‮ ‬مدير‮ ‬الأمن‮.. ‬ويقول‮ ‬أحمد‮ ‬إنه‮ ‬سيعود‮ ‬إلى‮ ‬قريته‮ ‬فور‮ ‬مغادرة‮ ‬المستشفى؛‮ ‬حيث‮ ‬لا‮ ‬يعلم‮ ‬أن‮ ‬أولاده‮ ‬الأربعة‮ ‬وزوجته‮ ‬قد‮ ‬سمعوا‮ ‬بالحادثة‮ ‬أم‮ ‬لا‮.‬
أحمد وهو ملقى على سرير المرض في المستشفى ينتظر بفارغ الصبر شيئاً واحداً فقط هو خبر القبض على الجناة وتقديمهم إلى العدالة.. لكن على ما يبدو أن ذلك لن يتحقق في الوقت القريب، حيث لم يكن الضحية الأولى لعصابات الحراك الانفصالي، وربما لن يكون الأخير ، فلايزال مرتكبو‮ ‬جرائم‮ ‬القتل‮ ‬والتقطعات‮ - ‬التي‮ ‬شهدتها‮ ‬المنطقة‮ ‬خلال‮ ‬الفترة‮ ‬الماضية‮ ‬واستهدفت‮ ‬مواطنين‮ ‬أبرياء‮ - ‬طلقاء‮ ‬لم‮ ‬تطلهم‮ ‬يد‮ ‬العدالة‮ ‬بعد‮.‬
وعلى ذات الصعيد أعلن تقرير قدمته الحكومة إلى مجلس النواب مؤخراً أن حجم الخسائر البشرية الناجمة عن فعاليات الحراك الانفصالي وما صاحبها من أعمال عنف في الفصل الأول من عام 2010م بلغ 18 قتيلاً و120 جريحاً. وأوضح أن من بين هذه الخسائر قتل 10 وأصيب 48 من العسكريين، كما قتل 8 مواطنين، وأصيب 72 آخرين، ولفت التقرير إلى أنه جرى إحالة 89 من عناصر الحراك الانفصالي للتحقيق، وذكر التقرير عدد حوادث التفجيرات وإطلاق النار ففي محافظة 87 حادثاً، ووصل عدد حالات التقطع والنهب إلى 124 حالة. أما الأضرار المادية فلحقت بستة مبانٍ و18‮ ‬آلية،‮ ‬إضافة‮ ‬إلى‮ ‬23‮ ‬ضرراً‮ ‬آخر‮. ‬
ففي محافظة الضالع وقع العدد الأكبر من حوادث التفجير وإطلاق النار بعدد 47 حادثاً، تليها محافظة لحج 36 حادثاً، ثم أبين 4 حوادث. ونالت الأخيرة النصيب الأكبر من حوادث التقطع والنهب بعدد 86 حادثاً، تلتها لحج حيث وقع 28 حادثا، من بعدها الضالع 10 حوادث.
ورأى التقرير الذي قدمه نائب وزير الداخلية اللواء صالح الزوعري، أن ما تقوم به عناصر الحراك الانفصالي لا يعد تعبيراً سلمياً مشروعاً عن الرأي، ولا يدخل في إطار الحريات العامة. وقال إن عناصر الحراك "تمادت في ارتكاب العديد من الأعمال التخريبية تمثلت في إثارة الشغب والفوضى، ونشر ثقافة الحقد والكراهية، وارتكاب العديد من الاختلالات الأمنية وجرائم القتل والتفجيرات وإطلاق النار وإحراق الإطارات وقطع الطريق العام". وأفاد أن الأمر تطور إلى استخدام السلاح في الاعتداء على رجال الأمن والمواطنين والقيام بحرق بعض المحلات التجارية‮ ‬ونهب‮ ‬الممتلكات‮ ‬الخاصة‮ ‬والعامة‮. ‬
وأضاف ان أجهزة الأمن "التزمت باستخدام سياسة ضبط النفس وعدم الرد على الاستفزازات والاعتداءات المتكررة على الأفراد ونقاط التفتيش ومقرات العمل إلا في حالة الدفاع عن النفس ودرء الخطر عن المواطنين". ثم استدرك قائلاً: "إلا أن ممارسة جرائم القتل على الهوية والتقطع والنهب للممتلكات قد فرض على أجهزة الأمن القيام بمسئولياتها الوطنية في ردع وضبط تلك العناصر وملاحقتها لتقديمها للعدالة"..واتهم التقرير قوى الحراك الانفصالي بالسعي إلى "تدمير التنمية والاستثمار والسياحة، والإساءة إلى سمعة اليمن ودوره، ومحاولة الإضرار بالوحدة‮ ‬الوطنية‮ ‬والسلم‮ ‬الاجتماعي،‮ ‬واعتبر‮ ‬أن‮ ‬ذلك‮ "‬يضع‮ ‬على‮ ‬كاهل‮ ‬الجميع‮ ‬واجب‮ ‬التصدي‮ ‬الحازم‮ ‬وبقوة‮ ‬القانون‮ ‬لأولئك‮ ‬الخارجين‮ ‬على‮ ‬القانون‮".
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 24-نوفمبر-2024 الساعة: 07:01 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-15218.htm