حوار: منصور الغدره -
دعا الدكتور عبدالعزيز بن عثمان بن صقر- رئيس مركز الخليج للأبحاث- العرب الى دعم اليمن في تجاوز مشاكله، وقال بن صقر: أعتقد أنه من الواجب بل من الضروري على العرب أن يدعموا اليمن لتجاوز مشاكله بصفة عامة سواءً أكانت هذه التحديات اقتصادية ، أم سياسية.. وأضاف المفكر السعودي في حوار لـ"الميثاق" ندعو الدول العربية إلى دعم اليمن من أجل تجاوز أزماته الداخلية لقطع دابر الفتنة، وإغلاق الأبواب أمام مؤامرات الدول الأخرى التي تسعى إلى ضرب استقراره ووحدته تحت ذرائع معلنة أو غير معلنة وبحجج واهية، مستغلة ظروفا إقليمية، ودولية إضافة إلى الظروف الداخلية في اليمن لتنفيذ أجندات خفية لا تخدم اليمن ولا المنطقة العربية بأسرها. وفيما أكد رئيس مركز الخليج للأبحاث أن الوحدة اليمنية كانت بالفعل حلما يراود أبناء اليمن ويلقى كل الدعم والترحيب من الدول العربية الأخرى، وقال" فاليمن الموحد، القوي، والمتماسك هو في صالح شعبه، وشعوب المنطقة، كما أنه يصب في مصلحة الأمة العربية". دعا أبناء اليمن إلى أن يعوا خطورة الظرف التاريخي الذي يمر به بلدهم، وأن يعوا أهداف المؤامرات التي تحاك لبلدهم وعليهم ألا يسمحوا بتنفيذ هذه المخططات.
وأشار المفكر العربي عبدالعزيز بن صقر إلى أن الوحدة بالنسبة لليمن ضرورية ويجب الحفاظ على ما حققته من مكتسبات من أجل خدمة الأجيال القادمة ، وعلى الجميع أن ينظروا لمصلحة اليمن أولا وقبل كل شيء..
^ الشعب اليمني يحتفل هذه الأيام باليوم الوطني الـ20 أي بمناسبة مرور 20 عاماً على الوحدة والذي يصادف الثاني والعشرين من شهر مايو الجاري .. كيف تنظرون إلى هذا الحدث الذي ظل حلما يراود الجميع لسنوات طويلة ؟ وما الذي يمكن قوله للشعب اليمني في هذه المناسبة؟
- في البداية أقدم التهنئة للشعب اليمني الشقيق لاحتفاله بمناسبة عزيزة ألا وهي ذكرى يوم الوحدة ونتمنى للشعب اليمني وقياداته كل التوفيق من أجل الحفاظ على المكاسب التي تحققت على التراب اليمني وفي مقدمتها الوحدة.
ومن الثابت أن الوحدة اليمنية كانت بالفعل حلما يراود أبناء اليمن ويلقى كل الدعم والترحيب من الدول العربية الأخرى، فاليمن الموحد، القوي، والمتماسك هو في صالح شعبه، وشعوب المنطقة، كما أنه يصب في مصلحة الأمة العربية بأسرها خصوصاً أن العالم اليوم يتجه إلى التعامل مع الكيانات الكبيرة سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي ، في ظل تراجع الكيانات الصغيرة التي أصبحت هامشية التأثير على المستوى الإقليمي أو الدولي خصوصا بعد ظهور كيانات عملاقة وتكتلات كبيرة في مناطق مهمة من العالم ومنها منطقة اليورو في أوروبا بشقيها السابقين ( أوروبا الغربية وأوروبا الشرقية) . كما نمت قوة عملاقة في شرق آسيا وهي الصين، إضافة إلى قوى أخرى آخذة في النمو كالهند، البرازيل وغيرهما، ناهيك عن القوى التقليدية للدول الصناعية الثماني.. ويأتي ذلك في عصر التجارة الحرة وسقوط الحواجز الجغرافية أمام تنقل السلع والثقافات حيث يفرض هذا الواقع فلسفة البقاء للأقوى، والمنافسة في صالح الجودة الأفضل.
وعلى ضوء ذلك فإن الوحدة بالنسبة لليمن ضرورية ويجب الحفاظ على ما حققته من مكتسبات من أجل خدمة الأجيال القادمة ، وعلى الجميع أن ينظروا لمصلحة اليمن أولا وقبل كل شيء ، فمن المعروف أن مصلحة الأوطان والشعوب تتقدم على ما دونها من مصالح أخرى، وهنا أقول للشعب اليمني يجب أن يحافظ جميع أبناء هذا البلد الشقيق على الوحدة وأن يكون التفاهم والحوار والنقاش المثمر هو الوسيلة الفعالة لمناقشة قضايا ومطالب الجميع ، وأن تكون التنمية الحقيقية والاهتمام بجميع المحافظات هدف الحكومة والشعب معا باعتبارها مفتاح الاستقرار والأمن .
استهداف الوجود العربي
^ بعد مرور 20 عاما على الوحدة اليمنية، يوجد من يحيك المؤامرات ضد بقائها للإطاحة بالحلم الذي يمثل البذرة الأولى للمشروع الوحدوي العربي.. كيف يمكن مواجهة هذه المؤامرات؟ وما موقفكم من الأطراف لتي تدعو إلى الانفصال والعودة إلى التشطير والتفتت؟
- المؤامرات ضد قوة العرب ونهضتهم موجودة منذ القدم وهذا شيء ليس بالجديد، وإن كانت قد زادت وتيرتها في الوقت الحاضر لأسباب عدة ومعروفة ومنها ما هو متعلق بتخوف بعض الدول من الإمكانات التي تمتلكها الدول العربية مجتمعة سواء أكانت بشرية أم مادية بمختلف أنواعها كالثروات المتعددة والقوى البشرية التي تمتلكها الدول العربية، وهناك ما هو متعلق برغبة دول أخرى في كسب مناطق نفوذ أو نشر فكر معين يخدم مصالحها ويجعل لها موطئ قدم في المنطقة وورقة تستخدمها للمساومة، أو يكون لها رأس حربة في المنطقة العربية، وهنا لابد من تحصين المنطقة وشعوبها من الوقوع في الشرك الذي يوضع لها تحت مسميات أو عناوين يختلف ظاهرها عن باطنها ، و لابد أيضا من إحياء وبعث الروح الوطنية لكل شعب، والثقافة العربية بصفة عامة للتصدي للغزو الفكري والمذهبي القادم من الخارج والذي لا يهدد اليمن فقط بل العديد من الدول العربية الأخرى لاسيما التي تعيش فيها اثنيات ثقافية ، عرقية ، أو مذهبية ،وهنا يأتي دور التعليم، الإعلام، والثقافة بمعناها المتكامل ، ولتحقيق ذلك تقع المسئولية على الحكومات العربية ، مؤسسات المجتمع المدني، العلماء، رجال الفكر، وسائل الإعلام، ومنظمات العمل العربي المشترك وفي مقدمتها جامعة الدول العربية ، وإلا فهناك مخاطر جمة تستهدف الوجود العربي في دياره ، وهناك من يعمل على تحقيق ذلك وفق مخططات مدروسة.
الأوطان أمانة
أما موقفنا من الجماعات التي تدعو للانفصال فنقول: الأوطان أمانة في أعناق أبنائها وعلى الجميع أن يعوا المخاطر المحدقة بوطنهم يتصرفوا وفقا لرؤية صائبة لدرء هذه المخاطر والعمل على قيادة الدفة إلى بر الأمان ، وعليهم أن يناقشوا مستقبل بلدهم بالحوار الهادئ بعيدا عن الانفعال أو الاحتكام إلى الشارع .. فالاحتكام للشارع محفوف بالمخاطر لأن الشارع يخضع للفكر الجماعي ما يسمح لدخول المندسين أو لتنفيذ أفكار دون قصد أحيانا تخدم مصالح جهات أخرى.
لكن في المقابل يجب على الحكومة أن تناقش مطالب الشعب في جميع المحافظات سواء في الجنوب أو الشمال ، وأن تستمع لنبض جميع أبناء الوطن، وأن تجعل التنمية ومحاربة الفقر والبطالة أفضل وسيلة لمخاطبة الشعب، فعند انتشار الفقر والبطالة وضعف الخدمات تنتشر الأفكار المضادة ويكون رجل الشارع أميل إلى تقبل أي فكر يخاطب احتياجاته ، ولذلك فالتنمية أفضل وسيلة لإنقاذ المكتسبات اليمنية وتحصين المجتمع اليمني من الداخل، وأيضا لابد للحكومة اليمنية أن توسع المشاركة السياسية في الحكم بمعنى أن تستوعب كافة أطياف المجتمع دون تفرقة سواء على مستوى الحكومة المركزية في صنعاء، أو على مستوى الأجهزة المماثلة بالإدارات المحلية في بالمحافظات والمديريات المختلفة، وكذلك الحال بالنسبة للقطاعات الأمنية في الجيش والشرطة وغير ذلك دون اصطفاء مجموعة على حساب أخرى ، وعلى الأحزاب اليمنية المختلفة وفي مقدمتها الحزب الحاكم أن تستوعب كافة الأطياف السياسية دون تمييز وأن تكون المناصب للكفاءات وأصحاب القدرات مهما كانت انتماءاتهم المناطقية باعتبار أن الجميع ينتمون لليمن الوطن الواحد و أن اليمن القوي الموحد من مصلحة الجميع دون استثناء.
تحصين المجتمع
^ من وجهة نظركم .. ما هو الرد العملي لحماية الوحدة اليمنية من دعوات الانفصال؟ وما هي أهداف الأصوات الانفصالية؟ وتعمل لصالح من ؟
- كما قلت في الإجابات السابقة إن الرد يكون بتحصين المجتمع فكريا وتنمويا وسياسيا ، فالتعليم الجيد، ونشر الثقافة المعتدلة التي تنمي الروح الوطنية، وتغرس الولاء للوطن تكون حجر الزاوية في التوعية ، على أن يصاحب ذلك توفير فرص العمل ، وخدمات الصحة، المواصلات ، الاتصالات وغير ذلك من الاحتياجات اليومية واستيعاب الجميع في أجهزة الدولة طبقا لمبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين الجميع، فكل ذلك يكون بمثابة حائط الصد المنيع ضد الأفكار الهدامة ، وضد أي محاولة لزعزعة اليمن الموحد.
لا نقر الفوضى
أما عن أهداف من ينادي بالانفصال ويعملون لصالح من... فإننا لا نريد أن نلقي بالاتهامات جزافا على جميع المنضوين تحت ما يسمى بالحراك في الجنوب ، لذا من الضروري معرفة هؤلاء والتأكد من أهداف مشروعهم ، وأيضا يجب مناقشتهم، وأعني هنا مناقشة من هم على مستوى المسئولية أو أصحاب الفكر، ويكون الحوار العقلاني جزءاً من استراتيجية الحفاظ على الوحدة اليمنية، وهنا يجب أن نفرق بين أصحاب الفكر، ومن يريد أن ينشر الفوضى فنحن لا نقر الفوضى ونرفض العبث بمقدرات الشعوب تحت أي ذريعة أو تحت أي مسمى، بل يجب مواجهة من يريد النيل من الأمن والاستقرار.. وفي المقابل على قيادات هذا الحراك أن يضعوا المصلحة العليا للوطن نصب أعينهم ، وأن يلتزموا بالحوار كوسيلة لتلبية المطالب والاحتياجات دون التفريط في الوحدة أو تفتيت الدولة اليمنية ، خصوصا أن التفتيت لن يخدم مصلحة الوطن ككل في ظل عالم لا يعترف إلا بالدول القوية والكيانات الكبيرة وأن يدركوا أن اليمن الموحد القوي هو القادر فقط على حماية أبنائه وليس أي جهات أخرى أينما كانت، وعليهم أيضا ألا يسمحوا لأي جهة في الخارج أن تمرر مشروعها من خلالهم ، وأن تكون رؤاهم نابعة من مصلحة أبناء وطنهم فقط .
^ هل تعتقدون أن من مصلحة العرب أن يتركوا اليمن عرضة لمواجهة هذه التحديات بمفرده؟
- أعتقد أنه من الواجب بل من الضروري على العرب أن يدعموا اليمن لتجاوز مشاكله بصفة عامة سواءً أكانت هذه التحديات اقتصادية ، أم سياسية، وللحقيقة أن الدول العربية ومن بينها المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تقف إلى جانب اليمن ، والدليل على ذلك دعم اليمن من خلال مؤتمر المانحين الذي عقد في الرياض مؤخراً ومن قبله في لندن ، فالمملكة لم ولن تتخلى عن دعم اليمن والمحافظة على استقراره ، وتؤكد دوما أن اليمن دولة شقيقة وجارة ترتبط معها بروابط القربى، والدم، والدين ، وأن العلاقة مع هذه الدولة الشقيقة تقوم على الاحترام المتبادل دون التدخل في الشئون الداخلية للبلدين، كما أن اليمن لم يغب يوما من على جدول أعمال قمم دول مجلس التعاون الخليجي والاجتماعات الوزارية المختلفة لدول المجلس، وكذلك الحال بالنسبة لمؤتمرات وفعاليات جامعة الدول العربية .. ورغم كل هذه الجهود ندعو الدول العربية إلى دعم اليمن من أجل تجاوز أزماته الداخلية لقطع دابر الفتنة ، وإغلاق الأبواب أمام مؤامرات الدول الأخرى التي تسعى إلى ضرب استقراره ووحدته تحت ذرائع معلنة أو غير معلنة وبحجج واهية ، مستغلة ظروفا إقليمية ،ودولية إضافة إلى الظروف الداخلية في اليمن لتنفيذ أجندات خفية لا تخدم اليمن ولا المنطقة العربية بأسرها.
وأعتقد أن الجميع يدرك الآن حقيقة المخاطر المحدقة باليمن خاصة والأمة عامة، وهنا يجب على أبناء اليمن أن يعوا خطورة الظرف التاريخي الذي يمر به بلدهم، وأن يعوا أهداف المؤامرات التي تحاك ضد بلادهم وعليهم ألا يسمحوا بتنفيذ هذه المخططات.