محمد الجرادي -
ما تعجز عن فعله مؤسسات الثقافة الرسمية في البلاد، تفعله مؤسستان ثقافيتان بإمكانياتهما المتاحة: مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة، ومؤسسة العفيف الثقافية.
وأياً كانت الملاحظات التي يطرحها البعض على أداء هاتين المؤسستين، وهي ملاحظات قد نتفق أو نختلف حولها، فإنها لا يمكن أن تدحض حقيقة المحاولات الجادة لهاتين المؤسستين في ميدان الفعل الثقافي والإبداعي.
< أتحدث هنا بالمناسبة عن مهرجان السعيد الثقافي الذي انجز أعماله وفعالياته قبل أيام منذ أواخر ابريل المنصرم في مدينة تعز.
هذا المهرجان هو الثالث عشر منذ بدأته مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة ومنذ بدأت في إطاره مشروعها الكبير المتمثل في جائزة المرحوم هائل سعيد أنعم للعلوم والآداب.
أما لماذا هذا الايضاح أو الإشارة الزمنية- إن كنتم ستسألون- فذلك في أقل ما اعتقده - إنصافاً لقيمة الانتظام والاستمرارية، التي طالما تمنيناها على مجمل النشاط الثقافي الرسمي في مراحل سابقة، وحتى اللحظة.
لعلكم تتذكرون معي مهرجان المسرح اليمني، ومهرجان الشعر العربي الألماني، ومهرجان الرواية اليمنية ومهرجان الشعراء الشباب العرب وغيرها من الفعاليات التي رأيناها في حينها كبيرة وجديرة بالانتظام والتواصل والاستمرارية.
أين ذهبت كل هذه التقاليد الثقافية؟
وبقليل من التأمل، كأن حاجتنا الى الانتظار لعام كامل، حتى يتسنى لنا كأدباء ومثقفين وباحثين وإعلاميين أن نلتقي في حدث ثقافي واسع، ونفيق على احتشادنا فجأة في يومياته.
بالطبع هذا كثير على مؤسساتنا الثقافية الرسمية، فهل قليلٌ على مؤسسة ثقافية كالسعيد مبادلتها »الانصاف والتقدير« وهي تفعل ذلك.
< شخصياً أجد أن مهرجان السعيد الثقافي، يستوعب ممكنات التجديد والتطوير في نشاطاته وفعالياته، وقد بدا ذلك واضحاً في دورته الجديدة والتي اعتمدت التنوع والتعدد في طبيعة الفعاليات وقضاياها، فهناك حضورٌ معقول للفنون والعلوم والأدب وحتى السياسة.
إن هكذا مظاهر نجاح تدفعني الى القول بإمكانية أكثر من فعل لتجديد وتطوير أداء المهرجان في دوراته القادمة.. وقبل ذلك تطوير وتجويد أداء المؤسسة كأن تتبنى المؤسسة مشروع إصدار للكتاب، ذلك أنه ليس معقولاً أن تنفذ المؤسسة معرضاً للكتاب تلتقي تحت سقفه أجنحة دور النشر العربية والمحلية والدولية، ولانجد جناحاً خاصاً بإصدارات المؤسسة نفسها.
ثم انه بالإمكان أن تعتمد المؤسسة فعالية خاصة ضمن المهرجان لتوقيع عدد من إصداراتها في مجالات العلوم والآداب والفنون.
إن »إصدارات السعيد« يمكن أن تساند طموحنا، طموحها في تأسيس حركة نشر مؤكدة في المشهد الثقافي، ويمكنها الى جانب إصدارات العفيف والاصدارات المتقطعة لوزارة الثقافة،و اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين أن ترفد الساحة الثقافية بإضافات مهمة في حركة التأليف والنشر.
< كما ليس عسيراً على مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة أن تتبنى إصدار مطبوع شهري (مجلة ثقافية) وإلى جانبها دورية محكمة تعنى بالعلوم والثقافة والأداب.
إن النشاط الثقافي المتواصل الذي تقدمه »السعيد« وفق برنامج منتظم وفاعل يحتاج الى أن تسنده مشروعات أخرى هي من الأهمية أن تتوافر عليها مؤسسة ثقافية أياً كانت.
ذلك أن مشروع إصدار مطبوع شهري مثلاً، هو بمثابة صورة المؤسسة وكيانها بل رسولها الى المهتمين والقراء.
ومثل ذلك إصدار الكتاب الذي يبقى شاهداً حياً على نوعية الفعل وفاعلية حركته.
جائزة الدولة.. مرة اخرى
مرة أخرى الحديث عن جائزة الدولة التقديرية للآداب والفنون، هذا الحديث ليس بما يعني الانتهاء من إنجاز هذا المشروع أو الإعلان عنه، ولكن بما يعني الاستعداد لتأسيسه وإنشائه!!
أقول مجدداً،لأن تصريحات وأحاديث سابقة منذ سنوات مضت، خاضت في هذا المشروع.. بل إن منها ما أكدت استكماله والاعلان عنه قريباً.
وحتى أدرأ عني الاتهامات لن أحيلكم الى ما قبل الفترة ما بين 2004-2006م تقريباً، حيث نقلت الزميلة »26سبتمبر« في أحد أعدادها وفي صفحتها الأولى عن مصدر مسؤول في وزارة الثقافة تأكيده قرب استكمال مشروع جائزة الدولة التقديرية!!
المصدر المسؤول نفسه حاول أن يتجنب مسألة التذكير بأن (مشروع الجائزة) ضمن خطط الوزارة المهملة لعقود طويلة فائتة، وأظهر المشروع على أنه طارئ وجديد، كما هو شأن الحديث الطارئ والجديد عن الجائزة قبل اسابيع، وفي أخيرة الصحيفة ذاتها مع فارق أن نادي القصة هذه المرة هو من يتبنى المشروع وأن لجنة من أدباء وشعراء ومثقفين يعملون حالياً على تأسيسه وإنشائه، وفقاً للرئيس محمد الغربي عمران.
قلت في نفسي وأنا أقرأ الخبر: ربما هذه المرة تنجح المحاولة لسبب بسيط، وان كان غير عادل، وهو أن المشروع صار مطلب الأدباء والشعراء والفنانين والمثقفين أنفسهم، ولابد من النضال حتى تنصاع الحكومة وتستجيب لهذا المطلب، ولو أدى الأمر بالأدباء الخروج الى ساحة الحرية والاحتجاج هناك. أو في أقسى ما يمكن أن تصل إليه الأمور شد الرحال الى بوابة الرئاسة ومناشدة الرئيس للتوجيه باعتماد جائزة الدولة التقديرية.{