كلمة الثورة -
تتجه أنظار شعوب الأمة العربية من المحيط إلى الخليج إلى العاصمة الليبية التي تحتضن اليوم اجتماعات القمة العربية الخماسية العليا وسط تطلعات كبيرة في أن تتمخض هذه القمة عن نتائج إيجابية وإقرار الصيغة النهائية لوثيقة تطوير منظومة العمل العربي المشترك وقيام اتحاد الدول العربية الذي طالما انتظره أبناء هذه الأمة وحلموا باليوم الذي يصبح فيه هذا الاتحاد حقيقة وواقعاً معاشاً يجمع الشتات العربي ويخرجه من دائرة الوهن والضعف وحالة الانكسار التي يمر بها إلى واقع جديد وفضاء أفضل يكون فيه قادراً على مواكبة كل التحولات والمتغيرات التي يشهدها عالم اليوم.
وتتسع درجات التفاؤل والأمل لدى أبناء الأمة بنجاح القمة الخماسية التي تضم فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية وإخوانه قادة الدول الشقيقة مصر وليبيا وقطر والعراق في إنجاز المهمة الموكلة إليها من قمة سرت العربية التي عقدت نهاية مارس الماضي خاصة بعد أن لمس الجميع جدية كبيرة من قبل كافة القادة العرب الذين تعززت لديهم القناعة الصادقة والمخلصة بضرورة الإسراع في تطوير آليات العمل العربي المشترك باعتبار أن خطوة كهذه باتت تمثل حاجة قومية ملحة لتعزيز قدرات هذه الأمة في مجابهة التحديات المفروضة عليها في المرحلة الراهنة.
وبقدر مشاعر الفخر والاعتزاز التي تنتابنا في اليمن إزاء تلك الجهود القومية الأصيلة التي بذلها زعيمنا وقائدنا فخامة الرئيس علي عبدالله صالح، على مدى عدة سنوات من أجل بلورة وصياغة هذا الحلم العربي الكبير الذي بدأت تباشيره تلوح في الأفق معلنة عن قرب ميلاد الاتحاد العربي بعد مخاض صعب وشاق، بقدر ما يدعونا ذلك إلى التعبير عن أسمى معاني التقدير والإجلال لهذا الزعيم الوحدوي الذي يعود إليه الفضل الأول في تحريك المياه الراكدة والمثابرة في حلحلة كل التعقيدات التي برزت في طريق هذا المشروع العربي الكبير والذي يعلم كل الشرفاء من أبناء هذه الأمة أن الطريق إليه لم يكن معبداً أو مفروشاً بالورود، وأنه ولولا حنكة وحكمة الرئيس علي عبدالله صالح الذي حمل هموم أمته وتطلعاتها في قلبه وعقله لما تسنى لفكرة هذا المشروع أن تخرج إلى العلن وأن تصبح أمراً واقعاً يترجم الأحاسيس والتطلعات العربية التي كانت قد وصلت إلى حالة من اليأس والإحباط جراء فشل كل المحاولات التي بذلت من أجل استنهاض الواقع العربي وانتشاله من وهدته والانتكاسات التي أحاقت به.
وحينما نتحدث عن الدور القومي للرئيس علي عبدالله صالح في هذا الجانب فلا نقول ذلك تزلفاً أو مجاملة أو نفاقاً ولكنها الحقيقة التي يشهد بها القاصي والداني، فللأمانة أن الرئيس علي عبدالله صالح قد جعل من قضية تطوير منظومة العمل العربي المشترك في صدارة أولوياته كما أنه الذي تعامل مع هذه القضية بمنظور عقلاني رصين اتسم بالإدراك العميق لتعقيدات الواقع العربي وموروثاته المتراكمة وبحسه الفطن فقد اعتمد منهجية التدرج في طرح الأفكار ابتداءً بمشروعه الخاص بانتظام دورية انعقاد القمم العربية وانتهاءً بمبادرة فخامته بقيام الاتحاد العربي.
ويبقى من الواضح والمؤكد أن اليمن بهذا الجهد القومي إنما هي التي تنطلق مما يمليه عليها واجبها تجاه أمتها ولا تبتغي من وراء ذلك نفعاً أو مكسباً مؤمنة بأن أي إنجاز يتحقق لهذه الأمة إنما هو الذي سيعود بخيره وثماره على جميع شعوبها وأقطارها.
وبعد كل ذلك فإن ما نطمح إليه في اليمن هو نفس ذلك الطموح الذي يحمله كل أبناء الأمة الذين يتوقون للحظة التي تجمعهم في اتحاد واحد كما هو حال الكيانات والتكتلات الأخرى التي ترعى مصالح الشعوب المنضوية فيها وتعمل على تعزيز التكامل في ما بينها، ولا نعتقد أن هذه الأمة التي تتوفر لديها كل مقومات التوحد كثير عليها أن يكون لها كيانها الاتحادي الذي يمكنها من استعادة مكانتها الحضارية ودورها التاريخي المؤثر.
حيث وقد آن الأوان لكي يتجاوز الواقع العربي إحباطاته واخفاقاته وظروفه الاستثنائية التي جعلت منه واقعاً مليئاً بالتناقضات ومنقسماً في وعيه وخياراته.
وما ننتظره اليوم هو أن تضع القمة الخماسية بطرابلس مداميك التحول العربي الجديد عبر إنجاز الميثاق الاتحادي التكاملي الذي يخطو بأبناء الأمة من المحيط إلى الخليج خطوات متقدمة من التطور والنماء والتكامل والاندماج والشراكة المستدامة باعتبار تلك الأهداف هي الرهان الحقيقي لكسب الحاضر والمستقبل، ولا سبيل لتحقيق ذلك إلا بالوحدة والتضامن والتكامل والعمل الاستراتيجي الجمعي.