حاوره/ رئيس التحرير - أكد الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني- رئيس مجلس الشورى عضو اللجنة العامة أن الوحدة اليمنية من الإنجازات الاستراتيجية الخالدة والمحطات التاريخية المؤثرة التي صنعها شعبنا بقيادة فخامة الاخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية. وقال رئيس مجلس الشورى في حوار مع صحيفة «الميثاق»: إن العيد الوطني العشرين لقيام الجمهورية اليمنية سيظل المناسبة التي تعبر عن إرادة اليمنيين القوية والتي تشير إلى مقدرتهم الفذّة على إنجاز استحقاقات تاريخية واستراتيجية بحجم الوحدة اليمنية. وأكد رئيس مجلس الشورى الى أن الوحدة ليست في خطر، وهي محروسة بإرادة الله ومحمية بإرادة الشعب. إلى ذلك كشف الاستاذ عبدالعزيز عبدالغني جزء من تفاصيل سفر النضال الوحدوي الذي خاضه شعبنا بقيادة فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية رئيس المؤتمر الشعبي العام.. وتطرق إلى عبقرية الرئيس وحكمته وهو ينهض بواحدة من أهم المبادرات التاريخية في حياة شعبنا ووطننا، ولحظات مغادرته مجلس الشعب متوجهاً إلى عدن من أجل تحقيق الوحدة.. وكيف تعامل مع القوى والشخصيات السياسية في صنعاء وعدن التي اعتبرت توقيع اتفاقية الوحدة سابق لآوانه. فإلى نص الحوار:
^ «الميثاق»: نتشرف بإجراء هذا الحوار مع دولة الأستاذ عبد العزيز عبد الغني، أحد الرموز البارزة في صناعة تاريخ اليمن المعاصر.. بداية نهنئكم بمناسبة العيد الوطني العشرين لقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، ونود أن تتحدثوا عن أهم المحطات التاريخية التي كان لها الدور الرئيس في تتويج نضال الحركة الوطنية اليمنية بتحقيق هذا الحلم؟ - رئيس مجلس الشورى: أود في البداية أن أرفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى القائد الوحدوي الكبير فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية-رئيس المؤتمر الشعبي العام، وإلى الشعب اليمني الكريم بهذه المناسبة الوطنية الغالية على قلوبنا جميعاً. أنا سعيد كذلك، بأن ألتقي مع جمهور صحيفة «الميثاق»، هذه الصحيفة التي لازمت مسيرة تنظيمنا الرائد المؤتمر الشعبي العام، وشكلت لسان حاله، ومنبره الصحفي المعتبر. أثمن لها دورها المتميز، ورسالتها الإعلامية التي ساهمت وتساهم في تعزيز المسيرة الديمقراطية لليمن الموحد. وبالنسبة لأبرز المحطات التاريخية التي مرت بها مسيرة اليمن الوحدوية، فهي عديدة، وثمة مفارقات في طبيعة هذه المحطات التاريخية.. ذلك أن بعض هذه المحطات لم تكن، دائماً، مبنية على التقاء الإرادات الإيجابية لطرفي الوحدة في الشمال والجنوب، بل كانت أحداثها في بعض الأحيان، معبرة عن تناقض في الإرادات، ومؤججةً بالصراعات والمواجهات المسلحة، ومفعمة بالآلام. ولكن لأن الإيمان بالوحدة كان عقيدة راسخة لدى طرفي الوحدة ونظامي الشطرين، على تباينٍ في أيديولوجيتهما السياسية، فقد كانت الأحداث التي رسمت المحطات التاريخية الفارقة في مسيرة الوحدة، سلبية كانت أو إيجابية، دائماً تدفع باتجاه حتمية هذا الحلم الوحدوي وجعله هدفاً عصياً عن التغييب. كانت الحاجة إلى الوحدة قوية بما فيه الكفاية، بسبب المعطيات الواقعية على الأرض، والتي كانت تشير دائماً إلى وحدوية هذا الشعب واتصال لحمته ببعضها نسباً ومصالح ثابتة منذ بدء الخليقة. وكانت تشير كذلك، إلى حتمية تحرير جغرافية اليمن من الحدود السياسية الطارئة على تاريخه، والتي جزأته ومزقته وجعلته عرضة للأطماع الخارجية، وهدفاً للغزاة.. وعليه يمكن الإشارة إلى تلك المحطات على مستويين:
محطات متأزمة:
وهي المحطات التي وُجِدتْ بتأثير المواجهات العسكرية بين جيشي الشطرين، ويذكر الكثيرون كيف كادت مواجهة عسكرية هي الأخطر أن تندلع أواخر الثمانينات على حقل جنة النفطي الذي كان يوجد على التخوم الشطرية، لكن الشطرين استطاعا أن يتوصلا إلى تفاهم بشأن استثمار ذلك الحقل، فتأسست محطة تاريخية مهمة في المسيرة الوحدوية. ويمكن النظر إلى الحرب الأهلية التي شهدها الشطر الجنوبي في 13 يناير بأنها واحدة من المحطات المأساوية التي لم تكن منفصلة عن استحقاق الوحدة، على الرغم مما أظهرته من تناقض حاد في وجهات نظر أطراف السلطة في عدن آنذاك.
محطات إيجابية:
وأخذ هذا النوع من المحطات التاريخية في المسار الوحدوي بعده الإيجابي، من لقاءات القمة التي بدأت في القاهرة مروراً بطرابلس، والكويت، وانتهاءً بقمم تعز وعدن وصنعاء وسيئون. وكانت أهم محطة تاريخية وأهم حدث مؤثر في مسيرة اليمن الوحدوية، قد تمثلت في زيارة فخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح إلى عدن وتوقيعه اتفاقية الوحدة في الثلاثين من نوفمبر عام 1989. هذه المحطة وهذا الحدث اكتسبا بعدهما التاريخي، من كونهما قد عبرا عن إرادة استثنائية لقائد وزعيم ملهم بحجم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، وأظهراه وهو ينهض بواحدة من أهم المبادرات السياسية والتاريخية في حياته كرئيس لهذا الوطن. لأن ما أقدم عليه الأخ الرئيس، كان هو السبب الذي قرب انعقاد هذا الاستحقاق الوحدوي التاريخي والاستراتيجي في الثاني والعشرين من مايو 1990، أي بعد أقل من ستة أشهر فقط على توقيع اتفاقية الوحدة. أقول ذلك، لأن الحدث الذي أقدم فخامته على صنعه، كان في نظر البعض من القوى والشخصيات السياسية في صنعاء، وعدن، يعتبر سابقاً لأوانه. وهو ما فسره خطاب فخامة الأخ الرئيس في مجلس الشورى(البرلمان)، قبيل توجهه إلى عدن للإعلان عن إعادة تحقيق الوحدة في 22 مايو 1990، عندما أعلن آنذاك في خطاب تاريخي أمام نواب الشعب، نيته زيارة عدن وترك الباب مفتوحاً لمن أراد أن يلتحق به لتحقيق هدفٍ، لم يكن بوسع أي سياسي محنك، إلا أن يلتقط الفرصة التاريخية لإنجازه، وهو ما فعله فخامة الرئيس علي عبد الله صالح. وفي اعتقادي أن زيارة الأخ الرئيس إلى عدن وتوقيعه اتفاقية الـ30 من نوفمبر، لم تُعجِّل فقط من إنجاز الوحدة المباركة، ولكنها كشفت عن حجم التأييد الشعبي الهائل الذي حظيت به تلك الزيارة وخطوة توقيع اتفاقية الوحدة، مما جعل البعض من السياسيين يراجع مواقفه.
زعيم متميز
^«الميثاق»: وقفتم إلى جانب فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية- رئيس المؤتمر الشعبي العام في المعركة الاقتصادية والسياسية ومعركة النضال من أجل إعادة تحقيق الوحدة اليمنية.. هل بالإمكان أن تكشفوا لنا بعضاً من سفر ذلك النضال الوحدوي العظيم الذي لم يتم التطرق إليه، والذي توج بالنصر يوم 22 مايو 1990م؟. - رئيس مجلس الشورى: أولاً أود أن أعبر عن الاعتزاز ، بالفترة التي أمضيتها ومازلت في مواقع المسئولية المختلفة، تحت القيادة الحكيمة لفخامة الأخ الرئيس. ولقد أتاحت لي المواقع القيادية التي شغلتها، على رأس الحكومة أو نائباً للرئيس أو على رأس مجلس الشورى وقبله المجلس الاستشاري، فرصةَ التعرف عن قرب على السجايا والخصال المتميزة لفخامة الأخ الرئيس بصفته إنساناً أولاً وقائداً وزعيماً سياسياً ورئيساً وصاحب أدوار مؤثرة في مسيرة التاريخ المعاصر لليمن، وصانع محطاته التاريخية المؤثرة، وإنجازاته الاستراتيجية الخالدة وعلى رأسها الوحدة اليمنية. نعم.. لقد عملنا معاً قبل الوحدة وبعد الوحدة، وكانت التحديات السياسية والاقتصادية، كبيرة، وكان أبرز التحديات السياسية، يتمثل في إعادة تحقيق الوحدة اليمنية. والحقيقة، أنه ليس بوسع المرء أن يحيط بدقائق اللحظات التي عشناها معاً، بحكم موقع المسئولية، ونحن نعمل من أجل الوحدة اليمنية. ولكن يمكن القول إن هناك لحظات استثنائية في مسيرة التعامل مع موضوع الوحدة، بعضها كان يشهد تداعيات طارئة وخطيرة، كانت تستدعي تعاملاً من نوع استثنائي وخاص، وبعضها كان يستدعي مواقف سياسية، وهذا كان يرتبط عادة بالمفاوضات التي كانت تجري على مستويات مختلفة بين الشطرين. وما أود التأكيد عليه هنا، أن فخامة الأخ الرئيس كان يحسن التعامل مع اللحظات الاستثنائية الصعبة، وكنا نحتاج إلى إرادة القائد التي يجسدها في أشد المواقف صعوبة. وكنا أيضاً، نعتز بأسلوبه في إدارة الأزمات وخصوصاً ذات الصلة بمسار الوحدة اليمنية، فقد كان دائم التشاور مع مساعديه ومستشاريه، كان يُنصت إلى آرائهم باهتمام، ويعكس ذلك في قراراته وفي الإجراءات التي يتخذها، إجماع الأمة وحكمائها. وقد كان لهذا النمط القيادي في التعامل مع أحداث المسار الوحدوي، أثره البالغ، في إعادة تحقيق الوحدة المباركة.
الوحدة آمنة
^ «الميثاق»: أستاذ عبد العزيز.. يلاحظ أن هناك أصواتاً تدعو للانفصال وأخرى لعودة الإمامة وسواها للفيدرالية وغيرها تطالب بـ"فك الارتباط".. حقيقة هل الوحدة اليمنية في خطر فعلاً؟ وكيف يمكن الحفاظ على هذا المنجز العظيم؟ - رئيس مجلس الشورى: لا، الوحدة ليست في خطر، وهي محروسة بإرادة الله، وبتمسك وإصرار الشعب على خيار الوحدة المباركة، وعلى النظام الجمهوري الديمقراطي التعددي الذي يشكل مدماكاً راسخاً للبناء الوحدوي الشامخ .. وهذه الدعوات، تمثل تعبيراً واضحاً عن استمرار خط العداء للثورة المجيدة: 26 سبتمبر و14 أكتوبر، وللنظام الجمهوري، ولمنجزنا الوحدوي المبارك. هذا الخط من العداء الذي لم ينفك يعبر عن نَفَسِهِ الخبيث والبغيضِ والحاقدِ، منذ قيام الثورة المباركة، ومعارك الدفاع عنها، مروراً بمعركة الاستقلال، واللقاءات الوحدوية التي سبقت الثاني والعشرين من مايو، وما بعدها وحتى اليوم. هناك تفاوت في طبيعة الممارسات التي يقوم بها من ينتسب إلى هذا الخط من أعداء الوطن ومن يساندونهم، وهي ممارسات لا شك، تشكل تحدياً أمام الدولة وهي تمضي في مسيرة البناء المؤسسي السياسي والديمقراطي، وفي مسيرة التنمية الشاملة والمستدامة. علينا أن نكون أقوياء في تأكيد حقيقة أن ما يضمره هؤلاء وما يقومون به على أرض الواقع، مآله إلى الفشل. نعم.. أعمال التمرد الذي قامت به عصابة التمرد والتخريب الحوثية، أسهم سلباً في توجيه جزءٍ من موارد الوطن، لمواجهة هذه القوى الشريرة وإجهاض مشروعها الظلامي. وفي موازاة ذلك هناك موارد أنفقت في مواجهة تداعيات الأعمال التخريبية التي تقوم بها عصابة الحراك الانفصالي، وهناك تأثير مباشر وغير مباشر لأعمال هذه العصابات، وعناصر تنظيم القاعدة الإرهابي، على تدفق الاستثمارات وعلى الأنشطة الاستثمارية، وعلى قطاع السياحة. هذه الأعمال تساهم في خلق صعوبات أمام استحقاقات النمو الاقتصادي القائم على الاستثمارات وعلى نشاط وازدهار القطاعات الاقتصادية مثل القطاع السياحي، وأمام جهود الدولة لخلق فرص عمل لامتصاص البطالة. هذه انعكاسات وصعوبات لا يمكن إنكارها، ولكن أؤكد هنا بأن هذه العصابات، بكل ما تقترفه من جرائم غير مسبوقة في تاريخنا الحديث والمعاصر، من قتل وتشريد وتهجير للمواطنين وتقطع للآمنين، واستهداف لثوابت الوطن ومقدراته، لن تنجح في إيقاف مسيرتنا الوحدوية ولن تنجح في إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء. اليمن اليوم يتمتع بإمكانيات متعددة لمواجهة هذه العصابات وإجهاض مشاريعها الهدامة، هناك إرادة وطنية قوية وصلبة يعبر عنها الشعب اليمني وقيادته الحكيمة المناضلة ممثلة بفخامة الرئيس علي عبد الله صالح، وهناك جيش وطني وأمن قادران على النهوض بأعباء الدفاع عن المكتسبات الوطنية، ويحظيان بمساندة شعبية واسعة النطاق. وهناك مساندة إقليمية ودولية، سياسية واقتصادية لليمن ، وتعبير قوي وواضح بشأن قدسية الوحدة اليمنية، ودعم خيار الشعب اليمني في الوحدة والديمقراطية والتنمية. ^ «الميثاق»: أكدتم مراراً أن أصحاب المشاريع الصغيرة وتحالف الشر لا مستقبل لهم.. إذاً ما مستقبل الجمهورية اليمنية في ظل تزايد البطالة والفقر وظاهرة الإرهاب والفساد ؟ ألا تشكل هذه تحديات أمام تطور مجتمعنا ونظامنا الوطني الديمقراطي؟ - رئيس مجلس الشورى: أعتقد أن جزءاً من إجابتي على السؤال السابق قد تضمن رداً على سؤالك هذا، ومع ذلك، سأتوسع في هذه الجزئية، من أجل أن أوضح بأن الدولة، لم تغفل أبداً عن التحديات التي تأتي من تفاقم مشكلتي الفقر والبطالة، ومن ظاهرة الإرهاب، أو حتى من مشكلة الفساد في بعض الممارسات الإدارية والمالية. الحقيقة أن اليمن منذ ما قبل الوحدة كان على الدوام يواجه مشكلة في عدم كفاية الموارد، الأمر الذي كرس من مشكلة الفقر والبطالة، وخلق وضعاً مستداماً من تدني مستوى العيش. ومن المؤسف أن اليمن لم يحظ كغيره من البلدان بفرصة مواجهة هذه المشاكل في ظروف مستقرة، بما يمتلكه من موارد وإمكانيات متاحة، من خلال التوظيف الأمثل لعائداتها، وبما يمكن أن يتخذه من إجراءات ذات طابع إداري ومالي ومؤسسي. فقد توالت المشاكل والأزمات السياسية، التي أفرزها خط العداء لليمن وخياراته في الوحدة والديمقراطية. فكان اليمن من أوائل الدول التي استهدفها تنظيم القاعدة، بهجماته الإرهابية، ورغم ما بذله اليمن من جهود قللت إلى حد كبير من تأثير هذا التنظيم الإرهابي إلا أنه ظل يشكل مصدر تهديد جدي لمصالح البلاد. ثم تتالت الاستهدافات من عصابة التمرد والتخريب الحوثية في بعض مديريات محافظة صعدة وحرف سفيان، وعصابات التمرد الانفصالية في بعض مديريات المحافظات الجنوبية. وفي هذه الأثناء تعرض اليمن كغيره من بلدان العالم لتأثير الأزمة المالية والاقتصادية العالمية. ومع ذلك لم تتوان الدولة في القيام بدورها في التقليل من تأثير تلك الأزمات والمشاكل، وعملت ما بوسعها، لكبح التأثيرات السلبية لمشكلتي الفقر والبطالة، واتخذت جملة من التدابير التشريعية والمؤسسية المعززة لمبدئي الشفافية والمساءلة، في إطار الحرب على الفساد واستئصاله. هناك حزمة متكاملة من الإجراءات والتدابير متعددة المستويات التي اتخذتها الدولة في إطار مواجهتها لهذا الكم الهائل من التحديات. ومن المؤكد أن هذه المشاكل، والتحديات لن تزعزع إيماننا الراسخ بقوة وحدتنا ونظامنا الديمقراطي الراسخين والشامخين، رسوخ وشموخ الجبال اليمنية العتيدة. ^ «الميثاق»: ناقشتم في مجلس الشورى مؤخراً قانون الصحافة، علماً أن أبرز مكاسب الوحدة هي الديمقراطية والتعددية السياسية وحرية الصحافة.. فكيف تقيمون النجاحات المحققة في هذا الشأن، وبحيث لا تتعرض الديمقراطية إلى انقلاب عبر حوار سفسطائي أو تفقد اليمن حرية الصحافة التي يرعاها الرئيس ومجلس الشورى؟ - رئيس مجلس الشورى: لقد خصص مجلس الشورى أربع جلسات، في إطار اجتماعه السابع لهذا العام، لمناقشة مشروع التعديلات في قانون الصحافة والمطبوعات المحال إليه من الحكومة، وهي أطول فترة يخصصها المجلس لمناقشة موضوع معروض عليه. وهذا إن دل على شيء، فإنما يدل على أن المجلس حريص كل الحرص على ترجمة التوجيهات السديدة لفخامة الأخ الرئيس علي عبد الله صالح، فيما يتعلق بضرورة الإسراع في مناقشة المشروع بما يكفل الخروج بقانون صحافة جديد يعكس التطورات الديمقراطية والحقوقية التي بلغها اليمن في عهده الوحدوي المبارك. والمجلس من موقعه واختصاصه الدستوري ممثلاً في رعاية الصحافة، أراد أن يكون التعامل مع مشروع التعديلات المحال إليه من الحكومة، موفقاً على كل المستويات. ولهذا بادر منذ أن أُحيل إليه المشروع إلى تشكيل لجنة موسعة برئاسة نائب رئيس المجلس الأخ عبدالله صالح البار، وهذه اللجنة أجرت نقاشات موسعة مع مختلف الأحزاب والتنظيمات السياسية ومع نقابة الصحفيين وقيادات وممثلي المؤسسات الصحفية، والمنظمات الجماهيرية في البلاد. وبعد تلك المناقشات الموسعة، كان يفترض أن تتبلور رؤية تُعكس في صيغة مشروع التعديلات، وتساعد على الخروج بصيغة ملائمة للقانون، لولا أن برزت، اتجاهات خلال الفترة الماضية، أفضت في المحصلة إلى مشروعين لقانون الصحافة والمطبوعات، أحدهما مقدم من الحكومة والآخر من نقابة الصحفيين. وقد جاءت توجيهات فخامة الأخ الرئيس الأخيرة، قوية وواضحة بضرورة الإسراع في مناقشة القانون، ولم يكن لدى المجلس أي تصورات مسبقة بشأن الصيغة المفترضة لقانون بهذه الأهمية. ولهذا أقر المجلس في ختام مناقشاته تشكيل لجنة موسعة برئاسة نائب رئيس المجلس أيضاً للخروج بصيغة قانون تشترك في إنجازه مختلف الأطراف. وهذا بالطبع يعبر عن إيمان المجلس بأهمية الصحافة باعتبارها، أحد أهم مظاهر حرية التعبير والحريات العامة وعافية النظام الديمقراطي في بلادنا.
استغلال القضايا
^ «الميثاق»: أستاذ عبدالعزيز.. القضايا المطلبية ومشكلة الأراضي لبعض أبناء المحافظات الجنوبية تظل من المنغصات المزعجة والتي تستغل للتحريض على الوحدة.. إلى أين وصلتم في حل هذه القضايا لتفويت الفرصة على أعداء الوحدة، الذين يوظفون هذه القضايا لتصفية حساباتهم مع الوطن والوحدة؟ - رئيس مجلس الشورى: أعتقد أن هذا الأمر قد أخذ حقه من النقاش والتداول، ودخل حيز الإجراءات العملية على الأرض، ولعلكم تتذكرون ما أفصح عنه فخامة الأخ الرئيس في أحد خطاباته، من أن الدولة أنفقت نحو 52 مليار ريال لحل مشكلات من هذا النوع في المحافظات الجنوبية. وأود هنا أن أؤكد أنه لا يوجد أدنى شك في جدية الدولة في حسم القضايا المطلبية، وهذا يمكن التأكد منه على أرض الواقع من خلال ما تم استيعابه من المتقاعدين في المؤسسات العسكرية والأمنية والمدنية. وإذا كانت هناك بعض القضايا المرتبطة بالأراضي لاتزال قائمة فإنها في طريقها إلى الحل بطبيعة الحال. هناك حقيقة مهمة يجب التركيز عليها، وتتمثل في سوء استغلال القضايا المطلبية التي اعتبرتها الدولة مشروعة وتعاملت معها على هذا الأساس، وهذا الاستغلال للأسف يتم من قبل عناصر، أظهرت حقدها على الوطن ووحدته وعلى أمنه واستقراره، وبالتالي فإن التحركات والأعمال التخريبية التي تقوم بها تلك العناصر لا تعبر عن إرادة اليمنيين في المحافظات الجنوبية، بقدر ما تعبر عن الأهداف والمرامي الخبيثة لعناصر الحراك الانفصالي التي تتحرك بأوامر وتعليمات تأتيها من الخارج. وإلا كيف نفسر الأعمال الإجرامية التي تقدم عليها تلك العناصر، مستهدفة بها الأبرياء من السالكين أو المسافرين في الطرقات الرئيسة التي تربط المدن اليمنية ببعضها، كيف نفسر القتل على الهوية والتمثيل بجثث القتلى، هل تعبر عن عقلية سوية، ناهيك عن مطلب مشروع؟!!
الاصلاحات الدستورية
^ «الميثاق»: الإصلاحات الدستورية والانتخابية، وإعطاء صلاحيات واسعة للمجالس المحلية، هل هي رهان شعبنا لتجاوز كل التحديات التي تواجهه اليوم؟ وما أهمية التوجه لتحويل مجلس الشورى إلى غرفة برلمانية أخرى، في إطار الإصلاحات السياسية والدستورية؟ - رئيس مجلس الشورى: بالتأكيد، الإصلاحات الدستورية، هي تعبير عن حيوية النظام الديمقراطي واستجابته لمتطلبات الواقع وما يتصل به من تطورات.
وبالطبع فإن هذه الإصلاحات، التي تطال النظام السياسي وبناه المؤسسية، تهدف إلى تأمين بيئة محفزة على المزيد من التطور السياسي والاقتصادي، واستنهاض مقدرات المجتمع بكل فعالياته للإسهام في تحقيق التنمية الشاملة والمستديمة. ونحن ننظر إلى التعديلات الدستورية التي اقترحها فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح ضمن هذا السياق، وليس باعتبارها رهانات يمكن أن تؤدي إلى الربح أو إلى الخسارة، لأي طرف من أطراف العمل السياسي. نحن حريصون على أن تأتي التعديلات المقترحة والهادفة إلى تطوير البناء المؤسسي، بما في ذلك إنشاء سلطة تشريعية من غرفتين (النواب والشورى) باسم مجلس الأمة، وكذا الانتقال إلى نظام حكم محلي واسع الصلاحيات، يعبر عن إرادة وطنية شاملة. وحتى لو نأت بعض الأحزاب بنفسها عن تبني أو تأييد تلك التعديلات، فإن هذه التعديلات لن تكون موجهة ضد أحد بل محققة لإرادة شعب ومصالح أمة. أما ما يتعلق بأهمية تحول مجلس الشورى إلى غرفة أخرى في سلطة تشريعية من غرفتين، فقد سبق وأن أكدت في أكثر من مناسبة، أن هذه الخطوة، تعبر عن حرص نظامنا السياسي على توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرار ، ومن شأنها أيضاً أن تؤمن بيئة تشريعية ورقابية أكثر كفاءة ونضجاً وهو ما نحتاجه بالتأكيد.
نحرص على الحوار
^ «الميثاق»: كيف تنظرون إلى مستقبل الحوار مع أحزاب المعارضة وخاصة تلك التي تنضوي في إطار اللقاء المشترك، خصوصاً وأن العامين الإضافيين من عمر مجلس النواب يوشكان على الانتهاء؟ - رئيس مجلس الشورى: المتابع للمواقف الصادرة عن فخامة الأخ الرئيس وعن المؤتمر والحكومة، يدرك عمق إيماننا بأهمية الحوار سبيلاً لحل القضايا التي تنشأ على الساحة الوطنية. ولذلك الدعوات من جانبنا لاتزال قائمة للإخوة في اللقاء المشترك للدخول في حوار جاد ومسئول على أساس تنفيذ اتفاق فبراير. ومن حيث الأساس نحن قبلنا باتفاق فبراير الذي تم بموجبه تمديد فترة مجلس النواب سنتين وكان ذلك، من منطلق حرصنا على توفير أجواء من الثقة تشجع كل الأطراف على الانخراط في حوار حقيقي على مختلف القضايا تحت سقف الدستور والوحدة. وكان يفترض أن تكون السنتان الإضافيتان في عمر مجلس النواب الإطار الزمني لحوار جاد ومسئول بين المؤتمر الشعبي العام وبقية أحزاب المعارضة. ونأسف لأن بعض أحزاب المعارضة وخصوصاً المنضوية في إطار اللقاء المشترك، تتنصل اليوم عن التزاماتها تجاه اتفاق فبراير. وبالتأكيد هذا لن يُثنينا في المؤتمر عن المضي في إنفاذ الاستحقاقات الدستورية، وعلى رأسها الانتخابات النيابية الرابعة من نوعها في تاريخ وحدتنا المباركة في موعدها المحدد. نحن متمسكون بالحوار مع المعارضة، لكننا في المقابل لن نسمح لأحد بتحقيق مكاسب حزبية محضة، من خلال جرنا إلى خارج السياق الديمقراطي، وإلى ما يتناقض مع التزاماتنا الدستورية، ومع الأعراف والتقاليد الديمقراطية. ^ «الميثاق»: هل من كلمة أخيرة تودون قولها بهذه المناسبة؟ - رئيس مجلس الشورى: العيد العشرون لقيام الجمهورية اليمنية، كان وسيظل المناسبة التي تؤشر إلى إرادة اليمنيين القوية وإلى مقدرتهم الفذة على إنجاز استحقاقات تاريخية واستراتيجية بحجم الوحدة اليمنية. وعلينا أن ننظر إلى هذه المناسبة باعتبارها مصدر إلهام لنا جميعاً لكي نمضي في مسيرتنا الوطنية الوحدوية والديمقراطية، وأن نتحدى بإرادتنا كل التحديات ونهزم كل المشاريع الشاذة عن إجماعنا الوطني وخياراتنا الراسخة في الوحدة والديمقراطية والتنمية الشاملة. ولا أنسى أن أتوجه بالشكر الجزيل لأسرة تحرير صحيفة «الميثاق» ومنتسبي الإعلام المؤتمري، وبالتهنئة الحارة لكم جميعاً بعيد أعيادنا الوطنية المتمثل بمناسبة قيام الجمهورية اليمنية وإعادة تحقيق الوحدة المباركة.^
|