الميثاق نت - محمد النظاري- الميثاق نت

الجمعة, 16-يوليو-2010
محمد حسين النظاري* -
شهدت العلاقات اليمنية الجزائرية نموا مطرداً في السنوات الأخيرة نتج عنه تأسيس اللجنة المشتركة بين اليمن والجزائر في عام 1968م ، وعلى مدى ما يزيد عن أربعة عقود واصلت تلك اللجنة اجتماعاتها بالتناوب على عاصمة البلدين تارة في صنعاء وأخرى في الجزائر , وبين كل اجتماع وآخر استوعبت تلك الاجتماعات ما يحتاج إليه كل بلد من الثاني ليكمل كل منهما الآخر في شتى المجالات وجرى خلال اجتماعاتها توقيع 86 وثيقة تعاون بين البلدين الشقيقين ، قدمت الجزائر بموجب بعضها العديد من القروض والمساعدات لتمويل مشاريع وخطط التنمية في بلادنا , وفي آخر اجتماعات اللجنة التي انعقدت في يوليو 2008م بالعاصمة الجزائر برئاسة وزيري التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة بالدكتور صالح علي باصرة عن جانب بلادنا ونظيره الجزائري الدكتور رشيد حراوبية , وقد تم التوقيع على 13 وثيقة للتعاون في مجالات النقل البحري، التعليم، الثقافة، الصحة، الصيد البحري، الشباب والرياضة، البريد، التعليم الفني والتدريب المهني، الإسكان، التعليم العالي، العمل التعاوني، الصناعة، والأرشيف , وفي هذا الإطار استقبل الوزير الجزائري سعادة سفير بلادنا بالجزائر الدكتور أحمد عبد الله عبد الإله وذلك في مايو الماضي ، وتطرق الطرفان إلى تقييم التعاون في مجال التعليم العالي والبحث العلمي بين البلدين ، خصوصا تكوين الطلبة اليمنيين في الجامعات الجزائرية، حيث بلغ عددهم في المؤسسات الجامعية الجزائرية 510 طالبا منهم 90 في دراسات الماجستير والدكتوراه ، كما تناولت المحادثات أيضا الانعقاد المرتقب للدورة العاشرة للجنة المشتركة الجزائرية اليمنية في صنعاء للفترة من 19 و20 من يوليو الجاري , في حين سيسبقها الاجتماع الوزاري للجنة التحضيرية في الفترة من 16- 19 من يوليو الحالي.

وخلال هذه الدورة سيتم التوقيع على عدد من وثائق التعاون بين البلدين الشقيقين منها بروتوكول للتعاون بين وزارتي العدل اليمنية والجزائرية، وبرنامج تنفيذي للتعاون السياحي، ومذكرة تفاهم للتعاون في مجال العمل ,كما تبحث الدورة مشاريع وثائق مقدمة من الجانبين للتعاون في مجالي التأمينات الاجتماعية، والجمارك، فضلاً عن الوقوف أمام سبل تفعيل الاتفاقيات السابقة الموقعة بين البلدين.

ولعل المتتبع لمسيرة التعاون بين البلدين سيجده ينمو سنة بعد الأخرى , وسيلاحظ ان التعاون والشراكة تطورت لتشمل قطاعات واسعة , ولم يقتصر فقط على التعاون العلمي رغم انه المهيمن على جميع الاتفاقيات وهذا ما جعل رئاسة اللجنة لوزيري التعليم العالي في البلدين , فالمئات من الطلاب يدرسون في الجامعات الجزائرية والعشرات من زملائهم الجزائريين يدرسون في الجامعات اليمنية .

نعم التعاون العلمي مهم ولكنه يظل مجالاً واحداً مهماً من عدة مجالات لا تقل عنه أهمية , ورغم ان البلدان في نادي المصدرين للغاز مثلاً فلم نجد ان اتفاقيات قد تطرقت للتعاون في هذا المجال الهام الى جانب مجالي البترول والطاقة والكهرباء , ويمكن لبلادنا ان تستفيد من خبرات الجانب الجزائري في هذه الميادين , أيضا القطاع السمكي لم يصل فيه التعاون للمستوى المطلوب بالرغم من امتلاك البلدين شريطاً ساحلياً يتعدى الألفي كلم , وبما أنهما في نطاق جغرافي مختلف يمكن ان يكمل كلاهما الآخر من خلال تصدير واستيراد ما يحتاجه كل بلد من الأحياء البحرية التي يفتقد إليها البلد الآخر .

أيضا في القطاع السياحي يلتقي البلدان في نفس المعوقات والأضرار التي تلحق بهذا الميدان التنموي الهام , فالإرهاب مثلّ آفة كبيرة وحدَّ من الانتشار السياحي ونتج عنه قلة السياح الوافدين الى كلا البلدين , فعلى الجهات المختصة التنسيق فيما بينها من اجل الخروج برؤى واضحة تمكنها من التغلب على هذه المعضلة التي يمكن ان تكون مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي .

تتمتع اليمن والجزائر بحرية الصحافة , فالمقيم في الجزائر سيلحظ ان الأجواء الديمقراطية التي تعيشها صحافتي البلدين تتشابهان الى حد كبير , سواء من حيث العدد الكبير من الإصدارات أو مساحة الحرية في الرأي , ومع هذا لا نرى أي اتفاقيات تجرى في المجال الإعلامي , كذلك يظل التعاون بين هيئة الطيران المدني منعدما , فرغم الحاجة الماسة الى ان تصل الخطوط اليمنية الى شمال افريقيا نظرا لحاجة اليمنيين المقيمين في تلك الدول لوجودها حيث سيسهل عليهم عملية التنقل , بينما نجدها تصل الى نقاط ابعد من ذلك مع ان خصوصية الموقع الجغرافي يحتم على طيران اليمنية ان يبرمج إحدى رحلاته الى الجزائر أو أي دولة في شمال افريقيا , وكذلك هو الحال لخطوط الطيران الجزائرية .

من أهم المجالات التي ينبغي تنميتها والرفع من وتيرتها قطاعات التربية والتعليم العالي والفني الى جانب الشباب والرياضة كون تلك المجالات هي في الوقت الراهن تأخذ النصيب الأكبر من الاتفاقيات , فالجزائر تحتضن بين جنباتها المئات من الطلاب في ميادين الرياضة والتدريب الفني والمهني والتعليم الجامعي والعالي , فإلى جانب المقاعد التي تمنح في إطار التبادل الثقافي تمنح الجزائر العشرات من طلابنا مقاعد دراسية مجانية وتسمح للخريجين بمواصلة دراستهم للمراحل الموالية , ومن هنا ونظرا للتعاون الكبير الذي تبديه الأطر الجزائرية تستطيع نظيرتها اليمنية من الحصول على عدد اكبر سواء في المقاعد الدراسية أو دورات التكوين قصير وطويل المدى , وعمل توأمة بين الجامعات اليمنية ونظيرتها الجزائرية كتلك التي تجمع بين جامعة صنعاء وجامعة الجزائر, والاستفادة من الخبرات التدريسية الجزائرية خصوصا في مجالات الرياضة والتعليم الفني والعالي, كما ينبغي على الجهات المختصة في بلادنا زيادة المنحة المالية المقدمة للطلاب الدارسين في الجزائر أو على الأقل مساواتهم بالدول المجاورة لها خصوصا لطلاب الماجستير والدكتوراه حيث لا فرق بينهم وطلبة البكالوريوس سوى 80 دولار فقط مع ان متطلبات الدراسات العليا هي أكثر من البكالوريوس بكثير.

إذا فالكل يتطلع إلى أن تخرج اجتماعات الدورة العاشرة للجنة المشتركة اليمنية الجزائرية المقرر انعقادها في صنعاء للفترة من 19 و20 من يوليو الجاري بمزيد من الاتفاقيات التي تعزز الشراكة بين البلدين الشقيقين وتنميتها لأكثر مما هي عليه ولعل الأرضية ممهدة لذلك بفضل العلاقات الممتازة التي تجمع بين قيادتي البلدين بزعامة الرئيسين علي عبد الله صالح وأخيه عبد العزيز بو تفليقه , فالسياسة الحكيمة اللتان ينتهجانها جعلت البلدان يتفقان على كثير من القضايا خصوصا القضية الفلسطينية ومكافحة الإرهاب , فعلى اللجنة المشتركة ان تستثمر ذلك بما يعود بالفائدة على الشعبين الشقيقين اليمني والجزائري .

*باحث بجامعة الجزائر
[email protected]

تمت طباعة الخبر في: السبت, 23-نوفمبر-2024 الساعة: 04:06 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almethaq.net/news/news-16600.htm