الإثنين, 04-ديسمبر-2006
‮ ‬عدن‮- ‬أحمد‮ ‬حسن‮ ‬عقربي -
تعود البدايات الأولى لزراعة القطن في اليمن إلى العام 1946م عندما أدخل البريطانيون زراعة هذا المحصول النقدي في أبين، حيث بدأ إنتاجه التجاري في أعقاب استقلال الهند عن المملكة المتحدة ولتكون بالتالي بديلاً عن أحد الموارد المهمة للقطن الخام اللازم لصناعة النسيج البريطانية، وفي العام 1952م تم إدخال زراعة القطن إلى سهل تهامة بواسطة الشيخين محمد مكي وعلي الجبلي اللذين قاما بنقل بذرة القطن من عدن إلى هناك وذلك في العام 1954م عندما أدُخلت زراعة هذا المحصول في منطقة لحج.
استمرت عملية زراعة هذا المحصول المهم حتى وقتنا الحاضر حيث شهدت زراعته وكميات إنتاجه ارتفاعاً وهبوطاً حتى الموسمين الزراعيين 98/97م و99/98م حيث تزايدت كميات الإنتاج، إذ بلغ إجمالي الإنتاج في الموسم الزراعي الأول في محافظات لحج وأبين والحديدة 124 و614و24 رطلاً من مساحة 406 و46 فدانين في حين بلغ الإنتاج الزراعي لنفس هذا المحصول في الموسم الزراعي الثاني في نفس هذه المناطق 526 و246،26 رطلاً من مساحة 65.559 فداناً، في حين تذبذب إنتاج هذا المحصول في السنوات الأخيرة بسبب عدد من العوائق كما يفندها الاختصاصيون الزراعيون في زراعة القطن وتكنلوجيا القطن والتي تتمثل في ارتفاع تكلفة الإنتاج وبقاء القطن في الأرض لما يقارب 6 أشهر دون اشغالها بمحصول آخر إضافة إلى تدني الأسعار المحلية للقطن، فضلاً عن تدهور خصوبة التربة لعدم إتباع الدورة الزراعية ا لمحسنة ومحدودية استخدام الميكنة الزراعية لصغر حجم الحيازات الزراعية وأيضاً لتراجع الصنف في الإنتاجية والنوعية، وعلى الرغم من هذه العوائق إلاّ أن هناك إمكانية وتفاؤلاً لدى المختصين في تطوير زراعة هذا المحصول بفضل ميزة السهول الساحلية اليمنية والظروف المناخية المناسبة لزراعة القطن من حيث الحرارة والرطوبة إلاّ أن ذلك مشروط باستمرار تقديم مختلف أوجه الدعم اللازم للمزارعين من قبل الجهات الرسمية والشعبية، وعلى وجه الخصوص وزارة الزراعة والاتحاد التعاوني الزراعي والمؤسسة العامة للخدمات الزراعية، لدعم زراعة القطن وصندوق تشجيع الإنتاج الزراعي والاتحاد‮ ‬العام‮ ‬للغرف‮ ‬التجارية‮ ‬والصناعية‮.‬
ماهي‮ ‬المشاكل‮ ‬الحقيقية‮ ‬التي
‮ ‬تواجه‮ ‬زراعة‮ ‬القطن؟
المختصون في البحوث الزراعية الذين طرحنا عليهم هذا الاشكال، فندوا المشكلات الفنية لزراعة القطن في عدم تقيد معظم مزارعي القطن بالتوصيات الفنية الصادرة عن البحوث الزراعية وخاصة فيما يتعلق بعدة مخالفات لإرشادات الباحثين، ومن بين تلك المخالفات عدم التقيد بالموعد المحدد لزراعة القطن، حيث تم زراعته كما يقول الباحثون الزراعيون من بحوث مركز الكود بأبين ومركز التغذية وتقانات مابعد الحصاد بعدن وخبراء تكنولوجيا القطن في لحج إلى عدم الالتزام بالموعد المحدد أو الزراعة المتأخرة، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الإصابات الحشرية وتضرر الإنتاج وكذا عدم اتباع نظام الدورة الزراعية لمحصول القطن وعدم الاهتمام ببعض العمليات الزراعية للقطن كالخف، والتفقيح، والتعشيب، وغيرها من العمليات الزراعية الأخرى.. وهناك مخالفات أخرى مثل تقيد المزارعين بزراعة القطن الأمر الذي يقلل من إنتاجية وحدة المساحة المزروعة إضافة إلى زيادة الجهود والتكاليف أثناء عمليات المكافحة ناهيك عن ضعف الأنشطة الإرشادية والحملات الإعلامية وبخاصة في زراعة المحصول وانتشار ظاهرة التقزم والاخضرار لكامل نبات القطن على مستوى جميع الحقول المزروعة قطناً وبخاصة محافظة الحديدة لأسباب‮ ‬يتطلب‮ ‬دراستها‮.‬
هناك‮ ‬مشكلة‮ ‬حقيقية‮ ‬في‮ ‬المبيدات‮!!‬
> ولم يستعد الباحثون عدم كفاية المبيدات الخاصة لمكافحة آفة القطن في هذا الشأن ودللوا بعدد من الأمثلة، مثل عدم فعالية مبيد الكلورويت في معاملة بذور القطن وما يترتب على ذلك من تأخير إنبات البذور وقصر سلاميات نبات القطن، كما حدث ذلك في الأعوام الأخيرة في محافظة الحديدة ثم عدم كفاية المبيدات الخاصة بحملة مكافحة آفات القطن وعدم توافر بديلات رش وقائية للفنيين العاملين في حملات مكافحة آفات القطن، الأمر الذي يجعلهم عرضة لرذاذ المبيدات الخطيرة عند الرش، وعدم إيفاء الجهات الممولة بالمصاريف التشغيلية مما أدى إلى توقف الحملة أكثر من مرة وبالتالي إعاقة عملية التنفيذ بالشكل المطلوب وكذا عدم توافر المياه عند اجراء عملية المكافحة وعدم توافر المكان المناسب لتجميع العبوات الفارغة للمبيدات عند الهيئات الخاصة بتطوير محصول القطن في أبين ولحج بل لعل الأهم من ذلك كما يقول أحد الباحثين‮ ‬في‮ ‬تكنولوجيا‮ ‬القطن‮ ‬هو‮ ‬غياب‮ ‬التكنولوجيا‮ ‬الحديثة‮ ‬في‮ ‬مجال‮ ‬استخدام‮ ‬مبيدات‮ ‬لمكافحة‮ ‬مبيدات‮ ‬حشائش‮ ‬في‮ ‬حقول‮ ‬القطن‮ ‬تقلل‮ ‬الإنتاجية‮ ‬بنسبة‮ ‬20‮ ‬و40٪‮.‬
المزارعون‮ ‬يشكون‮!!‬
> أجمع عدد من التقيناهم من كبار وصغار مزارعي القطن في مديرية تُبن بمحافظة لحج وفي أبين وشاطرونهم كما يقولون مزارعو زبيد وبيت الفقيه، على أن تكاليف زراعة وجني وإنتاج القطن تفوق عائداته نظراً لتدني سعر القطن الخام إضافة إلى عزوف المؤسسات المختصة والمتعاملة معهم عن شراء كل المحصول وبالذات خلال المواسم في السنوات الأخيرة.. وأكدوا أنهم يتحملون الخسارة في فارق السعر بين تكاليف الإنتاج وثم البيع لسبب واحد يدفعهم لذلك هو الاستفادة من القروض البيضاء التي يتحصلون عليها مقابل ذلك من أجل زراعة أراضيهم الأخرى بمحاصيل الخضروات‮ ‬والفواكه‮ ‬والحبوب‮ ‬التي‮ ‬تعود‮ ‬عليهم‮ ‬بالفائدة‮ ‬وتخفف‮ ‬عنهم‮ ‬وطأة‮ ‬الخسارة‮ ‬وتوقعوا‮ ‬أن‮ ‬يتراجع‮ ‬حجم‮ ‬المحصول‮ ‬خلال‮ ‬الموسم‮ ‬الحالي‮ ‬كما‮ ‬يقول‮ ‬بعضهم‮ ‬بعدم‮ ‬حصولهم‮ ‬على‮ ‬القروض‮ ‬البيضاء‮.‬
التعاونيون‮: ‬مطلوب‮ ‬الاهتمام‮ ‬بنوعية‮ ‬البذور
> الأخوة في فروع الاتحاد التعاوني في تلك المحافظات لهم مآخذ أخرى حول أسباب تدني محصول القطن مثل تدني السعر بين المحصول وارتفاع أجر اليد العاملة وضعف الهيكلة المحصولية وسوء نوعية البذور، وتأخر القروض على المزارعين وشددوا على ضرورة إيجاد تركيبة محصولية متكاملة تتبناها المنظمات الجماهيرية المتمثلة في الجمعيات التعاونية الزراعية وكيف تُستغل المساحة الخاصة بزراعة هذا المحصول وبذلك سيشعر المزارع أن هناك من يخطط له ومن ينظمه ويسوق له إنتاجه.. أما وجهة نظرهم في كيفية انتشال هذه الوضعية فالحل يكمن من وجهة نظرهم في استمرار الري للمزارعين والمتابعة والاستعداد لمواجهة أية اصابات يلي ذلك الحملات الوقائية مُبكراً والمتمثلة في حملات الرش الوقائي لمنع أية إصابات، يلي ذلك الاستعداد والتهيئة لاستلام المحصول من خلال وضع خطة منظمة لعملية الاستلام بحيث تكون هناك سيولة نقدية كافية لشراء كل محصول المزارعين في مواقع إنتاجهم لكي يخفف على المزارع عناء النقل والبحث عن سوق لتصريف انتاجه ولكي لايتعرض للبخس في الثمن.. إلى جانب الاهتمام بالبنية التحتية للتنمية الزراعية والمتمثلة في جود أسواق لشراء المنتجات.. مؤكدين على ضرورة التوسع في الزراعة‮ ‬وزيادة‮ ‬الإنتاج‮ ‬الزراعي‮ ‬ولمختلف‮ ‬المحاصيل‮ ‬ويجب‮ ‬ان‮ ‬توجد‮ ‬الأسواق‮ ‬المضمونة‮ ‬لاستيعاب‮ ‬منتجاتنا‮ ‬ولذلك‮ ‬بحسب‮ ‬رأيهم‮ ‬ان‮ ‬تدخل‮ ‬الحكومة‮ ‬والقطاع‮ ‬الخاص‮ ‬والقطاع‮ ‬التعاوني‮ ‬في‮ ‬معالجة‮ ‬هذا‮ ‬الاشكال‮.‬
لابد‮ ‬من‮ ‬مراقبة‮ ‬جودة‮ ‬القطن‮!!‬
> في هذا الشأن كان هناك نزول ميداني فردي لأحد الباحثين من مركز الأغذية وتقانات مابعد الحصاد والمتخصص في تكنولوجيا القطن هو المهندس عيدروس زين أحمد باحث مختص في زراعة القطن وجلس مع بعض المرشدين الزراعيين في مواقع إنتاج وحلج وتسويق القطن في محافظة أبين لمراقبة القطن طويل التيلة، كما التقاء مع طاقم الإرشاد الزراعي في أبين بتوزيع الاستبيان الخاص بمشروع مراقبة جودة القطن، كما قام الباحث بشراء قطن زهر من أحد منتجي القطن طويل التيلة وفحصه وإعداد نماذج لدرجات القطن الزهر وحلج ما تبقى من القطن الزهر في محلج الكود وتم إعداد نماذج قياسية لدرجات القطن، كما قام نفس الباحث بالنزول إلى الميدان في ثمانية مواقع لزراعة وإنتاج وحلج القطن متوسط التيلة في محافظة لحج.. وبعد دراسة وفحص وتمحيص من قبل الباحث خرج بعدد من الاستنتاجات منها عدم اهتمام المزارعين بمحصول القطن كمنتج رئىسي وذلك بالعمل على تحميل حقول القطن بمحصولين أو أكثر مثل الفول السوداني والسمسم واللوبيا والعلف.. فقد وجد ان زراعة القطن تزرع على مسافات متباعدة بين الخطوط وبين النباتات في الحقل وبالتالي قل الإنتاج.. وثالثاً فقد كشف الباحث ان هناك عدم اهتمام المزارع بالعمليات الزراعية مثل الخف والترقيع والجني لعدم وجود حافز مادي لتغطية تكاليف العمليات الزراعية.. ثم التأخير لعملية جني القطن التي قد تصل إلى حد تساقط قصوص القطن على الأرض وتلوثها ببقايا محاصيل التحميل وبذور الحشائش مما يقلل من جودة القطن ثم شكا المزارعون من تأخير عمل مكافحة القطن التي تؤدي إلى قلة الإنتاج وتدهور خواصه، ويليه بعد ذلك تعامل المؤسسات المشترية للقطن الزهر بسعر موحد لجميع الدرجات أدى إلى خلط الدرجات وانخفاض المستوى، وقد ظهر ذلك عند فحص وإعداد نماذج لدرجات القطن الزهر من القطن طويل التيلة، ومتوسط التيله،‮ ‬بحيث‮ ‬وجد‮ ‬الباحث‮ ‬ان‮ ‬هناك‮ ‬ست‮ ‬درجات‮ ‬من‮ ‬كيس‮ ‬واحد‮.‬
هل‮ ‬يمكن‮ ‬تحويل‮ ‬توصيات‮ ‬الباحثين‮ ‬إلى‮ ‬خطوات‮ ‬عملية؟
> الباحث عيدروس زين وضع عدداً من التوصيات لمعالجات هذه الاشكاليات التي تهدد مستقبل زراعة القطن في بلادنا أهمها إعادة التعامل مع المزارعين بشراء القطن الزهر بالدرجات مع إيجاد فارق سعري مناسب بين الدرجات، والإسراع في عملية الفرز وسرعة قيمة القطن بعد الفرز بينت‮ ‬مستوى‮ ‬درجات‮ ‬القطن‮ ‬الزهر،‮ ‬والسعر‮ ‬لانصاف‮ ‬المزارع‮ ‬والمؤسسة‮ ‬المشترية‮ ‬من‮ ‬المزارعين‮ ‬والتسويق‮ ‬الخارجي‮ ‬للحفاظ‮ ‬على‮ ‬سمعة‮ ‬القطن‮ ‬وتأهيل‮ ‬فرازين‮ ‬متخصصين‮ ‬لأداء‮ ‬المهمة‮.‬
لايمكن‮ ‬الاستفادة‮ ‬من‮ ‬القطن‮ ‬مالم‮ ‬تكن‮ ‬هناك‮ ‬خطة‮ ‬لتصنيعه‮!!‬
> وتأسيساً لما استعرضناه في هذا التحقيق من معوقات وإشكاليات تواجه زراعة القطن وما تقدم به الباحثون من توصيات ونصائح للمزارعين وللمؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية المعنية بتطوير زراعة القطن يمكننا القول انه مهما ارتفع إنتاج القطن في بلادنا طويل التيلة ومتوسط التيلة يصبح عبثاً مالم تكن لدينا خطة لتصنيعه في الداخل للاكتفاء الذاتي من كافة أنواع الأقمشة والملبوسات، لكن هذا مرهون بتوفير الأدوات والمعدات الحديثة لتفعيل صناعة الغزل والنسيج والصناعات الحرفية والتقليدية التي تتميز بها بلادنا فضلاً عن توسيع مناطق زراعة القطن.. هذه التساؤلات نرفعها لذوي الشأن.. حتى لانصبح دولة بلا قطن أو كما تقول الحكمة العربية القديمة.. حضارة سادت ثم بادت.. وهو أمر محزن مالم نتداركه سنفقد مصدر استدرار أساسي للعملة الصعبة وللاقتصاد الوطني!!
تمت طباعة الخبر في: الخميس, 21-نوفمبر-2024 الساعة: 10:57 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-1654.htm