ناصر محمد العطار -
نَعَمْ.. يستحق البلد السعيد يمن الإيمان والحكمة أن يعيش دوماً سعيداً موحد الارض والإنسان حراً أبياً شديد الانتقام من الأشرار ليّناً.. لأن ذلك ما أراده له الله - جل شأنه - ودعا إليه خير الخلائق وخاتم الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ومن يقول بغير ذلك ما عليه إلا التجرد أولاً من عواطفه، وثانياً عليه أن يتصفح التاريخ وسيجد الحقائق الدامغة التي تدحض التقولات الضالة والمضلة ولن يجد مجالاً لهراء الحاقدين والطامعين والمأجورين في تاريخ اليمن..
ولأن شعبنا يحتفل بمناسبته الوطنية إنما يعبر عن ابتهاجه بانتزاع الحق من الطغاة وعودته لأصحابه هذا من جهة ومن جهة أخرى تكريماً وإجلالاً للأحرار الأبطال الذين بذلوا أرواحهم ودماءهم دفاعاً عن الوطن ومكتسباته ولمشاركة شعبنا أفراحه ارتأينا التطرق بمقتطفات عن تلك المناسبات، ونعتقد أن ثورة 26سبتمبر 1962م قد شكلت شجرة الوطن التي غرسها الثوار ورووها بدمائهم، ومثل غصنها الأول ثورة 14 اكتوبر 1963م والنضال والتضحيات التي تمت من قبل أبطال حرب التحرير بقيادة الشهيد لبوزة، حتى دحر آخر جندي بريطاني في 30 نوفمبر 1967م.. أما الغصن فيتمثل في معركة الدفاع عن صنعاء بعد محاصرتها والتمسك بالنظام الجمهوري.
ونتيجة لتأثر بلادنا بانعكاسات الحرب الباردة فقد خضع شطره الجنوبي لأسوأ نظام أتت به الرياح الشرقية ودعمته ليعيث في الأرض فساداً وخلف مآسي وكوارث لا مثيل لها امتد أثرها إلى الشطر الشمالي، إضافة الى نزوح العديد من أبناء الوطن وهجرتهم الداخلية من المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تحت سيطرة ذلك النظام إلى بقية المحافظات.. ناهيك عن مخلفات الجهل والتخلف والتمزق في الشمال.. ويأتي بداية عصر الانفتاح والحرية والديمقراطية والتسامح والحوار بين أبناء الوطن لبناء مؤسسات الدولة وكذا التهيئة لإعادة لحمة الوطن..
تجلَّى ذلك في الخطاب الموضوعي الذي ألقاه لأول مرة رمز الأمة فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية صباح يوم 17 / 7 / 1978م بعد انتخابه قائداً للوطن، وفوراً شرع بتشكيل لجنة الحوار الوطني، وتكثيف زياراته ولقاءاته على المستوى الداخلي لتعزيز بناء القوات المسلحة والأمن وإشراك الشعب في صنع مستقبله وحكم نفسه بنفسه بدءاً بإقرار الميثاق الوطني ومروراً بممارسة الحقوق والحريات واختيار الشعب ممثليه في المجالس المحلية والمجالس البلدية ومنظمات المجتمع المدني.. الخ، أما على المستوى الاقليمي والعالمي فقد كثف زياراته للأقطار العربية لنزع فتيل الأزمات الناتجة عن انعكاسات الحرب الباردة كما تعامل بحلم مع النظام في عدن وعلى نفس الصعيد استطاع عقد لقاء الكويت الاول بتاريخ 30 مارس 1979م مع عبدالفتاح اسماعيل والذي من خلاله اتفق على تسوية الخلافات التي نشبت بين الشطرين والتمسك بتحقيق الوحدة الوطنية، ثم لقاء الكويت الثاني في 23 نوفمبر 1981م، ولقاءات صنعاء (الأول بتاريخ 2-4 /أكتوبر 1979م والثاني 9-13 / 6 / 79م، والثالث في 26سبتمبر من نفس العام ثم اللقاء الرابع والخامس وحتى التاسع، وكذا اللقاءات التي تمت بمدينة تعز بين قيادة الشطرين برئاسة فخامة الرئيس وعلي ناصر محمد من اللقاء الأول وحتى الخامس، وكذا لقاءات عدن.. وتعامله مع أحداث 13 يناير 1986م بعدم التدخل في تغذية أي طرف في الصراع والعمل على استقبال النازحين، والاهتمام بتشكيل اللجان من الشطرين والتي نفذت آليات التهيئة لإعادة الوحدة، وشيئاً فشيئاً وبالتسامح عاد المبعدون والمنفيون من الوطن سياسياً حتى تم إعلان إعادة تحقيق الوحدة صباح 22مايو 1990م والمضي قُدُماً بالاندماج الكامل وتكريس الديمقراطية والتمسك بالشرعية الدستورية، في حين أن بقية القيادات التي أُسند إليها مهام جسيمة ابتداءً من المدعو البيض وحتى العطاس وغيرهم من قيادة الاشتراكي الذين لم يتعاملوا مع الوحدة بنفس الوتيرة، فقد أبقوا العند عنيداً على الوحدة واحضروا طائرات ميج 29، والمدافع ذاتية الحركة وجلبوا القريب والبعيد لنصرتهم في التمرد والرجوع عن الوحدة ثم إعلان الانفصال، وبحكمة تعامل الشعب والقائد مع تلك العناصر، حتى تم القضاء عليهم في 7 / 7 / 1994م واليوم تكالبت فلول الرجعيين والانفصاليين العملاء والمأزومين وضعفاء النفوس وأصحاب الأفكار المتطرفة ليشكلوا تهديداً للوطن ومكتسباته، فمنهم من يدعو لفك الارتباط، وآخر لعودة الإمامة، وسواهم مَنْ يطالبون بنظامٍ »طالباني«.. ولأولئك نقول: إن الاستنصار بالباطل حتى ولو كان لنصرة الحق يظل باطلاً ومفسدة.
وندعوهم إلى الاستفادة من التاريخ ودروسه والرجوع الى حضن الوطن.
رئيس دائرة الشؤون القانونية