محمد انعم -
يبدو أن قيادات في المشترك قررت أن تجر الوطن الى طاولة حوار يتحكم فيها الشيطان ؛ وعلى أن يطرح الجميع القضايا تحت سقف قانون إبليس وجنده وحلفائهم .. فها هو قد مضى شهر وبضعة أيام منذ أن دعا فخامة الرئيس عشية العيد الوطني العشرين الى حوار وطني شامل ، وقيادات المشترك مازالوا يضعون أصابعهم في آذانهم ولم يكتفوا بذلك ، بل لقد استغلوا هذه الفترة واتخذوا قرارهم غير المعلن برفض الحوار .. وقضي الأمر بعد أن استبدلوا طاولة الخير بطاولة الشر ويسعون لفرض حوار سبعة نجوم على شعبنا ..
إذاً ليس أمام المؤتمر الشعبي العام وكل القوى الوطنية الخيّرة إلا أن يغادروا صوامع الواعظين وأحلام الطوباويين أو الذين (ينتظرون من صَيَاد لبن ) كما يختصر شرح ذلك المثل الشعبي .
إن قيادات المشترك لم تعد اليوم تمارس الضغط للحصول على المزيد من التنازلات التي الفت أن تحصل عليها من المؤتمر ، والذي يؤكد انها تنازلات قدمها لمصلحة الوطن والديمقراطية والتعددية ..الخ.
فالأوضاع القائمة لم تعد كما كانت عليه من قبل، فقد تغيرت بشكل متسارع يتطلب التعامل معها بحذر ، خاصة وان الكثير من الأقنعة قد سقطت ، والأهداف الشريرة ظهرت أكثر من أي وقت مضى ، ولم يعد لدى المؤتمر الشعبي العام مبرر مقنع للانتظار ، يمكن ان يراهن عليه لعودة المشترك للحوار لتنفيذ اتفاق فبراير ، أكثر إغراءً وأعظم شأناً من دعوة فخامة الأخ الرئيس التي- للأسف- اعرض المشترك عنها ، ويتعاملون معها بغطرسة غير مسبوقة توحي بأن ثمة شيئاً وراء الأكمة .
كما أن على المتمسكين بقاعدة حوار ( اللحظة الأخيرة ) ان يدركوا خطورة المجازفة هذه المرة ، ويستشعروا مسؤولياتهم انطلاقا من استيعاب صحيح ودقيق للمتغيرات والتحالفات الجديدة التي طرأت في الفترة الأخيرة ، حتى لا تقودنا رهاناتهم الى كارثة تعصف بالحكمة اليمانية بالكامل ..
أن موقف الحزب الاشتراكي الذي تضمنه التقرير السياسي المقدم للدورة الثامنة للجنة المركزية للحزب والذي نشرت صحيفة ((الثوري)) مختصراً له ، هو دعوة (لفك الارتباط) بطريقة تآمرية ناعمة ، فالحزب لم يخالف الخائن البيض إطلاقاً،فهو يذهب الى القول بفشل تجربة النظامين الشطريين وفشل الوحدة الاندماجية وفشل الوحدة بالحرب ، ويطالب الاشتراكي ( من اجل بقاء اليمن كياناً واحدًا يستدعي بالضرورة إعادة النظر في شكل الدولة بتبني مشروع الدولة المركبة).
لقد جاء موقف الاشتراكي متزامناً مع البيان الذي خرج به حوار فنادق سبعة نجوم ، ليضع حزب الإصلاح وقواعده والوحدوي الناصري أمام امتحان وتحدٍ صعب ومسؤولية تاريخية ، فهم مطالبون بتحديد مواقفهم من تلك الاطروحات التي تسعى الى المساس بالوحدة اليمنية ..
هذه التطورات تفرض على المؤتمر الشعبي العام وكل القوى الوطنية في الساحة اتخاذ إجراءات جادة من شأنها أن تضع حداً لسقف الحوار، وكل من يحاول تجاوزه حرصاً على المصلحة الوطنية وصوناً لدماء المواطنين ، كما لا يتم السماح بعد اليوم للخونة والمرتزقة أن ينشطوا بحرية في الداخل والخارج في محاولة لفرض مشاريعهم التآمرية على بلادنا وشعبنا ..
وفي مقدمة كل ذلك لابد من القضاء على عنف المجرمين بقوة الشعب ومواجهة ميليشيات الموت والإرهاب بسلاح النظام والقانون.
إن الديمقراطية وحرية الرأي والإيمان بالحوار لحل المشاكل والقضايا الوطنية مبادئ عظيمة لمن لايتبنون أجندة خارجية ، ولا يجب أن تتحول الديمقراطية الى سلاح فتاك لضرب وحدتنا الوطنية أو أن تكون مظلة لإثارة النزعات المناطقية أو الطائفية أو المذهبية ، أو إثارة الكراهية بين أبناء الشعب اليمني الواحد .. فالديمقراطية التي لاتحمي مكاسب الشعب ولاتدافع عن ثوابته الوطنية وتجر البلاد الى الفوضى وتهدد الوطن بكارثة تهلك الحرث والنسل هي لعنة شيطانية يجب التخلص منها..
أن الخيارات التي تطرحها قيادات المشترك لا صلة لها بحماية الوحدة أو الديمقراطية أو أنها ستعمل على مكافحة الفقر أو معالجة البطالة أوحل قضايا حقوقية أو تنقية سجل الناخبين أو العمل بالقائمة النسبية كنظام انتخابي أو غير ذلك ، بقدر ماهي بدائل تقود اليمن الى حرب أهلية- لاسمح الله .
وهذا ما يجعل المؤتمر الشعبي العام وكل القوى الوطنية في الساحة مطالبين بالتحرك للدفاع عن مقدسات شعبنا والتصدي بقوة لمخططات تحالف قوى الشر والإرهاب .. فحماية الدم اليمني ومكاسب شعبنا تحتاج الى تضحية ، بعد فشل كل الأساليب الحضارية مع المجرمين والقتلة ..
[email protected]