الميثاق نت/ تحقيق: فيصل الحزمي - قد لا توجد إحصائية دقيقة لضحايا اسطوانات الغاز وما خلفته من كوارث مادية وبشرية في اليمن.. إلاَّ أن القادم أسوأ لا محالة طالما وفي بلادنا أكثر من أربعة ملايين اسطوانة غاز لاتحمل مواصفات الأمن والسلامة.. وليت العدد يقف عند هذا الرقم، فمنافذ بلادنا تستقبل بين الحين والآخر عشرات الآلاف منها والمجمعة من مختلف دول العالم..ماسبب تلف هذا العدد من الاسطوانات؟ وهل صحيح أنها دخلت بلادنا وهي غير مطابقة لمواصفات الأمن والسلامة؟ وكيف ومتى سيتم إتلافها؟ ومن سيدفع ثمنها؟ وهل سحبها من الاسواق يحل المشكلة؟
التحقيق التالي نقل هذه الاسئلة للجهات المعنية .. فإلى التفاصيل:
بداية أوضح المهندس أحمد البشة، مدير عام الهيئة اليمنية للمواصفات والمقاييس وضبط الجودة، وجود أكثر من 4 ملايين اسطوانة غاز في الاسواق المحلية لا تحمل مواصفات الأمن والسلامة، وقال: إن هذا لا يعني أنها استوردت وهي بهذه الحالة ولكن لها أكثر من خمس وعشرين سنة وأصبحت بسبب سوء الاستخدام قنابل موقوتة تهدد حياة الناس وممتلكاتهم .. مشيراً الى أن اسطوانات الغاز لها فترة صلاحية محددة مثلها مثل أية سلعة، وقد حددت بسبع سنوات فقط..أي أنها بعد ذلك تعتبر غير صالحة للاستخدام ويجب سحبها من السوق.
وقال البشة: إن اسطوانات الغاز لم تخضع للفحص الكامل منذ بداية 2004م، والهيئة لا تتحمل مسؤولية ما دخل إلى البلاد قبل ذلك التاريخ، وأضاف: هناك اسطوانات دخلت بطرق غير شرعية تحت مسميات مختلفة مثل أدوات منزلية وما شابه ذلك.
سوء الاستخدام
وأكد مدير عام هيئة المواصفات والمقاييس أن لجنة الأمن والسلامة حددت حزمة من الإجراءات وضوابط عملية إتلاف اسطوانات الغاز غير الصالحة.. منوهاً إلى أن اللجنة اجتمعت مؤخراً برئاسة اللواء الركن صالح الزوعري نائب وزير الداخلية وناقشت عدداً من النقاط المتعلقة بهذا الموضوع، وسيتم الجلوس مع دولة رئيس الوزراء لطرح شروط وآليات سحب الكمية من السوق وكيفية استبدالها وشراء البديل دون أن يحدث ذلك تأثيراً على السوق ،إضافة الى بحث موضوع التمويل.. مستبعداً أن يتم فرض غرامة مالية على المستوردين، وقال: من الخطأ الفادح أن نحمل المستورد ثمن سلعة انتهت صلاحيتها أو أدى سوء الاستخدام الى إتلافها ولم يحدث أن اتخذت أية دولة في العالم هذا الاجراء.. إلاّ أن الدولة هي من ستتحمل مسؤولية توفير البديل، وتوعية المجتمع بكيفية الاستخدام الأمثل وطريقة التعامل مع الاسطوانات، حيث وجدنا للأسف خلال النزول الميداني الى كثير من المعارض أن طريقة إنزال الاسطوانات من فوق الشاحنات تتم بطريقة عبثية، ناهيك عن سوء الاستخدام من قبل المستهلك، كما أن طريقة فتح الاسطوانة تتم من خلال ضربها بمطرقة أو مفك حديد، إضافة إلى عدم إغلاقها بعد الاستخدام وكل ذلك يؤثر على الاسطوانة ويؤدي الى سرعة تلفها.
ضوابط محددة
وهناك اسطوانات تصل إلى شركة الغاز وهي غير صالحة للاستخدام مع ذلك يتم تعبئتها وإعادة تسويقها.. وقد شكلت هيئة المواصفات لجاناً من ضمن مهامها النزول إلى محطات التعبئة للتأكد من صلاحية الأسطوانات قبل تعبئتها..كما تم الاتفاق على حزمة من الإجراءات المتعلقة بهذا الموضع تضمنت حملة توعوية تساهم فيها كل الجهات المعنية وتستهدف البائع والمستهلك، وهناك اتفاق أن تدخل الدولة كمنافس في عملية الاستيراد باعتبارها مادة مهمة وأساسية وليست من الكماليات.
إضافة إلى تشكيل لجان لمتابعة الجهات ذات العلاقة بالصناعة والتجارة ومصلحة الجمارك ولجان ميدانية ستتولى مهمة الإشراف على معارض بيع اسطوانات الغاز ومحطات تعبئة السيارات بالغاز ورفع تقاريرها بذلك بعد حصر جميع معارض البيع ومحطات الغاز في الجمهورية مع إنزال خرائط تحتوي على أماكنها في أمانة العاصمة وبقية المحافظات، مع إلزامها بمواصفات السلامة عند تصميم وإنشاء محطات الغاز.
وعن كيفية الرقابة على شركات الفحص في بلاد المنشأ أكد البشة وجود ضوابط محددة ووثائق تؤكد إجراء الفحص قبل الشحن إضافة إلى وسائل للتدقيق وفحص آخر للمنتج عند وصول الشحنة إلى الميناء إضافة إلى أخذ عينة من الأسواق والمخازن للتأكد من مدى مطابقتها لمواصفات الأمن والسلامة.
وفيما يخص اسطوانات الغاز أشار إلى وجود مصنع واحد محلي وما ينتجه ليس يمنياً 100٪ لأن المواد الخام الرئىسة المستخدمة كلها مستوردة.. منوهاً إلى أن الهيئة تقوم بالتنسيق مع الجهات المختصة في عملية الرقابة لضبط ومصادرة الأسطوانات المخالفة والتأكد من الأوزان الفعلية لمادة الغاز.
المنتج الصيني
إلى ذلك قال عبدالله عبده علي- بائع اسطوانات غاز متجول: إنه كثيراً ما يصادف اسطوانات »تنسم« أي غير صالحة للاستخدام ولكنه يضطر لبيعها وإذا ما طلب منه أحد الزبائن تغييرها فإنه يقوم بذلك حتى وإن اشتراها من غيره فإنه يبدلها مقابل فارق بسيط لايتجاوز مائتي ريال وهي أتعاب إعادتها إلى أقرب نقطة بيع تابعة لشركة الغاز..ويرى أن سبب تلف اسطوانات الغاز يكمن في رداءة التصنيع الذي يتم أحياناً بحسب طلب المستورد (وكله بحسابه).
مشيراً إلى أن معظم الأسطوانات التالفة هي من المنتج الصيني وكذا اليمني ونادراً ما تجد غير ذلك، وأضاف: كنا من قبل نفحص كل الأسطوانات التي نشتريها أما الآن ومع وجود أزمة الغاز فذلك غير ممكن.
مبررات المستوردين
من جانبه استبعد عبدالغني محمد حميد- صاحب محل غاز أن تكون طريقة الإنزال سبباً في اتلاف الكمية الكبيرة من اسطوانات الغاز..
وقال: إن ما يطرح من حجج إنما هي مبررات غير صحيحة لبضائع رديئة.. وأن طريقة نقل الأسطوانات وكذا تحميلها وتخزينها لا تختلف عن الطريقة المستخدمة في كافة دول العالم..وأضاف عبدالغني: قد يساهم فتح الأسطوانة بطريقة غير صحيحة في ارتخاء المنظم ومع تكرار العملية يزيد تسرب الغاز وتصبح خطيرة، ولكن هذا لايكون إلاّ مع المنتج الصيني واليمني وبعض المنتج السعودي الذي مضى على استخدامه أكثر من ثلاثين سنة.
محملاً شركة الغاز مسئولية انفجار أية اسطوانة لأن محطات التعبئة التابعة لها لا تكلف نفسها فحص الاسطوانات قبل تعبئتها بل إنها قد تكتشف عن وجود تسرب إحداها مع ذلك تعيد تسويقها.. وكثيراً ما يعيد لنا الزبائن هذا النوع من الأسطوانات.. منوهاً إلى أن التسرب أحياناً يكون من المنظم، أما إذا كان من الأسطوانة فتستخدم لتعبئة »الأتاريك«.
المحــــرر:
منذ أكثر من أسبوع وأنا اتردد على الشركة اليمنية للغاز أملاً في لقاء المدير التنفيذي أو أحد مسئولي الشركة للإجابة على أسئلة الصحيفة المتعلقة بهذه القضية لكنه مشغول جداً لدرجة تمنعه حتى من الرد على الهاتف..!
والمديرون المختصون لديهم كافة المعلومات لكنهم ضعفاء لايجرأون على قول الحقائق التي تقع ضمن مهامهم.
وبعد عشرات الاتصالات أفادنا مصدر من مكتب المدير العام بتصريح وفق التالي:
إيقاف استيراد
أولاً فيما يخص عدد الأسطوانات التالفة أوضح المهندس عارف أن العدد المُعلن عنه ليس دقيقاً حيث يوجد ما يقارب 16-17 مليون اسطوانة غاز قديمة وكلها بحاجة إلى تغيير نظراً لانتهاء صلاحيتها، منها ما يزيد عن 4 ملايين اسطوانة بحالة سيئة ويجب سحبها من الأسواق في أقرب وقت نظراً لما تمثله من خطر على المستهلك.. إضافة إلى ما يصل البلاد من المنتج الصيني حيث اتضح عند التعبئة أن بعضها تالف وغير قابل للتعبئة..
مشيراً إلى أن الشركة اليمنية للغاز سبق أن طلبت إيقاف استيراد اسطوانات الغاز الصينية.
وعن المشروع الذي تقدمت به شركة الغاز للجنة السلامة والأمن في اجتماعها الأخير قال عارف: بعد أن اعتذرت وزارة المالية عن تمويل شراء 4 ملايين اسطوانة وضعت شركة الغاز خطة خمسية لعملية إتلاف (800) اسطوانة سنوياً، ومشروع آخر عبارة عن إنشاء مصنع لصناعة الأسطوانات وصيانتها.. منوهاً إلى أن المشروعين مرهونان بموافقة وزارة المالية على تمويلهما.
|