الجمعة, 09-يوليو-2010
الميثاق نت - عبده بورجي الأستاذ / عبده بورجي -
هل سبق لأحدنا العيش في صنعاء القديمة؟
كنت وحيدأ ممن عاشوا في صنعاء القديمة غير اني تركتها منذ زمن بعيد لكني أزورها كلما حانت لي الفرصة ,فالتجوا ل في ازقتها وحواريها يثير في النفس مشاعرهي مزيج من الاعجاب والاندهاش والتحسر أيضا,فأكثر مايثيرأنتباه زائرها تلك المباني الشامخة التي ترتفع أغلبها أكثر من ستة طوابق وفي منطقة ترتفع عن سطح البحر نحو ستة الآلف قدم..ذلك المعمار البديع والفن المتقن بالنقوش والزخارف الذي تنفرد به منازلها عن بقية المدن ربما في العالم كله ,وهو معمار يتواصل مع فن العمارة القديمة الذي شهده الجنوب العربي قبل أكثر من أربعة الآلف سنة تقريباً,وأخيرا قرأت عبارة جميلة لأحد الزوار الاجانب عن صنعاء القديمة يقول فيها واصفا :إن المرء تدهشه كثيرا أساليب البناء المتفردة والإبداع الهندسي الرفيع,فمن المباني القائمة على أحجار البازلت والجرانيت إلى تلك الدور القائمة على الحجر الرملي الأحمر والأصفر إلى تلك الزخارف والنقوش الجميلة الموجودة في معظم المباني من الواح البلور ومن الفسيفساء والعقود الزجاجية والملونة والنقش البديع للآيات القرآنية وأبيات الشعر على السقوف وأبواب المنازل ,تبدو في إبداعاتها كثيرة الشبه الى حد المطابقة بالزخرفة الموجودة في قصر الحمراء في الأندلس)ويصل هذا الزائر بل المفتون الى القول :(أن صنعاء مدينة ساحرة مدهشة جدا
صنعاء مدينة ساحرة بديعة يستجلي المرء أمام دورها ومبانيها أروع صور الإبداع المعماري الذي طرزه الإنسان اليمني وقد وجد كتاب الأديب والشاعر الدكتور عبدالعزيز المقالح "قراءات في الأدب والفن" إن بعض الزوار الأجانب يتحدثون عن مدينة صنعاء القديمة بأنبهار "ويقول(هذه ليست مدينة بل لوحة مرسومة بفن وعمق ,ان الفنان الذي بنى هذه المدينة أو صمم بيوتها لم تكن لديه معايير هندسية سابقة ولم يكن في ذهنه مثال أو تكوين جاهز ...كان يرسم من الذاكرة , وكانت له رؤياه الدقيقة التي فاجأنا بها العالم , وكان ذلك الفنان أو المعمار أول فنان مبدع على طريق خاص ومميز للفن التشكيلي
ويقول المقالح(كان الزائر يتحدث وأنا مبهور ممايقول,إنه يعتبر الخطوط المتعرجة ايضا من حول نوافذ البيوت رسما تشكيليا بديعا ويرى العقود الزجاجية قمة فنية تتضاءل إزاءها لوحات كل الفنانين التشكيليين..ومن يستطيع منهم أن يجاري هذه الخطوط المدببة ويسكب هذا الايقاع اللوني المتنوع الذي يخلق لوحة تكوين مستقلة بذاتها بعيدا عن الاشكال الطبيعية والفنية المعروفة في العالم وهو يرى الشرفات لوحات دراماتيكية تلقائية تنم في دقة وفن خطوط مستقيمة ومتعرجة عن براعة فائقة جدا..أما الالوان فبسيطة جدا من السماء والبحر ,وفيها من الماء والرمل والشمس,ويلعب الحجر البني والأبيض والرمادي مع الآجر الأحمر مالاتستطيع أن تلعبه كل الوان الأرض ..ذلك عن اللوحة الخالدة الجميلة صنعاء
إن ماسبق كلام رائع وجميل ولكن من المؤسف أن الأجانب والعرب من أشقائنا الزائرين أدركوا قيمة صنعاء ولم ندركها نحن أبناءها حتى أن حرصنا في المحافظة عليها يبدو أقل من حرص الآخرين وأولئك الزوار الذين تبهرهم بطرازها المعماري الفريد
هذه هي الحقيقة المؤسفة



من كتاب" أثيريات" للأستاذ عبده بورجي

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 03:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-16481.htm