السبت, 22-مايو-2010
الميثاق نت -  يحيى علي نوري -
«إن شعبنا لم يصنع حضارته القديمة إلاّ في ظل الاستقرار والأمن والسلام، ولم يتحقق ذلك إلا في ظل وحدة الأرض والشعب ولم تتحقق له الوحدة إلاّ في ظل حكم يقوم على الشورى والمشاركة الشعبية». تلك هي مضامين الحقيقة الأولى للميثاق الوطني، الدليل النظري والفكري لتنظيم المؤتمر الشعبي العام.. وهي الحقيقة التي جاءت في إطار خمس حقائق تضمنتها مقدمة الميثاق وسطر من خلالها المؤتمر الشعبي العام أهدافه ومبادئه وأساليبه وطرق عمله المنتصرة للوطن وقضاياه وفي مقدمتها الوحدة اليمنية.

فالمؤتمر ومنذ قيامه في الـ24 من اغسطس 1982م وفي مرحلة تاريخية اتسمت بالارهاصات والتحديات الجسيمة، أدرك مبكراً أهم متطلب يحتاج إليه اليمن لبناء حاضره ومستقبله في زمن سادته حالة التشطير الفظيعة التي كان يعاني منها آنذاك، وأدرك من خلال حقيقته الأولى هذه في ميثاقه الوطني أن باستمرار واقع كهذا يعيشه الوطن في ظل حالة التشطير والتنافر والتطاحن والصراعات لايمكن أن يسير بالوطن والشعب إلى حقائق مهمة يستعيد من خلالها مآثره ومناقبه الحضارية العظيمة.. فكان له- أي المؤتمر الشعبي العام- أن حرص منذ انطلاقته الأولى على عمل كل ما من شأنه ان يجسد الحقيقة على الواقع العملي باعتبارها الضمانة الحقيقية التي من شأنها أن تجعله قادراً على تحقيق الأهداف العظيمة الملبية لمختلف متطلبات بناء اليمن الجديد والخالي تماماً من كافة المنغصات الحقيقية التي ظلت تلقي بظلالها القاتمة على حاضره ومستقبله بل وتؤثر على حركة الشعب بمختلف قواه وفعالياته وتدفع به أحايين عدة إلى الانزلاق في متاهات الصراع والتطاحن. ولعل بلوغ المؤتمر الشعبي العام لحقائق تاريخية عظيمة شخَّصت له حاضر ومستقبل اليمن ومنها بالطبع الحقيقة الأولى التي نحن هنا بصدد الحديث عنها هي تلك الحيثيات الموضوعية والمنطقية التي كانت السبب الرئيسي الذي دفع بالقيادة السياسية منذ العام 1978م وحتى 1990م نحو تجسيد القيم والمثل الوحدوية على الواقع باعتبارها الطريق الوحيد الضامن لبناء اليمن الجديد ومستقبله الأفضل حيث حرص فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام على أن يسطر في مقدمته للميثاق الوطني هذه الحيثيات، مؤكداً بما لايدع مجالاً للشك على أهمية الوحدة والاصطفاف الوطني ومعبراً عن خوفه وألمه الشديدين عمّا آلت إليه أوضاع البلاد والعباد حينها من تصدعات وانهيارات كادت تعصف بالبلاد.. فكان له أن سعى مبكراً ومنذ اللحظة الأولى لتحمُّله مسؤولية الوطن نحو كل ما يعمل على تجذير وترسيخ الحياة الوحدوية في صفوف أبناء الشعب وأن يكون الميثاق الوطني الذي جاء نتاجاً لاستبيان شعبي واسع معبّراً عن هذه الحقيقة الوحدوية ويشكل- كما قال في مقدمته- وبصراحة متناهية: «ضمانة للحيلولة دون الانحراف نحو هاوية الارتهان الفكري وصمام أمان ضد محاولات الاستلاب السياسي الخارجي». وهو تخوُّف بالطبع ينبع من روح وحدوية فياضة لايمكن النأي عن معطياته ما لم يكن الشعب متسلحاً بُمثُل وقيم الوحدة.. ومن خلال هذه الحيثية المنطقية وما حملته الحقيقة الأولى للميثاق الوطني من دلالات عميقة وحدوية كان لفخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي ومنذ قيام المؤتمر واقرار الميثاق الوطني العديد من الاسهامات الوطنية والتاريخية التي جسدت حقيقة الانتماء الوطني والروح الوحدوية التي يتمتع بها وعظمة التوجه الذي يسير على نهجه في سبيل تحقيق الوحدة.. واستطاع شعبنا وفي ظل هذا النهج الوحدوي لقائده التاريخي وللمؤتمر الشعبي العام أن يثبت للعالم أجمع قدرته ومهارته وصموده في مواجهة كافة التحديات وتجاوز مختلف المحن والمؤامرات.. ذلك أنه قد استند في نهجه الوحدوي على مضامين الميثاق الوطني ومنها حقائقه الخمس التي أكدت أن لا أمن ولا استقرار ولا سلام ولا تنمية ولا بناء ولا حضارة دون أن يتحقق للوطن اليمني وحدته باعتبارها الأرضية القوية والصلبة التي يمكنه من خلالها استعادة حضارته القديمة واستقراره وأمنه وسلامه. كما جاءت سياسات بلادنا على الصعيدين الداخلي والخارجي وبكل التطورات المتلاحقة لتؤكد هي الأخرى أن الشعب اليمني قد وجد في هذا التوجه ذاته وكيانه بل وحاضره ومستقبله.. وتلك حقيقة ناصعة سيسجلها تاريخ اليمن المعاصر لفخامته في إدارة الشأن الوطني وفي تأسيسه للمؤتمر الشعبي العام كإطار سياسي يمني خالص يقود المسيرة نحو تحقيق ذلك الهدف بخُطى واثقة.. وإذا كان الميثاق الوطني ومنذ اقراره قد استطاع بحقائقه التاريخية أن يجعل من الوحدة اليمنية القضية الأولى والاستراتيجية لشعبنا.. حقيقة لم يكن للوحدة اليمنية ان تتحقق في الـ22 من مايو 1990م بمعزل عن ذلك الرصيد التاريخي والوطني الحافل على صعيد الحوار المسؤول من أجل الوحدة.. فهذا النهج الوحدوي الذي قاده الرئيس لم يقتصر على مرحلة التشطير فحسب وإنما تعاظم بصورة أكبر بعد قيام الوحدة باعتباره مازال بحاجة إلى المزيد من الحماية وترسيخه في قلوب وعقول الأجيال حتى يصبح سلوك الجميع وحدوياً قادراً على حماية الوحدة وترسيخها وتجذيرها، وتعزيز مكانته من خلالها على المستوى القومي والعالمي.. ويحسب لفخامة الرئيس حرصه على ربط قيام الوحدة اليمنية بالممارسة الديمقراطية والتعددية، في الوقت الذي كان الشريك الآخر يتجه نحو أساليب وتقاليد شمولية دفعه إليها مخاوفه من التعددية السياسية والحزبية والتداول السلمي للسلطة إلى محاولة الهروب عن الوحدة.. وفي خضم تلك التحولات المتسارعة المنتصرة للوحدة، نجد فخامة الرئيس علي عبدالله صالح في مقدمة الصفوف الأكثر حرصاً على تهيئة المؤتمر الشعبي العام كتنظيم سياسي لقيادة هذا المتغير بالصورة التي تمكنه من مضاعفة جهوده وإسهاماته الوحدوية وادواره العظيمة في بناء الدولة اليمنية الجديدة. حيث جاء انعقاد المؤتمر العام الخامس للمؤتمر الشعبي العام بما يحمله من الأجندة والملفات السياسية والتنظيمية ليعبّر عن التوجهات الوحدوية الملبية لمتطلبات الشعب واحتياجاته الماسة من السياسات والخطط التي تكفل له المزيد من النهج الوحدوي وبالصورة التي تجعله يسير بخطى واثقة نحو المستقبل الأفضل والتمسك بأهداف ومبادئ الثورة اليمنية وفي ظل استناده إلى «رصيد ضخم من حصافة العقيدة وعراقة التاريخ، لا يمنحه القدرة على التقدم فحسب بل يحول بينه وبين النكوص».. ويحمّل جيل الحاضر مسؤولية تاريخية ودوراً حضارياً لاستعادة المكانة الحضارية والتاريخية لليمن، وطناً وشعباً. وما نجده اليوم من رؤى يضعها الرئيس للإصلاحات السياسية الهادفة لبناء الدولة اليمنية الحديثة ماهي إلا امتداد طبيعي للجهود العظيمة والتاريخية، التي يواصل تحقيقها خدمة للأمة وانتصاراً لمشروعها الوحدوي والنهضوي.. وإزاء ما تقدم فإن الحقيقة الأولى الميثاقية قد وجدت طريقها إلى البلورة بفضل من الله ثم بفضل التوجهات الحكيمة لقائد المسيرة وباني اليمن الجديد فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية- حفظه الله.. فبتوجهاته الوحدوية والوطنية والقومية، قد جعل كل أبناء الشعب يشعرون أكثر من أي وقت مضى بأنهم أمة «تنتمي إلى شعب واحد له كيانه وكرامته وسيادته على أرضه». وما التعديلات الدستورية التي أعلن عنها فخامة الرئيس ويبذل من أجلها اليوم كل جهوده، إلا واحدة من الإشراقات العصرية التي يحرص فخامته على تجسيدها في الواقع بهدف تعزيز المشاركة الشعبية الواسعة في صنع القرار، أي الانتقال إلى اللامركزية. وكل ذلك يؤكد أن التوجهات القادمة لن تكون إلاّ من أجل الانتصار الكامل لكافة الأهداف النبيلة التي ضحَّى من أجلها وقدم شعبنا كل غالٍ ونفيس من أجل تحقيقها. وهي الأهداف التي تستجيب باقتدار لمزيد من الممارسة الديمقراطية.

تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-15619.htm